وفيه اطراد أساليب السورة إذ افتتحت بالمقابلة بين الذين كفروا والذين آمنوا ، وأعقب باتباع الكافرين الباطل واتباع المؤمنين الحق ، وثلث بقوله أفمن كان على بينة من ربه إلخ. والمثل: الحال العجيب. وجملة فيها أنهار وما عطف عليها تفصيل للإجمال الذي في جملة مثل الجنة ، فهو استئناف ، أو بدل مفصل من مجمل على رأي من يثبته في أنواع البدل. والأنهار: جمع نهر ، وهو الماء المستبحر الجاري في أخدود عظيم من الأرض ، وتقدم في قوله - تعالى - قال إن الله مبتليكم بنهر في سورة البقرة. [ ص: 96] فأما إطلاق الأنهار على أنهار الماء فهو حقيقة ، وأما إطلاق الأنهار على ما هو من لبن وخمر وعسل فذلك على طريقة التشبيه البليغ ، أي مماثلة للأنهار ، فيجوز أن تكون المماثلة تامة في أنها كالأنهار مستبحرة في أخاديد من أرض الجنة فإن أحوال الآخرة خارقة للعادة المعروفة في الدنيا ، فإن مرأى أنهار من هذه الأصناف مرأى مبهج. ويجوز أن تكون مماثلة هذه الأصناف للأنهار في بعض صفات الأنهار وهي الاستبحار. وهذه الأصناف الخمسة المذكورة في الآية كانت من أفضل ما يتنافسون فيه ومن أعز ما يتيسر الحصول عليه ، فكيف الكثير منها ، فكيف إذا كان منها أنهار في الجنة.
- جريدة الرياض | آية
- مثل الجنة التي وُعد المتقون | شبكة بينونة للعلوم الشرعية
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الرعد - الآية 35
- الوعد والوعيد – مثل الجنة التي وعد المتقون | موقع البطاقة الدعوي
- حديث الجمعة : " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون " - OujdaCity
جريدة الرياض | آية
والله أعلم. المسألة الثانية: قال في الخمر: ( لذة للشاربين) ولم يقل في اللبن: لم يتغير طعمه للطاعمين ، ولا قال في العسل: مصفى للناظرين ؛ لأن اللذة تختلف باختلاف الأشخاص فرب طعام يلتذ به شخص ويعافه الآخر ، فقال: ( لذة للشاربين) بأسرهم ولأن الخمر كريهة الطعم فقال: ( لذة) أي لا يكون في خمر الآخرة كراهة الطعم ، وأما الطعم واللون فلا يختلفان باختلاف الناس ، فإن الحلو والحامض وغيرهما يدركه كل أحد كذلك ، لكنه قد يعافه بعض الناس ويلتذ به البعض مع اتفاقهم على أن له طعما واحدا وكذلك اللون فلم يكن إلى التصريح بالتعميم حاجة ، وقوله: ( لذة) يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون تأنيث "لذ" يقال: طعام لذ ولذيذ وأطعمة لذة ولذيذة. وثانيهما: أن يكون ذلك وصفا بنفس المعنى لا بالمشتق منه كما يقال للحليم هو حلم كله وهو عاقل كله. ثم قال تعالى: ( ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم). بعد ذكر المشروب أشار إلى المأكول ، ولما كان في الجنة الأكل للذة لا للحاجة ذكر الثمار فإنها تؤكل للذة بخلاف الخبز واللحم ، وهذا كقوله تعالى في سورة الرعد: ( مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها) [الرعد: 35] حيث أشار إلى المأكول والمشروب ، وههنا لطيفة وهي أنه تعالى قال فيها: ( وظلها) ولم يقل ههنا ذلك ، نقول: قال ههنا: ( ومغفرة) والظل فيه معنى الستر والمغفرة كذلك ، ولأن المغفور تحت نظر من رحمة الغافر يقال: نحن تحت ظل الأمير ، وظلها هو رحمة الله ومغفرته حيث لا يمسهم حر ولا برد.
