وتبين الصفة الثانية صورة هذا الإنسان بشكل أوضح فهو يقحم نفسه في أعمال غيره عساه يخرج بنصيب من المدح والثناء من الناس. إذاً فالصفتان متلازمتان تثمران لنا هذا الصنف المذموم من الناس والصفتان نابعتان من داء الأنانية وحب الذات دون نظر لأي اعتبار آخر لذلك فمثل هذا الصنف مشغول بالحديث عن نفسه وتمجيدها وجلب المديح لها ولذلك فهومهدد بالسقوط والتخلف عن ركب الإيمان، وهؤلاء ليسوا بمفازة من العذاب، أي بمنأى عن جهنم وقانا الله والمسلمين منها وإذا استمروا فيما هم فيه سقطوا في العذاب « ولهم عذاب أليم». وفي الآية درس للمؤمنين حتى لا يضعوا أنفسهم في غير موضعها. ولنا في قصة الصحابي الجليل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نموذج حي للمسلم الحق عندما استحلف الصحابي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قائلا: هل عدَّني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المنافقين؟ خليفة رسول الله شهد له بالجنة وهو الذي ما سلك فجّاً إلا سلك الشيطان فجّاً آخر ويخشى أن يكون معدوداً مع المنافقين فلم يزك نفسه وقد زكاه الله سبحانه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حينما شهد له بالجنة. قال تعالى:« ولله مافي السموات ومافي الأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى».
لا تزكوا أنفسكم - موقع مقالات إسلام ويب
ومنه قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - إن المرأة خلقت من ضلع أعوج. وقوله وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم يختص بسعة المغفرة والرفق بهذه الأمة وهو مقتضى قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. والأجنة: جمع جنين ، وهو نسل الحيوان ما دام في الرحم ، وهو فعيل بمعنى مفعول ؛ لأنه مستور في ظلمات ثلاث. [ ص: 125] و في بطون أمهاتكم صفة كاشفة إذ الجنين لا يقال إلا على ما في بطن أمه. وفائدة هذا الكشف أن فيه تذكيرا باختلاف أطوار الأجنة من وقت العلوق إلى الولادة ، وإشارة إلى إحاطة علم الله تعالى بتلك الأطوار. وجملة فلا تزكوا أنفسكم اعتراض بين جملة هو أعلم بكم وجملة أفرأيت الذي تولى إلخ ، والفاء لتفريع الاعتراض ، وهو تحذير للمؤمنين من العجب بأعمالهم الحسنة عجبا يحدثه المرء في نفسه أو يدخله أحد على غيره بالثناء عليه بعمله. و تزكوا مضارع زكى الذي هو من التضعيف المراد منه نسبة المفعول إلى أصل الفعل نحو جهله ، أي: لا تنسبوا لأنفسكم الزكاة. فقوله: أنفسكم صادق بتزكية المرء نفسه في سره أو علانيته فرجع الجمع في قوله فلا تزكوا إلى مقابلة الجمع بالجمع التي تقتضي التوزيع على الآحاد مثل: ركب القوم دوابهم.
