ومن اتَّصف بهذه الصفة، وهذا العمل المكمِّل للعمل، وابتغاء وجه الله في ذلك فإنَّه يكون في مأمنٍ من الفتن، وإنَّما يقع في الفتنة من جهل، وقلَّت مخافته من الله تعالى، وابتغى غير وجه الله في عمله. 5- تنقية الطمع والغضب: وهي من أبرز صفات المتَّقين، حيث إنَّهم يمارسون التوحيد الخالص لله تعالى، ولا يُدخِلون إلى قلوبهم أحدٌ غيره، كما قال أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وجعلها رسولنا صلى الله عليه وسلم سنَّةً في افتتاح كلِّ صلاة، عندما رغَّبنا بأن نقول: "قل إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين". و من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث. وبالتالي يكون كلُّ ما يقومون به نقيًّا إلا من الله تعالى، سلوكهم وقلوبهم ومعاملاتهم، وممَّا يذكره بكر بن عبد الله المُزنيِّ عن المؤمن أنَّه: "لا يكون تقيًّا حتى يكون نقيَّ الطمع نقيَّ الغضب". فلا يغضب إلا لله تعالى، ولا يطمع بشيءٍ من زينة الدنيا، وإنَّما يقصر طمعه لما عند الله من النعيم، فكلَّما رأى من جواذب الدنيا شيئاً تذكر أنَّ ما عند الله خيرٌ وأبقى، وكلَّما أغضبه شيءٌ من أمور الدنيا، تذكَّر أنها لا تستحق أن يغضب لها وهي زائلة، فهو في تنقيةٍ دائمةٍ لغضبه وطمعه وسلوكه ومعاملاته، حتى يبقى على التوحيد الخالص لله تعالى.
و من يتق الله يجعل له مخرجا من حيث لا يحتسب
إنَّهم يتظاهرون بالتقوى ولكنَّ قلوبهم مملوءةٌ بحبِّ غير الله، وقد اتَّخذوا أهواءهم آلهةً من دون الله، وكلُّ إناءٍ بما فيه ينضح.
وقد أخبر الله تعالى في كتابه: أنه يبتلي عباده بالحسنات والسيئات؛
فالحسنات هي النعم، والسيئات هي المصائب؛ ليكون العبد صَبَّارًا
شكورًا.
وفي الصحيح عـن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "والذي نفسي بيده! القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الطلاق - الآية 2. لا يقضي الله للمؤمن قضاءً
إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سـراء شكر،
فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا
له" .
___________________
المجلد السادس عشر
مجموع الفتاوي لابن تيمية
25
4
269, 750
و من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه
ثم يقول (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) الطلاق) فكل هذه ضمانات وتأمينات إن صح التعبير أن الله يؤمن لك تأميناً على الحياة وعلى الرزق وعلى النجاة لكن العجيب من الناس أنهم ينشغلون ويكدحون فيما ضمنه الله لهم! تجد الإنسان يبالغ ويستهلك حياته في طلب الرزق ويفرط في الفرائض ويفرط في السنن ويفرط فيما أُمر به من عبادة الله، نحن لا نقول انقطع في المسجد للعبادة واترك طلب الرزق، لا، لكن على الأقل توازن فأعط العبادة حقها والانقطاع لها وأعط الرزق حقه فلا تبالغ في الانقطاع للرزق على حساب دينك ولا تنقطع عن الدنيا بسبب الانقطاع للدين فتصبح عالة على الناس لكن بالرغم من ذلك لا يأتيك مهما كدحت ومهما تعبت إلا ما قدّره الله لك، ما اتقى الله فيه بارك الله له فيه. أن الشاهد التوازن في حياة المسلم هذه الآيات تأمر به وتدل عليه ولكن من هو الذي يوفق له إلا القليل.
