محمد حماد
قال تعالى: «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره.. تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ...} [الزلزلة:7]. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره»، (سورة الزلزلة). قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: نزلت «إذا زلزلت الأرض زلزالها» وأبو بكر الصديق - رضي الله عنه - قاعد فبكى أبو بكر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك يا أبا بكر؟» قال: أبكاني هذه السورة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم لا تخطئون ولا تذنبون لخلق الله أمة من بعدكم يخطئون، ويذنبون فيغفر لهم». وقال الشيخ أبو إسحق الحويني: «كلما مرت بي هذه الآية لا أكاد أرى رحمة الله، هل يحاسبنا بالذرة ومثقال الذرة؟ وهل يمكن أن يفلت أحد منا، وكيف يفلت؟ إن حساب الله شديد، ومن نظر إلى عقوبة الله لم يطمع في رحمة الله، ومن نظر في رحمة الله عز وجل لم ينظر قط إلى عقابه، وهكذا يعبد العبد ربه بين الخوف والرجاء». الميزان الحق
وذكر صاحب «أسباب النزول» قول مقاتل في الآيتين قال: «نزلت في رجلين كان أحدهما يأتيه السائل فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ويقول: ما هذا شيء، وإنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير: الكذبة والغيبة والنظرة ويقول: ليس عليَّ من هذا شيء، إنما أوعد الله بالنار على الكبائر، فأنزل الله عز وجل يرغبهم في القليل من الخير، فإنه يوشك أن يكثر، ويحذرهم اليسير من الذنب، فإنه يوشك أن يكثر».
ص10 - كتاب لقاء الباب المفتوح - تفسير قوله تعالى فمن يعمل مثال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره - المكتبة الشاملة الحديثة
فهذا معنى الآية الكريمة: الحث على تحصيل الخيرات ولو قليلة، ولو دقيقة، والحذر من الشرور وإن كانت قليلةً، فإنها تجتمع حتى تهلك العبد، كما أن الخير -وإن قلَّ- يجتمع حتى ينفع العبد في آخرته، وفي دنياه، والله أعلم. نعم.
ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
السؤال:
أخٌ لنا من الدمام يقول (م. أ. ح. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. ج)، أخونا له سؤالان عن شرح آياتٍ من القرآن الكريم، في سؤاله الأول يقول: أرجو أن تتفضلوا بشرح الآيات التالية بعد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7، 8]. الجواب:
هاتان الآيتان الكريمتان على ظاهرهما، وسمَّاها النبي ﷺ الآية الفاذة الجامعة، يعني: أنها جمعت الخير والشر، ففيها الترغيب والترهيب، والحث على الخير، والتحذير من الشر، وأن العبد لا يضيع عليه شيءٌ من عمله الصالح، وأن سيئاته سوف يلقاها ويراها إلا أن يتوب الله عليه ويعفو عنه؛ ولهذا قال سبحانه: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه [الزلزلة:7]. وهذا يدل على أنه لا يضيع لك شيءٌ من أعمالك الصالحة، بل تُحصى لك، وتُكتب لك، وتوفاها يوم القيامة، كما قال في الآية الأخرى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، فهو لا يظلم أحدًا مثقال ذرَّةٍ، بل هو الحكم العدل، يُعطي كل عاملٍ بعمله: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49] ، وإن كانت الزِّنَة لخيرٍ ضُوعِف: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [النساء:40] يعني: وإن تكن الفعلة التي فعلها الإنسان حسنةً ضاعفها الله له: وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40].
تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ...} [الزلزلة:7]
إن من أعظم توفيق الله تعالى لعبده أن يعظّم الله، ومن أظهر صور تعظيم الرب جل وعلا: تعظيم أمره ونهيه، وإجلال الله عز وجل وتوقيره، فلا يحقرن صغيرةً من الذنوب مهما صغر الذنب في عينه؛ لأن الذي عُصي هو الله عز وجل، كما قال بلال بن سعد رحمه الله: "لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر من عصيت"(8). وتأمل مقولة الإمام الجليل عون بن عبدالله: حينما قرأ قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف: 49] ـ قال: ـ: "ضج ـ والله ـ القوم من الصغار قبل الكبار" (9)، فمن كان قلبه حياً تأثر بأي معصية، كالثوب الأبيض الذي يؤثر فيه أي دنس، وإلا فإن العبد إذا لم يجد للذنوب أثراً ـ وإن كانت من الصغائر ـ فليتفقد قلبه، فإنه على شفا خطر! ولابن الجوزي: كلمات نفيسة في هذا الموضوع في كتابه: "صيد الخاطر". ص10 - كتاب لقاء الباب المفتوح - تفسير قوله تعالى فمن يعمل مثال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره - المكتبة الشاملة الحديثة. ولهذا لما قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا! ـ تعنى قصيرة ـ فقال: «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته» رواه أبو داود والترمذي وصححه(10).
