والسماوات، ومن فيها وما فيها من غيب الله المكنون الذي لا نعلم عنه إلا ما جاء به الوحي في كتاب الله أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه السماوات أمسكها الله تعالى بقدرته، وبغير عمد يراها الناس.... قال ابن عطية في تفسيره: للسماوات عمد غير مرئية، قاله مجاهد وقتادة. قال بعض العلماء المعاصرين: وهذه الآية الكريمة من آيات الإعجاز في القرآن الكريم، وجاء مثلها في سورة الحج، وهو قول الله تبارك وتعالى: ِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الحج:65]. ومثلها في سورة فاطر قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً [فاطر:41]. ولعل الأعمدة التي تمسك السماء وهي لا ترى هي الجاذبية التي تجعل لكل شيء مداراً ثابتاً بقدرة الخالق سبحانه.. وتلك الجاذبية جعلها الله سبحانه حائلة دون أن ينهارالكون وتصطدم الشمس بالقمر وتتناثر الكواكب، وقد أشار إلى هذا المعنى بعض العلماء المعاصرين. والحاصل أن هذه الآية وما أشبهها تشير إلى بعض مظاهر قدرة الله تعالى في هذا الكون.. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النمل - الآية 60. ذلك أن الجاذبية لم تكتشف إلا بعد نزول القرآن بمئات السنين، وهي كذلك دليل قاطع وبرهان واضح على أن هذا القرآن منزل من عند الله -سبحانه وتعالى- وأنه معجزة الإسلام الخالدة يتجلى صدقه وإعجازه في الكون والنفس والآفاق.
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ۖ ثم استوى على العرش ۖ وسخر الشمس والقمر ۖ كل يجري لأجل مسمى ۚ يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (3)
قال الله تعالى في سورة الرعد: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)
وفي سورة لقمان قال: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا)
القول الصحيح في المراد بالآية أن الله رفع السماء بغير عمد كما نراها بكل وضوح. والآن إلى تفصيل خلاف المفسرين في هذه الآية. في قوله: (بغير عمد ترونها) قولان:
القول الأول: أن السماوات مرفوعة بعمد ولكنها غير مرئية, فالضمير في (ترونها) يعود للعمد, أي: بلا عمد مرئية, بل بعمد غير مرئية. النوال... (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) (3) - ملتقى أهل التفسير. (مال إلى هذا القول الماتريدي* كما سيأتي)
القول الثاني: مرفوعة بغير عمد, فالضمير يعود للسماء, فمعنى (بغير عمد ترونها) أي: بلا عمد كما ترونها. كما تقول لصاحبك: أنا بغير سيف ولا رمح تراني. وهذا القول هو الصحيح. (رجح هذا القول ابن عطية*, والبغوي*, وابن كثير*, والشنقيطي*) (واقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (وذكر القولين دون ترجيح الزمخشري*, والقرطبي*)
قال ابن عطية: " وهذا قول الحسن والناس ". وقال: " هذا المعنى أصح والجمهور عليه أنه لا عمد للسماوات البتة ". ومال الماتريدي إلى القول الأول كما أشرت, فإنه قال في سورة الرعد: " ولكن اللطف والأعجوبة بما يمسكها بعمد لا ترى, كاللطف والأعجوبة فيما يمسكها بغير عمد, لأن في الشاهد لم يعرف ولا قدر على رفع سقف فيه سعة وبعد بغير عمد لا ترى، لكن ما يرفع إنما يرفع بعمد ترى, فاللطف في هذا كاللطف في الآخر".
النوال... (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) (3) - ملتقى أهل التفسير
والحاصل:
أن أهل العلم اختلفوا في توجيه الآية على قولين:
الأول: أن لها عمدا ، لكن لا يراها الناس ، وهذا من آيات العظمة ، ودلائل القدرة:
أن يكون لهذا الخلق العظيم ، عمدا ترفعه ، ثم لا يراها الناس. والقول الثاني: أنها لا عمد لها أصلا ؛ فلو كان لها عمد لرآها الناس ، وإنما رفعها
، وأمسكها عن السقوط بقدرته جل جلاله. والتعبير بما جاء في الآية جار على سنن العربية ، ومقاصدها البلاغية ، وهو معروف له
نظائر في لغة العرب. الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ۖ ثم استوى على العرش ۖ وسخر الشمس والقمر ۖ كل يجري لأجل مسمى ۚ يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون. وهذا هو أظهر القولين في الآية ، إن شاء الله. والله أعلم.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النمل - الآية 60
والله أعلم.
الحمد لله. قال الله تعالى: ( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ
تَرَوْنَهَا) الرعد/:2 ، وقال تعالى: ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ
تَرَوْنَهَا) لقمان/ 10.
اين يعمل الدكتور حسان عبد الجبار
كلية الطب - تكريم البروفيسور حسان عبد الجبار
سيره و مسيرة
ا لأستاذ الدكتور حسان صلاح عمر عبد الجبار,
ولد في مدينة الطائف في غرة شهر ربيع الثاني عام ألف و ثلاثمائة و خمس
وسبعون هجري، الموافق السابع عشر من شهر نوفمبر عام ألف و تسعمائة و
خمس و خمسون ميلادي. كلية الطب - تكريم البروفيسور حسان عبد الجبار. قضى معظم سنوات طفولته في مدينة الرياض و درس و
تخرج من مدارس الأبناء ( أبناء الضباط) الابتدائية و المتوسطة بالرياض
، ثم مدرسة اليمامة في المرحلة الثانوية. درس في جامعة الرياض سابقا " جامعة الملك سعود" كلية الطب
ثم انتقل إلى جامعة الملك عبد العزيز بجدة
كلية الطب و العلوم الطبية و حصل علي البكالوريوس عام ألف و أربعمائة
من الهجرة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الثانية وقضى سنة الامتياز (
التدريبية) في مستشفى الجامعة، ثم عين معيداً في كلية الطب قسم
النساء و الولادة. ثم ابتعث إلى كندا و عمل في عدة مستشفيات في مدينة لندن بولاية انتاريو
وكان العمل تدريب شاق ومكثف وبعد مرور أربعة سنوات تمكن من الحصول على
الزمالة الكندية والبورد الأمريكي في أمراض النساء والولادة. وبعد العودة إلى أرض الوطن الحبيب في عام ألف و ثلاثمائة و ستة هجري،
عين عضو هيئة تدريس في كلية الطب و العلوم الطبية بجامعة الملك عبد
العزيز بجدة كأستاذ مساعد ثم تمت ترقيته إلى أستاذ مشارك و من ثم إلي
أستاذ.
إن من أهم الإنجازات الحديثة هو إمكانية إجراء الاختبارات الجنينية على الأجنة، إذ يتيح التشخيص قبل إعادة زرع البويضة في رحم المرأة. ويقوم الأطباء بفحص الأجنة للتأكد من عدم إصابتها بعيوب خلقية خطيرة أو تشوهات قد تؤدي إلى الإجهاض، وذلك قبل إعادة البويضة إلى الرحم. وحاليا يمكن فحص أكثر من عشرة من 23 كروموزماً للتأكد من عدم إصابتها بتشوهات. وسيمثل ذلك إنجازا مهما للتخلص من جميع الأجنة التي ينبغي عدم زراعتها في الرحم. وهذه التقنية مهمة بصفة خاصة للنساء في منتصف الثلاثينات وأوائل الأربعينيات من العمر حيث تزداد احتمالات أن تكون البويضات مشوهة بصورة حادة.