ويجوز أن يكون كلاما جيء به على نهج الاستطراد، عند ذكر قوله تعالى: ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله... إلى آخره. فالمعنى: ومن يتق الله في كل ما يأتي وما يذر، يجعل له مخرجا ومخلصا من غموم الدنيا والآخرة، فيندرج فيه ما نحن فيه اندراجا أوليا. و من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه. عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قرأها، فقال: مخرجا من شبهات الدنيا، ومن غمرات الموت، ومن شدائد يوم القيامة. اهـ. وعلى كال حال: فإن الآية لا تقتضي أن حصول الرزق من الوجه الذي يحتسبه العبد عقوبة، وأنه ينافي التقوى والتوكل على الله! ولا تفيد أن حصول الرزق للعبد من وجه لا يحتسبه، دليل على تحقيقه للتقوى والتوكل! بل كل ما في الآية -على القول بعمومها- أن التقوى سبب لرزق العبد من أوجه لا يحتسبها ولا يقدرها، لا أن كل رزق يناله المتقي يكون من حيث لا يحتسب، ولا أن كل من رزق من حيث لا يحتسب، فهو متق لله! والله أعلم.
و من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث
يقول حجَّة الإسلام الغزالي: "العبادة شطران، اكتساب: وهو فعل الطاعات، واجتناب: وهو تجنُّب السيِّئات، وهو التقوى، وشطر الاجتناب أصلح وأفضل وأشرف للعبد من الاكتساب، يصومون نهارهم ويقومون ليلهم، واشتغل المنتبهون أولو البصائر بالاجتناب، إنَّما همَّتهم حفظ القلوب عن الميل لغيره تعالى، والبطون عن الفضول، والألسنة عن اللغو، والأعين عن النظر إلى ما لا يعنيهم". مراتب التقوى وحماية القلب والجوارح له ثلاث درجات، أو ما يطلق عليه الإمام ابن القيِّم بمراتب التقوى الثلاث، حيث يقول: "التقوى ثلاث مراتب: إحداها: حمية القلب والجوارح من الآثام والمحرَّمات. ومن يتق الله يجعل له مخرجا. الثانية: حميتها عن المكروهات. الثالثة: الحمية عن الفضول وما لا يعني. فالأولى: تعطي العبد حياته، والثانية تفيد صحَّته وقوَّته، والثالثة تكسبه سروره وفرحه وبهجته". الخطر الأكبر ومن حمى نفسه من هذه الأخطار، فقد حمى نفسه من الخطر الأكبر، وهو النار التي أمر الله تعالى في كتابه الكريم المؤمنين بالحماية من شرِّها حيث قال: "يا أيُّها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وَقودها الناس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون". وكذلك نتَّقي هذا الخطر الأكبر بالعمل الصالح، فهو السبب الرئيسيّ -بعد رحمة الله، وحماية القلب والجوارح من المعصية– في دخول الجنَّة، والابتعاد عن النار، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اتَّقوا النار ولو بشقِّ تمرة"رواه البخاري، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا"رواه البخاريُّ ومسلم.
تاريخ النشر: الأحد 5 جمادى الآخر 1440 هـ - 10-2-2019 م
التقييم:
رقم الفتوى: 391870
290869
0
76
السؤال
قبل أن يهديني الله، كنت إذا ابتغيت رزقا، سلكت سببا. وعندما يرقني هذا الرزق، يكون من نفس السبب الذي اتخذته، كأنه عقاب، أن يعلقني الله بالسبب. وبعد أن هداني الله، أصبحت أتخذ السبب مع التعلق بالله، ويرزقني من جهة أخرى تماما؛ فأزداد -بفضل الله- إيمانا، وتوكلا عليه. فهل هذا ما يقوله الله: "ومن يتق الله... ويرزقه من حيث لا يحتسب "؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}. وهذا الوعد بالمخرج والرزق من غير وجه الاحتساب، يحتمل أن يكون متعلقا بشأن الأزواج خاصة، ويحتمل أن يكون عاما في كل شؤون أهل التقوى. و من يتق الله يجعل له مخرجا من حيث لا يحتسب. قال البيضاوي: ( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ) جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق بالوعد على الاتقاء عما نهى عنه صريحاً أو ضمناً من الطلاق في الحيض، والإِضرار بالمعتدة وإخراجها من المسكن، وتعدي حدود الله، وكتمان الشهادة...... بأن يجعل الله له مخرجاً مما في شأن الأزواج من المضايق والغموم، ويرزقه فرجاً وخلفاً من وجه لم يخطر بباله.
