وما من كاتب إلا سيفنى ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء يسّرك في القيامة أن تراه! والحق كلمة منطوقة فمتى نعي أنه: "مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"[ق:18]. وربَّ كلمة يقولها المرء ما يتبين فيها يزلُّ بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب. من حقِّ الحقِّ علينا ألا نظن أن المشكلة هي في قدرة الإنسان على أن يقول أو يكتب. فإذا تسنى له ذلك اندفع بغير تبصّر وربما قال ما يستحق أن يعتذر منه في الدنيا أو يُحاسَب عليه يوم القيامة. آيات عن الحق – آيات قرآنية. من حقِّ الحقِّ أن يظل المرء وفياً له بالصبر عليه وأن يظل وفياً له متى بان له فلا يغلب وفاؤه للمألوف على وفائه للحق المتجدد نتاج معرفة أو نتاج تجربة. من حقِّ الحقِّ أن يضعه المرء في نصابه فيعطي الأصول والمسائل الكبار حقها ويعطي الفروع والتفاصيل حقها فلا يُؤصّل فرعاً ولا يُهوّن أصلاً فالحق كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء فالأصل لا يُجتثّ ولا يتحرك والفرع لا يُغرس في الأرض بل يظل في السماء تحركه الريح يميناً وشمالاً ولكنه متصل بالأصل فمتى انقطع منه وبان ذبل ومات. من حقِّ الحقِّ ألا نختصره في ذواتنا وأنفسنا وألا نظنّ أنّا الناطقون به أبداً، ثمة مَن غالب أمرِه حق وثمة مَن غالب أمرِه بضد ذلك، والكثيرون مُخلِّطون فيهم وفيهم، وكلما زاد علمُ المرء تَواضَعَ وعرفَ مقاديرَ المسائل وأدركَ مظنوناتها ويقينياتها؛ كما أشار إليه الأصوليون كالشيرازي وغيره.
- آيات عن الحق – آيات قرآنية
- ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل . [ الحج: 62]
- ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير
- ما حكم الاستعاذة والبسملة في الصلاة؟
آيات عن الحق – آيات قرآنية
من حقِّ الحقِّ أن نعرضه في أجمل صورة, ونصوغه بأحسن عبارة, ونقدمه في قالب الود والرحمة والإشفاق. من حقِّ الحقِّ أن يكون لفظاً من أفواهنا, ومعنىً في قلوبنا, وسلوكاً في حياتنا, ونظاماً في برامجنا. من حقِّ الحقِّ أن نخدمه ولا نستخدمه. ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون. ومن حقِّ الحقِّ أن نحبّ أولئك الذين علمونا الحق, أو بعض الحق, والحرُّ من راعى وداد لحظة, أو تمسّك بمن أفاده لفظة. كم يشتكي الحق من انتسابات شابت صفاءه! وكم يتألم من أمةٍ تنتمي إليه بألسنتها, وتوظفه حيناً لغير ما يقتضيه, وترده عجزاً, أو هوىً, أو غفلة. فمتى يحقُّ الحقّ؟
ومتى نكفّ عن هذا السؤال الذي نلقيه إلى الآخرين, لنلقيه على أنفسنا؟
متى نُصدِّق ولو مرة واحدة أن الأمر يبدأ "من عند أنفسنا"؟
وأننا أولى بالنظر في أنفسنا وإلجامها بالحق الذي تكرهه وتنفر منه وتتمايل على مدافعته قبل أولئك الآخرين الذين نحاول فرض الحق عليهم؟!
ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل . [ الحج: 62]
وقوله: ( وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) يقول: ويعلمون يومئذ أن الله هو الحق الذي يبين لهم حقائق ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب، ويزول حينئذٍ الشكُّ فيه عن أهل النفاق، الذين كانوا فيما كان يعدهم في الدنيا يمترون.
ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير
من الألفاظ المحورية في القرآن الكريم لفظ (الحق)، فهو لفظ ذو حضور بارز في العديد من الآيات القرآنية. ولا عجب في ذلك، فإن القرآن الكريم هو الحق القويم، ودعوة إلى الحق المبين. نسعى في هذا المقال إلى الوقوف على أهم المعاني التي جاء عليها لفظ (الحق) في القرآن الكريم، مستبقين ذلك ببيان معناه اللغوي. أصل (الحق) لغة: المطابقة والموافقة. والحق: الصواب والصحيح، وضده: الباطل. والحقيقة: ما يصير إليه حق الأمر. وحق الشيء: إذا وجب. ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير. يقال: حاق فلان فلاناً، إذا ادعى كل واحد منهما حقاً، فإذا غلبه على الحق، قيل: حقه وأحقه. واحتق الناس من الدَّين، إذا ادعى كل واحد الحق. ويقال: أحققت كذا، أي: أثبته حقاً، أو حكمت بكونه حقاً. ويقال: حاققته فحققته، أي: خاصمته في الحق فغلبته. وفلان يحمي حقيقته، أي: ما يحق عليه أن يحمى. و(الحق) - كما قال الأصفهاني - يطلق لغة على أوجه:
الأول: يقال لموجِد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في الله تعالى: هو الحق. الثاني: يقال للموجَد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله الحق. الثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.
من حقِّ الحقِّ أن يظل صافياً بعيداً عن اللبس بباطل فالطيب لا يُخلط بالخبيث. من حقِّ الحقِّ ألا يُضرب بعضه ببعض؛ فإذا قال القائل حقاً صُودر قوله بمعارضته بحق آخر وكأن الواجب أن يقول القائل كلَّ الحق في كل وقت وإنما نزل القرآن منجماً في ثلاث وعشرين سنة ونزلت أحكامه مفرقة وربما نزل الحكم في سنة ونزلت شروطه وواجباته وأركانه مفرقة في سنين. من حقِّ الحقِّ أن تنقاد له عقولُنا فلا يعتريها جمود وتحجّر يحرمها من متعة التعايش مع النص الرباني أو التوجيه المحمدي تمسكاً بشبهة عارضة أو وهم عابر. من حقِّ الحقِّ أن تلين له قلوبُنا؛ فلا نبادره بمعارضة منكرة أصّلَتْها دوافع النفس المريضة "فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ"
من حقِّ الحقِّ أن تجتمع عليه الناس، فهو رباطها ووثاقها ولُحْمتُها "أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ". ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل . [ الحج: 62]. ومن حقِّ الحقِّ أن ندرك أن ثمة حقاً أولى من حق وحقاً أبين من حق، والحقوق كثيرة وهي تتعاضد ولا تتعاند. وإن كان الحق في مسائل الشريعة واحداً، فإن الناس قد يتفاوتون في تحصيله؛ فيكون عند هذا طرف وعند ذاك طرف آخر. وَكلّهم من رَسولِ اللَهِ مُلتمسٌ غَرفاً من البَحرِ أو رَشفاً من الدِّيمِ
من حقِّ الحقِّ أن يكون حاكماً لا يُردّ في بيوتنا, وسلطاناً آمراً في دوائرنا السياسية, ومرجعاً مُحكّماً في معاقلنا العلمية, وروحاً سارية في مدارسنا الدعوية.
القول الثالث:
أنه لا تُشرَع قراءتها في المكتوبة، لا سرًّا ولا جهرًا. وهذا هو المشهور من مذهب الإمام مالك، إلا أنه قال بقراءة البسملة في النفل وقيام الليل، ولمن يَعرِضُ القرآن عرضًا [11]. ونُقل القول بعدم مشروعية قراءتها أيضًا عن الأوزاعي [12]. وهذا القول مبنيٌّ على أن البسملة ليست آية من القرآن، لا في أول الفاتحة ولا في أوائل السور، وليست آية مستقلة من القرآن، وقد تقدَّم بيان ضعف هذا القول. وقد استدل من ذهب إلى هذا القول بأحاديث أنس وعائشة وعبدالله بن مغفل رضي الله عنهم، التي فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاءه كانوا يستفتحون القراءة والصلاة بالحمد لله رب العالمين [13]. وحديث أبي هريرة الذي فيه قوله تعالى: "قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين... " [14]. هل البسملة واجبة في الصلاة. لكن هذه الأحاديث ليس فيها نفيُ قراءتها مطلقًا؛ وإنما فيها نفي قراءتها جهرًا، كما جاء في بعض روايات حديث أنس قوله: "فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم"، وفي بعض الروايات "فكانوا يُسِرُّونَ ببسم الله الرحمن الرحيم". وسيأتي ذكر رواياته وتخريجها هو وحديث عائشة، وعبدالله بن مغفل، في الكلام على حكم الجهر بالبسملة والإسرار بها.
ما حكم الاستعاذة والبسملة في الصلاة؟
قال النووى:
الجهر بالتسمية قول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء والقراء ، ثم ذكر الصحابة الذين قالوا به منهم أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعمار بن ياسر ، وأبي بن كعب ، وابن عمر ، وابن عباس, وحكى القاضي أبو الطيب وغيره عن ابن أبي ليلى والحكم أن الجهر والإسرار سواء. جواز ترك البسملة في الصلاة. القول الثالث:
المالكية على المشهور كراهة استفتاح القراءة في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم مطلقا في أم القرآن وفي السورة التي بعدها سرا وجهرا, قال القرافي من المالكية: الورع البسملة أول الفاتحة خروجا من الخلاف إلا أنه يأتي بها سرا ويكره الجهر بها. وبناء على ما سبق: فالأمر فيه سعة بين أهل العلم والأحوط الخروج من الخلاف وأن تقرأ جهراً. ثانياً: اختلف الفقهاء أيضاً في كون البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة على أقوال, كما اتفقوا على أن من أنكر أنها آية في كل سورة لا يعد كافراً, وهذه الأقوال الراجح منها ما ذهب إليه الشافعية وهو: أن البسملة آية كاملة من الفاتحة ومن كل سورة ؛ لما روت أم سلمة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة: بسم الله الرحمن الرحيم ، فعدها آية منها " ، ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن < رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمد لله سبع آيات ، إحداهن بسم الله الرحمن الرحيم >.
وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن النبي ﷺ غير هذا، منها قوله ﷺ في الاستفتاح في الصلاة: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد هذا ثابت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه استفتح بهذا قبل أن يتعوذ وقبل أن يسمي، بعد الإحرام، وهناك استفتاحات أخرى إذا أتى بواحد منها مما صح عن النبي ﷺ كفى، ولكن أخصرها وأسهلها على العامة سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.