ثالثًا: أنَّ المعاصي قد تعجَّل عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، فقارون عاجله الله بالعذاب بالخسْف، فجعله عِبْرَةً للآخِرين؛ قال تعالى: ﴿ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ﴾ [العنكبوت: 40]. رابعًا: أنَّ الله تعالى يبسط الرِّزق لِمَن يشاء ويضيِّق على مَن يشاء؛ لحكمة بالغة منه، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾ [العنكبوت: 62].
إن قارون كان من قوم موسى
فلمَّا انتهتْ بقارون حالة البغْي والفخْر، وازَّيَّنت الدّنيا عنده، بغَتَه العذاب، فخسف اللهُ به وبدارِه الأرض، فما كان له من جَماعةٍ أو عصبة أو جنود ينصُرونه، فما نُصِر ولا انتصر، ثمَّ عرف الَّذين تمنَّوا مكانه بالأمس من الَّذين يريدون الحياة الدُّنيا أنَّ الله يضيق الرِّزْقَ على مَن يشاء ويبسطُه لمن يشاء، وعلموا أنَّ بسْطَه لقارون ليس دليلاً على محبَّته، وأنَّ الله منَّ عليْهِم فلم يُعاقبْهم على قولِهم، وإلاَّ أصبح حالُهم الهلاك كقارون - لعَنه الله. ولمَّا ذكر الله - تعالى - حالَ قارون وما صارتْ إليه عاقبةُ أمره، رغَّب في الدَّار الآخرة، وأخبرَ أنَّها دارُ الَّذين لا يريدون علوًّا؛ أي: رفعة وتكبُّرًا على عباد الله، ولا فسادًا، وهذا شامل لجميع المعاصي، وهؤلاء هم المتَّقون الَّذين لهم العاقبة الحميدة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِين ﴾ [الزخرف: 35] [1]. ومن فوائِد الآيات الكريمات:
أوَّلاً: أنَّ المال يكون وبالاً وحسْرة على صاحبِه إذا لَم يستخْدِمْه في طاعة الله؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، وقال تعالى: ﴿ فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55].
إنا تبنا إليك سبحانك، فلك الحمد في الدنيا والآخرة. ولنعرج على تفسير ابن كثير لقوله:على علمٍ عندي…
فقد روي عن بعضهم أنه أراد: ( إنما أوتيته على علم عندي) إنه كان يعني علم الكيمياء الذي يعنى بتغير المعادن الرخيصة كالحديد والرصاص و النحاس إلى معادن ثمينة كالذهب والفضة والماس: وهذا القول ضعيف; لأن علم الكيمياء في نفسه علم باطل لأن قلب الأعيان لا يقدر أحد عليها إلا الله عز وجل ،
قال الله تعالى: ( يا أيها الناس ضُرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له)[ الحج: 73] وفي الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " يقول الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ،
فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا شعيرة ". كان قارون من قوم - المصدر. وهذا ورد في المصورين الذين يشبهون بخلق الله في مجرد الصورة الظاهرة أو الشكل ، فكيف بمن يدعي أنه يحيل ماهية هذه الذات إلى ماهية ذات أخرى ، هذا زور ومحال ، وجهل وضلال. وإنما يقدرون على الصبغ في الصورة الظاهرة ، وهو كذب وزغل وتمويه ، وترويج أنه صحيح في نفس الأمر ، وليس كذلك قطعا لا محالة. ولم يثبت بطريق شرعي أنه صح مع أحد من الناس من هذه الطريقة التي يتعاناها هؤلاء الجهلة الفسقة الأفاكون وأما ما يجريه الله تعالى من خرق العوائد على يدي بعض الأولياء من قلب بعض الأعيان ذهباً أو فضة أو نحو ذلك ، فهذا أمر لا ينكره مسلم ولا يرده مؤمن ، ولكن هذا ليس من قبيل الصناعات وإنما هذا عن مشيئة رب الأرض والسموات ، واختياره وفعله ،
كما روي عن حيوة بن شريح المصري ، رحمه الله ، أنه سأله سائل ، فلم يكن عنده ما يعطيه ، ورأى ضرورته ، فأخذ حصاة من الأرض فأجالها في كفه ، ثم ألقاها إلى ذلك السائل فإذا هي ذهب أحمر.
كان من هديه ﷺ في تلاوة القرآن والجود بالخير ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسَلة" أخرجه الشيخان في صحيحيهما. في هذه المدارسة القرآنية يا عباد الله دلالة ظاهرة على الفضل العظيم لمدارسة القرآن في شهر القرآن وعلى استحباب الإكثار من التلاوة في هذا الشهر وإنها أفضل من سائر الأذكار وإلى توجيه الأنظار إلى ما بين المدارسة القرآنية والجود بالخير من وثيق صلة ؛ذلك أنه هذه المدارسة كما قال اهل العلم تجدد له العهد بمزيد غنى النفس وغنى النفس سبب الجود وأيضاً رمضان موسم الخيرات لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره. الخطبة الثانية:
يا عباد الله لقد كان من هدي النبي ﷺ في شأن المفطرات بيانه أن الصيام لا يبطله إلا الأكل والشرب والجماع والقئ والحجامة، ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم، وكان صلى الله عليه وسلم يقبل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان، وكان صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم، وكان صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه وهو صائم، وكان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق وهو صائم، لكن حذّر من المبالغة في الاستنشاق، وكان صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جُنُب من أهله فيغتسل بعد طلوع الفجر ويصوم.
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان - مدونة لاكي
التطيب والاغتسال يستحب الاغتسال لعيد الأضحى لما ورد عن رسول الله،صلى الله عليه وسلم، أنه كان يغتسل لعيدي الفطر والأضحى، ويمكن اقتصاره على الوضوء، فهو يوم يجتمع فيه الناس، لذا يستحب الاغتسال والتطيب والاستياك..
التزين والتجمل يستحب التزيّن والتجمّل ولبس أفضل الثياب سواء أكان خارجًا للصلاة أم مقيمًا في بيته؛ لأنّه يوم زينة، وأمّا النساء فإذا خرجن من البيت لا يتزينَّ. مخالفة الطريق بالعودة من صلاة العيد وهو مستحب لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ"، والحكمة في ذلك ليسلم على أهل الطريقيْن وقيل لتكثر شهادة البقاع، وقيل غير ذلك، فالذاهب للمسجد ترفع درجته. التهنئة بالعيد ويستحب التهنئة بالعيد لأنّه يوم عظيم من أيّام الله سبحانه وتعالى، وليس هنالك صيغة محصورة بالتهنئة، ولكن تصح أي صيغة لم يكن فيها مخالفة للشرع، وقد سئل الإمام مالك عن قولهم: "تَقَبَّل اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ" و"غَفَرَ اللهُ لَنَا وَلَكَ"، فَقَال: "مَا أَعْرِفُهُ وَلاَ أُنْكِرُهُ". ذبح الأضاحي وهي مشروعة حسب جمهور الفقهاء، وحكمها سنة مؤكدة، وذهب الحنفية إلى أنّها واجبة ويشترط في الأضحية أن تكون من الأنعام وأن تبلغ سن التضحية، وأن تسلم من العيوب الفاحشة.
هل يجوز زيارة القبور في العيد وما حكم تلك الزِّيارة، هذا السؤال يعدُّ من الأسئلة التي يبحث عنها الكثير من المستفتين والمستفسرين، ومن أجل ذلك أفردنا هذا المقال للحديث عن زيارة القبور في العيد مع إلقاء الضّوء على بعض الأحكام والمسائل المتعلِّقة بزيارة القبور وآدابها في الشّريعة الإسلاميّة.