وقد تقدم الكلام على مثل هذا التركيب عند قوله - تعالى - أفكلما جاءكم رسول في سورة البقرة. وجيء بقوله يأتيهم بصيغة المضارع لأن المراد حكاية أمنهم الذي مضى من إتيان بأس الله في مستقبل ذلك الوقت. [ ص: 23] وقوله أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون قرأه نافع ، وابن كثير. وابن عامر ، وأبو جعفر بسكون الواو على أنه عطف بحرف " أو " الذي هو لأحد الشيئين عطفا على التعجيب ، أي: هو تعجيب من أحد الحالين. وقرأه الباقون بفتح الواو على أنه عطف بالواو مقدمة عليه همزة الاستفهام ، فهو عطف استفهام ثان بالواو المفيدة للجمع ، فيكون كلا الاستفهامين مدخولا لفاء التعقيب ، على قول جمهور النحاة. أهل القرى هم أهل. وأما على رأي الزمخشري فيتعين أن تكون الواو للتقسيم ، أي تقسيم الاستفهام إلى استفهامين. وتقدم ذكر الرأيين عند قوله - تعالى - أفكلما جاءكم رسول في سورة البقرة. ( وبياتا) تقدم معناه ووجه نصبه عند قوله - تعالى - وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا في أول هذه السورة. والضحى بالضم مع القصر هو في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرق وارتفع ، وفسره الفقهاء بأن ترتفع الشمس قيد رمح ، ويرادفه الضحوة والضحو. والضحى يذكر ويؤنث ، وشاع التوقيت به عند العرب ومن قبلهم ، قال - تعالى - حكاية عن موسى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى.
أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
وقوله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون مترتب ومتفرع عن التعجيب في قوله أفأمنوا مكر الله لأن المقصود منه تفريع أن أهل القرى المذكورين خاسرون لثبوت أنهم أمنوا مكر الله ، والتقدير: أفأمنوا مكر الله فهم قوم خاسرون. وإنما صيغ هذا التفريع بصيغة تعم المخبر عنهم وغيرهم ليجري مجرى المثل ويصير تذييلا للكلام ، ويدخل فيه المعرض بهم في هذه الموعظة وهم المشركون الحاضرون ، والتقدير: فهم قوم خاسرون ، إذ لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. والخسران - هنا - هو إضاعة ما فيه نفعهم بسوء اعتقادهم ، شبه ذلك بالخسران وهو إضاعة التاجر رأس ماله بسوء تصرفه ، لأنهم باطمئنانهم إلى السلامة الحاضرة ، وإعراضهم عن التفكر فيما يعقبها من الأخذ الشبيه بفعل الماكر قد خسروا الانتفاع بعقولهم وخسروا أنفسهم. وتقدم قوله - تعالى - الذين خسروا أنفسهم في سورة الأنعام ، وقوله فأولئك الذين خسروا أنفسهم في أول هذه السورة. أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وتقدم أن إطلاق المكر على أخذ الله مستحقي العقاب بعد إمهالهم: أن ذلك تمثيل عند قوله - تعالى - ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين في سورة آل عمران. واعلم أن المراد بأمن مكر الله في هذه الآية هو الأمن الذي من نوع أمن أهل القرى المكذبين ، الذي ابتدئ الحديث عنه من قوله ( وما أرسلنا في قرية من نبيء إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) ثم قوله أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا الآيات ، وهو الأمن الناشئ عن تكذيب خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وعن الغرور بأن دين الشرك هو الحق فهو أمن [ ص: 25] ناشئ عن كفر.
