إنّ كل الذنوب والآثام التي يرتكبها البشر هي في الحقيقة محاولات خاطئة لإيصال الخير إلى النفس ، في حين أنّ المسألة على العكس ، فهذه المحاولات الخاطئة مواقف عدائية تلحق الضرر بنفس الإنسان ؛ وإذن فعلة الظلم إنّما تنشأ عن الجهالة والغفلة. وهناك سبب آخر مهمّ أيضاً ، فقد يرتكب الإنسان أحياناً ظلماً ويسيء إلى نفسه عمداً عن علم وإدراك ، وهذا أمر يدعو إلى التعجّب ، ومن أجل فهم هذه الظاهرة نمهّد لذلك بمقدّمة موجزة. يقول الفلاسفة: إنّ علل هذا العالم تنقسم إلى قسمين: الأوّل: علّة فاعلة والآخر منفعلة ، والعلّة الفاعلة هي المؤثّرة والمنفعلة هي المتأثّرة ، فالرسّام الذي يرسم لوحة ما ، هو علّة مؤثّرة ، واللوحة علّة متأثّرة ، فمن الرسّام الذوق والفكر والفن والمهارة ، ومن صفحة اللوحة القابلية على تقبّل ذلك ، ولولا وجود هاتين العلّتين ما ظهرت اللوحة إلى الوجود. قد يظلم الإنسان غيره لكن كيف يظلم نفسه هو؟.. خذ العبر من قصة صاحب الجنتين (الشعراوي). وهناك قاعدة أُخرى تقول: إنّ العلّة الفعالة المؤثّرة مستقلة دائماً عن العلّة المتأثّرة ، وإنّه لا يوجد شيء يمكن أن يكون فاعلاً ومنفعلاً في نفس الوقت. قد يعترض البعض على هذه القاعدة قائلين: كيف لا يمكن ذلك ونحن نشاهد الطبيب يمرض ، فيقوم بعلاج نفسه ومداواتها ؟ والجواب: إنّ هناك التباساً وفهماً خاطئاً في هذه المسألة ، عندما يتصوّر المرء أنّ الطبيب هذا يقوم بدور الفاعل والمنفعل ، ذلك أنّ الطبيب إنسان ، والإنسان يضم جوانب مختلفة ، فهو من جهة جسم يتعرّض للمرض ، وفكر وعلم وطبابة يعالج بها بدنه من جهة أخرى ، وإذن فالفاعل والمؤثّر هنا غير المنفعل والمتأثّر.
- قد يظلم الإنسان غيره لكن كيف يظلم نفسه هو؟.. خذ العبر من قصة صاحب الجنتين (الشعراوي)
- «ظلم النفس».. أعظم الظلمات! - الأهرام اليومي
- عبيد الله بن عمر بن الخطاب الحلقه 3
- عبيد الله بن عمر بن الخطاب البريمي
قد يظلم الإنسان غيره لكن كيف يظلم نفسه هو؟.. خذ العبر من قصة صاحب الجنتين (الشعراوي)
أحياناً يَمدُّ الله للظالمِ فينعمُ عليه ويزيدُه من فضله، فيظُنُّ ذلك رضىً من الله وتوفيقاً، فيستمرُّ في ظلمه وطغيانه دون أدنى شعورٍ أو تأنيبٍ للضّمير، غافلاً أن الله يملي للظالم حتى يأخذه أخذ عزيزٍ مقتدرٍ منتقم، وأنَّ دعوة المظلوم لا تردُّ وإن كان كافراً. وفي تدبُّر آيات الله تعالى بلسمٌ للمظلوم وإخمادٌ لنار قلبه، ورغبته في الانتقام لأنه يدرك أن انتقام الله أشد وأشفى غليلاً. «ظلم النفس».. أعظم الظلمات! - الأهرام اليومي. ففي هذه الآيات شفاءٌ له ورضى "إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ" ، "وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" ، "وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍۢ" ، " أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" ، "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ". فالمتأمل في هذه الآيات وغيرها يمتلئ قلبه إيماناً ويقيناً إن وقع عليه أي ظلم بأن الله حسبه ونصيره ما دام سلاحه (حسبي الله ونعم الوكيل) فلنراجع أنفسنا، ونقيس أفعالنا تجاه الناس على أنفسنا أولاً. نحبّ لهم ما نحبه لأنفسنا، ونكره لهم ما نكره لنا ولا نطيقه، لنقيِّم ذواتنا في نهايةِ مطاف كلِّ يوم كما نحسبُ أمورنا المادية، وخسائرنا وأرباحنا. ولنجرد حسابات أعمالِنا أولاً بأول؛ لنتحاشى ظلم أي أحد حتى نبقى في إطار رحمةِ الله.
