﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى: الذين يبخلون أي: لا يحب المختالين الذين يبخلون ف " الذين " في موضع خفض نعتا للمختال. وقيل: رفع بابتداء أي: الذين يبخلون فالله غني عنهم. قيل: أراد رؤساء اليهود الذين يبخلون ببيان صفة محمد صلى الله عليه وسلم التي في كتبهم ، لئلا يؤمن به الناس فتذهب مأكلتهم ، قال السدي والكلبي. وقال سعيد بن جبير: الذين يبخلون يعني بالعلم ويأمرون الناس بالبخل أي: بألا يعلموا الناس شيئا. زيد بن أسلم: إنه البخل بأداء حق الله عز وجل. وقيل: إنه البخل بالصدقة والحقوق ، قال عامر بن عبد الله الأشعري. الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول. وقال طاوس: إنه البخل بما في يديه. وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى. وفرق أصحاب الخواطر بين البخل والسخاء بفرقين ، أحدهما: أن البخيل الذي يلتذ بالإمساك. والسخي الذي يلتذ بالإعطاء. الثاني: أن البخيل الذي يعطي عند السؤال ، والسخي الذي يعطي بغير سؤال. ومن يتول أي: عن الإيمان فإن الله غني عنه. ويجوز أن يكون لما حث على الصدقة أعلمهم أن الذين يبخلون بها ويأمرون الناس بالبخل بها فإن الله غني عنهم. وقراءة العامة بالبخل بضم الباء وسكون الخاء. وقرأ أنس وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وحميد وابن محيصن وحمزة والكسائي " بالبخل " بفتحتين وهي لغة الأنصار.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النساء - الآية 37
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ۗ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24) يقول تعالى ذكره: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، الباخلين بما أوتوا في الدنيا على اختيالهم به وفخرهم بذلك على الناس، فهم يبخلون بإخراج حق الله الذي أوجبه عليهم فيه، ويشِحُّون به، وهم مع بخلهم به أيضا يأمرون الناس بالبخل. وقوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) يقول تعالى ذكره: ومن يُدْبرْ مُعرضًا عن عظة الله، (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضا عن عظة الله، تاركا العمل بما دعاه إليه من الإنفاق في سبيله، فرِحا بما أوتي من الدنيا، مختالا به فخورا يخيلا فإن الله هو الغنيّ عن ماله ونفقته، وعن غيره من سائر خلقه، الحميد إلى خلقه بما أنعم به عليهم من نعمه. واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) ، فقال بعضهم: استغنى بالأخبار التي لأشباههم، ولهم في القرآن، كما قال وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى, ولم يكن في ذا الموضع خبر.
وقرأ أبو العالية وابن السميفع " بالبخل " بفتح الباء وإسكان الخاء. وعن نصر بن عاصم " البخل " بضمتين ، وكلها لغات مشهورة. وقد تقدم الفرق بين البخل والشح في آخر ( آل عمران). وقرأ نافع وابن عامر " فإن الله الغني الحميد " بغير " هو ". والباقون هو الغني على أن يكون فصلا. ويجوز أن يكون مبتدأ والغني خبره ، والجملة خبر " إن ". ومن حذفها فالأحسن أن يكون فصلا ، لأن حذف الفصل أسهل من حذف المبتدإ. ﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، الباخلين بما أوتوا في الدنيا على اختيالهم به وفخرهم بذلك على الناس، فهم يبخلون بإخراج حق الله الذي أوجبه عليهم فيه، ويشِحُّون به، وهم مع بخلهم به أيضا يأمرون الناس بالبخل. وقوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) يقول تعالى ذكره: ومن يُدْبرْ مُعرضًا عن عظة الله، (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضا عن عظة الله، تاركا العمل بما دعاه إليه من الإنفاق في سبيله، فرِحا بما أوتي من الدنيا، مختالا به فخورا يخيلا فإن الله هو الغنيّ عن ماله ونفقته، وعن غيره من سائر خلقه، الحميد إلى خلقه بما أنعم به عليهم من نعمه.
