وقال تعالى: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ. {المائدة: 89}. قال العلماء: لا ينبغي كثرة الحلف وإن كان على حق، لما يشعر به ذلك من عدم تعظيم الله تعالى. وقول القائل: والله لتفعلن كذا يمين منعقدة على الحنث، فيعتبر صاحبها حانثا ما لم يفعل صاحبه ما أقسم به عليه، فإذا فعل من أقسم عليه فقد بر يمينه، ولا كفارة عليه، وإذا لم يفعل لزمته الكفارة دون من حلف عليه. قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل، أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه، ولم يفعل فالكفارة على الحالف. كذا قال ابن عمر، وأهل المدينة وعطاء، وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه. 69 باب ما جاء في كثرة الحلف. وأما قوله: بالله عليك، أو أستحلفك بالله.. فإن كان قصده: أسألك بالله.. فإن هذا لا ينبغي لما فيه من السؤال بالله تعالى المنهي عنه شرعا، فقد وروى الطبراني وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: م ل عون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا. وفي رواية الإمام أحمد: لا يسأل بوجه الله إلا الجنة. وقال صلى الله عليه وسلم: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه.
69 باب ما جاء في كثرة الحلف
ومن اللغو كثرة الحلف بالله أو بغيره وهي العادة التي تجري على ألسنة العامة بضرورة أو بغير ضرورة دون أن يدركوا العواقب الوخيمة التي تنتظرهم نتيجة هذا الحلف.. ولا شك أن كثرة الحلف تؤدي إلى التهاون بقدر الله تعالى وبأسمائه وصفاته لإقحام لفظ الجلالة في أمور دنيوية تافهة لا تسمو لمنزلة الخالق سبحانه وتعالى، كما أن كثرة الحلف دليل على ثقة الإنسان في نفسه مما يترتب عليه فقدان ثقة الآخرين فيه. ويتدخل الشرع مرة أخرى ليقول للإنسان: إياك أن تقسم على شيء وأنت تعلم أنك كاذب، لأن القسم مع العلم بالكذب سلفًا يعرض صاحبه إلى خطر عظيم، ومثل هذه اليمين قد لقبها الشرع بلقبين أحدهما؛ أنها اليمين الفاجرة، وثانيهما أنها اليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في جهنم يوم القيامة.
علاج كثرة الحلف بالله - مفهرس
توجيه لمن يكثر الحلف بالله. - YouTube
حكم كثرة الحلف بالله العظيم في أكثر الأحيان - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام
الحمد لله. أولا:
يكره الإكثار من الحلف ؛ لقول الله تعالى: ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ) القلم / 10 ، وهذا ذم له يقتضي كراهة فعله ، كما قال ابن قدامة رحمه الله. "المغني" (13/439). ثانيا:
من حلف أيمانا متعددة ، وحنث ولم يكفّر عن شيء منها ، فله حالان:
الأول: أن تكون الأيمان على شيء واحد ، كأن يقول: والله لا أشرب الدخان ، ثم يحنث ولا يكفر ، ثم يعود فيحلف كذلك ، فهذا تلزمه كفارة واحدة. والثاني: أن تكون الأيمان على أفعال مختلفة ، كقوله: والله لا شربت ، والله لا لبست ، والله لا أذهب إلى مكان كذا ، ويحنث في الجميع ولم يكفّر عن شيء منها ، فهل تلزمه كفارة واحدة أو كفارات ؟ فيه خلاف بين الفقهاء ، فجمهور العلماء على تعدد الكفارة. حكم كثرة الحلف بالله العظيم في أكثر الأحيان - صالح بن فوزان الفوزان - طريق الإسلام. وهو الصحيح ؛ لأنها أيمان على أفعال مختلفة ، كل يمين مستقلة بنفسها. وينظر: "المغني" (9/406).
خامسا:
الحلف بالطلاق أمره عظيم ، وينبني عليه وقوع الطلاق عند الحنث ، في قول جمهور الفقهاء ، ولهذا يجب الحذر من ذلك. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يرجع فيه إلى نية الحلف ، فإن نوى التهديد أو الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، ثم حنث ، فعليه كفارة يمين ، وإن نوى الطلاق وقع الطلاق ، وكل أدرى بنيته. وإذا غلب على ظنه أحد الأمرين ، فليعمل بما غلب على ظنه. والله أعلم.