«ظلم النفس».. أعظم الظلمات! - الأهرام اليومي
فحين يصيبُ المظلومَ الأرَّق، ويرفعُ أكفَّهُ يناجي الرَّحمن، فتختلطُ كلماتُ دعائهِ بالدُّموعِ المعتَّقة، يعدهُ الله بالنَّصرِ المبين، ويقول جلَّ جلاله (وعزَّتي وجلالي لأنصُرَنَّكَ ولو بعد حين).
" لنقيِّم ذواتنا في نهايةِ مطاف كلِّ يوم كما نحسبُ أمورنا المادية، وخسائرنا وأرباحنا. ولنجرد حسابات أعمالِنا أولاً بأول؛ لنتحاشى ظلم أي أحد. " ومن الظَّلمةِ الذين مروا في التاريخ، قارون الذي بغى على قومه لما آتاه الله من الكنوز ما تنوء بثقله العصبة أولي القوة، وبغى عليهم بجبروت الخبرة كما ظن والذكاء والعلم الذي عنده فماذا كانت النتيجة؟ "فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ" كما جاء في سورة القصص. وأبرهة صاحب الفيل الذي بنى كنيسةً بصنعاء ليصرف الناس للحج إليها ويجعل العرب يأتونها بدلاً من الكعبة ماذا كانت عاقبته؟ صرف الله عنها الناس وهيأ من يوقد فيها حريقاً ويلطخها بالنجاسة، فأراد أن يأتي البيت ويهدمه حجراً حجراً، فماذا فعل الله به؟ أرسل طيراً أبابيل جماعاتٍ جماعات تحمل الحجارةَ وترمي أبرهةَ وجنودَه بها، حتى رجع صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فمات هناك وقد هلك أكثر جيشه وانتهى.
فالظلم خلق ذميم ، وذنب جسيم ، وأذى عظيم ، فهو يحلق الدين ، ويأكل الحسنات ،
ويحيل حياة الناس إلى جحيم وويلات...
والظلم هو مجاوزة الحد ، وغمط الحق ،
وإذا كان الظلم كريهاً ثقيلاً موجعاً فإن أبشع صوره وأفحش ضروبه، ما كان لأهل الحقوق الآدميين الأقربين
وما كان موجهاً ضد من أمرت بحفظه وصيانته ، وإن أول من رحمت هي نفسك التي بين جنبيك فهي الأحق بعدلك وشفقتك،
وهي الأجدر بإنصافك وإحسانك ، فظلمها جرم عظيم ، وذنب وخيم ، فالنفس هي وديعة الله إليك ،
وأمانته لديك ، أمرك تنصفها ، وتعدل معها، وترحمها وتقيها ويلات الدنيا والآخرة. فأقسى الناس قلباً من قسى على نفسه ، وأعظمهم كيداً من هضم حق نفسه ، وإن أخطر صور ظلم النفس هو الشرك بالله. سئل النبي صلى الله عليه وسلم:
( أي الذنب أعظم ؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك)
قال عز وجل:
( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ). من وقع في الشرك فقد قطع على نفسه كل طرق المغفرة فليس من شأن الله أن يهدي نفساً أشركت إلا طريق جهنم وساءت مصيراً. وإن من ألوان ظلم النفس الهبوط بها إلى مستنقعات الذنوب والفواحش ، وتلطيخها بقذر الرذائل والخطايا ،
فكيف تهون على المرء نفسه فيلقيها في مواطن سخط الله ؟!
