﴿ تفسير البغوي ﴾
( ولمن صبر وغفر) فلم ينتصر ، ( إن ذلك) الصبر والتجاوز ، ( لمن عزم الأمور) حقها وجزمها. قال مقاتل: من الأمور التي أمر الله بها. قال الزجاج: الصابر يؤتى بصبره الثواب ، فالرغبة في الثواب أتم عزما. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم ختم- سبحانه- هذه الصفات الكريمة للمؤمنين فقال: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. ختمت الآية في سورة لقمان (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وفي سورة الشورى (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)) فما اللمسة البيانية في الاختلاف بينها – Albayan alqurany. أى: وللإنسان الصابر على الأذى الذي يصفح عمن أساء إليه، الثواب الجزيل، والعاقبة الحسنة، لأن ذلك الصبر والمغفرة منه، لمن الأمور التي تدل على علو الهمة، وقوة العزيمة.. هذا، والمتأمل في هذه الآيات الكريمة، يراها قد مدحت المؤمنين الصادقين بجملة من الصفات الحميدة، التي تعتبر على رأس الصفات الأساسية، لكل أمة تريد أن تنال الظفر والسعادة في دنياها وآخرتها. وبعد هذا الحديث عن المؤمنين وعن صفاتهم الكريمة وعما أعده سبحانه لهم من ثواب، جاء الحديث عن الظالمين وما أعد لهم من عقاب، وأمرهم- سبحانه- بالاستجابة لدعوة الحق من قبل أن يأتى يوم الحساب، الذي لا ينفعهم فيه شفيع أو نصير، فقال- تعالى-:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم إنه تعالى لما ذم الظلم وأهله وشرع القصاص ، قال نادبا إلى العفو والصفح: ( ولمن صبر وغفر) أي: صبر على الأذى وستر السيئة ، ( إن ذلك لمن عزم الأمور)قال سعيد بن جبير: [ يعني] لمن حق الأمور التي أمر الله بها ، أي: لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل.
- ختمت الآية في سورة لقمان (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وفي سورة الشورى (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)) فما اللمسة البيانية في الاختلاف بينها – Albayan alqurany
- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة آل عمران - الآية 154
ختمت الآية في سورة لقمان (إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وفي سورة الشورى (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)) فما اللمسة البيانية في الاختلاف بينها – Albayan Alqurany
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ﴿هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ﴾ يقول: إلى الدنيا. واختلف أهل العربية في وجه دخول"إنَّ" في قوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ﴾ مع دخول اللام في قوله: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ﴾ فكان نحوي أهل البصرة يقول في ذلك: أما اللام التي في قوله: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ﴾ فلام الابتداء، وأما إن ذلك فمعناه والله أعلم: إن ذلك منه من عزم الأمور، وقال: قد تقول: مررت بالدار الذراع بدرهم: أي الذراع منها بدرهم، ومررت ببرّ قفيز بدرهم، أي قفيز منه بدرهم. قال: وأما ابتداء"إنَّ" في هذا الموضع، فمثل (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) يجوز ابتداء الكلام، وهذا إذا طال الكلام في هذا الموضع. وكان بعضهم يستخطئ هذا القول ويقول: إن العرب إذا أدخلت اللام في أوائل الجزاء أجابته بجوابات الأيمان بما، ولا وإنَّ واللام: قال: وهذا من ذاك، كما قال: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ﴾ ﴿وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾ فجاء بلا وباللام جوابا للام الأولى.
