ولقد كان يوحى إليه صلَّى الله عليه وسلم في اليوم شديد القرِّ والبرودة فيَتَفَصَّدُ جبينُه عرقًا [13]. الثقل في القدرة على إزهاق الباطل ودحضه:
فالقرآن الكريم يتضمَّن الحجَجَ الدَّامغة على تَبديد الباطِل، والبراهين الدَّاحضة على إزهاق الخطأ والفساد وإتلافِه، قال سبحانه: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 18]. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة المزمل - قوله تعالى إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا - الجزء رقم16. فالله تعالى ينزل الحقَّ مِن عنده - وهو كتابُ الله وتنزيلُه - على مَن خاصَم وعارَض بالباطل ليصدَّ المسلمين عن الحقِّ، فيَدمغه ويُهلِكه كما يدمغ الرَّجلُ الرَّجلَ بأن يَشجَّه على رأسه شَجَّة تبلغ الدِّماغ، وإذا بلغَت الشجَّة ذلك من المشجوج لم يكن له بعدها حياة [14]. ويقول سبحانه أيضًا: ﴿ وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ ﴾ [الشورى: 16]. الثقل في وزن الثواب والأجر:
ومِن معاني ثقل القرآن: ثقله في الأجر والجزاء المترتب على قراءته والعمَل بمقتضاه، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قرأ حرفًا مِن كتاب الله فله به حسَنة، والحسنةُ بعشر أمثالها، لا أقول: {الم} حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) [15].
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة المزمل - قوله تعالى إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا - الجزء رقم16
وذهب أبو إسحاق الشَّاطبي (تـ 790هـ) إلى القول بأنَّ كثيرًا من النَّاس تجاوزوا في الدَّعوى على القرآن، فأضافوا إليه كلَّ علمٍ يُذكر للمتقدِّمين [6]. وممَّا تجدر الإشارة إليه تحت هذه الخصيصة: أنَّ السلَف كانوا يتورَّعون عن القول في كلام الله بغير علمٍ؛ فهذا الصِّدِّيق أبو بكر - وغيره من الصَّحابة الكرام - يقول: "أي سَماءٍ تُظلُّني وأيُّ أرض تُقلُّني إذا قلتُ في كتاب الله ما لا أعلم؟! " [7] ، وذاك الإمام مالك سُئل عن مسألة فقال: "لا أدري"، فقال له السائل: إنَّها مسألة خفيفة سَهلة، وإنَّما أردتُ أن أُعلِم بها الأمير - وكان السائل ذا قدر - فغضب مالِك وقال: "مسألة خفِيفة سهلة! الشيخ د. صالح الفوزان : تفسير قوله تعالى : إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا - YouTube. ليس في العِلم شيء خفيف، أمَا سمعتَ قولَ الله تعالى: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 5]، فالعِلم كلُّه ثَقيل، وبخاصَّة ما يُسأل عنه يوم القيامة" [8]. قال بعضهم: ما سمعتُ قطُّ أكثر قولًا من مالك: "لا حول ولا قوة إلَّا بالله"، ولو نشاء أن نَنصرف بألواحنا مَملوءة بقوله: "لا أدري، ﴿ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ [الجاثية: 32]" لفعَلنا [9]. وكأنِّي بهم يَضعون نُصبَ أعينهم قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال في القرآن بغير علمٍ فَلْيتبوَّأ مقعدَه من النَّار)) [10].
الشيخ د. صالح الفوزان : تفسير قوله تعالى : إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا - Youtube
وثانيها: قالوا: المراد بالقول الثقيل ، القرآن وما فيه من الأوامر والنواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين عامة ، وعلى رسول الله خاصة ؛ لأنه يتحملها بنفسه ويبلغها إلى أمته ، وحاصله أن ثقله راجع إلى ثقل العمل به ، فإنه لا معنى للتكليف إلا إلزام ما في فعله كلفة ومشقة. وثالثها: روي عن الحسن: أنه ثقيل في الميزان يوم القيامة ، وهو إشارة إلى كثرة منافعه ، وكثرة الثواب في العمل به. ورابعها: المراد أنه عليه الصلاة والسلام كان يثقل عند نزول الوحي إليه ، روي أن الوحي نزل عليه وهو على ناقته فثقل عليها ، حتى وضعت جراءها ، فلم تستطع أن تتحرك. وعن ابن عباس: كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربد وجهه ، وعن عائشة رضي الله عنها: " رأيته ينزل عليه الوحي ، في اليوم الشديد البرد ، فيفصم عنه ، وإن جبينه ليرفض عرقا ". وخامسها: قال الفراء: قولا ثقيلا ، أي ليس بالخفيف ولا بالسفساف ؛ لأنه كلام ربنا تبارك وتعالى. وسادسها: قال الزجاج: معناه أنه قول متين في صحته وبيانه ونفعه ، كما تقول: هذا كلام رزين ، وهذا قول له وزن إذا كنت تستجيده ، وتعلم أنه وقع موقع الحكمة والبيان. وسابعها: قال أبو علي الفارسي: إنه ثقيل على المنافقين ، من حيث إنه يهتك أسرارهم ، ومن حيث إنه يبطل أديانهم وأقوالهم.
