قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره المسمى ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) في نهاية سورة يوسف عليه السلام: فصل في ذكر شيء من العبر والفوائد التي اشتملت عليها هذه القصة العظيمة التي قال الله في أولها { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} وقال { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} وقال في آخرها { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ} غير ما تقدم في مطاويها من الفوائد. فوائد سورة يوسف تفسير السعدي فمن ذلك: أن هذه القصة من أحسن القصص وأوضحها وأبينها، لما فيها من أنواع التنقلات، من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة ومنَّة، ومن ذل إلى عز، ومن رقٍّ إلى ملك، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وائتلاف، ومن حزن إلى سرور، ومن رخاء إلى جدب، ومن جدب إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة، ومن إنكار إلى إقرار، فتبارك من قصها فأحسنها، ووضحها وبيَّنها. ومنها:
أن فيها أصلا لتعبير الرؤيا، وأن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده، وإن أغلب ما تبنى عليه المناسبة والمشابهة في الاسم والصفة، فإن رؤيا يوسف التي رأى أن الشمس والقمر، وأحد عشر كوكبا له ساجدين، وجه المناسبة فيها: أن هذه الأنوار هي زينة السماء وجمالها، وبها منافعها، فكذلك الأنبياء والعلماء، زينة للأرض وجمال، وبهم يهتدى في الظلمات كما يهتدى بهذه الأنوار، ولأن الأصل أبوه وأمه، وإخوته هم الفرع، فمن المناسب أن يكون الأصل أعظم نورا وجرما، لما هو فرع عنه.
- القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة يوسف
- تفسير سورة يوسف كاملة (PDF)
- فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
- فمن شهد منكم الشهر فليصمه.. - جــورنــالنــا
- فمن شهد منكم الشهر فليصمه
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة يوسف
وأما البقر فإنها تحرث الأرض عليها، ويستقى عليها الماء، وإذا أخصبت السنة سمنت، وإذا أجدبت صارت عجافا، وكذلك السنابل في الخصب، تكثر وتخضر، وفي الجدب تقل وتيبس وهي أفضل غلال الأرض. فوائد سورة يوسف تفسير السعدي
تفسير سورة يوسف كاملة (Pdf)
تفسير سورة يوسف السعدي
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ} للناس { هَذِهِ سَبِيلِي} أي: طريقي التي أدعو إليها، وهي السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته، المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، { أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} أي: أحثُّ الخلق والعباد إلى الوصول إلى ربهم، وأرغِّبهم في ذلك وأرهِّبهم مما يبعدهم عنه. ومع هذا فأنا { عَلَى بَصِيرَةٍ} من ديني، أي: على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية. { وَ} كذلك { مَنِ اتَّبَعَنِي} يدعو إلى الله كما أدعو على بصيرة من أمره. { وَسُبْحَانَ اللَّهِ} عما نسب إليه مما لا يليق بجلاله، أو ينافي كماله. { وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} في جميع أموري، بل أعبد الله مخلصا له الدين.
والخطاب القرآني بالأمر الإلهي:... هو خطاب لجميع المسلمين المكلفين بالصيام, وليس معني ذلك مطالبة كل مكلف برؤية الهلال لاستحالة تحقيق ذلك, ومن هنا فإن المعني المقصود من قول ربنا ـ تبارك وتعالي( فمن شهد) هو من أدرك شهر رمضان, وعلم بثبوت رؤية هلاله بالبصر, أو بالبصيرة, أو بهما معا, وذلك بنفسه أو بواسطة أهل العلم والرأي والحكم, وجب عليه الصوم إذا كان مكلفا.
ويؤكد هذا المفهوم قول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: إذا رأيتموه فصوموا, وإذا رأيتموه فأفطروا, فإن غم عليكم فاقدروا له( البخاري), والتقدير هو الحساب, وعنه أيضا أن رسول الله ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ قال: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب( البخاري), وذلك لا يعني عدم الحساب, بل هو من قبيل التسهيل علي الأمة في زمن لم يكن لديها أي من المعارف والتقنيات المتوافرة لنا اليوم, وقد أكد المصطفي صلي الله عليه وسلم ـ ذلك بقوله: لا تصوموا حتي تروا الهلال, ولا تفطروا حتي تروه, فإن غم عليكم فاقدروا له( البخاري). فمن شهد منكم الشهر فليصمه.. - جــورنــالنــا.