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن داود, عن عامر, عن علقمة, أن سلمة بن يزيد الجعفي, قال: يا رسول الله, إن أمنا هلكت في الجاهلية, كانت تصل الرحم, وتَقْرِي الضيف, وتفعل وتفعل, فهل ذلك نافعها شيئا؟ قال: " لا ". حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا الحجاج بن المنهال, قال: ثنا المعتمر بن سليمان, قال: ثنا داود, عن الشعبيّ, عن علقمة بن قيس, عن سلمة بن يزيد الجعفي, قال: ذهبت أنا وأخي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلت: يا رسول الله, إن أمنا كانت في الجاهلية تقري الضيف, وتصل الرحم, هل ينفعها عملها ذلك شيئا؟ قال: " لا ". حدثني محمد بن إبراهيم بن صدران وابن عبد الأعلى, قالا ثنا المعتمر بن سليمان, قال: ثنا داود بن أبي هند, عن الشعبي, عن علقمة, عن سلمة بن يزيد, عن النبي صلى الله عليه وسلم, بنحوه. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن محمد بن كعب, أنه قال: أما المؤمن فيرى حسناته في الآخرة, وأما الكافر فيرى حسناته في الدنيا. حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا أبو نعامة, قال: ثنا عبد العزيز بن بشير الضبي جدّه سلمان بن عامر أن سلمان بن عامر جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: إنّ أبي كان يصل الرحم, ويفي بالذمة, ويُكرم الضيف, قال: " ماتَ قَبْلَ الإسْلامِ" ؟ قال: نعم, قال: " لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلكَ", فولى, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عَليَّ بالشَّيْخِ", فجاءَ, فَقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّها لَنْ تَنْفَعَهُ, وَلَكِنَّهَا تَكُونُ فِي عَقِبِهِ, فَلَنْ تُخْزَوْا أبَدًا, وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَدًا, وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أَبدًا ".
بلغ راس مال ابو بكر – المحيط المحيط » اسلاميات » بلغ راس مال ابو بكر بواسطة: Mahmoud Hatab بلغ راس مال ابو بكر عند دُخوله الإسلام كما ورد في سيرة صحابة النبي عليه الصلاة والسلام، فقد جاءت الكثير من الأقاويل حول سيرته وتفانيه في تسخير كُل ما يملك في سبيل الدعوة إلى الله، فلم يُثنيه ماله الكبير ورأس المال الذي تحصل عليه عن التفكير في الإلتحاق بالدين الإسلامي، والتضحية في سبيل ذلك بِكُل ما يملك على أن يكون إلى جانب النبي عليه الصلاة والسلام، فقد كان الصحابي أبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال، وقد جاءت أسئلة حول سيرته مِنها السؤال كم بلغ راس مال ابو بكر للتعرف على ما كان يملكه. بلغ راس مال ابو بكر الصديق الصحابي أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين وهو عبدالله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرة، وكان يعمل في التجارة وكان من التجار الناجحين في مكة ولهذا فقد كان بحوزته الكثير من المال قبل دخوله إلى الإسلام، وكما جاء في سيرته فقد بلغ راس مال ابو بكر عند الدُخول في الإسلام 40 ألف درهم وقد عُرف عنه إنفاقه على الإسلام والمُسلمين، فلم يتأخر في البذل والإنفاق من ماله في سبيل الدعوة الإسلامية والنُهوض بها، والعمل على الإرتقاء فيها وكان لهذا الأمر دلالة على حبه الكبر للدين الإسلامي وحرصه على نشر الإسلام.
بلغ رأس مال ابي بكر انفقها كلها في سبيل الله - الداعم الناجح
كم بلغ راس مال أبو بكر الصديق، يُعد أبو بكر أول الخلفاء الراشدين، بعد رسولنا الكريم، فهو صاحب الرسول، وكان دائم الملازمة له، وكان يُلقب بالصديق، وهو من أوائل من أسلموا برسالة وبدين سيدنا محمد عليه السلام، وكان رجلاً ثرياً، فهو من الصحابة، وكلمة صحابي لا تُطلق الا على كل من أمن بالرسول، وصدقه، وسار على نهجه، ومات على الإسلام، فهناك الكثير من الصحابة في عهد الرسول من أمنوا به وصدقوه، وكانت الدولة الاسلامية في عهده بلغت الذروة، وهنا سنتعرف على كم بلغ راس مال أبو بكر الصديق؟.
[2]
إسلامه
نشأ أبو بكر الصدّيق في البيئة التي نشأ فيها النبي – صلى الله عليه وسلم-، ولقد كان مشهودًا للنبي منذ طفولته بالصدق والأمانة، فكان الناس يأتمونه على أموالهم، يؤديها لهم متى ما طلبوها، ولقد كان أبو بكر مشهودًا له بالصّدق أيضًا، ونفسه الأبية في طفولته وشبابه؛ جعلته يُميّز الخبيث من الطيب، فيلقى الطيب رواجًا عنده؛ فيتبعه، وأما الخبيث؛ فتأنف منه نفسه؛ فيُصرف عنه، ولقد كانت دعوة النبي له للتوحيد، وعبادة الله وحده لا شريك له، مما لقى قبولًا عنده؛ فكان أول من أسلم من الرّجال.