ما هو أصل العرب - موضوع
كلنا يؤمن بقدرة الله المطلقة و قوته التي لا تعادلها قوة و بالرغم من ذلك معظمنا يبارزه بالمعاصي بل معظم الأرض يبارزه بالكفر البواح فنسبة المسلمين إلى الكافرين في الأرض هي الأقل. و السؤال العقلي الواضح: مع إيمان الجميع بقدرة الله و قوته خاصة أهل الإسلام فهل نأمن عقاب الله القادر صاحب القوى المطلقة مع معاصينا التي يشتكي منها أديم الأرض (شرك – ملابس فاضحة – فساد- استبداد – ظلم –ربا – سماع محرمات – مشاهدة محرمات – سفك دماء) ؟؟؟؟؟ و في ذات الوقت يعدنا سبحانه بخير عميم يغمرنا في الأرض و ينزل علينا من السماء حال حققنا تقواه و آمنا به و نصرناه. فهل عقلنا و تأملنا هذه المعادلة ؟؟؟ { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف 96 - 99].
أهل القرى هم أهل؟ أختار الاجابة الصحيحة - الشامل الذكي
تمكينهم من الدنيا إن آمنوا واتقوا
ﵟ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﱟ ﵞ
سورة الأعراف
ولو أن أهل هذه القرى التي أرسلنا إليها رسلنا صَدَّقُوا ما جاءتهم به رسلهم، واتقوا ربهم بترك الكفر والمعاصي وامتثال أوامره لفتحنا عليهم أبواب الخير من كل جهة، ولكنهم لم يصدقوا ولم يتقوا، بل كذبوا بما جاءت به رسلهم، فأخذناهم بالعذاب فجأة بسبب ما كانوا يكسبونه من الآثام والذنوب. المزيد
سنن الله أن يهلكوا بظلمهم وبطرهم وفسوقهم
ﵟ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﰃ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﰄ ﵞ
ما أكثر القرى التي أهلكناها بعذابنا لما أَصرَّت على كفرها وضلالها، فنزل عليها عذابنا الشديد في حال غفلتها ليلًا أو نهارًا، فلم يستطيعوا دفع العذاب عن أنفسهم، ولم تدفعه عنهم آلهتهم المزعومة. ﵟ ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ۖ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﱣ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ۖ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﱤ ﵞ
سورة هود
ذلك المذكور في هذه السورة من أخبار القرى نخبرك - أيها الرسول - به، من هذه القرى ما هو قائم المعالم، ومنها ما مُحِيَت معالمه، فلم يبق له أثر.
[٨]
ويروي أهل الأخبار والمؤرّخون أنّ مكة كانت المهد والموطن الأوّل لنسل إسماعيل؛ [٧] حيث أنجب فيها اثني عشر ابناً، هم: نابت، وقيذار، وأدبيل، وبسام، ومشمع، وذوما، ومسار، وحرّاه، وقيما، وبطور، ونافس، وقدما. [٨]
وقد كان نابت أكبرهم، كما كان نابت وقيذر الأكثر اشتهاراً في كتب العرب. ثمّ جاء من نسل إسماعيل عدنان، الذي يعتبره العدنانيّون جدّهم الأعلى، ومن أشهر أبنائه: معد، وعك، وقد اختلف الرُّواة والنسابون في عدد الآباء بين إسماعيل وعدنان، حيث قال بعضهم إنّهم أربعون، والبعض قال إنّهم عشرون، وآخرون ذكروا أنّهم خمسة عشر، وقد جاء النبي محمّد -عليه السّلام- من نسل عدنان، وتذكر الرّوايات أنّ موطن العدنانيّين هو تُهامة والتي تقع في مكة، إلا أنّ صعوبة ظروف العيش حملتهم على التفرّق والتشتّت في جميع أنحاء الجزيرة العربية، وصولاً إلى العراق وبلاد الشام. [٧]
المراجع ↑ عبد الرحمن بن خلدون (2001)، تاريخ ابن خلدون ، بيروت، لبنان: دار الفكر ، صفحة: 6-8، جزء: 2. بتصرّف. ↑ عبد الرحمن بن خلدون (2001)، تاريخ ابن خلدون ، بيروت، لبنان: دار الفكر ، صفحة: 16-17، جزء: 2. بتصرّف. ^ أ ب ت ث ج د. جواد علي (1993)، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (الطبعة الثانية)، بيروت، لبنان: بيروت، صفحة: 135-138، جزء: 1.