مثل الجنة التي وُعد المتقون | شبكة بينونة للعلوم الشرعية
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا
ملف نصّي
الوعد والوعيد – مثل الجنة التي وعد المتقون
قال الله تعالى:
مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار
( الرعد: 35)
بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الرعد - الآية 35
وقوله ( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ) يقول تعالى ذكره: أمَّن هو في هذه الجنة التي صفتها ما وصفنا, كمن هو خالد في النار. وابتُدئ الكلام بصفة الجنة, فقيل: مثل الجنة التي وعد المتقون, ولم يقل: أمَّن هو في الجنة. ثم قيل بعد انقضاء الخبر عن الجنة وصفتها ( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ). وإنما قيل ذلك كذلك, استغناء بمعرفة السامع معنى الكلام, ولدلالة قوله ( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ) على معنى قوله ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ). وقوله ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا) يقول تعالى ذكره: وسُقي هؤلاء الذين هم خلود في النار ماء قد انتهى حرّه فقطع ذلك الماء من شدّة حرّه أمعاءهم. كما حدثني محمد بن خلف العَسْقلانيّ, قال: ثنا حَيْوة بن شُريح الحِمصِيّ, قال: ثنا بقية, عن صفوان بن عمرو, قال: ثني عبيد الله بن بشر, عن أبي أُمامة الباهلي, عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقوله وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ قال: يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فَيَتَكَرَّهُهُ, فإذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ, وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رأْسِهِ, فإذَا شَرِبَ قَطَّعَ أمْعاءَهُ حتى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ.
الوعد والوعيد – مثل الجنة التي وعد المتقون | موقع البطاقة الدعوي
تقول الآية أولا: مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنها من ماء غير آسن (1).
" الآسن " يعني النتن، وبناءا على هذا، فإن ماء غير آسن تعني الماء الذي لا يتغير طعمه ورائحته لطول بقائه وغيره ذلك، وهذا أول نهر من أنهار الجنة، وفيه ماء زلال جار طيب الطعم والرائحة. ثم تضيف: وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وذلك أن الجنة مكان لا يعتريه الفساد، ولا تتغير أطعمة الجنة بمرور الزمن، وإنما تتغير الأطعمة في هذه الحياة الدنيا، لوجود أنواع الميكروبات التي تفسد المواد الغذائية بسرعة. ثم تطرقت إلى ثالث نهر من أنهار الجنة، فقالت: وأنهار من خمر لذة للشاربين. وأخيرا تبين الآية رابع أنهار الجنة بأنه: وأنهار من عسل مصفى. وعلاوة على هذه الأنهار المختلفة التي خلق كل منها لغرض، فقد تحدثت الآية عن فواكه الجنة في الموهبة الخامسة، فقالت الآية: ولهم فيها من كل الثمرات (2) فستوضع بين أيديهم وتحت تصرفهم كل الثمرات والفواكه المتنوعة الطعم والرائحة، سواء التي يمكن تصورها، أو التي لا يمكن أن تخطر على أذهاننا اليوم ويصعب تصورها. وأخيرا تتحدث عن الموهبة السادسة التي تختلف عن المواهب المادية السابقة، إذ أن هذه الهبة معنوية روحية، فتقول: ومغفرة من ربهم إذ ستمحو رحمته الواسعة كل هفواتهم وسقطاتهم، وسيمنحهم الله الاطمئنان والهدوء والرضي، ويجعلهم من المرضيين عنده والمحببين إليه، وسيكونون مصداق لقوله
1 - للمفسرين بحوث كثيرة حول تركيب هذه الآية الشريفة، والأنسب منها جميعا أن يقال: (مثل الجنة) مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير: مثل الجنة التي وعد المتقون جنة فيها أنهار، وهذه الآية تشبه - في الحقيقة - الآية (35) من سورة الرعد التي تقول: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار.
الأحد 23 رمضان 1443هـ 24 أبريل 2022م}مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّار{
ُ} الرعد (35)
النشرة الإخبارية
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا من أجل مواكبة التطورات.
ولكنه تصوير تقريب للذهن. إنَّ مثل هذه الجنة الخالدة هي نصيب المتقين الذين آمنوا بربهم وسعوا لكل ما يرضيه. وأما عاقبة الكافرين بالله فهو النقيض لهذا النعيم ، إنه الجحيم بما فيه من لظى النيران. اللهم ارزقنا العيش بجناتك الوارفة ، في فردوسك الأعلى يا رب العالمين ، وليس ذلك على كرمك ولطفك ورحمتك بعزيز.