محتويات
1 حياته في عصر رسول الله (ص)
2 الصحيفة الملعونة ومبايعته أبا بكر
3 رفضه نصرة الزهراء (ع)
4 وفاته
4. 1 ندمه عند وفاته
5 الهوامش
6 الملاحظات
7 المصادر والمراجع
حياته في عصر رسول الله (ص)
نسبه وكنيته: ينتمي معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو إلى قبيلة الخزرج. [1] ويكنى أَبا عبْد الرحمن. إسلامه ومواخاته: كان من أنصار رسول الله (ص)، وهو من الذين شهدوا بيعة العقبة من الأنصار، [2] وأشارت بعض المصادر التاريخية أن النبي (ص) آخى بين معاذ وبين عبد الله بن مسعود ، وكان عمره لما أسلم ثماني عشرة سنة، وأنه من الذين شهدوا معركة بدر ، و أحد ، و الخندق وكافة المعارك التي خاضها الرسول (ص) ضد الكفار ، [3] وأرسله النبي (ص) إلى اليمن ، وذلك بعد غزوة تبوك ليكون معلماً وقاضياً فيها. [4]
الصحيفة الملعونة ومبايعته أبا بكر
نُقل أن معاذ بن جبل من أصحاب الصحيفة الملعونة ، وهم عبارة عن خمسة أشخاص كتبوا فيما بينهم معاهدة في حجة الوداع ووقّعوا عليها، وهي عبارة عن عدم السماح بعد وفاة رسول الله (ص) أن تصل الخلافة إلى الإمام علي (عليه السلام)، ومن الموقعين على هذه الصحيفة هم: أبو بكر ، وعمر بن الخطاب ، و معاذ بن جبل ، و أبو عبيدة بن الجراح ، و سالم مولى أبي حذيفة ، [5] وكذلك نُقل أن معاذ من أوائل الذين بايعوا أبا بكر بالخلافة، [6] وقد نصبه أبو بكر على الجند في اليمن.
معاذ بن جبل رضي الله عنه
[10]
ندمه عند وفاته
ورد في كتاب سليم بن قيس أنه قال: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأزدي الثمالي ــ كانت ابنته زوجة معاذ ــ قال: مات معاذ بن جبل بالطاعون، فشهدته يوم مات وكان الناس متشاغلين بالطاعون، قال: فسمعته حين احتضر وليس في البيت معه غيري، وذلك في زمن عمر بن الخطاب ، يقول: ويل لي ويل لي ويل لي فقلت: فلم تدعو بالويل؟ قال: لعدم مولاتي خليفة رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب (ع). [11]
الهوامش
↑ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 3، ص 1402. ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 3، ص 1402 ــ 1403. ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 4، ص 418؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 438. ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 438 ــ 439. ↑ كتاب سليم بن قيس، ص 204. ↑ الهلالي، كتاب سليم بن قيس، ص 144. ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 7، ص 272. ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 29، ص 191 ــ 192. ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 4، ص 421. ↑ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 4، ص 418 ــ 421. ↑ الهلالي، كتاب سليم بن قيس، ص 345. الملاحظات
↑ اسم بلدة صغيرة تقع بين الرملة وبيت المقدس في فلسطين، ومنها بدأ وباء الطاعون. ابن الأثير، أسد الغابة، ج 4، ص 421. المصادر والمراجع
ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، تحقيق: علي محمد البجاوي، بيروت، دار الجيل، 1412 هـ/ 1992 م.
معاذ ابن جبل الحلقة 29
فقال له معاذ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله وأنا والله أحبك. قال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. ثناء الصحابة عليه: عن الشعبي قال: حدثني فروة بن نوفل الأشجعي قال: قال ابن مسعود: إن معاذ بن جبل كان أمةً قانتًا لله حنيفًا، فقيل إن إبراهيم كان أمةً قانتًا لله حنيفًا، فقال ما نسيت هل تدري ما الأمة وما القانت؟ فقلت: الله أعلم، فقال: الأمة الذي يعلم الخير، والقانت المطيع لله عز وجل وللرسول، وكان معاذ بن جبل يعلم الناس الخير وكان مطيعًا لله عز وجل ورسوله. وعن شهر بن حوشب قال: كان أصحاب محمد إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له. وقال عنه عمر رضي الله عنه: "عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ". وقال عمر بن الخطاب يومًا لأصحابه: لو استخلفت معاذَا - رضي الله عنه- فسألني ربى عز وجل ما حملك على ذلك؟ لقلت: سمعت نبيك يقول: (يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء برتوة (أي يسبقهم مسافة كبيرة، قيل إنها رمية حجر) [أحمد].