«فلا تزكوا أنفسكم» - بوابة الأهرام
الألوسي، وكما عن الحسن: فلا تزكوا أنفسكم ، لا تُبرِّءوها عن الآثام، ولا تمدحوها بحُسن أعمالها. وقال لما كان المقصد بلفظ تزكية النفس يأتى على حسب مايرد به السياق؛ فتارة أتى القرآن بوصف الفلاح لمن زكّى نفسه، بمعني: أعمل فيها التزكية والتطهير، وتارة أتى بالنهى عن وصفها بهذا الزكاء والطهر؛ تحتّم أن نرجع إلى سياق الآيات فنفهم مراد الله سبحانه بهذا النهى فى سياقه، بدايته عند قوله (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَي) { النجم: 31} ، فالمحسنون لهم جزاؤهم عند الله تعالى بالحسني، أي: بالمثوبة الحسنى التى هى الجنة. الوسيط للإمام سيد طنطاوي، على عكس أولئك المسيئين الذين كان جزاؤهم وفاقا لسوئهم؛كان حال هؤلاء المحسنين لما وصفهم الله به من أنهم يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وهى الذنوب الكبيرة العظيمة واضحة الحرمة والفواحش التى ترتبت عليها العقوبة فى هذه الشريعة مثل الزنا، إلا أنهم يقع منهم اللمم وهو صغائر الذنوب أو الذنوب التى لا يعتادها الإنسان بل بين كل فتره وفتره يقع فى ذنب من الذنوب الصغاروهو مجتنب للكبائر ولو وقع فى كبيرة كان على سبيل الزلة ويندم عليه ولا يعود. وتابع: على هذا النحو اختلف العلماء فى تعريف اللمم هل يقتصر على الصغائر فقط أم كل الذنوب التى قد يفعلها الإنسان غير مصرّ عليها ولا يعاودها، عقّب سبحانه بقوله (إن ربك واسع المغفرة) فكَوْن الإنسان ظاهره أنه طاهر من الذنوب وفى مكانة الطاعة بين الناس ويأتى بعد ذلك يوم القيامة وهو مقدم فى المحسنين فهذا ليس راجعا إليه بل راجع لمغفرة الله تعالى له، على وفق ما جاء فى قوله تعالي: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) { النساء: 31}.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النساء - الآية 49
وهذا سفيان الثورى فى الحديث يقول وهو فى نهاية حياته «ليتنى أنقلب منه أى علم الحديث لا لى ولا علي» لم يمدح نفسه ولم يقل قدمت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا وإنما ترك حظ نفسه ولم يشبعها وأهملها فلم يزكها رضى الله عنه. ويقول يحيى بن معين عن الإمام أحمد ما رأيت مثل أحمد بن حنبل صحبته خمسين سنة ما افتخر علينا بشيء مما كان فيه من الصلاح والخير وكان يقول دائما نحن قوم مساكين. يقول: وقد رأينا الإمام أحمد نزل إلى سوق بغداد فاشترى حزمة من الحطب فجعلها على كتفه، فلما عرفه الناس ترك أهل المتاجر متاجرهم، وأهل الدكاكين دكاكينهم، وتوقف المارة فى طريقهم يسلمون عليه ويقولون نحن نحمل عنك الحطب فهز يده واحمر وجهه ودمعت عيناه وقال نحن قوم مساكين لولا ستر الله لافتضحنا رحم الله الإمام أحمد وبارك لنا فى سير الأئمة الأعلام.
لا تزكوا أنفسكم - الشبكة الإسلامية - طريق الإسلام
ثم قال تعالى: ( ولا يظلمون فتيلا) أي: ولا يترك لأحد من الأجر ما يوازن مقدار الفتيل. قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد من السلف: هو ما يكون في شق النواة. وعن ابن عباس أيضا: هو ما فتلت بين أصابعك. وكلا القولين متقارب.
لقد نهت الآية الكريمة السابقة عن التشدق بتزكية النفس بالقول ورغبت في تزكية النفس بالعمل الصالح الخالص لوجه الله دونما منَّة. فبالعمل الصالح ترتفع النفس وترقى إلى الدرجات العالية، وبضده تنحط الى أسفل مدارك الهوان، قال تعالى: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون». وقال تعالى:« قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى»
فتزكية النفس بالعمل تؤدي الى الفلاح أما باللسان أو الادعاء فتؤدي الى الهلاك والدمار ولذا رسمت الآية طريق التزكية فهو ذكر الله وتسبيحه والاقبال عليه سبحانه بالصلاة. والتزكية الحقيقية اتصال دائم بالله في السر والعلن في الصحة والمرض وفي كل أمور الحياة وليست إعجاباً بالذات وعبادة للنفس من دون الله. وإن المتتبع والناظر في المعاني العظيمة التي وردت في الآيات السابقة التي تنهى عن تزكية النفس ودعوى التقوى والنزول في منزلة لا يستحقها الإنسان ولقد توعد الله عباده الذين يزكون أنفسهم قولاً لا عملاً بالعذاب العظيم والخسارة الفادحة في الآخرة وبين سبحانه أنه أعلم منا بنفوسنا وهو وحده القادر على رفعها لتسمو وترتفع الى المكانة العالية والدرجات الرفيعة وهو أيضا القادر على تنزيلها وإذلالها والهبوط بها الى أسفل درجات الهوان.
