وقال ابن كثير رحمه الله:
" قَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ بِالْإِخْبَارِ عَنْ حَالِ السَّائِلِ وَاحْتِيَاجِهِ،
كَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ
خَيْرٍ فَقِيرٌ) " انتهى من " تفسير ابن كثير " (1/ 136)
وهذا إنما يكون من تضرع العبد ، وإظهار ذله ومسكنته بين يدي ربه ، يعلم أنه فقير
إليه ، وأنه هو القادر على أن يغنيه بفضله عمن سواه ، فيتوسل إليه بفقره إليه ،
وكمال غنى ربه.
" وَصْفُ الْحَاجَةِ وَالِافْتِقَارِ: هُوَ سُؤَالٌ بِالْحَالِ، وَهُوَ أَبْلَغُ
مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ. وَذَلِكَ [أي: السؤال بالمقال] أَظْهَرُ مِنْ
جِهَةِ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (10/ 246). فضل قول تعالى : رب أني لما أنزلت غلي من خير فقير ... ولا بأس أن يدعو العبد
المسلم بذلك في قضاء حاجاته ؛ لأنه توسل إلى الله تعالى بالفقر إليه ، وهو وصف ذاتي
للعبد ، وبغنى ربه ، وهو وصف ذاتي للرب ، فهذا التوسل يناسب الرغبة فيما عند الله
من الخير والبركة. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
" النوع الخامس - أي: من أنواع التوسل المشروع-: أن يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله؛
يعني أن الداعي يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله وما هو عليه من الحاجة، ومنه قول
موسى عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ
فَقِيرٌ) يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله أن ينزل إليه الخير " انتهى من " مجموع
فتاوى ورسائل العثيمين " (2/ 337).
ربي اني لما انزلت الي من خير فقير
أسرار رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير - YouTube
ربي اني لما انزلت الي من خير فقير 1000 مرة
سار موسى نحو الماء، وسقى لهما الغنم ، وكان الرعاة قد وضعوا على فم البئر بعد أن انتهوا منها صخرة ضخمة لا يستطيع أن يحركها غير عدد من الرجال، فرفع موسى الصخرة وحده، وسقى لهما الغنم وأعاد الصخرة إلى مكانها، وتركهما وعاد يجلس تحت ظل الشجرة. "ثم تولى إلى الظل" ويظهر من الآية أن الشمس كانت ملتهبة ولهذا بادر موسى إلى الظل مباشرة ، وهذا يدل على كمال خلق موسى عليه السلام في خدمته للفتاتين في شدة الحردون أن ينتظر منهما أجرا. وناجى ربه قائلا: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
عادت الفتاتان إلى أبيهما فقال متسائلا: عدتما اليوم سريعا على غير العادة؟! قالت إحداهما: تقابلنا مع رجل كريم سقى لنا الغنم. فقال الأب لابنته: اذهبي إليه وقولي له: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا). ذهبت إحدى الفتاتين إلى موسى وأبلغته الرسالة، فنهض موسى معها حتى وصلا إلى الأب ، وبعض المفسرين يقول إن هذا الشيخ هو النبي شعيب عمّر طويلا بعد موت قومه، وقيل إنه ابن أخي شعيب، وقيل ابن عمه، وقيل رجل مؤمن من قوم شعيب الذين آمنوا به. رب اني لما انزلت الي من خير فقير تفسیر. والله أعلم بالصواب. سأل الشيخ موسى من أين قدم وإلى أين سيذهب وما قصته؟ فحدثه موسى عن قصته وما جرى له.
وهو غريب في هذا المكان، وليس له مطعم ولا مأوى، ومع ذلك لم يسأل ربه لا أمنًا، ولا مأوى ولا طعامًا ولا مؤنسًا!