وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "مثَلُ مُحقَّرات الذنوبِ كمثَلِ قومٍ سَفْرٍ نزلوا بأرضِ قَفْرْ معهم طعامٌ لا يُصلِحُهم إلا النار ُ، فتفرَّقوا فجعلَ هذا يجيء بالرَّوْثة، ويجيء هذا بالعظْم، ويجيء هذا بالعُودِ، حتى جمعوا من ذلك ما أصلَحوا به طَعامَهم، فكذلك صاحبُ المُحقَّراتِ، يكذبُ الكَذْبة، ويذنب الذَّنبَ، ويَجمُعُ من ذلك ما لعلَّه أن يَكبَّه الله به على وجههِ في نارِ جهنَّمَ ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إنَّ الشيطان َ قد أيسَ أن يُعبَدَ بأرضِكم هذه، ولكنَّه قد رَضِيَ منكم بما تَحقِرون ». شرح حديث إياكم ومحقرات الذنوب - إسلام ويب - مركز الفتوى. خلِّ الذنوبَ حقيرَها وكثيرَها فهو التُّقَى كنْ مثلَ ماشٍ فوقَ أرضِ الشَّوكِ يحذَرُ ما يرَى لا تحقِرَنَّ صغيرةً إنَّ الجبالَ من الحصَى وقال أبو عبد الرحمن الحُبُلي رحمه الله: مثَلُ الذي يجتنِبُ الكبائرَ ويقَعُ في المُحقَّرات كرجلٍ لقَاه سبعٌ فاتَّقاه حتى نجَا منه، ثم لقِيَه فحْلُ إبلٍ فاتَّقاه فنجَا منه، فلدَغتْه نملةٌ فأوجعَتْه، ثم أخرى، ثم أخرى، حتى اجتمعْنَ عليه فصَرَعْنَه، وكذلك الذي يجتنبُ الكبائرَ ويقَعُ في المُحقَّرات. إنَّ الذنوبَ صغيرَها وكبيرَها كالقذَرِ الذي يُصيبُ ثوبَك، فهل ترضى أن يُصِيبَ ثوبَك أيُّ وسخٍ ولو كان صغيرًا أو حقيرًا؟ المؤمنُ يخشَى ذنوبَه وإن كانتْ صِغارًا: عن الحارثِ بن سُويْدٍ رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن مسعود حديثين: أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر عن نفسِه، قال: « إنَّ المؤمنَ يرى ذنوبَه كأنَّه قاعدٌ تحت جبلٍ يخافُ أن يقَعَ عليه، وإنَّ الفاجرَ يرى ذنوبَه كذبابٍ مرَّ على أنفِه فقالَ به هكذا » ، قال أبو شهابٍ الزهري: بيده فوق أنفه.
شرح حديث إياكم ومحقرات الذنوب - إسلام ويب - مركز الفتوى
فالأمر خطير جداً يستحق الوقوف عنده كثيراً والتفكير فيه طويلاً،ذلك أن المؤمن
يحاسب نفسه ويرى عظم ما ارتكب من خطأ؛ فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إن
المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الكافر يرى ذنوبه كذباب
مرّ على أنفه فقال به هكذ، وأشار بيده فوق أنفه..
وسبب كون صغار الذنوب ومحقراتها مهلكة لسببين:
الأول: كثرتها التي قد تؤدي إلى الهلاك. الثاني: الاستهانة بها واحتقارها الذي يؤدي إلى كبرها وعظمها عند الله. وأخيراً -أخي المسلم-
لا تنظرِ إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت كما قال هلال بن سعد: "لا
تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن أنظر إلى من عصيت"، وقال الفضيل بن عياض: "بقدر ما يصغر
الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله" 6..
نسأل ا لله أن يقينا شر أنفسنا، وسيئات أعمالنا، وأن يغفر زلاتنا، ويتوفانا وهو راض
عنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اياكم ومحقرات الذنوب فانهن. 1
رواه أحمد، وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند:
"حسن لغيره". 2
فيض القدير (3 /127) للمناوي. 3
رواه البخاري. 4
رواه أحمد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم(2471). 5
فيض القدير(3/127).