وأضاف أما سنة النبى صلى الله عليه وسلم فحافلة بالأحاديث والمواقف التى تنهى عن تزكية النفس. فقد كان النبى -صلى الله عليه وسلم يقول فى فاتحة خطبه: «ونعوذ بالله من شرور أنفسنا» ، فقد روى الإمام الطبرانى والبزار بسند حسن عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» فنعوذ بالله من التعالى والأنفة، وتزكية النفس وكل هذه الأمراض المقيتة التى تسد عنا رحمة الله تعالى ومغفرته ، وعن خالد الحذاء عن عبدالرحمن بن أبى بكرة، عن أبيه قال:أثنى رجل على رجل عند النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: «ويلك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك». مرارا ثم قال: «من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكى على الله أحدا أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه». وهذا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه الذى ملأ الدنيا عدلا وقسطا والذى بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة الذى كان إذا سلك طريقا سلك الشيطان طريقا غير طريقه،والذى كان ينزل القرآن موافقا لرأيه وكلامه. يقول أبو موسى الأشعرى قال لى عمر بن الخطاب يوما: هل يسرك أن إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وشهادتنا وعملنا كله يرد علينا لقاء أن ننجو كفافا لا لنا ولا علينا فيجيبه أبو موسى قائلا لا والله يا عمر فلقد جاهدنا وصمنا وصلينا وعملنا خيرا كثيرا وإنا لنرجوا ثواب ذلك فيقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه ودموعه تنحدر من عينيه أما أنا فوالذى نفس عمر بن الخطاب بيده لوددت أن ذلك يرد علي، ثم أنجوا كفافا رأسا برأس.
فأَرى من نفسه: أنه أصمُّ، فسرَّت المرأة بذلك، وقالت: إنه لم يسمع الصوت، فغلب عليه اسم الصمم. » [4]
أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي ، رحمه الله، قال: سمعت أبا علي ّسعيد بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت خالي محمد بن الليث يقول: سمعت حامداً اللقاف يقول: سمعت حاتماً الأصم َّ يقول: « ما من صباح إلا والشيطان يقول لي: ماذا تأكل؟ وماذا تلبس؟ وأين تسكن؟ فأقول له، آكل الموت، وألبس الكفن، وأسكن القبر. » [4]
وبإسناده قيل له: « ألا تشتهي؟ فقال: أشتهي عافية يوم إلى الليل. من هو محمد ناجي الاصم. فقيل له: أليست الأيام كلها عافية؟ فقال: إن عافية يومي، أن لا أعصي االله فيه. » [4]
وحكي عن حاتم الأصمَّ ، أنه قال: « كنت في بعض الغزوات، فأخذني شخص فأضجعني للذبح فلم يشتغل به قلبي، بل كنت أنظر ماذا يحكم الله تعالى فيَّ. فبينما هو يطلب السكين من حقِّه أصابه سهم غرْب. فقتله، وطرحه عني فقمت. ً » [4]
سمعت عبد الله بن يوسف الأصبحاني يقول: سمعت أبا نصر منصور ابن محمد بن إبراهيم الفقي يقول: سمعت أبا محمد جعفر بن محمد بن نصير يقول: روي عن حاتم أنه قال: « من دخل في مذهبنا هذا فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت: موتاً أبيض، وهو الجوع.