1 من 1
عبيد الله بن عمر بن الخطاب ابن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن رِيَاح بن عبد الله بن قُرط بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كعب. وأمه أم كلثوم بنت جَرول بن مالك بن المسيّب بن ربيعة بن أصرم بن ضُبيس بن حرام بن حُبْشية مِنْ خزاعة. فَوَلَدَ عبيدُ الله بن عُمر: أبا بكر وعثمانَ ومحمدًا وعُمرَ وأمَّ عثمان وأمُّهم أسماء بنت عطارد بن حاجِب بن زُرَارة بن عُدُس بن زيد بن عبد الله بن دارم من بني تميم. والحُرَّ بن عبيد الله، وأمه أم ولد. وأمَّ عبس بنت عبيد الله، وأمها تَهْلُل بنت يَزيد بن عَمرو بن عُدُس بن معاوية بن عُبادة بن البكّاء. وحفصةَ بنتَ عبيد الله وأمها أسماء بنت زيد بن الخطاب بن نُفَيل أخي عمر بن الخطاب. وأمَّ سَلمة بنت عُبيد الله وأمها تَهْلُل بنت يزيد ويقال بل أمها أسماء بنت عطارد بن حاجِب. وأمَّ حكيم بنتَ عُبيد الله وأمها أم ولد. وابنة لعُبيد الله تزوجها المختار بن أبي عُبيد فَوَلَدَتْ له رَجُلين وأمها أم ولد. أخبرنا محمد بن عمر فقال: حدثني معمر ومحمد بن عُبيد الله عن الزهري عن سعيد ابن المسيّب أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حين قُتِل عُمرُ قال مررت على أبي لؤلؤة وجُفَيْنَةَ والهُرْمزان وهم يتناجون بالبقيع، فلما بَغَتُّهم ثاروا فسقط منهم خنجر له رأسان ونصابه وسطه، قال: فنظروا إلى الخنجر الذي قُتِل به عُمر فوجدوه الخنجرَ الذي نَعَتَ عبدُ الرحمن بن أبي بكر.
عبيد الله بن عمر بن الخطاب الحلقه 3
قال: تقول بحريّة وهي تبكي عليه وبلغها ما يقول معاوية فقالت: أمّا أنت فقد عجّلْتَ له يُتْمَ ولدِهِ وذهابَ نفسه ثمّ الخوف عليه لما بعد أعظمُ الأمرِ فبلغ معاوية كلامها فقال لعمرو بن العاص: ألا ترى ما تقول هذه المرأة؟ فأخبره فقال: والله لعجبٌ لك، ما تريد أن يقول الناس شيئًا؟ فوالله لقد قالوا في خير منك ومنّا فلا يقولون فيك؟ أيّها الرجل إن لم تُغْض عمّا ترى كنت من نفسك في غمّ. قال معاوية: هذا والله رأيي الذي ورثتُ من أبي. أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا عبد الله بن نافع عن أبيه قال: اختُلف علينا في قتل عبيد الله بن عمر فقائل يقول قتلتْه ربيعة، وقائل يقول قتله رجل من همدان، وقائل يقول قتله عمّار بن ياسر، وقائل يقول قتله رجل من بني حنيفة. أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عمر بن محمّد بن عمر، عن عبد الله بن محمّد بن عَقيل، عن سعد أبي الحسن، مولى الحسن بن عليّ قال: خرجتُ مع الحسن بن عليّ ليلةً بصِفِّين في خمسين رجلًا من همدان يريد أن يأتي عليًّا، وكان يومنا يومًا قد عظم فيه الشرّ بين الفريقين، فمررنا برجل أعور من همدان يدعى مذكورًا قد شَدّ مِقْوَدَ فرسه برِجْل رَجُل مقتول فوقف الحسن بن عليّ على الرجل فسلّم ثمّ قال: مَن أنت؟ فقال: رجل من همدان فقال له الحسن: ما تصنع ها هنا؟ فقال: أضللتُ أصحابي في هذا المكان في أوّل الليل فأنا أنتظر رجعتهم.
