المسألة الرابعة: ( مثنى وثلاث ورباع) معناه: اثنين اثنين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا ، وهو غير منصرف ، وفيه وجهان:
الأول: أنه اجتمع فيها أمران: العدل والوصف ، أما العدل فلأن العدل عبارة عن أنك تذكر كلمة وتريد بها كلمة أخرى ، كما تقول: عمر وزفر وتريد به عامرا وزافرا ، فكذا ههنا تريد بقولك: مثنى: ثنتين ثنتين فكان معدولا. وأما أنه وصف ، فدليله قوله تعالى: ( أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع) [ فاطر: 1] ولا شك أنه وصف. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٤ - الصفحة ١٦٧. الوجه الثاني في بيان أن هذه الأسماء غير منصرفة: أن فيها عدلين ؛ لأنها معدولة عن أصولها كما بيناه ، وأيضا أنها معدولة عن تكررها ، فإنك لا تريد بقولك: مثنى ثنتين فقط ، بل ثنتين ثنتين ، فإذا قلت: جاءني اثنان أو ثلاثة كان غرضك الإخبار عن مجيء هذا العدد فقط ، أما إذا قلت: جاءني القوم مثنى أفاد أن ترتيب مجيئهم وقع اثنين اثنين ، فثبت أنه حصل في هذه الألفاظ نوعان من العدد فوجب أن يمنع من الصرف ، وذلك لأنه إذا اجتمع في الاسم سببان أوجب ذلك منع الصرف ، لأنه يصير لأجل ذلك نائبا من جهتين ، فيصير مشابها للفعل فيمتنع صرفه ، وكذا إذا حصل فيه العدل من جهتين فوجب أن يمنع صرفه والله أعلم. المسألة الخامسة: قال أهل التحقيق: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء) لا يتناول العبيد ، وذلك لأن الخطاب إنما يتناول إنسانا متى طابت له امرأة قدر على نكاحها ، والعبد ليس كذلك بدليل أنه لا يتمكن من النكاح إلا بإذن مولاه ، ويدل عليه القرآن والخبر ، أما القرآن فقوله تعالى: ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء) [ النحل: 75] فقوله: ( لا يقدر على شيء) ينفي كونه مستقلا بالنكاح ، وأما الخبر فقوله عليه الصلاة والسلام: " أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر " فثبت بما ذكرناه أن هذه الآية لا يندرج فيها العبد.
- تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٤ - الصفحة ١٦٧
- موقع هدى القرآن الإلكتروني
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النساء - الآية 3
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٤ - الصفحة ١٦٧
سورة النساء الآية رقم 3: قراءة و استماع
قراءة و استماع الآية 3 من سورة النساء مكتوبة - عدد الآيات 176 - An-Nisā' - الصفحة 77 - الجزء 4. ﴿ وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُواْ فِي ٱلۡيَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَلَّا تَعُولُواْ ﴾ [ النساء: 3]
Your browser does not support the audio element. ﴿ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ﴾
قراءة سورة النساء
( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا). أما قوله تعالى: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا). ففيه مسائل:
المسألة الأولى: قال أصحاب الظاهر: النكاح واجب ، وتمسكوا بهذه الآية ، وذلك ؛ لأن قوله ( فانكحوا) أمر ، وظاهر الأمر للوجوب ، وتمسك الشافعي في بيان أنه ليس بواجب بقوله تعالى: ( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم) [ النساء: 25] إلى قوله: ( ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم) [ النساء: 25] فحكم تعالى بأن ترك النكاح في هذه الصورة خير من فعله ، وذلك يدل على أنه ليس بمندوب ، فضلا عن أن يقال: إنه واجب. موقع هدى القرآن الإلكتروني. المسألة الثانية: إنما قال: ( ما طاب) ولم يقل: من طاب لوجوه:
أحدها: أنه أراد به الجنس تقول: ما عندك ؟ فيقول رجل أو امرأة ، والمعنى ما ذلك الشيء الذي عندك ، وما تلك الحقيقة التي عندك. وثانيها: أن ( ما) مع ما بعده في تقدير المصدر ، وتقديره: فانكحوا الطيب من النساء. وثالثها: أن " ما " و " من " ربما يتعاقبان.
موقع هدى القرآن الإلكتروني
طاب لكم مثنى وثلاث ورباع. فالشرطية أعني قوله إن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء في معنى قولنا إن لم تطب لكم اليتامى للخوف من عدم القسط فلا تنكحوهن وانكحوا نساءا غيرهن فقوله فانكحوا ساد مسد الجزاء الحقيقي وقوله ما طاب لكم يغني عن ذكر وصف النساء أعني لفظ غيرهن وقد قيل ما طاب لكم ولم يقل من طاب لكم إشارة إلى العدد الذي سيفصله بقوله مثنى وثلاث إلخ ووضع قوله إن خفتم أن لا تقسطوا موضع عدم طيب النفس من وضع السبب موضع المسبب مع الاشعار بالمسبب في الجزاء بقوله ما طاب لكم هذا. وقد قيل في معنى الآية أمور أخر غير ما مر على ما ذكر في مطولات التفاسير وهي كثيرة منها أنه كان الرجل منهم يتزوج بالأربع والخمس وأكثر ويقول ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان فإذا فنى ماله مال إلى مال اليتيم الذي في حجره فنهاهم الله عن أن يتجاوزوا الأربع لئلا يحتاجوا إلى أخذ مال اليتيم ظلما. ومنها أنهم كانوا يشددون في أمر اليتامى ولا يشددون في أمر النساء فيتزوجون منهن عددا كثيرا ولا يعدلون بينهن فقال تعالى إن كنتم تخافون أمر اليتامى فخافوا في النساء فانكحوا منهن واحدة إلى أربع. ومنها أنهم كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى وأكل أموالهم فقال سبحانه إن كنتم تحرجتم من ذلك فكذلك تحرجوا من الزنا وانكحوا ما طاب لكم من النساء ومنها أن المعنى إن خفتم أن لا تقسطوا في اليتيمة المرباة في حجوركم فانكحوا ما طاب لكم من النساء مما أحل لكم من يتامى قرباتكم مثنى وثلاث ورباع.
وقال أبو حاتم: كان الشافعي رضي الله عنه أعلم بلسان العرب منا ولعله لغة ، ويقال: هي لغة حمير ، وقرأ طلحة بن مصرف ( " أن لا تعيلوا... ") وهي حجة لقول الشافعي رضوان الله عليه.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النساء - الآية 3
ومنها أن المعنى إن كنتم تتحرجون عن مواكلة اليتامى فتحرجوا من الجمع بين النساء وأن لا تعدلوا بينهن ولا تتزوجوا منهن إلا من تأمنون معه الجور فهذه وجوه ذكروها لكنك بصير بأن شيئا منها لا ينطبق على لفظ الآية ذاك الانطباق فالمصير إلى ما قدمناه. قوله تعالى مثنى وثلاث ورباع بناء مفعل وفعال في الاعداد تدلان على تكرار المادة فمعنى مثنى وثلاث ورباع اثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا ولما
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172...
»
»»
وَفِيهَا آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَالتَّيَمُّمُ شرع يَوْم غزَاة
الْمُرَيْسِيعِ سَنَةَ خَمْسٍ ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ. فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ
نُزُولَ سُورَةِ النِّسَاءِ كَانَ فِي حُدُودِ سَنَةِ سَبْعٍ " انتهى. فيترجح بذلك زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ميمونة رضي الله عنها بعد نزول هذه
الآية.