والتقدير هنا يشير إلي الحساب, وإلي غيره من الوسائط المتاحة, والتقنيات المتطورة, فالحساب المبني علي أسس علمية صحيحة والذي يعين علي رؤية كل من هلال رمضان بعد غروب شمس التاسع والعشرين من شعبان, وهلال شوال بعد غروب شمس التاسع والعشرين من رمضان باستخدام كل من الحسابات الفلكية والمتاح من التقنيات المتطورة( من مثل المقربات, والطائرات, والأقمار الصناعية وغيرها) هو المناط الحقيقي لإثبات دخول الشهر, ويدخل في نطاق قول المصطفي صلي الله عليه وسلم ـ فاقدروا له.
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
قالوا: ولو دخل عليه شهر رمضان وهو مجنون ، فلم يفق حتى انقضى الشهر كله ، ثم أفاق لم يلزمه قضاء شيء منه ، لأنه لم يكن ممن شهده مكلفا صومه. قال أبو جعفر: وهذا تأويل لا معنى له ، لأن الجنون إن كان يسقط عمن كان به فرض الصوم ، من أجل فقد صاحبه عقله جميع الشهر ، فقد يجب أن يكون ذلك سبيل كل من فقد عقله جميع شهر الصوم. وقد أجمع الجميع على أن من فقد عقله جميع شهر الصوم بإغماء أو برسام ، ثم أفاق بعد انقضاء الشهر ، أن عليه قضاء الشهر كله. ولم يخالف ذلك أحد يجوز الاعتراض به على الأمة. فمن شهد منكم الشهر فليصمه. وإذ كان إجماعا ، فالواجب أن يكون سبيل كل من كان زائل العقل جميع شهر الصوم سبيل المغمى عليه. وإذ كان ذلك كذلك ، كان معلوما أن تأويل الآية غير الذي تأولها قائلو هذه المقالة: من أنه شهود الشهر أو بعضه مكلفا صومه. وإذا بطل ذلك ، فتأويل المتأول الذي زعم أن معناه: فمن شهد أوله مقيما حاضرا [ ص: 455] فعليه صوم جميعه ، أبطل وأفسد ، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج عام الفتح من المدينة في شهر رمضان بعد ما صام بعضه ، وأفطر وأمر أصحابه بالإفطار. 2847 - حدثنا هناد قال: حدثنا أبو الأحوص عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال: " سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من المدينة إلى مكة ، حتى إذا أتى عسفان نزل به ، فدعا بإناء فوضعه على يده ليراه الناس ، ثم شربه.
فمن شهد منكم الشهر فليصمه.. - جــورنــالنــا
قوله: { فمن شهد منكم الشهر}؛ { شهد}
أي حضره عاقلاً بالغاً مكلفاً؛ { فليصمه} أي فليصم
نهاره. قوله: { ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر}؛
هذه الجملة سبقت؛ ولكن لما ذكر سبحانه وتعالى: { فمن شهد
منكم الشهر فليصمه}، وكانت هذه الآية ناسخة لما قبلها قد يظن الظان أنه نسخ
حتى فطر المريض والمسافر؛ فأعادها سبحانه وتعالى تأكيداً لبيان الرخصة، وأن الرخصة
حتى بعد أن تعين الصيام باقية؛ وهذا من بلاغة القرآن؛ وعليه فليست هذه الجملة من
الآية تكراراً محضاً؛ بل تكرار لفائدة؛ لأنه تعالى لو قال: { فمن
شهد منكم الشهر فليصمه} ولم يقل: { ومن كان …}
إلخ، لكان ناسخاً عاماً. وقوله: { ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر}
ومن كان به مرض في بدنه يشق عليه الصيام معه أو يؤذيه، أو كان على سفر، أي في حالة
السفر، فله أن يفطر، فإذا أفطر فعليه عدة ما أفطره في السفر من الأيام.
