أي: على صورة آدم عليه السلام، وقد جاء ذلك صراحة في الحديث السابق لأبي هريرة بلفظ: « خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعاً» متفق عليه.. فإذا شتم المسلم أخاه وقال له: " قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك " شمل الشتم آدم أيضاً؛ فإن وجه المشتوم يشبه وجه آدم، والله خلق آدم على هذه الصورة التي نشاهدها في ذريته، إلا أن الفرق أن آدم خلقه الله بيده، ولم يمر بالأدوار والأطوار التي يمر بها بنوه، وإنما خلقه من تراب. قال تعالى في أول سورة المؤمنون: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين}. ان الله خلق ادم على صورته. اذن هذا الحدبث " خلق الله آدم على صورته
"وهذه الرواية تؤيد قول من قال: إن الضمير لآدم ، والمعنى: أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها، لم ينتقل في النشأة أحوالاً، ولا تردد في الأرحام أطوارًا كذريته، بل خلقه الله رجلاً كاملاً سوياًّ من أول ما نفخ فيه الروح، ثم عقب ذلك بقوله:" طوله ستون ذراعًا" فعاد الضمير أيضًا لآدم ". والحمد لله رب العالمين
معنى حديث خلق الله آدم على صورته - الإسلام سؤال وجواب
فإذا قال قائل: وصورة الرجل الآدمي، أليس الله هو الذي صوَّرها؟! قلنا: بلى، الله هو الذي صوَّرها؛ لكن لا تستحق أن تضاف إلى الله، فأشرف ما خلق الله هم بنو آدم، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين:4]، لا يوجد أحدٌ أحسن خَلْقاً من الخَلْق الإنساني. إذاً: تكون صورة آدم ليست كصورة غيره من البشر؛ ولهذا استحقت أن تضاف إلى الرب ـ عزَّ وجلَّ ـ تشريفاً، وتكريماً، فصار الحديث له معنيان:
المعنى الأول: إجراؤه على ظاهره، وأن نقول: لا يلزم من كون الله خلق آدم على صورته أن يكون مماثلاً لله. معنى حديث خلق الله آدم على صورته - الإسلام سؤال وجواب. المعنى الثاني: أن يقال: «على صورته » بمعنى: أن الله خلق آدم على الصورة التي اختارها، وأضافها إليه على سبيل التشريف؛ ولهذا قال: لا يُقبَّح الوجه، ولا يُضرب فتتغير هذه الصورة التي خلقها الله ـ عزَّ وجلَّ ـ.
حديث: «إن الله خلق آدم على صورته» - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام
السؤال: اا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن
الله خلق آدم على صورته "؟
الإجابة: فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحديث: أعني قول النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن الله خلق آدم على صورته "، ثابت
في الصحيح ومن المعلوم أنه لا يراد به ظاهره بإجماع المسلمين
والعقلاء، لأن الله عز وجل وسع كرسيه السماوات والأرض، والسماوات
والأرض كلها بالنسبة للكرسي موضع القدمين كحلقة ألقيت في فلاة من
الأرض، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة فما ظنك برب
العالمين؟ لا أحد يحيط به وصفاً ولا تخيلاً. ومن هذا: وصفه لا يمكن أن يكون على صورة آدم ستون ذراعاً لكن يحمل على
أحد معنيين:
الأول: أن الله خلق آدم على صورة اختارها، وأضافها إلى نفسه تعالى
تكريماً وتشريفاً. الثاني: أن المراد خلق آدم على صورته تعالى من حيث الجملة، ومجرد كونه
على صورته لا يقتضي المماثلة، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم:
" إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر
ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أضوأ كوكب في السماء "، ولا
يلزم أن تكون هذه الزمرة مماثلة للقمر، لأن القمر أكبر من أهل الجنة
بكثير، فإنهم يدخلون الجنة طولهم ستون ذراعاً، فليسوا مثل
القمر.
خلق آدم على صورة الرحمن - عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - طريق الإسلام
فكل موجود لابد أن يكون له صورة. قال شيخ الإسلام: ( وكما أنه لابد لكل موجود من صفات تقوم به ، فلابد لكل قائم بنفسه من صورة يكون عليها ، ويمتنع أن يكون في الوجود
قائم بنفسه ليس له صورة يكون عليها).
الجواب: لا، إذاً لا يلزم من كون الله خلق آدم على صورته أن يكون مماثلاً له ـ عزَّ وجلَّ ـ. هذا قول، وهو قولٌ ظاهر، وليس فيه تأويل، ولا خروج عن ظاهر اللفظ. والقول الثاني: أن الضمير في (صورته) يعود على الله؛ لكن هذا من باب إضافة الشيء إلى الله على وجه التكريم ،والتشريف مثل: ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ﴾ [الشمس:13] في قوله تعالى: ﴿فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ﴾ [الشمس:13]، فهل لله ناقة يركبها مثلاً؟! حاشا، وكلا! لكن أضاف الرسولُ الناقةَ إلى الله من باب التشريف. كذلك قال الله ـ تعالى ـ: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ [البقرة:114]، المساجد هي للناس يصلون فيها، فهل الله ـ عزَّ وجلَّ ـ يكون في هذه المساجد؟! خلق آدم على صورة الرحمن - عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - طريق الإسلام. لا، بل الله ـ تعالى ـ في السماء على عرشه؛ لكن أضاف الله المساجد إليه؛ لأنها محل عبادته، وأهل للتشريف والتكريم. نعود إلى روح آدم فنقول: الله ـ سبحانه وتعالى ـ قال للملائكة: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [ص:72]، فهل روح آدم هي روح الله؟! لا، أبداً،بل روح آدم روحٌ مخلوقة خلقها الله؛ لكن أضافها الله إليه على سبيل التشريف. فقوله: «(على صورته)» يعني: على الصورة التي صورها الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وأضافها الله على سبيل التشريف.
السؤال:
ما معنى حديثِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله خلق آدم على صورته» ؟ ،وما معنى حديثٍ: «وما ترددتُ في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن» ؟
الجواب:
أما الأول ـ بارك الله فيك ـ «إن الله خلق آدم على صورته» فقد قيل فيه أقوال لا تُقْبَل، مثل: إن الله خلق آدم على صورة آدم، وجعل الضمير عائداًَ إلى آدم نفسه؛ فيبقى هذا الحديث لا فائدة منه، فإذا كان المعنى: إن الله خلق آدم على صورة آدم فما هي الفائدة؟
فنقول: وخلق غير آدم على صورته ـ أيضاً ـ أليس كذلك؟
لكن الصحيح المتعين: أن الضمير في (صورته) يعود إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ولكن هل يلزم من كون الله خلق آدم على صورته أن يكون مماثلاً له؟! لا. أولاً: لأن الله قال: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11]، فنحن نؤمن بأن الله ليس كمثله شيء، ونؤمن بأن الله خلق آدم على صورته؛ لأن الأول قول الله، والثاني قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكلاهما يجب علينا الإيمان بهما، والتصديق. فإذا قال قائل: كيف يُتَصَوَّر أن يكون الشيء على صورة الشيء، وليس مماثلاً له؟! وهذا هو الذي يَرِد على النفس! نقول: أليس قد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن «أول زمرة تدخل الجنة تكون على صورة القمر ليلة البدر» ، وهل يلزم من كون هذه الزمرة على صورة القمر أن تكون مثل القمر؟!