عبيد الله بن عمر بن الخطاب البريمي
أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمّد بن عبد الله بن عُبيد بن عُمير قال: سمعتُ رجلًا من أهل الشأم يحدّث في مجلس عمرو بن دينار فسألتُ عنه بعدُ فقيل هو يزيد بن يزيد بن جابر يقول: إنّ معاوية دعا عبيد الله بن عمر فقال: إنّ عليًّا كما ترى في بكر بن وائل قد حامت عليه فهل لك أن تَسيرَ في الشهباء؟ قال: نعم. فرجع عبيد الله إلى خبائه فلبس سلاحه ثمّ إنّه فكّر وخاف أن يُقْتَل مع معاوية على حاله فقال له مولى له: فداك أبي! إنّ معاوية إنمّا يقدِّمك للموت، إن كان لك الظفر فهو يَلِي، وإن قُتلت استراح منك ومِن ذكرك فأطعْني واعتلّ قال: ويحك، قد عرفتُ ما قلتَ. فقالت له امرأته بَحْريّة بنت هانئ: ما لي أراك مشمّرًا؟ قال: أمرني أميري أن أسير في الشهباء، قالت: هو والله مثل التابوت لم يحمله أحد قطّ إلّا قُتل. أنت تُقْتَل وهو الذي يريد معاوية. قال: اسْكُتي والله لأكْثِرَنّ القتل في قومك اليوم. فقالت: لا يُقْتَل هذا، خدعك معاوية وغرّك من نفسك وثقل عليه مكانُك، قد أبرم هذا الأمر هو وعمرو بن العاص قَبْل اليوم فيك، لو كنتَ مع عليّ أو جلستَ في بيتك كان خيرًا لك، قد فعل ذلك أخوك وهو خير منك. قال: اسْكُتي، وهو يتبسّم ضاحكًا.
وسببُ ذلك ما أخرجه ابن سعد مِنْ طريق يَعْلى بن حكيم، عن نافع، قال: رأى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق السكين التي قُتِل بها عُمر، فقال: رأيتُ هذه أمس مع الهرمزان وجفينة، فقلت: ما تصنعان بهذه السكين؟ فقالا: نقطع بها اللحم، فإنا لا نمس اللحم. فقال له عُبيد الله بن عمر: أنْتَ رأيتها معهما؟ قال: نعم، فأخذ سيفه ثم أتاهما فقتلهما واحدًا بعد واحد؛ فأرسل إليه عثمان، فقال: ما حملك على قَتْل هذين الرجلين؟ فذكر القصة. وأخْرَجَ الذُّهَلِيّ في الزهريات، مِنْ طريق معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب ــــ أن عبد الرحمن بن أبي بكر قال ــــ حين قُتل عمر: إني انتهيت إلى الهرمزان وجفينة وأبي لؤلؤة وهم نجي، فنفروا مني، فسقط من بينهم خَنْجَر له رأسان نصابُه في وسطه، فانظروا بماذا قُتل! فنظروا فإذا الخنجر على النّعت الذي نَعَت عبد الرحمن، فخرج عُبيد الله مشتملًا على السيف، حتى أتى الهرمزان، فقال: اصحبني ننظر إلى فرس لي وكان الهرمزان بَصِيرًا بالخيل؛ فخرج يمشي بين يديه، فعلاه عُبيد الله بالسيف، فلما وجد حَرَّ السيف قال: لا إله إلا الله، ثم أتى جفينة وكان نصرانيًا فقتله، ثم أتى بنت أبي لؤلؤة جارية صغيرة فقتلها، فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها ثلاثًا.