ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، هؤلاء الأخيار، الأطهار، الأبرار هم سُلالة طُهر وفضل وخير، وزكاء متواصلة متصلة بالصلاح، والإخلاص، والخيرية، والتوحيد لله -تبارك وتعالى-، والتقوى، والعمل بمرضاته، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، فهنا فيه بيان أن الله -تبارك وتعالى- سَمِيعٌ يسمع كلام العباد، ويسمع دعاءهم، وسيأتي دعاء امرأة عمران، ودعاء أيضًا عمران نفسه، فالله سامع لأقوال العباد، سامع لسؤالهم، ودعائهم، وحاجاتهم، وهو عَلِيمٌ بهم، عليم بما في قلوبهم، عليم بأعمالهم، عليم بأحوالهم لا يخفى عليه منهم خافية. فهذا يؤخذ منه هذه الآية الكريمة ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، فهنا ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فـ "مِنْ" هذه للاتصال، وليست للتبعيض، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، يعني: بينهم اتصال القرابة ذرية بعضها من بعض، وكذلك فيما يتعلق بالأحوال، والزكاء، والصلاح، والطُهر، وما أشبه ذلك. ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، وهذا الجزء من الآية صار يُذكر كالمثل، وهذا الذي يُسميه بعض العلماء بالأمثال المُرسلة، المقصود بالأمثال المُرسلة يعني: الأمثال التي لم تُذكر على أنها مثل؛ لكنها ذُكرت عبارات، وجُمل في القرآن، فصارت تُستعمل استعمال الأمثال، يعني هي لا تتضمن في معناها مثل، ليست كقوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ [البقرة:17].
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 34
- ذرية بعضها من بعض ۗ والله سميع عليم
- تفسير قوله تعالى: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم
- التفريغ النصي - تفسير سورة آل عمران _ (33) - للشيخ أبوبكر الجزائري
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 34
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) قوله تعالى: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم تقدم في البقرة معنى الذرية واشتقاقها. وهي نصب على الحال; قاله الأخفش. ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. أي في حال كون بعضهم من بعض ، أي ذرية بعضها من ولد بعض. الكوفيون: على القطع. الزجاج: بدل ، أي اصطفى ذرية بعضها من بعض ، ومعنى بعضها من بعض ، يعني في التناصر في الدين; كما قال: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يعني في الضلالة; قاله الحسن وقتادة. وقيل: في الاجتباء والاصطفاء والنبوة. وقيل: المراد به التناسل ، وهذا أضعفها.
ذرية بعضها من بعض ۗ والله سميع عليم
تفسير و معنى الآية 34 من سورة آل عمران عدة تفاسير - سورة آل عمران: عدد الآيات 200 - - الصفحة 54 - الجزء 3. ﴿ التفسير الميسر ﴾
هؤلاء الأنبياء والرسل سلسلة طُهْر متواصلة في الإخلاص لله وتوحيده والعمل بوحيه. والله سميع لأقوال عباده، عليم بأفعالهم، وسيجازيهم على ذلك. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ذرِّية بعضها من» ولد «بعض» منهم «والله سميع عليم».
تفسير قوله تعالى: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم
* * *وقوله: " والله سميعٌ عليمٌ"، يعني بذلك: والله ذُو سمع لقول امرأة عمران، وذو علم بما تضمره في نفسها، إذ نذَرت له ما في بطنها مُحرَّرًا. --------------------الهوامش:(21) انظر ما سلف في معنى"القطع" ، وهو الحال ، قريبًا ص: 270 ، تعليق: 3. (22) انظر معاني القرآن للفراء 1: 207.
* * * وقوله: " والله سميعٌ عليمٌ" ، يعني بذلك: والله ذُو سمع لقول امرأة عمران، وذو علم بما تضمره في نفسها، إذ نذَرت له ما في بطنها مُحرَّرًا. -------------------- الهوامش: (21) انظر ما سلف في معنى "القطع" ، وهو الحال ، قريبًا ص: 270 ، تعليق: 3. (22) انظر معاني القرآن للفراء 1: 207.
حيث أشار القرآن إلى حمل امرأته بمريم ونذرها لله، كما أشار إلى شقيق لمريم اسمه (هارون) وهو غير هارون النبي شقيق موسى عليه السلام، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيسى ويحيى عليهما السلام هما أبناء الخالة، وهذا معناه أن زكريا عليه السلام كان متزوجاً أخت مريم. وهذا معناه أن أسرة عمران الثاني المذكورة في القرآن والحديث مكونة من خمسة أشخاص أيضاً، عرفنا أسماء ثلاثة منهم وهم عمران الأب، وهارون الابن، ومريم الابنة، أما اسم امرأة عمران وابنته الأخرى فهذا من مبهمات القرآن. وإذا كان عمران الأول قد عاش في مصر زمن الفراعنة في بداية تاريخ بني إسرائيل، فإن عمران الثاني قد عاش في بيت المقدس في آخر تاريخ بني إسرائيل وبينهما عدة قرون. من هم آل عمران الذين اصطفاهم الله على العالمين؟
ذهب بعض العلماء إلى أن (آل عمران) هم ذرية موسى وهارون ابني عمران الأول عليهما السلام، اللذين ظهر منهما معظم أنبياء بني إسرائيل. وذهب آخرون إلى أن (آل عمران) هم مريم وابنها عليه السلام وأمها وأخوها رضي الله عنهم. وآل عمران اصطفاهم الله وهم من آل إبراهيم، ولكنهم خصوا بالذكر من باب ذكر الخاص بعد العام تشريفاً وتكريماً. كان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمنه، وكان رجلاً صالحاً، وكانت له زوجة صالحة طيبة طاهرة خيرة تقية وفية مطيعة لزوجها ومطيعة لربها، وكان من نتاج هذا الزواج المبارك، إكرام المولى عز وجل لهم بمريم عليها السلام.
