انصرنا فإنك خير الناصرين، وافتح لنا فإنك خير الفاتحين، واغفر لنا فإنك خير الغافرين، وارحمنا فإنك خير الراحمين، وارزقنا فإنك خير الرازقين، واهدنا ونجنا من القوم الظالمين، وهب لنا ريحًا طيبة كما هي في علمك، وانشرها علينا من خزائن رحمتك، واحملنا بها حمل الكرامة مع السلامة والعافية في الدين والدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير.
حزب اللطف للإمام أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه
سئل
ابن تيمية في فتاويه عن رجل كان إذا صلى ذكر في جوفه:"بسم الله بابنا ،
تبارك حيطاننا ، يس سقفنا" فاعترض عليه رجل آخر بأن هذا كفر ؟! فأجاب
ابن تيمية: " الحمد لله رب العالمين. ليس هذا كفر فإن هذا الدعاء وأمثاله يقصد به التحصن والتحرز بهذه الكلمات فيتقي بها من الشر كما يتقي ساكن البيت بالبيت من الشر والحر والبرد والعدو. وهذا كما جاء في الحديث المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكلمات الخمس التي قام يحيى بن زكريا في بني إسرائيل قال: " أوصيكم بذكر الله فإن مثل ذلك مثل رجل طلبه العدو فدخل حصنا فامتنع به من العدو فكذلك ذكر الله هو حصن ابن آدم من الشيطان " أو كما قال. فشبه ذكر الله في امتناع الإنسان به من الشيطان بالحصن الذي يمتنع به من العدو. والحصن له باب وسقف وحيطان. ونحو هذا: أن الأعمال الصالحة من ذكر الله وغيره تسمى جنة ولباسا. كما قال تعالى: { ولباس التقوى ذلك خير} في أشهر القولين. حزب البحر للسيد الإمام الشاذلي : محمد عين الهدى : Free Download, Borrow, and Streaming : Internet Archive. وكما قال في الحديث: { خذوا جنتكم قالوا: يا رسول الله من عدو حضر قال: لا ولكن جنتكم من النار: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر} ومنه قول الخطيب: فتدرعوا جنن التقوى قبل جنن السابري. وفوقوا سهام الدعاء قبل سهام القسي.
حزب البحر للسيد الإمام الشاذلي : محمد عين الهدى : Free Download, Borrow, And Streaming : Internet Archive
ومثل هذا كثير يسمى سورا وحيطانا ودرعا وجنة ونحو ذلك. " و على
الرغم من كون معاني الدعاء و مفرداته لا حرج فيها و لا تتعارض مع الشرع فإنه ينبه
بعد ذلك قائلاً:
" ولكن هذا الدعاء المسئول عنه ليس بمأثور والمشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة ؛ فإن الدعاء من أفضل العبادات وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسن كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات والذي يعدل عن الدعاء المشروع إلى غيره - وإن كان من أحزاب بعض المشايخ - الأحسن له أن لا يفوته الأكمل الأفضل وهي الأدعية النبوية فإنها أفضل وأكمل باتفاق المسلمين من الأدعية التي ليست كذلك وإن قالها بعض الشيوخ فكيف وقد يكون في عين الأدعية ما هو خطأ أو إثم أو غير ذلك. حزب اللطف للإمام أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه. ومن أشد الناس عيبا من يتخذ حزبا ليس بمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان حزبا لبعض المشايخ ويدع الأحزاب النبوية التي كان يقولها سيد بني آدم وإمام الخلق وحجة الله على عباده والله أعلم. " و
نتيجة هذه الاقتباسات ان ابن تيمية لا يجد حرجاً في هذا الدعاء من حيث مفرداته بل
ان القرآن و الحديث و الأثر يشهد لمعناه ، و مع ذلك يقول إن أدعية الرسول صلى الله
عليه وسلم أفضل و أولى من أدعية غيره ، و يستعمل ألفاظاً من جنس "أشد الناس
عيباً" لينفر الناس منها من دون أن يقع في تحريم ما أحل الله.
و ليس
كل هذا غريباً على ابن تيمية فهو كما قال السبكي " علمه أكبر من عقله" ،
و أحياناً يضع حججاً لخصومه لا تخطر على بالهم ثم ينسف أقوالهم نسفاً و يضرب بها
عرض الحائط ، و لكنه مع ذلك قد يتناقض في فتاويه ، فيثبت هنا ما ينفيه هناك ، و
لنعرف مدى مصداقية هذا الكلام فلننظر معاً لما قال في كتابه "الرد على
الشاذلي في حزبيه":
"قول
القائل:(بسم الله بابنا ، تبارك حيطاننا ، يس سقفنا) دعاء ليس مأموراً به و لا من
جنس المأمور ، و هو مما تنكره القلوب ، فإن جعْل كلام الله بمنزلة الباب و
السقف و الحيطان يحتاج إلى أثر ، و إلا فهو بدعة ، و قد يُفْهم من ذلك انتقاص
حُرْمته. " قد يكون هذا الكلام يحتاج الى أثر فعلاً، لكن لماذا لم ينبه على ذلك في الفتوى السابقة! ؟ لماذا هذا التناقض ؟ هل لأن الشخص الذي تدور حوله الفتيا هناك كان شخصاً عامياً يفعل ذلك عن جهل.. بينما هنا لدينا العالم الصوفي المعروف! الإمام
الشاذلي الذي كان يحضر دروسه أكبر علماء عصره من سلطان العلماء العز بن عبدالسلام
الى ابن الصلاح الى ابن دقيق العيد و ابن جماعة! المنطق يقول ان مثل الإمام أولى
أن يُحتاط في نقده و يُلتمس له التأويلات، على الأقل من باب توضيح الأمر كنقطة خلاف بين عالمين!