حاتم الأصم - ويكيبيديا
حاتم الأصم
الزاهد القدوة الرباني ، أبو عبد الرحمن ، حاتم بن عنوان بن يوسف [ ص: 485] البلخي الواعظ الناطق بالحكمة ، الأصم ، له كلام جليل في الزهد والمواعظ والحكم ، كان يقال له: لقمان هذه الأمة. روى عن: شقيق البلخي ، وصحبه ، وسعيد بن عبد الله الماهياني ، وشداد بن حكيم ، ورجاء بن محمد وغيرهم ، ولم يرو شيئا مسندا فيما أرى. روى عنه: عبد الله بن سهل الرازي ، وأحمد بن خضرويه البلخي ، ومحمد بن فارس البلخي ، وأبو عبد الله الخواص ، وأبو تراب النخشبي ، وحمدان بن ذي النون ، ومحمد بن مكرم الصفار ، وآخرون. حاتم الأصم - ويكيبيديا. واجتمع بالإمام أحمد ببغداد. قيل له: على ما بنيت أمرك في التوكل ؟ قال: على خصال أربعة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري ، فاطمأنت به نفسي ، وعلمت أن عملي لا يعمله غيري ، فأنا مشغول به ، وعلمت أن الموت يأتي بغتة ، فأنا أبادره ، وعلمت أني لا أخلو من عين الله ، فأنا مستحي منه. وعنه: من أصبح مستقيما في أربع فهو بخير: التفقه ، ثم التوكل ، ثم الإخلاص ، ثم المعرفة. وعنه: تعاهد نفسك في ثلاث: إذا عملت ، فاذكر نظر الله إليك ، وإذا تكلمت ، فاذكر سمع الله منك ، وإذا سكت ، فاذكر علم الله فيك. قال أبو تراب: سمعت حاتما يقول: لي أربعة نسوة ، وتسعة أولاد ، ما طمع شيطان أن يوسوس إلي في أرزاقهم.
الفرق بين مصطلح الصم والبكم... وتمكين الصم اجتماعياً - صحيفة الوطن
[ ص: 487]
قال الخطيب: أسند حاتم بن عنوان الأصم ، عن شقيق ، وسمى جماعة. ويروى عنه قال: أفرح إذا أصاب من ناظرني ، وأحزن إذا أخطأ. من هو الاصمعي. وقيل: إن أحمد بن حنبل خرج إلى حاتم ، ورحب به ، وقال له: كيف التخلص من الناس ؟ قال: أن تعطيهم مالك ، ولا تأخذ من مالهم ، وتقضي حقوقهم ، ولا تستقض أحدا حقك ، وتحتمل مكروههم ، ولا تكرههم على شيء ، وليتك تسلم. وقال أبو تراب: سمعت حاتما يقول: المؤمن لا يغيب عن خمسة: عن الله ، والقضاء ، والرزق ، والموت ، والشيطان. وعن حاتم قال: لو أن صاحب خبر جلس إليك ، لكنت تتحرز منه ، وكلامك يعرض على الله فلا تحترز!. قلت: هكذا كانت نكت العارفين وإشاراتهم ، لا كما أحدث المتأخرون من الفناء والمحو و الجمع الذي آل بجهلتهم إلى الاتحاد ، وعدم السوى. قال أبو القاسم بن منده ، وأبو طاهر السلفي: توفي حاتم الأصم - رحمه الله - سنة سبع وثلاثين ومائتين.
الحياة اليوم - كلير غايث : الأصم هو الذي لا يسمع وبالتالي لا يتكلم - Youtube
ولا بد لنا هنا من الإشارة إلى أن الأصم قادر على العطاء والعمل والإنجاز كباقي أفراد المجتمع خاصةً إذا ما هيأنا له الإمكانات ومنحناه الثقة و قدمنا له الفرص المناسبة، فمنهم من وصل إلى أعلى المراتب ونال أعلى الشهادات.
وموتاً أسود، وهو: إحتمال الأذى من الخلق. وموتاً أحمر، وهو: العمل الخالص من الشوْب في مخالفة الهوى. وموتاً أخضر، وهو: طرح الرقاع بعضها على بعض. » [4]
مصادر [ عدل]
بوابة أعلام
هذه بذرة مقالة عن عالم عقيدة بحاجة للتوسيع. فضلًا شارك في تحريرها.