إعراب ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين: « النَّاسِ » اسم جمع لا مفرد له من لفظه ، أصله الأناس حذفت همزته للتخفيف. « يُخادِعُونَ » الخداع إظهار المرء غير ما في نفسه. «مرض القلب» ضعفه وميله عن الحق. « وَمِنَ النَّاسِ » الواو استئنافية ، من حرف جر، الناس اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. « مِنَ » اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. « يَقُولُ » فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ألضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو ، والجملة الفعلية " يقول " صلة الموصول لا محل لها. « آمَنَّا » فعل ماض مبني على السكون لإتصالة بنا الفاعلين ، ونا الفاعلين ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. « بِاللَّهِ »الباء حرف جر، واسم الجلالة مجرور بالباء وهما متعلقان بالفعل آمنا ، والجملة الفعلية آمنا مقول القول في محل نصب مفعول به. إعراب وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين « وَبِالْيَوْمِ » الباء حرف جر، واليوم اسم مجرور وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور معطوفان على باللّه. « الْآخِرِ » صفة اليوم مجرورة وعلامة جرها الكسرة. « وَما هُمْ » الواو حالية ، ما نافية تعمل عمل ليس ، هم ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم ما.
تفسير: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)
تدبر: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين}
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾. [1]
من صفات المنافقين المخادعة: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ ﴾. [2]
ومن صفاتهم الكسل عن الصلوات: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾. [3]
ومن صفاتهم العمل من أجل الناس: ﴿ يُرَاءُونَ النَّاسَ ﴾. [4]
ومن صفاتهم قلة ذكر الله تعالى: ﴿ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا ﴾. [5]
والسخرية والاستهزاء بالدين وأهله: ﴿ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾. [6]
وموالاة أعداء الله ومعاداة أوليائه: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ ﴾. [7]
والشك والتردد بين الإيمان والكفر: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ ﴾. [8]
ومن صفاتهم الكذب، والخيانة، والغدر، وخلف الوعد، واللجاج في الخصام. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ".
تفسير قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين}
فبدأ عز وجل بذِكر الطيِّب، ثم الخبيث، ثم الأخبث منه، نزولًا من الأعلى إلى الأسفل؛ فبدأ عز وجل بذِكر المتقين وصفاتهم؛ تعظيمًا لشأنهم، وتشريفًا وتكريمًا لهم، ثم ثنَّى بذِكر الكافرين، وقدَّمهم على المنافقين؛ لأن كفرهم دون كفر المنافقين، ثم ختم بذِكر المنافقين، وما هم عليه من الكفر والنفاق، وأخَّرهم، وأطال في ذكر أعمالهم السيئة؛ تحقيرًا لهم، وتحذيرًا منهم، وبيانًا لما هم عليه من الصفات الذميمة؛ إذ جمَعوا بين الكفر والنفاق، والكذب وسيِّئ الأخلاق. قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8]. الواو: عاطفة، أو استئنافية، و"مِن" للتبعيض؛ أي: وبعض الناس ﴿ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾، وهم المنافقون، ولم يصفهم بإيمان ولا كفر؛ لأنهم مذبذبون بين ذلك، كما قال تعالى: ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ﴾ [النساء: 143]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة: 14].
١١ - [باب] قوله: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة:١٣٦] ٤٤٨٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا {آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة:١٣٦] الآيَةَ. [٧٣٦٢، ٧٥٤٢ - فتح: ٨/ ١٧٠] ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُم {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة:١٣٦] الآية. هو من أفراده ويأتي في الاعتصام (١) والتوحيد (٢).
( ولا ينفع ذا الجَد منك الجد): الجد قال العلماء: هو الحظ والغناء. ذا الجد أي: صاحب الجد. منك: متعلق بينفع ، ولهذا كلمة ينفع إما أن تضمّن معنى يغني ، أو معنى يمنع صاحب الغنى وصاحب الحظ لا ينفعه حظه من الله ، ولا غناه من الله: (( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له)) ، (( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)): فصاحب الحظ والغنى مهما كان عنده ما ينفعه. ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد): ما قال: جده، قال: الجد، يعني حتى لو كان هذا الجد أعظم شيء فإنه لا يمكن أن ينفعه من الله عز وجل، وهذا إذا آمن الإنسان به ويجب عليه أن يؤمن به يستلزم أن يكون الإنسان معتمدًا على ربه في حمايته، لا على جنده ولا على ماله ولا على نصيبه وحظه، وإنما هو على ربه وحده لا شريك له. وبهذا التقرير الذي لم نفِ بما تدل عليه هذه الكلمات العظيمة، يتبين أهمية هذا الذكر بعد الصلاة: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد). معنى ولا ينفع ذا الجد منك الجديدة. قوله: اللهم: أصلها يا الله، لكن حذفت ياء النداء تيمنا بذكر اسم الله قبل، وعوّض عنه الميم: اللهم، للدلالة عليها.
ما معنى ولا ينفع ذا الجد منك الجد ؟ الشيخ عبدالعزيز الفوزان - Youtube
فهو أحق ما قال العبد، لما فيه من التفويض إلى الله تبارك وتعالى، والإذعان والإقرار بتوحيده بألوهيته وربوبيته، وأنه هو المعبود وحده، وهو المستعان به وحده، فعليه التكلان، وأنه لا حول ولا قوة إلا به، وأن الخير والعطاء والمنع والنفع والضر كل ذلك بيده. هذا ما تضمنه هذا الحديث، والله تعالى أعلم. وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه.
وَمَعْنَى: «وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» أَيْ: لَا يَنْفَعُ ذَا الغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ، لِأَنَّ ك ُ لَّ غَنِيٍّ غِنَاهُ مِنْكَ يَا رَبُّ، فَغِنَاهُ لَا يَنْفَعُهُ إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الإِيمَانُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ مَعَ الإِخْلَاصِ. وَصَدَقَ اللُه العَظِيمُ القَائِلُ: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾. هذا والله تعالى أعلم.