وأردف شارحًا: "ومع ذلك قال لنا على الأبواب، وقالوا إن كان ذلك من علم الشيطان في علم القسم أولاً، وفي تحديد الطريقة ثانيًا، فمن غفلة الشيطان أنه دلنا على طرقه ناحية المؤمن وذلك من رحمة الله بالمؤمن. " أول جريمة على الأرض النفس الأمّارة بالسوء هي التى تزين المعصية والشر للإنسان، وكأنها حليف للشيطان وعون له على ابن آدم لكي يقع فيما يغضب الله عز وجل من أقوال وأفعال، وقد حفل القرآن الكريم بالعديد من القصص التي تبرز وتكشف دور النفس اللوامة في جر الإنسان إلى المعصية. وظهرت هذه النفس الشريرة مع أول جريمة فى تاريخ البشرية بين إبنى آدم حين قتل الأخ شقيقه مرتكبا أول جريمة قتل. فى جريمة القتل هذه يقول جل وعلا عن القاتل: ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ) ﴿٣٠﴾ يوسف). نفسه هى التى طوعت له قتل أخيه فقتله، ( طوّعت) أى بررت وإستحلّت ، والسبب هو ( الحسد) وهذا الحسد مبعثه ( الأنانية) أو ( شُحُّ) النفس. لماذا نصوم رمضان!. مع إخوة يوسف كما ظهرت تلك النفس الذميمة فى قصة يوسف نرى حسد وحقد أُخوة يوسف عليه وعلى أخيه وقولهم: ( لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ، سورة يوسف)، جاء التبرير بأنهم بعد جريمتهم سيتوبون ويكونون صالحين.
لماذا نصوم رمضان!
2) الصدق مع النفس.. بأن يكون بينه وبين نفسه مصالحة فيما يعتقده وما يفعله.. وأن ينصح نفسه؛ حتى لا تميـل مع الشهوات وتركن إليها.. فيُحاسب نفسه قائلاً: يـــا نفسُ، أخلصي تتخلصي... واصدقي تصلي إلى شواطيء الطمأنينة وتبتعدي عن الريب والشكوك،، 3) الصدق مع النــاس.. فلا يظهر أمام الناس بوجه مُختلف عن الوجه الذي بينه وبين الله تعالى. الصفة السادسة: التقوى.. الصفة السابعة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. الصفة الثامنة: الإحسان إلى عبـــاد الله.. الصفة التاسعة: الولاء والبــراء.. الصفة العاشرة: حُسن الخُلُق.. نسأل الله تعالى أن يمُنَّ علينا بهذه الصفات وأن يجعلنا من أصحـــاب النفوس المطمئنة،،
الذى يهمنا هو تعبير (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) يوقى من الوقاية أى إن الشح مرض نفسى خطير. وبسبب هذا الشح أو تلك الأنانية تحدث المتاعب والمآسى فى العالم ، وحتى بين الزوجين ، قال جل وعلا: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴿١٢٨﴾ النساء) وقوله جل وعلا ( وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ) يعنى أن ( الشُّح) أصيل فى النفس لأنه الناحية الشريرة فى النفس البشرية ، والعلاج هو الإحسان والتقوى. من هنا يأتى الوعظ للأنا العليا. التغلب على النفس الأمارة بالسوء وكسرها ليس صعبًا ولا مستحيلاً اصدق الله يصدقك والتغلب على النفس الأمارة بالسوء وكسرها ليس صعبًا ولا مستحيلاً، فمن أراد الإقلاع عن الذنب والتوبة الصادقة إلى الله عز وجل عليه أن يجدّ في عمله ويصدق الله تعالى حتى يعينه على التغلب على هواه وشهواته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن تصدق الله يصدقك.. ". رواه النسائي في سننه.
وقال آخرون: بل ذلك لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، دون سائر النساء غيرهنّ. *ذكر من قال ذلك: حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)... الآية، أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة. الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا. وقال آخرون: نـزلت هذه الآية في شأن عائشة، وعني بها كلّ من كان بالصفة التي وصف الله في هذه الآية، قالوا: فذلك حكم كلّ من رمى محصنة، لم تقارف سُوءًا. *ذكر من قال ذلك: حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد، عن جعفر بن برقان، قال: سألت ميمونا، قلت: الذي ذكر الله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ... إلى قوله: إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فجعل في هذه توبة، وقال في الأخرى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ)... إلى قوله: ( لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) قال ميمون: أما الأولى فعسى أن تكون قد قارفت، وأما هذه، فهي التي لم تقارف شيئا من ذلك.