معاذ بن جبل عند الشيعة
ذكر مرضه ووفاته:
عن طارق بن عبد الرحمن قال: وقع الطاعون بالشام فاستغرقها فقال الناس: ما هذا إلا الطوفان إلا أنه ليس بماء فبلغ معاذ بن جبل فقام خطيباً فقال: إنه قد بلغني ما تقولون ، وإنما هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم وكموت الصالحين قبلكم ، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك ، أن يغدو الرجل منكم من منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق وخافوا إمارة الصبيان. وعن شهر بن حوشب ، عن رابّه - رجل من قومه ، كان شهد طاعون عمواس - قال: لما اشتعل الوجع قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيباً فقال: أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له من حظه. قال: وطعن فمات رحمة الله عليه واستخلف على الناس معاذ بن جبل فقام خطيباً بعده فقال: أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم ، وإن معاذاً يسأل الله أن يقسم لآل معاذ منه حظه. قال: فطعن ابنه عبد الرحمن. قال ثم قام فدعا ربه لنفسه فطعن في راحته فلقد رأيته ينظر إليها ثم يقبل ظهر كفة ثم يقول: ما أحب أن لي بما فيك شيئاً من الدنيا. فلما مات استخلف على الناس عمرو بن العاص. وعن عبد الله بن رافع قال: لما أصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلف على الناس معاذ بن جبل.
أما لو خالفنا الطريقة الشرعية واهتدى خلق كثير فإن الله يعاقبنا ويحل علينا غضبه لأنا عصيناه ، لذا لم يمتدح الله الكثرة في كتابه قال سبحانه ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) وقال ( فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون)
الشبهة الثالثة/ إن هناك علماء أفتوا بجواز بعض هذه الوسائل الدعوية. فيقال في جواب هذه الشبهة: إن العبرة بالدليل والبرهان فإنا مطالبون بالرجوع إلى الشرع عند الاختلاف كما قال تعالى ( فما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) وقال ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)
ومتى صح في الشرع رد الأدلة من الوحيين بحجة أن هناك من أفتى بخلافها!! ، أما علمتم أن العالم يزل وأن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ذكر ثلاثاً يهدمن الدين ، وذكر منها زلة العالم. أخرجه الدارمي بإسناد صحيح. فاتقوا الله والزموا الأدلة الشرعية ولا تردوها بمخالفة العلماء لها مع عدم إسقاط هؤلاء العلماء إذا كانوا علماء السنة ، بل نحفظ منزلتهم فيا لله أين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يتخذوا هذه الوسائل مع قدرتهم ولا مانع بمنعهم لو كانت خيراً وديناً يحبه الله.
واشتد الوجع فقال الناس لمعاذ: ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز. فقال: إنه ليس برجز ولكنه دعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم ، وشهادة يختص الله بها من يشاء من عباده منكم ، أيها الناس ، أربع خلال من استطاع منكم أن لا يدركه شيء منها فلا يدركه شيء منها قالوا: وما هن ؟ قال: يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر ، ويقول الرجل: والله لا أدري على ما أنا ؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة ، ويعطى الرجل من المال مالِ الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله ، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة. فطعن ابناه فقال: كيف تجدانكما؟ قالا: يا أبانا ، ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 147]، قال: وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين. ثم طعنت امرأتاه فهلكتا وطعن هو في إبهامه فجعل يمسها بفيه ويقول: اللهم إنها صغيرة فبارك فيها فإنك تبارك في الصغيرة حتى هلك. وعن الحارث بن عمير قال: طُعن معاذ وأبو عبيدة وشرحبيل ابن حسنة ، وأبو مالك الأشعري في يوم واحد. فقال معاذ: إنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم وقبضُ الصالحين من قبلكم ، اللهم آت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة.