رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالحيوان - YouTube
رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالحيوان
وفي المقابل ذكر لنا قصة امرأة بغي كانت في بني إسرائيل رأت كلبًا يموت عطشًا فسقته فدخلت بذلك الجنة، وكذلك فعل رجل أن سقى كلبًا عطشانًا الماء في نعله فدخل الجنة. ونهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقص المرء اجزاء من الحيوان قد تضايقه أو تضره، فقال: "لا تقصوا نواصىَ الخيل ولا معارفها، ولا أذنابها، فإن أذنابها مذابها ومعارفها دفاؤها، ونواصيها معقود فيها الخير". ومن صور رحمة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بالإحسان إلى البهيمة حتى في حال ذبحها كالأضحية وغيرها، وأثنى على من فعل ذلك، بل ونهى أن تحد آلة الذبح أمامها، فقال صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته". رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالحيوان. بل أخبرنا أن الرحمة بالذبيحة سبيل إلى رحمة الله لنا، فعن معاوية بن قرة عن أبيه - رضي الله عنه - أن رجلا قال: "يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، فقال: والشاة إن رحمتها رحمك الله". ويروي لنا زيد ابن الأرقم قصة عجيبة تفيض رحمة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيقول: "كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض سكك المدينة، فمررنا بخباء أعرابي فإذا ظبية مشدودة إلى الخباء فقالت: يا رسول الله إن هذا الأعرابي صادني قبيلًا ولي خشفان في البرية وقد تعقد هذا اللبن في أخلافي فلا هو يذبحني فأستريح ولا يدعني فأذهب إلى خشفي في البرية، فقال: لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن تركتك ترجعين؟ قالت: نعم، وإلا عذبني الله عذاب العشار.
فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم تلبث أن جاءت تلمظ فشدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الخباء وأقبل الأعرابي ومعه قربة ، فقال له نبي الرحمة صلوات الله عليه وعلى آله: أتبيعنيها؟ قال الأعرابي: هي لك يا رسول الله، فأطلقها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال زيد بن أرقم: فأنا والله رأيتها تسيح في الأرض وهي تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثانيهما: أن يكون الإضلال من الله، وهو أن الله تعالى وضع جبلة الإنسان على هيئة إذا راعى طريقا محمودا كان أو مذموما ألفه واستطابه، ولزمه وتعذر صرفه وانصرافه عنه، ويصير ذلك كالطبع الذي يأبى على الناقل؛ ولذلك قيل: العادة طبع ثان، وهذه القوة في الإنسان فعل إلهي، وإذا كان كذلك، وقد ذكر في غير هذا الموضع أن كل شىء يكون سببا في وقوع فعل صح نسبة ذلك الفعل إليه، فصح أن ينسب ضلال العبد إلى الله من هذا الوجه. فيقال: أضله الله، لا على الوجه الذي يتصوره الجهلة - وهو "أن الله تعالى أجبر الضالين على الضلال" - ولكن لما قلناه من أنه جعل الإضلال المنسوب إلى نفسه - أي: جعل الله الإضلال المنسوب إليه تعالى - للكافر والفاسق دون المؤمن، بل نفى عن نفسه إضلال المؤمن، فقال جل شأنه:) وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم ( (التوبة: 115) ، وقوله تعالى:) والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم (4) سيهديهم ويصلح بالهم (5) ( (محمد) ، وقـال في الكافـر والفاســق:) وما يضــل بـه إلا الفاسقيـن (26) ( (البقرة) [3]. ثانيا. قوله:) ويهدي من يشاء ( ليس معناه الانحياز إلى بعض عباده دون بعض:
ليس معنى قوله تعالى:) والله يهدي من يشاء ( (النور: 46) الانحياز إلى بعض العباد دون بعض، وإن انحاز إلى قسم من عباده فليس من حق أحد أن يقول لماذا فعلت هذا؟ لأن الله تعالى هو مالك الملك، هو المتصرف، ولا يملك أحد حقا لأي ادعاء أو اعتراض عليه سبحانه، فهو سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء
تاريخ الإضافة: 26/10/2017 ميلادي - 6/2/1439 هجري
الزيارات: 28213
♦ الآية: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: يونس (25). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ والله يدعو إلى دار السلام ﴾ وهي الجنَّة ببعث الرَّسول ونصب الأدلة ﴿ ويهدي من يشاء ﴾ عمَّ بالدَّعوة وخصَّ بالهداية مَنْ يشاء. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ ﴾، قَالَ قَتَادَةُ: السَّلَامُ هُوَ اللَّهُ وَدَارُهُ الْجَنَّةُ. وَقِيلَ: السَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ، سُمِّيَتِ الْجَنَّةُ دَارَ السَّلَامِ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَهَا سَلِمَ مِنَ الْآفَاتِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّلَامِ التَّحِيَّةُ سُمِّيَتِ الْجَنَّةُ دَارَ السَّلَامِ، لِأَنَّ أَهْلَهَا يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالسَّلَامِ وَالْمَلَائِكَةُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ﴾ [الرَّعْدِ: 23 -24].
