﴿وخيفة﴾ ، يقول: وخوفًا من الله أن يعاقبك على تقصير يكون منك في الاتعاظ به والاعتبار، وغفلة عما بين الله فيه من حدوده. [[انظر تفسير ((الخوف)) فيما سلف ٩: ١٢٣، تعليق: ٣، والمراجع هناك. ]] = ﴿ودون الجهر من القول﴾ ، يقول: ودعاء باللسان لله في خفاء لا جهار. [[انظر تفسير ((الجهر)) فيما سلف ٢: ٨٠ / ٩: ٣٤٤، ٣٥٨ / ١١: ٣٦٨. ]] يقول: ليكن ذكر الله عند استماعك القرآن في دعاء إن دعوت غير جهار، ولكن في خفاء من القول، كما:-
١٥٦١٩ - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول﴾ ، لا يجهر بذلك. ١٥٦٢٠ - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا أبو سعد قال: سمعت مجاهدًا يقول في قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول﴾ ، الآية قال: أمروا أن يذكروه في الصدور تضرعًا وخيفة. ١٥٦٢١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن التيمي، عن أبيه، عن حيان بن عمير، عن عبيد بن عمير، في قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك﴾ قال: "يقول الله إذا ذكرني عبدي في نفسه، ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي، وإذا ذكرني في ملإ ذكرته في أحسنَ منهم وأكرم".
واذكر ربك في نفسك تظرعا وخيفة
السؤال: فصـل في تفسير قوله تعالى {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة}
الإجابة:
قال الله تعالى: { وَاذْكُر
رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ
الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الأعراف:205]،
فأمر بذكر الله فى نفسه، فقد يقال: هو ذكره فى قلبه بلا لسانه؛
لقوله بعد ذلك: { وَدُونَ الْجَهْرِ
مِنَ الْقَوْلِ} ، وقد يقال: وهو أصح بل ذكر الله فى نفسه
باللسان مع القلب ، وقوله: { وَدُونَ
الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} كقوله:{ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ
بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء:
110]. وفى الصحيح عن عائشة قالت: نزلت فى الدعاء ، وفى الصحيح عن ابن
عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقرآن، فإذا سمعه
المشركون سبوا القرآن ومن أنزله، ومن أُنزل عليه، فقال الله: لا
تجهر بالقرآن فيسمعه المشركون فيسبوا القرآن، ولا تخافت به عن أصحابك
فلا يسمعوه، فنهاه عن الجهر والمُخافَتة. فالمُخافَتة هي ذكره فى نفسه، والجهر المنهي عنه هو الجهر المذكور
فى قوله: { وَدُونَ
الْجَهْرِ} فإن الجهر هو الإظهار الشديد، يقال: رجل جهوري
الصوت، ورجل جهير.
واذكر ربك في نفسك تضرعا
وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205) يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره ، كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله: ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) [ ق: 39] وقد كان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء ، وهذه الآية مكية. وقال هاهنا بالغدو - وهو أوائل النهار: ( والآصال) جمع أصيل ، كما أن الأيمان جمع يمين.
واذكر ربك في نفسك
الحكم الثاني
قال المتكلمون: هذه الآية تدل على إثبات كلام النفس لأنه تعالى لما أمر رسوله بأن يذكر ربه في نفسه وجب الاعتراف بحصول الذكر النفساني ولا معنى لكلام النفس إلا ذلك. [ ص: 87] فإن قالوا: لم لا يجوز أن يكون المراد من الذكر النفساني العلم والمعرفة ؟. قلنا: هذا باطل لأن الإنسان لا قدرة له على تحصيل العلم بالشيء ابتداء لأنه إما أن يطلبه حال حصوله أو حال عدم حصوله ، والأول باطل لأنه يقتضي تحصيل الحاصل وهو محال ، والثاني باطل لأن ما لا يكون متصورا كان الذهن غافلا عنه ، والغافل عن الشيء يمتنع كونه طالبا له ، فثبت أنه لا قدرة للإنسان على تحصيل التصورات ، فامتنع ورود الأمر به ، والآية دالة على ورود الأمر بالذكر النفساني ، فوجب أن يكون الذكر النفساني معنى مغايرا للمعرفة والعلم والتصور ، وذلك هو المطلوب.
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية الشعراوي
و (( أبو وائل)) هو (( شقيق بن سلمة الأسدى)) ، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يره ، حجة في العربية. وقوله: (( آصل)) ، أي: دخل في الأصيل. (81) الأثر: 15625 - آخر هذا الخبر ، مضى برقم: 7024 ، من طريق أخرى. (82) الأثر: 15626 - (( محمد بن شريك المكى)) ، ثقة ، مضى برقم: 10260 ، مترجم في التهذيب ، وابن سعد 5: 360 ، والكبير 1/1/112 ، وابن أبي حاتم 3/2/284. وهكذا جاء الخبر في المخطوطة ، كما هو في المطبوعة ، وأنا أكاد أقطع أنه خطأ وتحريف ، وفيه سقط ، ولكنى لم أجد الخبر بإسناده ، فلذلك لم أغيره ، ووجدت نص الخبر بغير إسناد في الدر المنثور 5: 52 ، عن صلاة الضحى ، لا صلاة الفجر ، وهو الصواب إن شاء الله قال: ( وأخرج ابن أبي شيبة ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عباس قال: إن صلاة الضحى لفي القرآن ؟ ، وما يغوص عليها إلا غواص ، في قوله: " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ " فهذا صواب العبارة ، ولكني وضعت ما كان في المخطوطة والمطبوعة بين قوسين ، لأني لم أجد الخبر بإسناده. ووضعت مكان السقط نقطاً. ثم أتممت الآية إلى غايتها أيضاً.
وكذا قال في هذه الآية الكريمة: ( ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين)
وقد زعم ابن جرير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قبله: أن المراد بهذه الآية: أمر السامع للقرآن في حال استماعه بالذكر على هذه الصفة.