فمن شهد منكم الشهر فليصمه
9. شريعة الله سبحانه وتعالى مبنية على اليسر والسهولة؛ لأن ذلك مراد الله عز وجل في
قوله تعالى: { يريد الله بكم اليسر}؛ وقد صح عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إن الدين يسر ولن
يشاد الدين أحد إلا غلبه)) 3 ؛
وكان صلى الله عليه وسلم يبعث البعوث، ويقول: (( يسروا ولا
تعسروا؛ وبشروا ولا تنفروا)) 4 ؛
(( فإنما بعثتم ميسرين؛ ولم تبعثوا معسرين)) 5. وانتفاء الحرج والمشقة والعسر في الشريعة؛ لقوله: { ولا
يريد بكم العسر}. فمن شهد منكم الشهر فليصمه. 10. الأمر بإكمال العدة؛ أي بالإتيان بعدة أيام الصيام كاملاً. 11. مشروعية التكبير عند إكمال العدة؛ لقوله: { ولتكملوا
العدة ولتكبروا الله على ما هداكم}؛ والمشروع في التكبير أن يقول الإنسان:
"الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"؛ وإن
شاء أوتر فقال: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"؛ وإن شاء أوتر باعتبار الجميع فقال: "الله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"؛
فالأمر في هذا واسع- ولله الحمد-. 12. الله يشرع الشرائع لحكمة، وغاية حميدة؛ لقوله: { لعلكم
تشكرون} وقال في نهاية الآية الآمرة بالصيام: { لعلكم
تتقون}.
[٤] وقال بعض المفسِّرين إنَّ الآية التي تقتضي وجوب الصِّيام بحضور الشَّهر قد جاءت ناسخةً للحكم الذي سبقها وهو التخيير بين الصِّيام أو إخراج الفدية، [٤] وخلاصة القول في معنى قوله -تعالى-: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، [١] هو أنَّه من كان حاضرًا ومقيمًا في أرضه في شهر رمضان المبارك وجب عليه الصِّيام فيه، حيث جاءت كلمة الشَّهر في الآية منصوبةً؛ لأنَّها ظرفٌ يدلُّ على الزَّمان، وهو شهر رمضان، والضَّمير في قوله -تعالى-: {فَلْيَصُمْهُ} ، [١] يدلّ على الظَّرفيَّة أيضًا، والمقتضى من ذلك هو الصِّيام في الشَّهر المحدّد. [٥]
الأحكام المستنتجة من الآية
دلَّت الآية الكريمة على العديد من الأحكام والتي تتلخَّص فيما يأتي:
المسلم المقيم بالحضر الذي يدرك شهر رمضان وجب عليه الصِّيام. [٦]
المسلم الذي يدرك شهر رمضان وهو مقيمٌ ثمَّ يسافر؛ فقد ذهب الكثير من الصَّحابة والفقهاء إلى أنَّه إذا سافر في شهر رمضان فيجوز له أن يفطر ؛ إذ إن الآية تفيد أن الصيام في شهر رمضان كلّه يكون لمن شهده كلّه، ومن لم يشهد الشهر كاملًا فعليه صيام ما شهد منه من الأيَّام، واستدلُّوا على ذلك بما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمَّا خرج في عام الفتح إلى مكَّة المكرَّمة صام حتى بلغَ موضعًا يُقال له الكديد، فأفطر وتبعه النَّاس على ذلك، وذهب بعض العلماء وهو قول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى أنَّه لا يجوز الفطر لمن كان مقيمًا ثمَّ سافر.
﴿فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة: 185)..
مرحبًا بطلعة الوليد الوسيم، وبشير الخير العميم: هلال رمضان، ومشرق أنوار القرآن، وشَذَا نفحات الجنان، وواحة الاسترواح في صحراء العام، وراح الأرواح بالصلاة والصيام والقيام؛ فاللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان، والطمأنينة والسلام، هلال خير ورشد إن شاء الله، والله أكبر الله أكبر والحمد لله، وصدق رسول الله: "إذا أقبل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النيران، وصفدت الشياطين، ونادى منادٍ من قبل الحق تبارك وتعالى: يا باغي الشر أقصر، ويا باغي الخير هلمّ" (صحيح الإمام البخاري. لقد بُني الإسلام على شرائع وعبادات، وفرائض وواجبات، كان من جميل صنع الله لعباده فيها أن أقامها على دعائم من الخير وقواعد من البر، تفيدهم في الدنيا وتنفعهم في العقبى، وتسعدهم في الآخرة والأولى. فالقاعدة الأساسية في العبادة المتقبلة الكاملة: النية الصالحة الفاضلة والإخلاص فيها لرب العالمين ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (البينة: 5)، و"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" ،
فما لم يكن الدافع الأول إلى العبادة قلبيًّا تشترك فيه خلجات الوجدان، مع حركات الأبدان، وتحضر فيه القلوب، وتطهر به الأرواح والنفوس؛ فلا وزن لها ولا مثوبة عليها، وليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.