التفريغ النصي - تفسير سورة آل عمران _ (33) - للشيخ أبوبكر الجزائري
تفسير القرآن العظيم " (2/33) ويقول الطاهر بن عاشور رحمه الله: " وأما آل عمران: فهم مريم ، وعيسى ، فمريم بنت عمران بن ماتان كذا سماه المفسرون ، وكان من أحبار اليهود وصالحيهم ، وأصله بالعبرانية ( عمرام) بميم في آخره ، فهو أبو مريم. وفي كتب النصارى: أن اسمه ( يوهاقيم)، فلعله كان له اسمان ، ومثله كثير. وليس المراد هنا عمران والد موسى وهارون ؛ إذ المقصود هنا التمهيد لذكر مريم وابنها عيسى ، بدليل قوله: ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَان) " انتهى. " التحرير والتنوير " (3/84) ثانيا: وأما أوجه اصطفاء " آل عمران " على البشر فهي كثيرة عديدة ، منها: إكرامهم بإدراج النبوة فيهم ، وذلك في نبي الله عيسى عليه السلام الذي كان من أولي العزم من الرسل ، وفي نبي الله يحيى عليه السلام ، فهو ابن خالة المسيح عليه السلام ، ولدته " إيشاع " أخت مريم في قول جمهور المفسرين ، فهو إذن من آل عمران وذريته. وانظر جواب السؤال رقم: (82569) اصطفاؤهم بجعلهم بيت صلاح وخير وتقوى ، فقد كان بيت آل عمران مشهورا بالدين والعبادة ، واشتهر في كتب التاريخ أن عمران كان من صالحي أهل زمانه ، كما ذكر القرآن الكريم أن امرأة عمران نذرت ما في بطنها لله سبحانه ، كي يكون وقفا على العبادة ، وذلك في قوله تعالى: ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وكل ذلك بسبب إكرام الله عز وجل لهم ، واصطفائه إياهم على أهل زمانهم ببلوغهم كمال الصلاح والديانة.
يقول لهم تعالى ذكره: فما وجه عُذْركم عند ربكم في جحودكم نبوَّة نبيِّكم، وارتدادكم على أعقابكم، ورجوعكم إلى أمر جاهليتكم، إنْ أنتم راجعتم ذلك وكفرتم، وفيه هذه الحجج الواضحة والآياتُ البينة على خطأ فعلكم ذلك إن فعلتموه؟ كما:- 7533- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله " الآية، علَمان بيِّنان: وُجْدان نبي الله صلى الله عليه وسلم، وكتابُ الله. فأما نبيّ الله فمضى صلى الله عليه وسلم. وأما كتاب الله، فأبقاه الله بين أظهُركم رحمة من الله ونعمة، فيه حلاله وحرامه، وطاعته ومعصيته. * * * وأما قوله: " ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم " ، فإنه يعني: ومن يتعلق بأسباب الله، ويتمسَّك بدينه وطاعته = " فقد هدى " ، يقول: فقد وُفِّق لطريق واضح، ومحجةٍ مستقيمة غير معوجَّة، فيستقيم به إلى رضى الله، وإلى النجاة من عذاب الله والفوز بجنته، كما:- 7534- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: " ومن يعتصم بالله فقد هدي " قال: يؤمن بالله. * * * وأصل " العَصْم " المنع، فكل مانع شيئًا فهو " عاصمه " ، والممتنع به " معتصمٌ به " ، ومنه قول الفرزدق: أَنَــا ابــنُ العَـاصِمينَ بَنِـي تَمِيـم إذَا مَــا أَعْظَــمُ الحَدَثَــانِ نَابَــا (1) ولذلك قيل للحبل " عِصام " ، وللسبب الذي يتسبب به الرجل إلى حاجته " عِصام " ، ومنه قول الأعشى: إلَــى المَــرْءِ قَيْسٍ أُطِيـلُ السُّـرَى وَآخُــذُ مِــنْ كُــلِّ حَـيٍّ عُصـمْ (2) يعني بـ " العُصم " الأسباب، أسبابَ الذمة والأمان.