فالنّهي الثابت بغير القطعي، المصروف عن مقتضاهُ، باحتمال التأويل؛ يفيد كراهة التّحريم في مقابل الفرض. وكراهة التحريم في رتبة الواجب وكراهة التنزيه في رتبة المندوب. التّعبد في النهي الأصلُ في الصّلاة كغيرها من العبادات أنّها مطلوبة شرعاً، لكن المقصود من مشروعيتها: ليس مقصوراً على فعلها، بل المقصود هو تحقيقُ معنى التَّعبدِ، وفق مراد المعبود سبحانهُ وتعالى، وقد يكون فيهِ معنى ابتلاء، كقوله تعالى(( فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي))" البقره 249″. من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها. فكما أنَّ الله تعالى جعل الصّلاةَ كتاباً موقوتا، أراد من عِبادهِ أن يؤدُّوها في وقتِها، ونهاهم عن تركِ العبادة في أوقاتٍ مخصوصة، لِيتحققَ في العبادة معنى الامتثال. تعيينُ أوقات النّهي وقت النّهي يكون من بعد صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشّمسُ مقدار رمحٍ؛ وعند وجود الشّمس وسط السماء حتى تزول، ومن بعد صلاة العصر إلى أن يستكمل غروبُ الشمس. هناكَ دليل من السّنة: عن ابن عبّاس رضي الله عنه، قال: (( شَهد عندي رجالٌ مرضيّون، وأرضاهم عندي عُمرُ: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاةِ بعد الصّبح حتّى تُشرق الشّمس، وبعد العصر حتى تغرب)). أيضاً هناك دليل من السّنة: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم: (( لا تحروا بصلاتكم طلوع الشّمس ولا غُروبها)).
- الأوقات المنهي عن الصلاة فيها - المحاضرة 5 - الفقه - المستوى الثاني (2) - د. خالد بن عيد الجريسي - YouTube
- حديث عن من ترك صلاه الفجر
الأوقات المنهي عن الصلاة فيها - المحاضرة 5 - الفقه - المستوى الثاني (2) - د. خالد بن عيد الجريسي - Youtube
[٨]
الحكمة في النهي عن الصلاة في الأوقات السابقة
يجدر بالمسلم التعبد لله -تعالى- بالاستسلام لأوامره ومجانبة نواهيه سواء علم الحكمة والعلة من الأمر أو النهي أم لم يعلم ذلك، إلّا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد بيّن في بعض أحاديثه وأشار إلى الحكمة من النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة المُشار إليها مسبقاً، وهو أنّ وقت طلوع الشمس وغروبها وقتا يسجد فيه المشركين للشمس فنُهي عن الصلاة في هذه الأوقات من باب سد الذريعة وانقطاع التشبه بالمشركين.
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 29/12/2013 ميلادي - 26/2/1435 هجري
الزيارات: 105913
الأوقات التي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة فيها خمسة، وهي:
1- وقت تعامد الشمس، وعند الطلوع والغروب، والمنهي عنه في حالة الطلوع يستمر حتى ترتفع قدرَ رمحٍ، وفي حالة الغروب من وقت شروع الشمس في الغروب حتى تغرب؛ وذلك لما روى عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نُقبِر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغةً حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تتضيَّف الشمس للغروب" [1]. وقد ورد تعليلُ النهي عن هذه الثلاثة في حديث ابن عبسة قال: قلتُ: يا رسول الله، أخبرني عن الصلاة، قال: ((صلِّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حين تطلع الشمس؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجدُ لها الكفَّار، ثم صلِّ فإن الصلاة محضورة مشهودة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصِرْ عن الصلاة؛ فإنه حينئذٍ تسجر جهنَّم، فإذا أقبل الفيء [2] ، فصلِّ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلِّي العصر، ثم أقصِرْ عن الصلاة حتى تغرُبَ الشمس؛ فإنها تغرُبُ بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفَّار)) [3].
لمعرفة ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور حيث إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأعظم ركن عملي بعد التوحيد، وتركها ذنب عظيم، وقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث التي تحذر من تركها، نعرض في هذا المقال عبر موقع المرجع تبيانًا لدرجة صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور، وشرحًا للحديث الموضوع وأنواعه، وتوضيحًا لحكم تارك الصلاة وعقوبته.
حديث عن من ترك صلاه الفجر
اهـ. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[1] برقم (٦٥٧). [2] برقم (٦٣٤). [3] البخاري برقم (٥٧٤)، ومسلم برقم (٦٣٥). [4] البخاري برقم (٥٥٥)، ومسلم برقم (٦٣٢). [5] برقم (٧٨١) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/130) برقم (633). [6] برقم (٦٥٦). [7] البخاري برقم (٦٥٧) ومسلم برقم (٦٥١). [8] جزء من حديث برقم (٦٥٤). [9] صحيح ابن حبان برقم (٢٠٩٦). [10] برقم (٧٢٥). [11] البخاري برقم (٥٥٤)، ومسلم برقم (٦٣٣). [12] البخاري برقم (١١٤٢)، ومسلم برقم (٧٧٦). ما صحة حديث من ترك صلاة الفجر فليس في وجهه نور - موقع المرجع. [13] البخاري برقم (٦٥٧) ومسلم برقم (٦٥١). [14] البخاري برقم (١١٤٤) ومسلم برقم (٧٧٤). [15] برقم (٧٠٤٧).
قال بعض أهل العلم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما همَّ بذلك إلا أن هؤلاء المتخلفين عن صلاة الجماعة قد ارتكبوا ذنبًا عظيمًا، وجرمًا كبيرًا". ومنها ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود قال: ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - رجل نام ليله حتى أصبح، قال: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه، أو قال: في أذنه" [14] ، وحسب من كان كذلك خيبة وخسارة وشرًا. حديث عن صلاه الفجر. ومنها أن المتخلف عن صلاة الفجر يعرض نفسه لعقوبة الله في قبره، ويوم القيامة، قال تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، وفي صحيح البخاري قصة رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - الطويل، وجاء فيه: أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يثلغ رأسه بالحجر، فسأل عنه، فقيل له: "إنه الرجل الذي يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة" [15]. وسئلت اللجنة الدائمة برقم (٥١٣٠) عن شخص لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس فما حكم صلاته؟ وهل يؤثر على الصيام؟ فكان الجواب: تركه لصلاة الصبح من غير نوم ولا نسيان بل تكاسلًا عنها حتى تطلع الشمس كفر أكبر على الصحيح من أقوال العلماء، وعلى هذا القول صيامه غير صحيح.