السؤال: ما حكم الإيمان بالقضاء والقدر؟
الإجابة: الإيمان بالقدر هو أحد أركان الإيمان الستة التي بينها رسول الله صلى
الله عليه وسلم، لجبريل حين سأله عن الإيمان. والإيمان بالقدر أمر هام جداً، وقد تنازع الناس في القدر من زمن بعيد
حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان الناس يتنازعون فيه
ويتمارون فيه، وإلى يومنا هذا والناس يتنازعون فيه، ولكن الحق فيه
ولله الحمد واضحٌ بيّن لا يحتاج إلى نزاع ومراء، فالإيمان بالقدر أن
تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى قد قدر كل شيء، كما قال تعالى: { وخلق كل شيء فقدره تقديراً}، وهذا
التقدير الذي قدره الله عز وجل تابعٌ لحكمته وما تقتضيه تلك الحكمة من
غايات حميدة، وعواقب نافعة للعباد في معاشهم ومعادهم.
حكم الإيمان بالقدر - طريق الإسلام
السؤال:
أحسن الله إليكم وبارك فيكم من مكة المكرمة السائل م. أ. يقول: ما حكم الإيمان بالقضاء والقدر؟
الجواب:
الإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة، كما قال ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم- جواباً لجبريل عندما قال: أخبرني عن الإيمان. قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره». ولا يتم الإيمان بالقدر إلا إذا آمن الإنسان بأمورٍ أربعة:
الأول: الإيمان بعلم الله تعالى، وأنه -سبحانه وتعالى- محيطٌ بكل شيءٍ علماً، لا يخفى عليه شيء. حكم الإيمان بالقدر خيره وشره. الثاني: أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى يوم القيامة. ودليل هذين الأمرين قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[الحج: 70]. وقوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾[الأنعام: 59]. الأمر الثالث: أن تؤمن بأن كل ما في الكون فهو كائن بمشيئة الله، لا يخرج عن مشيئته شيء، حتى أفعال العباد قد شاءها الله عز وجل.
ما حكم الايمان بالقدر - منبع الحلول
3- إن الإنسان إذا أصابه الخير بَطَر واغتر به، وإذا أصابه الشر والمصيبة جزع وحزن، ولا يعصم الإنسان من البطر والطغيان إذا أصابه الخير، والحزن إذا أصابه الشر، إلا الإيمان بالقدر، وأن ما وقع فقد جرت به المقادير، وسبق به علم الله. يقول أحد السلف: من لم يؤمن بالقدر لم يتهنَّ بعيشه. الإيمان بالقدر خيره وشره. 4- والإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات، وتزرع الأحقاد بين المؤمنين، وذلك مثل رذيلة الحسد، فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله؛ لأن الله هو الذي رزقهم وقدّر لهم ذلك، وهو يعلم أنه حين يحسد غيره إنما يعترض على القدر. 5- الإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب، وهو أيضا دائم الافتقار إلى ربه تعالى يستمد منه العون على الثبات، وهو أيضا كريم يحب الإحسان إلى الآخرين فتجده يعطف عليهم ويسدي المعروف إليهم.
حكم الايمان بالقدر - خدمات للحلول
والإيمان بالقدر على ما سبق تقريره لا يمنح العبد حُجّةً على ترك ما أمر الله به أو فِعل ما نهى الله عنه
آثار الإيمان بالقدر:
إن الإيمان بالقدر مع أنه عقيدة يجب الإيمان بها، وركن من أركان الإيمان يَكفُر مُنكره، إلاَّ أن له آَثارا محسوسة في حياة الناس، ومن هذه الآثار ما يلي:
1- القدر من أكبر الدواعي التي تدعو الفرد إلى العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله في هذه الحياة، والإيمان بالقدر من أقوى الحوافز للمؤمن لكي يعمل، ويُقدم على عظائم الأمور بثبات ويقين. إن المؤمنين مأمورون بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله تعالى، والإيمان بأن الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله، لأن الله هو الذي خلق الأسباب، وهو الذي خلق النتائج. ما حكم الايمان بالقدر - منبع الحلول. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير، إحرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان » رواه مسلم. 2- ومن آثار الإيمان بالقدر أن يَعْرِف الإنسان قَدْر نفسه، فلا يتكبر ولا يَبْطُر ولا يتعالى أبدا ؛ لأنه عاجز عن معرفة المقدورِ، ومستقبل ما هو حادث، ومن ثم يقرّ الإنسان بعجزه وحاجته إلى ربه تعالى دائما.
الإيمان بالقدر خيره وشره
وفي هذا يقول الناظم:
علمٌ كتابة مولانا مشيئته *** وخلقه وهو إيجادٌ وتكوين. المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب
الإيمان بالقدر | دليل المسلم الجديد
ثم إن الإنسان قبل المعصية لا يدري ما علم الله تعالى وقدره؟ والله قد أعطاه قدرة واختياراً، ووضح له طُرُق الخير والشر، فإذا عصى حينئذ فهو المختار للمعصية، المفضل لها على الطاعة، فيتحمل عقوبة معصيته. ثمرات الإيمان بالقدر:
ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر عظيمة في حياة الإنسان ومن ذلك:
القدر من أكبر الحوافز للعمل والنشاط والسعي بما يرضي الله في هذه الحياة. فالمؤمنون مأمورون بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله تعالى، والإيمان بأن الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله، لأن الله هو الذي خلق الأسباب، وهو الذي خلق النتائج. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" (مسلم 2664). أن يَعْرِف الإنسان قَدْر نفسه، فلا يتكبر ولا يَبْطُر؛ لأنه عاجز عن معرفة المقدورِ، ومستقبل ما هو حادث، ومن ثم يقرّ الإنسان بعجزه وحاجته إلى ربه تعالى دائما. فالإنسان إذا أصابه الخير بَطَر واغتر به، وإذا أصابه الشر والمصيبة جزع وحزن، ولا يعصم الإنسان من البطر والطغيان إذا أصابه الخير، والحزن إذا أصابه الشر، إلا الإيمان بالقدر، وأن ما وقع فقد جرت به المقادير، وسبق به علم الله.
وهذا الرجل الذي كان يعمل بعمل أهل الجنة ثم ختم له بعمل أهل النار إنما كان يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ولم تكن نيته في الإخلاص والقصد نية مستقيمة فلذلك عوقب بسوء الخاتمة كما جاء ذلك مفسرا في حديث آخر. الأمر الثالث: مما يتم به الإيمان بالقدر أن تؤمن بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمشيئة الله فوق كل مشيئة وقدرته فوق كل قدرة: { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:29]، { وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[يوسف: من الآية 21]. الأمر الرابع: أن نؤمن بأن الله خالق كل شيء، ومدبر كل شيء، وأن ما في السماوات والأرض من صغير ولا كبير ولا حركة ولا سكون؛ إلا بمشيئة الله وخَلقَه فمن الأشياء ما يخلقه الله بغير سببٍ معلوم لنا، ومنه ما يكون سببه معلوماً لنا والكل من خلق الله وإيجاده. فنسأل الله بأسمائه وصفاته أن يجعلنا وإياكم ممن رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وأن يُقدّر لنا بفضله ما فيه صلاحنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة إنه جوادٌ كريم. وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وآله وأصحابه وأتباعهم إلى يوم الدين.