ان الذين يرمون المحصنات الغافلات
فلنا الحق في أن نقتله، لأن هذا حق رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا نعلم أنه عافاه. وخلاصة ذلك أن الذين قالوا: إن من قذف زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم لا توبة له، يريدون بذلك أنه لا يرتفع عنه القتل، ولا يريدون أن الله تعالى لا يعفو عنه، فإن الله تعالى يقبل توبة كل تائب. معنى قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ..) يقصد بالمحصنات - منبع الفكر. وإذا أردت أن تعرف مدى عظم قذف إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالزنى، فانظر ماذا أنزل الله تعالى في الذين جاءوا بالإفك من الآيات العظيمة التي هي كالصواعق على من جاء بالإفك؛ انظر إلى قوله تعالى: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾. يتبين لك مدى عظم قذف زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام بالزنى. فنسأل الله تعالى أن يبتر لساناً قذف إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالزنى، وأن يسلط عليه من يقيم الحد إنه على كل شيء قدير.
و الذين يرمون المحصنات
والمستثنى على هذا في محل جر على البدل من الضمير في قوله: ﴿ لَهُمْ ﴾، وعلى مذهب أبي حنيفة هو في محل نصب. والإشارة في قوله ﴿ ذَلِكَ ﴾ لما اقترفوه من الذنب، والتعبير بآلة البعيد لتعظيم خطره. وقد اختلفوا في المراد بالإصلاح:
فقيل: هو أن يكذِّب نفسه فيما قال. وقال مالك وبعض أهل العلم: هو أن تستمر توبته ويحسن حاله. وقوله: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ تعليل لما يفيده الاستثناء من العفو عن المؤاخذة. الأحكام:
1- يجب على من رمى محصنًا بالزنا أن يأتي بأربعة شهداء لإثبات ما ادعاه، وإلا ضُرب حد القذف. تفسير آية: { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء... }. 2- إذا أحضر الرامي الشهود الأربعة بَرِئت ساحته. 3- إذا نقص الشهود عن أربعة، ضُربوا حد القذف ثمانين جلدة. 4- حد القذف لا تسقطه توبة القاذف. 5- لا تقبل شهادة المحدود في القذف إلا أن يتوب. 6- من وصف محدودًا في القذف بالفسق لا يعزر. 7- إذا تاب المحدود في القذف ارتفع عنه وصف الفسق.
الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
وقد يعد اعتداء الرجل بزناه أشد من اعتداء المرأة بزناها لأن الرجل الزاني يضيع نسب نسله فهو جان على نفسه ، وأما المرأة فولدها لاحق بها لا محالة فلا جناية على نفسها في شأنه ، وهما مستويان في الجناية على الولد بإضاعة نسبه فهذا الفارق الموهوم ملغى في القياس. أما عدم قبول شهادة القاذف في المستقبل فلأنه لما قذف بدون إثبات قد دل على تساهله في الشهادة فكان حقيقاً بأن لا يؤخذ بشهادته. و الذين يرمون المحصنات. والأبد: الزّمن المستقبل كله. واسم الإشارة للإعلان بفسقهم ليتميزوا في هذه الصفة الذميمة. والحصر في قوله: { وأولئك هم الفاسقون} للمبالغة في شناعة فسقهم حتى كأن ما عداه من الفسوق لا يعد فسقاً.
ان الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
تفسير آية: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ... ﴾
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 4، 5]. الغَرَض الذي سِيقَتْ له الآيتان: بيان حد القذف وما يتعلق به. ومناسبتهما لما قبلهما: لما ذكر حد الزنا وحكم نكاح الزناة، بيَّن هنا حد القذف بالزناة وما يتعلَّق به. ومعنى ﴿ يَرْمُونَ ﴾ يقذفون، والمراد هنا: القذف بالزنا لدلالة السياق عليه؛ إذ الكلام قبله وبعده في شأن الزنا؛ كما أنَّ قوله: ﴿ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ يدل على ذلك؛ إذ إن هذا العدد إنما يُشترط لإثبات الزنا خاصة. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - توجيه قوله تعالى : "إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة..". ولا يُشترط في الرامي أن يكون رجلًا: للإجماع على عدم اشتراط الذكورة في القاذف. كما أنَّ قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ ﴾ يشمل بعمومه مَن قذف زوجته، لكن الزوج مخصوص بقوله فيما بعد: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾. و(المحصنات) جمع مُحصَنة، وأصل الإحصان المنع، والمحصَن - بفتح الصاد - يطلق على معنى اسم الفاعل، وعلى معنى اسم المفعول، فقد سُمع في كلام العرب: أحصن فهو محصَن، وأسهب فهو مسهَب، وأفلج - إذا افتقر - فهو مفلَج، وعلى وزن اسم المفعول في الجميع.
السؤال:
هذا السائل أبو عبد الله من القصيم يقول: قرأت في الآية الكريمة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾. قرأت بأن فيها دليلاً على أن قاذف زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم لا توبة له. أليس باب التوبة مفتوحاً إذا تاب العبد؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال. الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. ان الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا. من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾. وقال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾.