الثاني: أنها لإفراط حرها تتقد في الحجر. لما أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على أصحابه فخر فتى مغشيا عليه ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده ، فإذا هو يتحرك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فتى قل: لا إله إلا الله.
- تفسير: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة)
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - الآية 24
تفسير: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة)
ثم وصف جل ثناؤه النارَ التي حَذرهم صِلِيَّها فأخبرهم أنّ الناس وَقودها, وأن الحجارة وَقُودها, فقال: " التي وَقودها الناس والحجارة " ، يعني بقوله: " وَقُودُها " حَطبها, والعرب تَجعله مصدرًا وهو اسم، إذا فتحت الواو، بمنـزلة الحطب. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - الآية 24. فإذا ضَمت الواو من " الوقود " كان مصدرًا من قول القائل: وَقدَت النارُ فهي تَقِد وُقودًا وقِدَة ووَقَدانًا وَوقْدًا, يراد بذلك أنها التهبتْ. فإن قال قائل: وكيف خُصَّت الحجارة فقرنت بالناس، حتى جعلت لنار جهنم حَطبًا؟ ص [1-381] قيل: إنها حجارةُ الكبريت, وهي أشد الحجارة -فيما بلغنا- حرًّا إذا أحميت. 503- كما حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو معاوية, عن مسعر, عن عبد الملك بن مَيسرة الزرَّاد, عن عبد الرحمن بن سَابط, عن عمرو بن ميمون, عن عبد الله بن مسعود، في قوله: " وقُودها الناس والحجارة " ، قال: هي حجارة من كبريت، خَلقها الله يومَ خلق السموات والأرض في السماء الدنيا، يُعدّها للكافرين. 504- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أنبأنا عبد الرزّاق, قال: أنبأنا ابن عُيينة, عن مِسعر، عن عبد الملك الزرَّاد، عن عمرو بن ميمون, عن ابن مسعود في قوله: " وقودها الناسُ والحجارة " ، قال: حجارة الكبريت، جعلها الله كما شاء (175).
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - الآية 24
الحمد لله. أولًا:
ذكر الله تعالى أنواعًا من العذاب في النار - أعاذنا الله منها - ، ومن عذابها: أن جعل الناس والحجارة وقودًا لها ، بمنزلة الحطب. فأما كون الناس وقودًا لها فلأنهم أهلها وسكانها - عياذًا بالله -. تفسير: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة). وأما الحجارة فقد ذكر العلماء في وجه تخصيصها أمورًا منها:
1- أنها نوع من الحجارة التي تساعد على الاشتعال ، زيادة في العذاب. 2- أو أنها الأصنام ، لأن أغلبها كان من الحجارة. انظر: "تفسير البغوي" (1/ 73)، "زاد المسير" (1/ 45). قال "ابن كثير" في "التفسير" (1/ 201): "وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ: أَمَّا الوَقُود، بِفَتْحِ الْوَاوِ، فَهُوَ مَا يُلْقَى فِي النَّارِ لِإِضْرَامِهَا كَالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ، كَمَا قَالَ: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [الْجِنِّ: 15]، وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: 98]. وَالْمُرَادُ بِالْحِجَارَةِ هَاهُنَا: هِيَ حِجَارَةُ الْكِبْرِيتِ الْعَظِيمَةُ السَّوْدَاءُ الصَّلْبَةُ الْمُنْتِنَةُ، وَهِيَ أَشَدُّ الْأَحْجَارِ حَرًّا إِذَا حَمِيَتْ، أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْهَا "، انتهى.
ولهذا قال تعالى: ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) الآية [ الأعراف: 157] ، وإن جاءت الآيات في وصف المعاد وما فيه من الأهوال وفي وصف الجنة والنار وما أعد الله فيهما لأوليائه وأعدائه من النعيم والجحيم والملاذ والعذاب الأليم ، بشرت به وحذرت وأنذرت ؛ ودعت إلى فعل الخيرات واجتناب المنكرات ، وزهدت في الدنيا ورغبت في الأخرى ، وثبتت على الطريقة المثلى ، وهدت إلى صراط الله المستقيم وشرعه القويم ، ونفت عن القلوب رجس الشيطان الرجيم. فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة. ولهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة لفظ مسلم. وقوله: وإنما كان الذي أوتيته وحيا أي: الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر أن يعارضوه ، بخلاف غيره من الكتب الإلهية ، فإنها ليست معجزة [ عند كثير من العلماء] والله أعلم. وله عليه الصلاة والسلام من الآيات الدالة على نبوته ، وصدقه فيما جاء به ما لا يدخل تحت حصر ، ولله الحمد والمنة.