إنَّ المؤمنَ الصَّادقَ يخافُ ذنوبَه، سواء كان هذا الذنبُ صغيرًا أو كبيرًا، وأما الكافرُ والفاجرُ فهو يعصِي الله تعالى ليلًا ونهارًا ولا يُبالي بذنوبِه، وهذا حالُ كثيرٍ من أهلِ زماننا، وإنا لله وإنا إليه راجعون. عن أنس رضي الله عنه قال: «إنكم لتعمَلون أعمالًا، هي أدقُّ في أعيُنِكم من الشَّعرِ، إنْ كنَّا لنعُدُّها على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من المُوبقاتِ»، يعني المهلكاتِ. وقال عُبادَةُ بن قُرْطٍ رضي الله عنه: إنَّكم لتأتُون أمورًا هي أدَقُّ في أعيُنِكم من الشَّعرِ، كنا نعُدُّها على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الموبقَات. قال حميد: فذُكِرَ ذلك لمحمدِ بن سيرين، فقال: صدقَ، وأرَى جرَّ الإزارِ منها. كان أنس وعبادة رضي الله عنهما يقولان ذلك في زمان القرون الخيرية، فكيف لو جاؤوا فرأوا أهلَ زماننا؟ ومُحقَّراتِ الذنوب تحتمل معانٍ: الأول: ما يفعلُه العبدُ من الذنوبِ، متوهِّما أنه من صغارِها، وهو من كبار الذنوب عند الله تعالى. والثاني: ما يفعلُه العبدُ من صغائرِ الذنوبِ، دون مبالاةٍ بها، ولا توبةٍ منها، فتجتَمعُ عليه هذه الصغائرُ حتى تُهلِكَه. والثالث: ما يفعلُه العبدُ من صغائرِ الذنوبِ، لا يبالي بها، فتكونُ سببًا لوقوعِه في الكبائرِ المُهلِكة.
فقد صور الشيء المعقول بالشيء الحسي تقريباً للأذهان وجلاء للمعاني. وهذا المعنى الجميل الذي تضمنه المثل في تصوير أخاذ ودقة بالغة يحدثنا عنه د. محمد رجب البيومي - الأستاذ بجامعة الأزهر- فيقول: بعد أن وضح أن الإنفاق لابد أن يكون لله وحده حتى ينال الثواب الذي تحدث عنه المثل الأول، ثم من الذي يستحوذ على هذه المضاعفات الجزيلة حين يجود بالإنفاق؟ لقد علم الله من أمراض النفوس البشرية ما يدفعها إلى زلتين خطيرتين إذ تتعالى بصدقتها على الفقراء مباهاة وغطرسة فتندفع إلى المن المستعلي تارة وإلي التفاخر بالعطاء كسباً للإعجاب الأرضي وجلباً للتقدير البشري تارة أخري، مع أنها ما سمحت بالخير إلا بعد أن رأت وعود السماء بمضاعفة الأجر وإجزال المثوبة. 501 من: ( باب النَّهي عن المَنِّ بالعطية ونحوها). وكأنها لا تقنع بثواب الآخرة وحده حين تشرك بالله من تحرص على مراءاته فتنفق المال طمعاً في نباهة الذكر بين الناس أو تمن به إرضاء لنزعة استعلاء مقيت. أجل لقد علم الله أمراض النفوس، فحذر منها في تصوير أخاذ إذ قال: زيا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى». ويضيف: كيف يكون شعور هذا الواعي حين يبذل الحسنة الواحدة منتظراً أن تكون لدي الله سبعمائة كما وعد، ثم تكون عاقبته كالعاقبة المتوقعة لحجر من الأحجار عليه تراب قليل جاءه وابل فتركه صلداً لا يقدر على نماء، واختيار الصفوان في هذا الموقف مما يناسب الجو التصويري فكم بين البخيل الذي لا يجود ابتغاء مرضاة ربه طلباً للزلفي الدنيوية وبين الحجر الصلد من مشابه في إمساك الخير، وفقد الحس وموت الشعور.
معنى آية لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى | سواح هوست
ت + ت - الحجم الطبيعي
يقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين» (البقرة: 264). هذا المثل يأتي عقب نداء من الحق تبارك وتعالى لعباده المؤمنين، أن يتجردوا من عوامل الإحباط للثواب، وأن يكون عملهم خالصاً لوجه الله، فالصدقة التي خرجت من نفوسهم طواعية دون إجبار أو إكراه، ينبغي ألا تذهب أدراج الرياح، والإنفاق الذي أنفقوه برضا وارتياح، ودلل على نفسية رجل مسماح، لا يليق، أن يتبدد في الغدو والرواح. لقد نصحهم القرآن بالبعد عن أمرين المن والأذى لأنهما يبطلان ثواب الصدقة، ثم لا فائدة في الدنيا ولا في الآخرة، لقد ذهب ماله وحبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين، وحتى تتضح عاقبة الصدقة التي أتبعت بالمن والأذيى، يصوره في قالب حسي مشاهد لأنه لم يقصد بعمله وجه الله، وإنما كان عمله رئاء الناس إضافة إلى أنه لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة البقرة - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى - الجزء رقم1. فكانت هيئته وصورته كمثل حجر عليه تراب فنزل عليه المطر فأزال التراب وتركه صلداً، ليس على استعداد لإنبات نبات أو استخراج زرع فقد تجرد من الفوائد والمنافع، كذلك المنفق رئاء الناس أو الذي يتبع صدقته بالمن والأذى لا يناله من عمله الذي هو ظاهر الصلاح شيء.
