ولم يكتف الشيعة بهذا، بل وصفوا أبو عبيدة بأنه من أعداء آل محمد، وأحد المعينين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، على اغتصاب الخلافة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. لكن المناسبة التي لأجلها قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا الحديث، ولقب بسببها أبا عبيدة بهذا اللقب تبطل دعواهم، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أنس - رضي الله تعالى عنه -: "أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام، قال: فأخذ بيد أبي عبيدة فقال: ( هذا أمين هذه الأمة). ولا يصح أن يرسل معهم ليعلمهم أمور الدين من هو عنده غير أمين، وهو الناصح لأمته صلى الله عليه وآله وسلم الحريص عليها. // وكذا أخرج البخاري ومسلم أيضا في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: "جاء أهل نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله! ابعث إلينا رجلا أمينا. فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: ( لأبعثن إليكم رجلا أمينا، حق أمين، حق أمين). قال: فاستشرف لها الناس. قال: فبعث أبا عبيدة بن الجراح. ويعني بالناس في قوله: "فاستشرف لها الناس" أي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها حرصا على تحصيل الصفة المذكورة، وهي الأمانة، لا على الولاية من حيث هي، حتى إن عمر رضي الله تعالى عنه -مع فضله وتقدمه على غيره- قال: "ما أحببت الإمارة قط حبي إياه يومئذ رجاء أن أكون صاحبها".
- أمين هذه الأمم المتحدة
- أمين هذه الأمة الكويتي
أمين هذه الأمم المتحدة
** واسم أبي عبيدة: عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي، أمين الأمة، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، شهد المشاهد كلها، وثبت مع رسول الله يوم أحد، ونزع بفمه الحلقتين اللتين دخلتا في وجه رسول الله من حلق المغفر وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه، فكان الهتم يزينه، وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنه راض مات أبو عبيدة سنة ثماني عشرة (18هـ) في طاعون عمواس، وقبره بغور نيسان عند قرية تسمى عمتا (بالأردن الآن)، وصلى عليه معاذ بن جبل. ** قال صلى الله عليه وسلم: ( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله عز وجل أبيّ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) [صحيح رواه أحمد والترمذي] // وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أنس بن مالك الأنصاري - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح) والأمين هو الثقة الرضي. وإضافته إلى الأمة تدل على أنه مرضي من الأمة جميعها ثقة عنهم.
أمين هذه الأمة الكويتي
ويسأله خالد:" يرحمك الله يا أبا عبيدة. ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب".. ؟؟ فيجيبه أمين الأمة:" اني كرهت أن أكسر عليك حربك٬ وما سلطان الدنيا نريد٬ ولا للدنيا نعمل٬ كلنا في الله اخوة".!!! ** أبو عبيدة أمير جيش الشام ويصبح أبو عبيدة بن الجر اح أمير الأمراء في الشام٬ ويصير تحت امرته أكثر جيوش الاسلام طولا وعرضا.. عتادا وعددا.. فما كنت تحسبه حين تراه الا واحدا من المقاتلين.. وفردا عاديا من المسلمين.. وحين ترامى الى سمعه أحاديث أهل الشام عنه٬ وانبهارهم بأمير الأمراء هذا.. جمعهم وقام فيهم خطيبا.. فانظروا ماذا قال للذين رآهم يفتنون بقوته٬ وعظمته٬ وأمانته.. " يا أيها الناس.. اني مسلم من قريش.. وما منكم من أحد٬ أحمر٬ ولا أسود٬ يفضلني بتقوى الا وددت أني في اهابه".. حياك الله يا أبا عبيدة.. وحي ا الله دينا أنجبك ورسولا علمك.. مسلم من قريش٬ لا أقل ولا أكثر. الدين: الاسلام.. والقبيلة: قريش. هذه لا غير هويته.. أما هو كأمير الأمراء٬ وقائد لأكثر جيوش الاسلام عددا٬ وأشد ها بأسا٬ وأعظمها فوزا.. أما هو كحاكم لبلاد الشام٬أمره مطاع ومشيئته نافذة.. كل ذلك ومثله معه٬ لا ينال من انتباهه لفتة٬ وليس له في تقديره حساب.. أي حساب..!!
وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ ظاهِرةٌ لأبي عُبَيْدةَ رَضيَ اللهُ عنه. وفيه: تَطلُّعُ الصَّحابةِ للخَيرِ وحِرصُهم عليه. وفيه: مَشْروعيَّةُ مُباهَلةِ المُخالِفِ إذا أصَرَّ بعدَ ظُهورِ الحُجَّةِ.
ومن ذلك: العالم من عمل بما علم ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف علمهم عملهم، يجلسون حلقا فيباهي بعضهم بعضا، حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم من مجالسهم تلك إلى الله. وقال لعلي «يهلك فيك رجلان: محب مطرٍ، وكذاب مفترٍ مكره لك يأتي بالكذب المفترى» وقال له «يا علي ستفترق أمتي فيك كما افترقت في عيسى ابن مريم» وجاء أنه قال «إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا بنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها».
فبقيت تلك العمرة سنة عند أهل مكة إلى هذا العهد، وكان عهد عبد الله مذكورا أهدى فيه بدنا كبيرة، وأهدى أشراف مكة وأهل الاستطاعة منهم. وأقاموا أياما يطعمون ويطعمون شكرا لله على ما وهبهم من التيسير والمعونة في بناء بيته الكريم، على الصفة التي كانت عليها في أيام الخليل صلوات الله عليه. ثم لما قتل ابن الزبير نقض الحجاج الكعبة، وردها إلى بنائها في عهد قريش وكانوا قد اقتصروا في بنائها، وأبقاها رسول الله ﷺ على ذلك، لحدثان عهدهم بالكفر. اعراب كلمة شكرا لك. ثم أراد الخليفة أبو جعفر المنصور أن يعيدها إلى بناء ابن الزبير، فنهاه مالك رحمه الله عن ذلك، وقال: يا أمير المؤمنين، لا تجعل البيت ملعبة للملوك، متى أراد أحدهم أن يغير فعل. فتركه على حاله سدا للذريعة وأهل البلاد الموالية لمكة، مثل بجيله وزهران وغامد، يبادرون لحضور عمرة رجب ويجلبون إلى مكة الحبوب والسمن والعسل والزبيب والزيت واللوز، فترخص الأسعار بمكة ويرغد عيش أهلها وتعمم المرافق، ولولا أهل هذه البلاد لكان أهل مكة في شظف من العيش. ويذكر أنهم متى أقاموا ببلادهم، ولم يأتوا بهذه الميرة أجدبت بلادهم ووقع الموت في مواشيهم. ومتى أوصلوا الميرة أخصبت بلادهم وظهرت فيها البركة ونمت أموالهم.
ولما أراد أن يعقد خطب خطبة منها «الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بحكمته، ثم إن الله جعل المصاهرة نسبا وصهرا وكان ربك قديرا. ثم إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من عليّ على أربعمائة مثقال فضة، أرضيت يا علي؟ قال رضيت» بعد أن خطب علي كرّم الله وجهه أيضا خطبة منها: الحمد لله شكرا لأنعمه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه: أي وفي رواية أنه قال «يا عليّ اخطب لنفسك، فقال عليّ الحمد لله الذي لا يموت، وهذا محمد رسول الله ﷺ زوّجني ابنته فاطمة على صداق مبلغه أربعمائة درهم فاسمعوا ما يقول واشهدوا. قالوا: ما تقول يا رسول الله؟ قال: أشهدكم أني قد زوجّته» كذا رواه ابن عساكر. قال الحافظ ابن كثير: وهذا خبر منكر. وقد ورد في هذا الفصل أحاديث كثيرة منكرة وموضوعة أضربنا عنها. ولما تمّ العقد دعا بطبق بسر فوضع بين يديه ثم قال للحاضرين انتهبوا. وقول علي كرم الله وجهه: نبهاني لأمر كنت عنه غافلا لا ينافي ما روي عن أسماء بنت عميس أنها قالت: قيل لعلي: ألا تتزوج بنت رسول الله، فقال مالي صفراء ولا بيضاء ولست بمأبور بالباء الموحدة: يعني غير الصحيح الدين، ولا المتهم في الإسلام: أي لا أخشى الفاحشة إذا لم أتزوج.