24 صفر 1435 ( 28-12-2013)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الطريق الذي نسير فيه طويل ومضنٍ والحمل ثقيل ولا مجال فيه للنوم فهو الجهاد في ميادين الضمائر والنفوس وهو الرباط على حدود الطريق وهو السير حتى النهاية فإما الوصول وإما الشهادة دونها فلا دنيا تلهي ولا جاه يعيد عن الملة ولا تغري المغريات للنكوص بالعهد مع الله. عندما جاء الأمر الرباني لمحمد صلى الله عليه وسلم أن " قم " قام وظل قائماً أكثر من عشرين عاماً على الدعوة إلى الله سائراً في الطريق هو ومن رافقه من الصحب لا يخشى في الله لومة لائم قائماً بأمر الله مجاهداً في سبيله فاتحاً أبواب الضمائر البشرية مخلصاً إياها من الضياع والتوهان في لجج بحر الجاهلية.
" قم " إنها كلمة السماء وصوت الكبير المتعال للنبي صلى الله عليه وسلم قم فإن عهد النوم قد مضى قم لحمل الأمانة والمضي في الطريق إلى الله إنها كلمة عظيمة انتزعت النبي صلى الله عليه وسلم من دفء الفراش في البيت الهادئ والحضن الدافئ ليمضي في طريق طويل من الجهاد والتعب والكفاح بين شد وجذب في ضمائر الناس وخضم الحياة انتزعته لتقذفه في أم المعارك. حيث يقول الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا) المزمل 1 – 6.
بيانات الكتاب العنوان وفاة الحسن المؤلف علي بن الحسن بن أحمد الصباغ العنوان على الغلاف وفاة الحسن عدد الصفحات 103 کامل مجلد IRQ-001-1329 مكان التخزين عراق موسسه کاشف الغطاء الكاتب محمد بن عبدالمهدی بن سلیمان بن فرج اللغة عربی تاريخ الكتابة 1 بهمن 1160 هجری شمسی 6 صفر 1196 الهجریة القمریة January 20, 1782
وفاة الحسن بن علي العزازمة
<< < ج: رقم الجزء 1 2 3 4 ص: > >> مسار الصفحة الحالية: فهرس الكتاب كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم " أما الشيخان فإنهما لم يزيدا على المناقب، وقد بدأنا في أول ذكر الصحابي بمعرفة نسبه ووفاته، ثم بما يصح على شرطهما من مناقبه مما لم يخرجاه فلم أستغن عن ذكر محمد بن عمر الواقدي وأقرانه في المعرفة " ومن فضائل الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر مولده ومقتله نسخ الرابط + - التشكيل قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَتْنَا عُبَيْدَةُ بِنْتُ نَائِلٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: «حَدَّ نِسَاءُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ سَنَةً» << < ج: رقم الجزء 1 2 3 4 ص: > >>
وفاة الحسن بن عليه السلام
وخير شاهد على ذلك تنازل الحسن t عن الخلافة لمعاوية t حقنًا لدماء المسلمين، وأبرم الصلح معه بعد بضعة أشهر من مبايعته للخلافة، فكان ذلك فاتحة خير على المسلمين؛ إذ توحَّدت جهودهم، وسمي عام 41هـ عام الجماعة، وعاد المسلمون للجهاد والفتوحات. بعض مواقف الحسن بن علي مع الرسول r:
روى الإمام أحمد بسنده عن أبي الحوراء السعدي قال: قلت للحسن بن علي t: ما تذكر من رسول الله r؟ قال: أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة، فألقيتها في فِيَّ، فانتزعها رسول الله r بلعابها فألقاها في التمر. فقال له رجل: ما عليك لو أكل هذه التمرة. قال: "إنا لا نأكلُ الصدقة". وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة t قال: كنت مع رسول الله r في سوقٍ من أسواق المدينة فانصرف فانصرفت، فقال: "أَيْنَ لُكَعُ -ثَلاَثًا- ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ". فقام الحسن بن علي يمشي وفي عنقه السّخاب [3] ، فقال النبي r بيده هكذا، فقال الحسن بيده هكذا، فالتزمه فقال: "اللَّهُم إِني أُحِبهُ، فَأَحِبهُ، وَأَحِب مَنْ يُحِبهُ". وقال أبو هريرة t: "فما كان أحدٌ أحب إليَّ من الحسن بن علي بعدما قال رسول الله r ما قال". بعض مواقف الحسن بن علي مع الصحابة:
مع أبي بكر:
عن عقبة بن الحارث أن أبا بكر الصديق t لقي الحسن بن علي t فضمَّه إليه، وقال: "بأبي، شبيهٌ بالنبي ليس شبيهٌ بعلي".