* * * وأما قوله: ( ولا يؤمن بالله واليوم الآخر) ، فإن معناه: ولا يصدق بوحدانية الله ورُبوبيته, ولا بأنه مبعوث بعد مماته فمجازًى على عمله, فيجعل عمله لوجه الله وطلب ثوابه وما عنده في معاده. وهذه صفة المنافق; وإنما قلنا إنه منافق, لأن المظهرَ كفرَه والمعلنَ شركه، معلوم أنه لا يكون بشيء من أعماله مرائيًا. لأن المرائي هو الذي يرائي الناس بالعمل الذي هو في الظاهر لله، وفي الباطن مريبة سريرةُ عامله، مرادٌه به حمد الناس عليه. (85). والكافر لا يُخِيلُ على أحدٍ أمرُه أن أفعاله كلها إنما هي للشيطان (86) إذا كان معلنًا كفرَه لا لله. ومن كان كذلك، فغير كائن مرائيًا بأعماله. * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 6039 حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال أبو هانئ الخولاني, عن عمرو بن حريث, قال: إن الرجل يغزو, لا يسرق ولا يزني ولا يَغُلّ, لا يرجع بالكفاف! فقيل له: لم ذاك؟ قال: إن الرجل ليخرج، (87). فإذا أصابه من بلاءِ الله الذي قد حكم عليه، سبَّ ولعَن إمامَه ولعَن ساعة غزا, وقال: لا أعود لغزوة معه أبدًا! فهذا عليه, وليس له = مثلُ النفقة في سبيل الله يتبعها منٌّ وأذى. معنى آية لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى | سواح هوست. فقد ضرب الله مثلها في القرآن: ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صَدقاتكم بالمنّ والأذى) ، حتى ختم الآية.
501 من: ( باب النَّهي عن المَنِّ بالعطية ونحوها)
طبعا الأفضل في إخفائها.
تفسير القرآن الكريم
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة البقرة - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى - الجزء رقم1
9 - ومن فوائد الآية: إثبات اليوم الآخر؛ وهو يوم القيامة. 10 - ومنها: بلاغة القرآن في التشبيه؛ لأنك إذا طابقت بين المشبه، والمشبه به، وجدت بينهما مطابقة تامة. 11 - ومنها: إثبات كون القياس دليلاً صحيحاً؛ وجه ذلك: التمثيل، والتشبيه؛ فكل تمثيل في القرآن فإنه دليل على القياس؛ لأن المقصود به نقل حكم هذا المشبه به إلى المشبه. 12 - ومنها: أن الرياء مبطل للعمل؛ وهو نوع من الشرك؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»(147)؛ فإن قصد بعمله إذا رآه الناس أن يتأسى الناس به، ويسارعوا فيه فهي نية حسنة لا تنافي الإخلاص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر، وقال: «إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلَّموا صلاتي»(148)؛ وفي الحج كان صلى الله عليه وسلم يقول: «لتأخذوا مناسككم»(149)؛ وهو داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة»(150).
ثالثا: ( كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ) أي الذي ينفق ماله لكي يراه الناس و يقولوا عليه معطاء وكريم ويتظاهر بالكرم والجود ويقول عليه الناس أجمل الصفات ويقدموا له الثناء الحسن ويبتغي رضى الناس ولا يبتغي رضى الله عز وجل هذا يقول له الله يوم القيامة خذ أجرك من إبتغيت رضاهم و بالطبع لا أجر لهم وهذا الشخص قد خسر مرتين خسر ماله الذي انفقه لأنه لم يأخذ عليه أجر ولا يعوضه الله وخسر الأجر يوم القيامة ليرى عمله حسرات. رابعا: (وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي لا يؤمن بالله ولا يشهد بوحدانية الله عز وجل لا يؤمن بيوم القيامة ولا بيوم البعث. خامسا:(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا) الصفوان هو الحجر الأملس الذي لا يرى مسامه بالعين المجردة وهو حجر املس ناعم عندما يكون عليه تراب ثم يأتي المطر يتزلق التراب بكل سهولة واذا كان الحجر غير ناعم ونزل عليه المطر ليبقى جزء من التراب كذلك المرائي الذي ينفق ماله رئاء الناس كحجر صفوان عليه تراب اذا جاء المطر لم يبقى منه شئ. سادسا:(لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) أي الذي فقد امتلاك أي شئ فقد ماله وفقد أجره وذلك بسب ريائه.