الآية ﴿فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ﴾ [القصص ٢٤] إنّ هذه الآية تكشف لنا خلقين عظيمين تخلق بهما الأنبياء الكرام، ومنهم موسى عليه السلام ألا وهما: نفع الناس والتواضع، ومن جمع هذين، فقد بلغ في محاسن الأخلاق شيئاً عظيماً. يظهر الخلق الأول في قوله تعالى (فَسَقَىٰ لَهُمَا) حيث بادر موسى عليه السلام إلى فعل الخير رغم ما أصابه من تعب ونصب وخوف، فبمجرد رؤية المرأتين تنتظران حتى انصراف الرعاء؛ سقى لهما، دون معرفة سابقة ولم يطلب مقابلاً؛ ولذلك عتب عليه الخضر- على ما ذكر- يوم قال في شأن القرية التي استطعما أهلها: ﴿ قَالَ لَوۡ شِئۡتَ لَتَّخَذۡتَ عَلَیۡهِ أَجۡرࣰا﴾ [الكهف ٧٧] تذكيراً له عليه السلام بفعل الخير دون مقابل وهو ما اعتاد من قبل. (ثُمَّ تَوَلَّىٰۤ إِلَى ٱلظِّلِّ) بعد فعل المعروف تنحى بعيداً؛ لأنّه لا ينتظر جزاءً ولا شكوراً من أحد، وحتى لا يحرج من بذل له المعروف ابتعد عنها، كما أنّ ذلك يدل على تعبه ونصبه من رحلة المطاردة والخوف، ولبذل المعروف في مثل هذه الظروف شأن المختلف، فقد يعجب الإنسان فيها وبفعله، ولكن موسى عليه الصلاة والسلام ناجى ربه في تلك اللحظة فقال (رَبِّ إِنِّی لِمَاۤ أَنزَلۡتَ إِلَیَّ مِنۡ خَیۡرࣲ فَقِیرࣱ) وهنا يظهر التواضع لصاحب الفضل، وهو رب العالمين، فلم يحمله الفهل على أن يتفاخر بنفسه ولا أن يعجب بها، بل أقر بفضل الله عليه.
- فعل الخير دون مقابل الليرة
- تفسير: (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء)
فعل الخير دون مقابل الليرة
فعل الخير ومساعدة الآخرين من أفضل الأشياء التي يقوم بها الإنسان ، فقد حثت جميع الأديان على فعل الخير ومساعدة الآخرين وإمداد يد العون لمن يحتاج المساعدة، وقد اختص الله تعالى صاحب فعل الخير بالمكانة والمنزلة العالية، حيث تعتبر الأعمال الخيرية سببًا في تقدم الأمم، وينعكس بطريقة إيجابية على الفرد والمجتمع، وفي المقال التالي في الموسوعة نبين أهمية فعل الخير وأثره على المجتمع. معنى فعل الخير
فعل الخير هو أن يقوم الشخص بعمل بعض الأعمال المفيدة للآخرين راجيًا بهذا الفعل رضا الله سبحانه وتعالى، دون انتظار أي مقابل أو شكر، حيث يساعد المحتاجين، وغير القادرين ويمد لهم يد العون، كما يساعد في بعض الأشخاص في اجتياز مشكلة ما.
المسائل أعقد بكثير مما نتصور فيأتينا الخير أحيانا مما نكره ويأتينا الشر مما نحب. أمريكا هي المناخ الحر الذي يرتع فيه الخير والشر معاً. إن للشر دائماً وجها آخر خفيا هو عين الخير. و المجرم يتداعى حوله المجرمون والخير الفاضل يقع على شاكلته. و لنثق دائما بأن الله كله خير وبأن مشيئته كلها رحمة. اذا نامت الرعية نام الخير والشر. المؤمن يستمد حبه لهذه القيم (الحقيقة والخير والجمال) من الدين، أما الحرّ فيحبها لذاتها. لئن نبقى بلا دور في بلد له دور خير من أن يكون لنا دور في بلد لا دور له. لا تجمد نفسك في نمط، النمطية مفيدة ولكن المرونة خير وأبقى. الوعي المتأخر خير من الحماقة المستدامة. الخير يُطارد الإنسان بطبعه، والإنسان يُطارد الشر بطبعه. قال الحرامي النبيه لأخيه.. خير من أن تلعن الظلام إسرق فيه. معاتبة الأخ خير من فقده. موت في قوة وعز خير من حياة في ذل وعجز. اسمع الملك خير من أن تراه. خادم رجل ذكي خير من سيد خادم غبي. ديك يوماً واحداً خير من دجاجة طوال سنة. رفيق درب أنيس خير من رفقة جماعة. خبز ناشف في زمن السلم خير من اللحم في زمن الحرب. أن تكون مذنبا في عين الناس خير من أن تكون مذنبا في عين الله.
