كلوا واشربوا بإضمار القول أي يقال فيها ذلك وجمع الضمير رعاية للمعنى هنيئا صفة لمحذوف وقع مفعولا به والأصل أكلا وشربا هنيئا أي غير منغصين فحذف المفعول به وأقيمت صفته مقامه وصح جعله صفة لذلك مع تعدده لأن فعيلا يستوي فيه الواحد فما فوقه وجعل بعضهم المحذوف مصدرا وكذا صفته أعني هنيئا ووجه عدم تثنيته بأن المصدر يتناول المثنى أيضا فلا تغفل. وجوز أن يكون نصبا على المصدرية لفعل من لفظه وفعيل من صيغ المصادر كما أنه من صيغ الصفات أي هنئتم هنيئا والجملة في موضع الحال والكلام في مثلها مشهور بما أسلفتم بمقابلة ما قدمتم من الأعمال الصالحة في الأيام الخالية أي الماضية وهي أيام الدنيا. وقيل أي الخالية من اللذائذ أي الحقيقية وهي أيام الدنيا أيضا، وقيل أي التي أخليتموها من الشهوات النفسانية وحمل عليه ما روي عن مجاهد وابن جبير ووكيع من تفسير هذه الأيام بأيام الصيام. القران الكريم |كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. وأخرج ابن المنذر عن يعقوب الحنفي قال: بلغني أنه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى: «يا أوليائي طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة وغارت أعينكم وخمصت بطونكم فكونوا اليوم في نعيمكم ( وكلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) ».
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحاقة - الآية 24
قال الزجاج: أي ليهنئكم ما صرتم إليه { هنيئا}. وقيل: أي متعتم بنعيم الجنة إمتاعا هنيئا وقيل: أي كلوا واشربوا هنئتم { هنيئا} فهو صفة في موضع المصدر. { هنيئا}: أي حلالا. وقيل: لا أذى فيه ولا غائلة. وقيل { هنيئا} أي لا تموتون؛ فإن ما لا يبقى أو لا يبقى الإنسان معه منغص غير هنيء. قوله تعالى { متكئين على سرر} سرر جمع سرير وفي الكلام حذف تقديره: متكئين على نمارق سرر. موقع هدى القرآن الإلكتروني. { مصفوفة} قال ابن الأعرابي: أي موصولة بعضها إلى بعض حتى تصير صفا. وفي الأخبار أنها تصف في السماء بطول كذا وكذا؛ فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت له؛ فإذا جلس عليها عادت إلى حالها. قال ابن عباس: هي سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت، والسرير ما بين مكة وأيلة. { وزوجناهم بحور عين} أي قرناهم بهن. قال يونس بن حبيب: تقول العرب زوجته امرأة وتزوجت امرأة؛ وليس من كلام العرب تزوجت بامرأة. قال: وقول الله عز وجل { وزوجناهم بحور عين} أي قرناهم بهن؛ من قول الله تعالى { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} [الصافات: 22] أي وقرناءهم. وقال الفراء: تزوجت بامرأة لغة في أزد شنوءة. وقد مضى القول في معنى الحور العين. الشيخ الشعراوي - فيديو سورة الطور الايات 6 - 21
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي ذِكْر المتقابلات سمة من سمات الأسلوب القرآني، ومظهر من مظاهر عظمته، فكما قلنا: الضد يظهر حُسْنه الضد، لذلك كثيراً ما نقرأ هذه المتقابلات كما في قوله سبحانه: { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13-14].
موقع هدى القرآن الإلكتروني
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ) قال: أيام الدنيا بما عملوا فيها.
القران الكريم |كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 11/9/2013 ميلادي - 7/11/1434 هجري
الزيارات: 150228
تأملات في قوله تعالى
﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: فالذي وصفت أمره، وهو الذي أوتي كتابه بيمينه، في عيشة مرضية، أو عيشة فيها الرضا، فوصفت العيشة بالرضا وهي مرضية، لأن ذلك مدح للعيشة، والعرب تفعل ذلك في المدح والذّم فتقول: هذا ليل نائم، وسرّ كاتم، وماء دافق، فيوجهون الفعل إليه، وهو في الأصل مقول لما يراد من المدح أو الذّم، ومن قال ذلك لم يجز له أن يقول للضارب مضروب، ولا للمضروب ضارب، لأنه لا مدح فيه ولا ذمّ. * * *
وقوله: ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾
يقول: في بستان عال رفيع، و"في" من قوله: ﴿فِي جَنَّةٍ﴾ من صلة عيشة. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الحاقة - الآية 24. وقوله: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾
يقول: ما يقطف من الجنة من ثمارها دانٍ قريب من قاطفه. وذُكر أن الذي يريد ثمرها يتناوله كيف شاء قائما وقاعدا، لا يمنعه منه بُعد، ولا يحول بينه وبينه شوك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ قال: يتناول الرجل من فواكهها وهو نائم.
قوله تعالى: ﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 20] أي قد كنت موقناً في الدنيا أن هذا اليوم كائن لا محالة، كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 46]. قوله تعالى: ﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 21] أي مرضية، قد رضوها ولم يختاروا عليها غيرها. قوله تعالى: ﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 22] أي رفيعة قصورها، حسان حورها، ناعمة دورها، دائم حبورها، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ"، أُرَاهُ قَالَ: "وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ" [2]. قوله تعالى: ﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 23] قال البراء بن عازب - رضي الله عنه -: أي قريبة يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره.