تجهيز الامام ودفنه
12:07 PM
9 / 5 / 2016
2300
المؤلف:
باقر شريف القرشي
المصدر:
موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة:
ج11, ص268. قام الإمام الزكي الحسن (عليه السلام) مع اخوته فغسّلوا الجسد الطاهر وطيّبوه بالحنوط الذي جاء به جبرئيل وأدرجوه في أكفانه وهم يذرفون أحرّ الدموع ولمّا حلّ الهزيع الأخير من الليل حملوا الجثمان المقدّس ومعهم كوكبة من خيار المؤمنين فدفنوه في النجف الأشرف حيث مقرّه الآن وقد واروا معه العلم والتقى والجهاد وببركته أصبحت النجف الأشرف أعظم جامعة دينية في العالم الإسلامي قد تخرّج منها أئمّة الفقه والبلاغة والبيان. ورجع الإمام الحسن (عليه السلام) مع بقيّة اخوانه إلى بيوتهم وهم غارقون في الأسى والشجون.
ومضات من حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام
ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك ؟. قال محمد: بلى، فأجابه الإمام(عليه السلام): سمعت أباك يقول يوم البصرة: من أحبّ أن يبرّني في الدنيا والآخرة فليبرّ محمداً، يا محمد بن علي! وفاه الامام الحسن بن علي بن. لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك، يا محمد بن علي! أما علمت أن الحسين بن علي بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسدي إمام بعدي ، وعند الله في الكتاب الماضي وراثة النبيّ(صلى الله عليه وآله و سلم) أصابها في وراثة أبيه وأمه ؟ علم الله أنّكم خير خلقه فاصطفى منكم محمداً ، واختار محمد علياً ، واختارني عليّ للإمامة، واخترت أنا الحسين. فانبرى إليه (محمّد) مظهراً له الطاعة والانقياد. -إلى الرفيق الأعلى: وثقل حال الإمام(عليه السلام) واشتدّ به الوجع فأخذ يعاني آلام الاحتضار، فعلم أنّه لم يبق من حياته الغالية إلاّ بضع دقائق فالتفت إلى أهله قائلاً:أخرجوني إلى صحن الدار أنظر في ملكوت السماء، فحملوه إلى صحن الدار ، فلمّا استقرّ به رفع رأسه إلى السماء وأخذ يناجي ربّة ويتضرع إليه قائلاً: اللّهم إنّي أحتسب عندك نفسي ، فإنّها أعزّ الأنفس عليَّ لم أصب بمثلها ، اللّهم آنس صرعتي ، وآنس في القبر وحدتي. ثم حضر في ذهنه غدر معاوية به ، ونكثه للعهود ، واغتياله إيّاه فقال: لقد حاقت شربته ، والله ما وفى بما وعد ، ولا صدق فيما قال.
وجاء في رواية الصدوق في الإكمال بسنده إلى أبي الأديان أنه قال:
كنت أخدم الحسن بن عليّ (ع)، وأحمل كتبه إلى الأمصار، فدخلت إليه في علته التي توفي
فيها، فكتب كتباً وقال: تمضي بها إلى المدائن. فخرجت بالكتب وأخذت جواباتها، ورجعت
إلى سرّ من رأى يوم الخامس عشر، فإذا أنا بالواعية في داره، وجعفر بن عليّ بباب
الدار، والشيعة حوله يعزّونه ويهنّئونه، فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد حالت
الإمامة. ومضات من حياة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام. ثم خرج عقيد الخادم، فقال: يا سيدي، قد كفن أخوك، فقم للصلاة عليه. فدخل
جعفر والشيعة من حوله، فلما صرنا بالدار، وإذا نحن بالحسن بن علي على نعشه، فتقدّم
جعفر ليصلّي عليه، فلما همّ بالتكبير، خرج صبي بوجهه سمرة، وبشعرة قطط، وبأسنانه
تفليج، فجذب رداء جعفر بن عليّ وقال: تأخّر يا عم، أنا أحقّ منك بالصلاة على أبي. فتأخر جعفر، وقد اربدّ وجهه، فتقدّم الصبيّ، فصلّى عليه، ودفن إلى جانب قبر أبيه،
حيث مشهدهما كعبة للوافدين، وملاذ لشيعة أهل البيت، يتبركون به، ويتوسّلون الى الله
سبحانه بحرمة من دفن في ثراه، أن يدخلهم في رحمته، ويجمعهم على الحقّ والهدى،
ويوفّقهم للسّير على خطى أهل البيت الّذين اذهب الله عنهم الرّجس وطهَّرهم تطهيراً.