الوكت: سواد يكون في قِشر التمر. والمَجْل: انتفاخ في الجلد الرقيق يكون شبه قِشر العِنبة ينشأ من مس النار الجلدَ ومن كثْرة العمل باليد وقوله: « مثقال حبة خردل من إيمان » هو مصدر آمنَه ، أي ومَا في قرارة نفسه شيء من إيمان الناس إيَّاه فلا يأتمنه إلاّ مغرور. وقد تقدم الكلام على الأمانة في قوله تعالى: { إن الله يأمركم أن تُؤَدوا الأماناتتِ إلى أهلها} في سورة النساء ( 58). وجمع { الأمانات باعتبار تعدد أنواعها وتعدد القائمين بالحفظ تنصيصاً على العموم. وقرأ الجمهور: لأماناتهم} بصيغة الجمع ، وقرأه ابن كثير { لأمانتهم} بالإفراد باعتبار المصدر مثل { الذين هم في صَلاتهم خاشعون} [ المؤمنون: 2]. والعهد: التزام بين اثنين أو أكثر على شيء يعامِل كل واحد من الجانبين الآخرَ به. وسمي عهداً لأنهما يتحَالفان بعهد الله ، أي بأن يكون الله رقيباً عليهما في ذلك لا يفيتهم المؤاخذة على تخلفه ، وتقدم عند قوله تعالى: { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} في سورة البقرة ( 27). حديث الجمعة : " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون " - OujdaCity. والوفاء بالعهد من أعظم الخلق الكريم لدلالته على شرف النفس وقوة العزيمة ، فإن المرأيْننِ قد يلتزم كل منهما للآخر عملاً عظيماً فيصادف أن يتوجه الوفاء بذلك الإلتزام على أحدهما فيصعب عليه أن يتجشم عملاً لنفع غيره بدون مقابل ينتفع به هو فتسول له نفسه الخَتْر بالعهد شحّاً أو خوراً في العزيمة ، فلذلك كان الوفاء بالعهد علامة على عظم النفس قال تعالى: { وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً} [ الإسراء: 34].
حديث الجمعة : &Quot; والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون &Quot; - Oujdacity
وهكذا يشعر المؤمن دائماً بالخوف من الله، والحذر من عقابه، اتّهاماً لنفسه التي يعمل دائماً على أن لا يُخرجها من حدّ التقصير في جنب الله. {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} من العلاقات المحرّمة في ما يدخل في باب الزنى واللواط ونحوهما، مما يمثل التعدي على حدود الله في العلاقات الجنسية التي حصرها الله بالزواج وملك اليمين، {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإنّهم غَيْرُ مَلُومِينَ} لأن هذا هو الحدّ الطبيعي الذي أباح الله للإنسان إرواء ظمئه الغريزي فيه، وحرّم عليه ما عدا ذلك. من هم العادون؟
{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذَلِكَ}، من الوسائل المحرّمة التي أشرنا إليها، وفي الاستمناء الذي تصلح الآية دليلاً عليه وعلى حرمة نكاح الحيوان ونحو ذلك، {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} الذين تعدّوا حدود الله، وابتعدوا عن دائرة مباحاته إلى دائرة محرّماته. وفي ضوء ذلك، نفهم أنّ العفّة عن العلاقة المحرّمة تمثّل وحياً من إيحاءات الصلاة، في ما تؤكده في شخصية المصلّي من مراقبة الله سبحانه في حركة الحلال والحرام في حياته.
{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ} فيؤدونها كاملةً غير منقوصة للاهتمام بها في كل أجزائها وشروطها وأذكارها وروحيتها، لأن ذلك هو الذي يحقّق النتائج الروحيّة والعمليّة منها، باعتبار أن كل ما فُرِض فيها من أفعالٍ وتروك فهو داخلٌ في العناصر المؤثرة في الغايات المترتبة عليها {أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ}. ـــــــــــــــــــــ (1) الكشاف، ج:4، ص:158.