حول الموقع:
( شبكة علمية دعوية على منهج أهل السنة والجماعة)
تَمَسَّكْ بِحَبْلِ الله وَاتَّبِعِ الْهُدَى وَلَا تَكُ بِدْعِيًّا لَعَلَّكَ تُفْلِحُ
وَدِنْ بِكِتَابِ الله وَالسُّنَنِ الَّتِي أَتَتْ عَنْ رَسُولِ الله تَنْجُو وَتَرْبَحُ
القول في تأويل قوله ( يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا)
قال أبو جعفر: يعني بذلك الطائفة المنافقة التي قد أهمتهم أنفسهم ، يقولون: ليس لنا من الأمر من شيء ، قل إن الأمر كله لله ، ولو كان لنا من الأمر شيء ما خرجنا لقتال من قاتلنا فقتلونا. كما: -
8093 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال: قيل لعبد الله بن أبي: قتل بنو الخزرج اليوم! القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة آل عمران - الآية 154. قال: وهل لنا من الأمر من شيء؟ قيل إن الأمر كله لله!. وهذا أمر مبتدأ من الله عز وجل ، يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل ، يا محمد ، لهؤلاء المنافقين: " إن الأمر كله لله " ، يصرفه كيف يشاء ويدبره كيف يحب. ثم عاد إلى الخبر عن ذكر نفاق المنافقين ، فقال: " يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك " يقول: يخفي ، يا محمد ، هؤلاء المنافقون الذين وصفت لك صفتهم ، في أنفسهم من الكفر والشك في الله ، ما لا يبدون لك. ثم أظهر نبيه صلى الله عليه وسلم على ما كانوا يخفونه بينهم من نفاقهم ، والحسرة التي أصابتهم على حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد ، فقال مخبرا عن قيلهم الكفر وإعلانهم النفاق بينهم: " يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا " ، يعني بذلك ، أن هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا ، ما خرجنا [ ص: 323] إليهم ، ولا قتل منا أحد في الموضع الذي قتلوا فيه بأحد.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة آل عمران - الآية 154
وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ".. نعم: فكم من ناس فى هذه الدنيا لا هم لهم إلا أنفسهم.. سلموا أمرهم لأنفسهم لا لله.. وقديما قالوا: من عاش لنفسه عاش صغيرا ومات حقيرا.. فسلم نفسك لله وحده يأمرها وينهاهابما هو أنفع وأصلح لها, فهو سبحانه عليم حكيم.. ضع يديك ورجليك فى قيود الشريعة الفضية لتتحرر من ذل العبودية لغير الله.. سلم تسلم فالامر كله لله. كم رأينا رجلا أهم شىء لديه أن يأكل ويشرب ويلبس وينام.. أهم شىء مزاجه, أما العيال فمالى وللعيال!, فأنا الذى آتى بالعيال.. والزوجة ؟.. وما لى بالزوجة, فلتذهب لأهلها يطعموها.. وعن الآخرة يقول: حينما يأتى الحساب ستفرج!! طبعا أنت ستتعجب هذا الرجل, فكلامه لا يقوله إلا جاهل أو عاص, ولكن لا تعجب, فهذا الكلام موجود بداخل الكثير منّا – معاشر الملتزمين – وإن كان لا يقوله بلسانه.. نعم: كثير منّا يود أن يعيش لنفسه – ونفسه – فقط -.. ودعونا نتصارح حتى نعالج تلك المشاكل, وإلا فسيظل السوس ينخر فى العظم.. عظم الامة. إن سبب مصائبنا اليوم أنفسنا.. ترانا " منكوسين موكوسين " لماذا ؟.. من أنفسنا.. شلة يهود.. شرذمة يهود يضربوننا على أم رؤوسنا لماذا ؟.. لماذا استضعفونا واستهانوا بنا ؟.. لهواننا على أنفسنا.. مع أننا أكثر من هؤلاء الناس جميعا, وعندنا كل الامكانيات التى تؤهلنا لسيادة العالم ولكن لا نسود.. لأن " السوس " فى قلوبنا.
قال أبو سعيد الواسطى: دخلت على أحمد السجن قبل الضرب فقلت: يا أبا عبدالله, عليك عيال ولك صبيان وأنت معذور, كأنى أسهل عليه الإجابة.. كأنه يقول له بلغة عصرنا: وراءك عيال وتحتاج إلى تربيتهم, قل لهم الكلمة التى يريدونها.. " القرآن مخلوق ".. واخرج من هنا.. ألست من داخل قلبك تعتقد أن القرآن كلام الله ؟!, إذا لا حرج عليك طالما أن قلبك مطمئن بالايمان!! فقال الامام أحمد: " يا أبا سعيد, إن كان هذا عقلك فقد استرحت!! ".. وما أكثر أصحاب العقول المستريحة فى زماننا.. أراح دماغه.. وغير عابىء بأى أمر.. وتارك نفسه مع الماشى, وحينما يموت لا يجد إلا النار. لذلك – إخوتاه – حينما يقول الله: " هل لنا من الأمر من شىء ", نقول له: إن الامر كله لله. الامر أمر الله.. فإذا أرادك أن تحمل فاحمل ما أمرك به.. هذه مسئوليتك.. وهذه هى الامانة التى قال الله عنها: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " ( الأحزاب: 72).. احمل مسئولية هذا الدين, فالدين أمانة.. الدين نسبك وصهرك.. الدين مسئولية كل مسلم.. الدين مسئوليتك الشخصية, وسوف تسأل عنه.. ووالله ثم والله لتسألن عن دين الله.. ماذا عملت به, وماذا قدمت له ؟ قال أبو بكر الصديق لما منعوا الزكاة: أينقص الدين وأنا حى ؟!!