وسبق أنْ ذكرنا في هذا الصدد قوله تعالى عن القيامة: { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ... } [النحل: 1] وقد وقف السطحيون أمام هذه الآية يقولون: وهل يستجعل الإنسان إلا ما لم يَأْتِ بَعْد؟ لأنهم لا يفهمون مراد الله، وليست لديهم مَلَكة العربية، فالله تعالى يحكم على المستقبل، وكأنه ماضٍ أي مُحقّق؛ لأنه تعالى لا يمنعه عن مراده مانع، ولا يحول دونه حائل. ولفظ الأجل جاء في القرآن في مواضع كثيرة، منها: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] وفي الآية التي معنا: { فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لآتٍ... من كان مع الله. } [العنكبوت: 5]. والأجلان مختلفان بالنسبة للحضور الحياتي للإنسان، فالأجل الأول يُنهي الحياة الدنيا، والأجل الآخر يُعيد الحياة في الآخرة للقاء الله عز وجل، إذن: فالأجلان مرتبطان. والحق - سبحانه وتعالى - حينما يعرض لنا قضية غيبية يُؤنِسنا فيها بشيء حسيٍّ معلوم لنا، حتى يستطيع العقل أن ينفذ من الحَسيِّ إلى الغيبي غير المشاهد. وأنت ترى أن أعمار بني آدم من هذه الحياة تتفاوت: فواحد تغيض به الأرحام، فلا يخرج للحياة، وواحد يتنفس زفيراً واحداً ويموت.. إلخ.
تفسير: (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء)
(36) في المطبوعة والمخطوطة "وابتداؤها خبر من الله" ، وهو سياق لا يستقيم ، والظاهر أن ناسخ المخطوطة لما نسخ ، أشكل على بصره ، "الآية" ثم "لأن" بعقبها. من كان مع ه. فأسقط "لأن" ، وكتب "وابتداؤها" ، ورسم الكلمة في المخطوطة "وابتداها" ، فلذلك رجحت ما أثبته ، وإن كان ضبط السياق وحده كافيًا في الترجيح. (37) في المخطوطة والمطبوعة: "يعني بذلك جل ثناؤه بقوله" ، وإقحام "بذلك" مفسدة وهجنة في الكلام ، فأسقطتها ، وهي سبق قلم من الناسخ. (38) الأثر: 8277 - سيرة ابن هشام 3: 128 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8275.
وسبق أن قُلْنا: إن الأزمان ثلاثة: حاضر نشهده، وماضٍ غائب عنا لا نعرف ما كان فيه، ومستقبل لا نعرف ما يكون فيه. والحق سبحانه يعطي لنا في الوجود المشاهد دليلَ الصدق في غير المشاهد، فنحن مثلاً لا نعرف كيف خلقنا الخَلْق الأول إلا من خلال ما أخبرنا الله به أن أَصلْ الإنسان تراب اختلط بالماء حتى صار طيناً، ثم حمأ مسنوناً، ثم صلصالاً كالفخار.. ثم جعل نسل الإنسان من نطفة تتحول إلى علقة، ثم إلى مضغة، ثم إلى عظام، ثم تُكْسى العظام لحماً. وإنْ كان العلم الحديث أرانا النطفة والعلقة والمضغة، وأرانا كيف يتكوَّن الجنين، فيبقى الخَلْق الأول من تراب غيباً لا يعلمه أحد. ولا تُصدِّق من يقول: إني أعلمه؛ لأن الله تعالى حذرنا من هؤلاء المضلين في قوله: { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً} [الكهف: 51]. تفسير: (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء). فلا علمَ لهم بخَلْق الإنسان، ولا علمَ لهم بخَلْق ظواهر الكون، فلا تسمع لهم، وخُذْ معلوماتك من كتاب ربك الذي خلق سبحانه، ويقوم وجود المضلين الذين يقولون: إن الأرض قطعة من الشمس انفصلتْ عنها، أو أن الإنسان أصله قرد - يقوم وجودهم، وتقوم نظرياتهم دليلاً على صدق الحق سبحانه فيما أخبر.