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ﴾ يعني بالقنوت: الطاعة، وذلك أنه قال: ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾... إلى ﴿كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ قال: مطيعون. ⁕ حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ﴿أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ قال: القانت: المطيع. إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة الزمر - تفسير قوله تعالى " " أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه "- الجزء رقم7. * * *
وقوله: ﴿آنَاءَ اللَّيْلِ﴾
يعني: ساعات الليل. كما:-
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ أوله، وأوسطه، وآخره. ⁕ حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ ﴿آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ قال: ساعات الليل. وقد مضى بياننا عن معنى الآناء بشواهده، وحكاية أقوال أهل التأويل فيها بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقوله: ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾
يقول: يقنت ساجدا أحيانا، وأحيانا قائما، يعني: يطيع، والقنوت عندنا الطاعة، ولذلك نصب قوله: ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ لأن معناه: أمَّن هو يقنت آناء الليل ساجدا طورا، وقائما طورا، فهما حال من قانت.
أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه – تجمع دعاة الشام
والقانت: المقيم على الطاعة. قال ابن عمر: " القنوت ": قراءة القرآن وطول القيام ، و " آناء الليل ": ساعاته ، ( ساجدا وقائما) يعني: في الصلاة ، ( يحذر الآخرة) يخاف الآخرة ، ( ويرجو رحمة ربه) يعني: كمن لا يفعل شيئا من ذلك ، ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) قيل: " الذين يعلمون " عمار ، " والذين لا يعلمون ": أبو حذيفة المخزومي ، ( إنما يتذكر أولو الألباب).
إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة الزمر - تفسير قوله تعالى " " أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه "- الجزء رقم7
وقوله: { سَاجِدًا وَقَائِمًا} يقول: يقنت ساجدًا أحيانًا، وأحيانًا قائمًا، يعني: يطيع، والقنوت عندنا الطاعة، ولذلك نصب قوله: { سَاجِدًا وَقَائِمًا} لأن معناه: أمن هو يقنت آناء الليل ساجدا طورًا، وقائمًا طورًا، فهما حال من قانت، وقوله: { يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ} يقول: يحذر عذاب الآخر، عن ابن عباس في قوله: { يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ} قال: يحذر عقاب الآخرة، { وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} يقول: ويرجو أن يرحمه الله فيدخله الجنة. أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه – تجمع دعاة الشام. { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك: هل يستوي الذين يعلمون ما لهم في طاعتهم لربهم من الثواب، وما عليهم في معصيتهم إياه من التبعات، والذين لا يعلمون ذلك، فهم يخبطون في عشواء، لا يرجون بحسن أعمالهم خيرًا، ولا يخافون بسيئها شرًا ؟ يقول: ما هذان بمتساويين. وقد روي عن أبي جعفر محمد بن علي رضوان الله عليه في ذلك: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} قال: نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون. { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يقول تعالى ذكره: إنما يعتبر حجج الله، فيتعظ ويتفكر فيها، ويتدبرها أهل العقول والحجى، لا أهل الجهل والنقص في العقول.
ومن قرأها بالتشديد ، فإنه يريد معنى الألف وهو الوجه: أن تجعل " أم" إذا كانت مردودة على معنى قد سبق ، قلتها بأم. وقد قرأها الحسن وعاصم وأبو جعفر المدني ، يريدون " أم من هو" فقد تبين في الكلام أنه مضمر قد جرى معناه في أول الكلمة ، إذ ذكر الضال ، ثم ذكر المهتدي بالاستفهام فهو دليل على أنه يريد: أهذا مثل هذا ؟ أو أهذا أفضل ؟ ومن لم يعرف مذاهب العرب ، ويتبين له المعنى في هذا وشبهه ، لم يكتف ولم يشتف. ا هـ. (6) تقدم الاستشهاد بالبيت وشرحناه مفصلا في الجزء ( 12: 18) فراجعه ثمة. وقد أورده الفراء في معاني القرآن (الورقة 284) بعقب كلامه الذي نقلناه عنه في الشاهد السابق على هذا ، قال: ألا ترى قول الشاعر " فأقسم لو شيء أتانا رسوله.... البيت" أن معناه: لو أتانا رسول غيرك لدفعناه ، فعلم المعنى ولم يظهر. وجرى قوله " أفمن شرح الله صدره للإسلام" على مثل هذا.