قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)[٥]؛ سبب نزول هذه الآية أنّه جاء جماعة من العرب فقالوا هيا بنا نذهب ونسمع من ذلك الرجل (يقصدون رسول الله -عليه الصّلاة والسلام-)، فإن كان نبيّاً فرحنا به، وإن كان مَلَكا أخَذَنا تحت جناحه. وقد ورد هذا الحديث عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قَالَ: (اجْتَمَعَ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ يَكُ نَبِيًّا فَنَحْنُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ يَكُ مَلِكًا نَعِشْ بِجَنَاحِهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بما قالوا فجاؤوا إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فَجَعَلُوا يُنَادُونَهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِهِ: يَا مُحَمَّدُ يا محمد، فأنزل الله تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِي، فَمَدَّهَا فَجَعَلَ يَقُولُ «لقد صدق الله تعالى قَوْلَكَ يَا زَيْدُ، لِقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يَا زَيْدُ).
سبب نزول سورة الحجرات - موقع مقالات
ثم تأتي خاتمة السورة لإقرار وتأكيد أنّ الله سبحانه وتعالى يعلم غيب السموات والأرض، والله سبحانه وتعالى بصير ومُطّلع على جميع البشر وما يعلمون.
كيفيّة التّعامل مع الفاسقين، وتقصّي صحّة الأخبار قبل تناقلها وتداولها. الإصلاح بين المسلمين، ووأد الفتنة التي يُمكن أن تأثّر على لُحمة المسلمين، واتّ؛ادهم. سبب نزول سوره الحجرات من 6 الى 13. تجنّب السّخرية من خلق الله -عزّ وجلّ-، فقد يكون من تسخر منه، أو من تسخر منها أفضل عند الله منك. تجنّب الهمز واللمز، والتنابز بالألقاب. تجنّب الظن السيّء، فإن بعض الظنّ إثم، وتجنّب التجسُّس. تجنّب الغيبة والنميمة، وشبّه الله -عزّ وجلّ- من يُمارسها بأنه كالذي يأكل لحم أخيه ميتا. أساس القبول عند الله هو التّقوى والعمل الصالح، فلا تفاضل لأحد النّاس على الآخر إلا بالتّقوى.
اللهم كما أنزلت علينا من الخيرات والأمطار، فأنزل على إخواننا المستضعفين في كل مكان فرجًا منك وعافية.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية:
أما بعد فيا أيها الناس:
إن مما زادني شرفًا وتيهًا *** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صيرت أحمد لي نبيا
فوالله إنها لنعمة عظيمة أن كنا من أهل هذه الأمة، التي هي خير الأمم، ووالله إن الحسرة كل الحسرة، أن تُصطفى لتكون من هذه الأمة ثم تكون من الخاسرين، وكيف تخسر وأن تتعامل مع رب كريم رحيم كما قال سبحانه: ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران: 101]. عباد الله: إن من صور التجارة مع الله، المعاملة مع الناس، فلا تعاملهم لدنيا ولا لشهوة، بل تعاملهم لله وفي الله، فتعاملك معهم حسب الشرع يجعلك تدخل في التجارة مع الله، ثم لا تسل عن الأرباح، ستجد أولاً الراحة النفسية فلا حزن على ما فات، ولا فرح بموجود، فالكل من الله وعلى مراد الله، ستجد أن تعفو عمن ظلمك؛ لأنك ترجو ما عند الله، وتصل من قطعك، لأنك ترجو ما عند الله، وتعطي من حرمك لأنك ترجو ما عند الله، فهذه معاملة وتجارة مع الله، وسعادة في الدنيا والآخرة، وهكذا كل من تعامل مع الله، فلا خسران عليه بل هو في ربح دائم، وعمل صالح، وتوفيق متواصل، فهو في كنَف الله ورعايته.
التجارة مع الله
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكُرني. إن ذكَرَني في نفسِه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكَرني في مَلأ، ذكرتُه في ملأ هم خيرٌ منهم، وإن تقرَّب منِّي شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ منه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرْولةً»، وفي روايةٍ بهذا الإسنادِ، ولم يَذكُر: «وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا، تقرَّبتُ منه باعًا» (رواه مسلم). هنا تتبين بوضوح كيفية التجارة فليس المردود عاديا، بل هو أمر عظيم، فمن يذكر الله في نفسه الضعيفة الفقيرة، يذكره الله في نفسه العظيمة، ومن يذكر الله في ملأ من الناس، يذكره الله في ملأ هو خير من ملأه. وإن حاول أن يتقرب إلى الله، وتقرب شبر تقرب له الله ذراع، وهكذا يكون كل عمل ابن آدم بفقره ووضاعته، بمردود عظيم من عند المولى سبحانه وتعالى، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. [2]
شروط التجارة الرابحة مع الله
لابد من شروط للتجارة مع الله حتى تكون تلك التجارة رابحة، ومن هذه الشروط ما يلي:
بالنسبة للأعمال بالقلب والجوارح أن تكون فيها النية خالصة لله وحده، لا رياء فيها ولا سمعة.
ذَهَبَ أَهْلُ الدّثُورِ بِالأُجُورِ. يُصَلّونَ كَمَا نُصَلّي. وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ. وَيَتَصَدّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ: "أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللّهِ لَكُمْ مَا تَصّدّقُونَ؟ إِنّ بِكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً. وَكُلّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ. وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ". اقرا ايضا: تحميل برنامج القران الكريم للكمبيوتر صوت وصورة برابط واحد
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟
قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ". فيتبين لنا من هذه الحديث أن كل عمل يعلو ويزيد أجره مع النية الصالحة. ومن أمثلة ذلك أطعامك لأهلك ، مع أنه أمر واجب عليك، ولكنه ينقلب إلى عبادة وطاعة مع النية الصالحة. الشيخ أبو بكر الشاطري فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ, وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ, وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك, أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).