وفاة الحسن بن عليرضا
انتهى من "البداية والنهاية" (11/ 557). ثالثا:
أما الحسن رضي الله عنه: فالمشهور أنه قتل مسموما. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" يقال إنه مات مسموما ، قال ابن سعد: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا ابن عون
عن عمير بن إسحاق قال: دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي فقال: لقد لفظت طائفة
من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا ، فأتاه الحسين بن علي فسأله من
سقاك ؟ فأبى أن يخبره رحمه الله تعالى ". انتهى من "الإصابة" (2 /73). وإسماعيل بن إبراهيم وابن عون ثقتان حافظان ، وعمير بن إسحاق: قال ابن معين في
رواية: لا يساوي شيئا ولكن يكتب حديثه ، وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: كيف
حديثه ؟ قال: ثقة. وقال النسائي ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات. "تهذيب التهذيب" (8 /127). وقال قتادة: " قال الحسن للحسين: " قد سقيت السم غير مرة ، ولم أسق مثل هذه ، إني
لأضع كبدي " فقال: من فعله ؟ فأبى أن يخبره ". انتهى من "سير أعلام النبلاء" (3 /274). ثم اختلف فيمن دس إليه السم ؟ فقيل: زوجته جعدة بنت الأشعث ، بإيعاز من يزيد بن
معاوية ، وقيل: بإيعاز من معاوية نفسه ، وقيل: بإيعاز من نفسها ، وقيل من أبيها ،
ولا يصح من هذا شيء ، بل كله منكر ، وأنكرُه قول من قال: بإيعاز من معاوية.
وفاه الحسن بن علي وفاته
قَالَ: فَسُرِّيَ عَنْهُ. وقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُتِلَ عَلِيٌّ
وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، وَمَاتَ لَهَا حَسَنٌ ، وَقُتِلَ لَهَا
الْحُسَيْنُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. انظر: "البداية والنهاية" (11/ 209-212). وهذا إسناد صحيح ، ومحمد هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو أعلم بهذا
الشأن ، وقوله مات الحسن ، مع قوله قتل علي وقتل الحسين ، مشعر بأنه مات كما يموت
الناس. ولعل هذا القول أرجح وأسلم من اتهام بريء بهذا الذنب العظيم ، وأبعد عن تسريب
التهمة إلى من قد يكون أبعد الناس عنها. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وأما قوله: " إن معاوية سم الحسن " فهذا مما ذكره بعض الناس ، ولم يثبت ذلك ببينة
شرعية ، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به ، وهذا مما لا يمكن العلم به ، فالقول به
قول بلا علم. وقد رأينا في زماننا من يقال عنه: إنه سم ، ومات مسموما ، من الملوك وغيرهم ،
ويختلف الناس في ذلك ، حتى في نفس الموضع الذي مات فيه ذلك الملك ، والقلعة التي
مات فيها، فتجد كلا منهم يحدث بالشيء بخلاف ما يحدث به الآخر، ويقول: هذا سمه فلان
، وهذا يقول: بل سمه غيره لأنه جرى كذا، وهي واقعة في زمانك ، والذين كانوا في
قلعته هم الذين يحدثونك " انتهى من "منهاج السنة" (4/ 469).
الحمد لله. أولا:
الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم ، وحفيدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من
أهل بيت النبوة ، ومن الصحابة الكرام الأطهار ، نتقرب إلى الله تعالى بمحبتهما
وموالاتهما - دون مغالاة ، كما يفعل أهل البدع - ونبرأ إلى الله ممن يبغضهما ولا
يحبهما. روى الإمام أحمد (7876) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي ، وَمَنْ
أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي) يَعْنِي حَسَنًا وَحُسَيْنًا. وصححه الألباني في "الصحيحة" (2895). وروى الترمذي (3768) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ
أَهْلِ الجَنَّةِ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ". ثانيا:
تقدم في إجابة السؤال رقم: ( 112051)
كيفية مقتل الحسين رضي الله عنه. ولم يثبت أن يزيد بن معاوية أمر بقتله ولا رضي به ، ولكنه لم يظهر منه بعد قتله
إنكار قتله ولا انتصر ممن قتله ، قال شيخ الإسلام رحمه الله:
" وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ: - أَحَدُهَا مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ، وَلَا
أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
- إلَى الشَّامِ.