الفهم الخاطئ لنسبة الإضلال إلى الله تعالى (*)
مضمون الشبهة:
يزعم بعض المشككين أن "الله" في الإسلام له سلطة الإضلال والهداية؛ فهو الذي يضل من يشاء، ويعينه على الضلال مستندين - خطا - إلى قوله تعالى:) فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ( (إبراهيم: 4). ويتساءلون: كيف يضل الله العباد وهو الذي أرسل الرسل وأنزل الكتب من أجل هداية البشر؟ أليس في هداية بعض الناس وإضلال بعضهم تحيز لفريق دون فريق؟! وجها إبطال الشبهة:
1) الله - عز وجل - هدى الناس جميعا بمعنى أنه جعلهم قابلين لفعل الخير، كما جعلهم قابلين لفعل الشر، وهذه هداية الدلالة والإرشاد، وهي التي تترتب عليها هداية التوفيق وشرح الصدر أو عدمها. 2) الآيات التي تنص على أن الله - عز وجل - يهدي من يشاء ويضل من يشاء لا تفيد - على التفسير الصحيح لها وللقضية بجملة جوانبها - انحيازا ذميما لبعض العباد على بعض. التفصيل:
أولا. إسناد الهداية والإضلال إلى الله - عز وجل - وحقيقتهما:
الله - عز وجل - حكم عدل يأمر بالعدل، ويحكم بالعدل:) إن الله يأمر بالعدل ( (النحل:90)، وحض على الحكم به:) وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ( (النساء:٥٨) ، والعدل معناه: إعطاء كل أحد ما يستحقه [1].
والله يهدي من يشاء الي صراط مستقیم
لَّقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (46) يقول تعالى ذكره: لقد أنـزلنا أيها الناس علامات واضحات دالات على طريق الحقّ وسبيل الرشاد ( وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) يقول: والله يرشد من يشاء من خلقه بتوفيقه، فيهديه إلى دين الإسلام، وهو الصراط المستقيم والطريق القاصد الذي لا اعوجاج فيه.
وأما اليهود، فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبياً لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء. وأما المنافقون، فقالوا: ما يدري محمد أين يتوجه، إن كانت الأولى حقاً فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق، فقد كان على باطل، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس. • قوله تعالى (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ …) فيه قولان. القول الأول: أن هذا إخبار من الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وللمؤمنين بأن السفهاء من اليهود والمنافقين سيقولون هذه المقالة عند أن تتحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة. وفائدة ذلك: أولاً: أنه عليه الصلاة والسلام إذا أخبر عن ذلك قبل وقوعه، كان هذا إخباراً عن الغيب فيكون معجزاً. وثانيها: أنه تعالى إذا أخبر عن ذلك أولاً ثم سمعه منهم، فإنه يكون تأذيه من هذا الكلام أقل مما إذا سمعه منهم. وثالثها: أن الله تعالى إذا أسمعه ذلك أولاً ثم ذكر جوابه معه فحين يسمعه النبي -عليه السلام- منهم يكون الجواب حاضراً، فكان ذلك أولى مما إذا سمعه ولا يكون الجواب حاضراً. [مفاتيح الغيب: ٤/ ٨٣].
والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم
o الثانى: أنه حكم بضلالهم عندما اختاروا الضلال بأنفسهم. o الثالث: أن الضال وجد في نفسه معاني لم يصنعها بنفسه، وإن تسبب فيها عندما اختار الضلال، وهي ثمرة ضلاله وما يترتب على ذلك من الطبع، والختم، والران. · والله تعالى يضل من يشاء بما تقتضيه حكمته، وإذا كنتم تعترضون على مشيئة الله المطلقة، فهل تتصورون إلها يحدث في ملكه ما لا يشاؤه؟! فهل يصلح للألوهية إله يرغم على فعل لا يريده [4] ؟! لكن هذه مشيئة الله الكونية العامة التي قد لا توافق مشيئته الشرعية، فهو - سبحانه وتعالى - يشاء شرعا ما لايشاؤه قدرا، ويشاء قدرا ما لا يشاؤه شرعا، وهي مسألة دقيقة زلت فيها أفهام كثيرة. ( *) حتى الملائكة تسأل، رحلة إلى الإسلام في أمريكا، جيفر لانغ، ترجمة: منذر العبسي، دار الفكر المعاصر، بيروت، 2001م. [1]. شرح العقيدة الواسطية، محمد صالح ال عثيمين ، دار ابن الجوزي، الرياض، ط3، 1416هـ، ج1، ص229. [2]. المفيد في علم التوحيد، حبيب الله حسن أحمد، مجموعة محاضرات ألقيت على طلاب كلية الدعوة، جامعة الأزهر، ص289. [3]. المفردات في غريب القرآن ، الراغب الأصفهاني، دار المعرفة، بيروت، د. ت، ص299. [4]. المفيد في علم التوحيد، حبيب الله حسن أحمد، مجموعة محاضرات ألقيت على طلاب كلية الدعوة، جامعة الأزهر ، ص191.
(سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (١٤٢)). [سورة البقرة: ١٤٢]. (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا) أي: سيقول ضعفاء العقول من الناس. (مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا) ما صرفهم وحولهم عن القبلة التي كانوا عليها وهي بيت المقدس، قبلة المرسلين قبلهم؟ • اختلف العلماء بالمراد بالسفهاء هنا: فقيل: مشركوا العرب، وقيل: أحبار اليهود، وقيل: المنافقون، قال ابن كثير: والآية عامة في هؤلاء كلهم. • قال السعدي: دلت الآية على أنه لا يعترض على أحكام الله إلا سفيه جاهل معاند، وأما الرشيد المؤمن العاقل فيتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم. • قال ابن القيم: وكان لله في جعل القبلة إلى بيت المقدس؛ ثم تحويلها إلى الكعبة حِكَم عظيمة، ومحنةٌ للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين. فأما المسلمون، فقالوا: سمعنا وأطعنا، وقالوا (آمنا به كل من عند ربنا) وهم الذين هدى الله، ولم تكن كبيرة عليهم. وأما المشركون، فقالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا أنه الحق.