ووفقاً لذلك فإنّ هذه الآية الكريمة تصلح دليلاً للفريق الثاني النافي لقاعدة العلم بالغيب دون أن يكون نافياً للعلم بالغيب في بعض الموارد التي دلّت عليها الأدلّة الخاصّة؛ لأنّ الآية الكريمة صريحة في نفي العلم بالغيب، وأوضح مجالاتها هو نفي الموجبة الكلّية، فتشكّل أساساً في نفي قاعدة العلم بالغيب. وأمّا قيد الاستقلال المشار إليه فهو غير صحيح؛ إذ لو كان المراد من الآية الاستقلال لصحّ جواب المعصوم هنا، حيث يقول: (لو كنت أعلم الغيب بالاستقلال لاستكثرت من الخير، أمّا وأنا لا أعلم الغيب بالاستقلال وإنّما يعلّمني الله تعالى، وقد علّمني فأنا الآن أعلم الغيب، ولكن لا أستطيع الآن أن استكثر من الخير)؛ مع أنّ هذا الجواب غير معقول؛ إذ لا فرق في الاستكثار من الخير ـ بعد تحقّق العلم بالغيب ـ بين أن يكون هذا العلم من الله أو بالاستقلال. هذا مضافاً إلى أنّ قيد الاستقلال غير موجود في الآية الشريفة ويحتاج إثباته إلى دليل. لو كنت اعلم الغيب. ويبدو أنّ العلماء ظنّوا أنّ إثبات بعض الغيب للمعصوم معناه نفي هذه الآية، مع أنّ هذه الآية تريد نفي القاعدة أو بعض الغيب الذي يرتبط بمجالها، فهي لا تريد إثبات السالبة الكلية، بل كأنّها تريد نفي الموجبة الكلّية أو الأكثرية، فتأويل أمثال العلامة الطباطبائي لها في غير محلّه.
و لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير
#
العنوان
تاريخ النشر
التعليقات
الزائرين
32
آية (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) بين نفي العلم المستقل ونفي العلم بالغيب مطلقاً
2014-05-12
0
2180
السؤال: يقول بعض المفسّرين ـ ومنهم العلامة الطباطبائي ـ أنّ قوله تعالى: (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضرّاً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) (الأعراف: 188)، ينفي العلم بالغيب مستقلاً، ولا ينفي العلم بالغيب بتعليمٍ من الله تعالى، فما هو تعليقكم؟ (نزار، لبنان). الجواب: العلم بالغيب في الجملة من الأمور اليقينيّة التي تشهد بها النصوص الدينية وتتحدّث عنها الدراسات الأخرى أيضاً، إلا أنّ النزاع في أنّ مقتضى القاعدة هو علم المعصوم مثلاً بالغيب إلا ما خرج بالدليل أم لا؟ فمن يذهب إلى أنّ ذلك هو مقتضى الدليل العام والقاعدة فهو يثبت للمعصوم العلم بكلّ غيب، إلا ما ثبت عدم علمه به كغيب الغيوب وما اختصّ الله تعالى بعلمه، وأمّا من يقول بأنّ ناتج القاعدة والدليل العام لا يعطي العلم بالغيب فإنّه يرى أنّ المعصوم لا يعلم الغيب إلا ما ثبت فيه علمه بالغيب، كأن يدلّ دليل خاصّ على علمه بما سيكون أو على علمه بأعمال العباد أو غير ذلك.
اعراب لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير
تفسير قوله تعالى: "ولَوْ كُنتُ أعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ" - الشيخ صالح المغامسي - YouTube
50
عضو مميز تاريخ التسجيل: Oct 2012
املك في عنايه سعر 53. 50
لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تتمنينّ يا محمد ما جعلنا من زينة هذه الدنيا متاعا للأغنياء من قومك ، الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، يتمتعون فيها، فإن مِنْ ورائهم عذابًا غليظًا ( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) يقول: ولا تحزن على ما مُتعوا به فعجّل لهم. فإن لك في الآخرة ما هو خير منه، مع الذي قد عَجَّلنا لك في الدنيا من الكرامة بإعطائنا السبع المثاني والقرآن العظيم ، يقال منه: مَدَّ فلانٌ عينه إلى مال فلان: إذا اشتهاه وتمناه وأراده. وذُكر عن ابن عيينة أنه كان يتأوّل هذه الآية قولَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقُرآن ": أي من لم يستغن به، ويقول: ألا تراه يقول وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ فأمره بالاستغناء بالقرآن عن المال ، قال: ومنه قول الآخر: من أوتي القرآن ، فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظَّم صغيرا وصغَّر عظيما.
ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون
وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (70) وقوله: (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تحزن على إدبار هؤلاء المشركين عنك وتكذيبهم لك (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) يقول: ولا يضق صدرك من مكرهم بك, فإن الله ناصرك عليهم, ومهلكهم قتلا بالسيف.
وكان من رحمته صلى الله عليه وسلم حرصه على إقلاعهم عما هم عليه من تكذيبه والمكر به ، فألقى الله في روعه رباطة جاش بقوله { ولا تكن في ضيق مما يمكرون. والضيق: بفتح الضاد وكسرها ، قرأه الجمهور بالفتح ، وابن كثير بالكسر. وحقيقته: عدم كفاية المكان أو الوعاء لما يراد حلوله فيه ، وهو هنا مجاز في الحالة الحرجة التي تعرض للنفس عند كراهية شيء فيحس المرء في مجاري نفسه بمثل ضيق عرض لها. وإنما هو انضغاط في أعصاب صدره. وقد تقدم عند قوله { ولا تك في ضيق مما يمكرون} في آخر سورة النحل ( 127). والظرفية مجازية ، أي لا تكن ملتبساً ومحوطاً بشيء من الضيق بسبب مكرهم. والمكر تقدم عند قوله تعالى { ومكروا ومكر الله} في سورة آل عمران ( 54). و ( ما) مصدرية ، أي من مكرهم. ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق. إعراب القرآن: «وَلا تَحْزَنْ» الواو حرف عطف ومضارع مجزوم بلا الناهية والفاعل مستتر «عَلَيْهِمْ» متعلقان بالفعل. و الجملة معطوفة على ما قبلها «وَلا تَكُنْ» مضارع ناقص مجزوم بلا الناهية واسمه مستتر «فِي ضَيْقٍ» متعلقان بمحذوف خبر تكن والجملة معطوفة على ما قبلها. «مِمَّا» متعلقان بضيق «يَمْكُرُونَ» مضارع وفاعله والجملة صلة. English - Sahih International: And grieve not over them or be in distress from what they conspire English - Tafheem -Maududi: (27:70) O Prophet, do not grieve for them nor feel distressed at their machinations.
ولا تحزن عليهم
وهذا الحزن يكون عائقًا في طريق الداعي ومثبطًا لعزيمته، وفاتًّا في عضده، ومضعفًا من رجائه وعزيمته وصبره؛ ولذا نهى الله عنه رغم أنه يقع في القلب ابتداء بمقتضى البشرية، لكن لا يجوز أن يستمر حتى لا يعرقل مسيرة الدعوة، قال -تعالى-: ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام:33).
وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ. فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. ولا تحزن عليهم. وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح). فإذا كانت أوزار النبي المعصوم -صلى الله عليه وسلم- وهي من باب النسيان وترك الأولى، أو الخطأ في الاجتهاد تنتقض ظهره؛ فكيف بذنوبنا؟! وقد قال -تعالى-: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30) ، فكان شرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر مقدمة لحصول اليسر، ومع العسر دائمًا يسران وبعده يسر آخر: ( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق:7). والسبيل إلى ذلك التفرغ للعبادة، وتعظيم الرغبة إليه -سبحانه وتعالى-، فالنظر في عواقب الأمور ومآلاتها وما يعلمه المؤمن من قرب نصر الله -تعالى- وفرجه يذهب الضيق من مكر الماكرين؛ فهو يعلم أن مكرهم قد أحاط الله به علمًا، وهو من ورائهم محيط، والدين دينه وهو ناصره ومظهره وهو القوي العزيز، وهو نعم المولى ونعم النصير، وكفى به هاديًا ونصيرًا، فأنى يبقى الضيق بعد هذا؟! والمعية المذكورة في الآية هي معية خاصة للمؤمنين كما ذكر ابن كثير -رحمه الله-، وهي معية نصرة وتأييد وحفظ، واستحضارها مذهب للحزن والضيق؛ قال -تعالى- عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-: ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).
ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق
وبنحو الذي قلنا في قوله ( أزْوَاجًا) قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ): الأغنياء الأمثال الأشباه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد، مثله. لا تحزن على فراق رمضان. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ) قال: نُهِيَ الرجل أن يتمنى مال صاحبه. وقوله ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وألِن لمن آمن بك ، واتبعك واتبع كلامك، وقرِّبهم منك، ولا تجف بهم، ولا تَغْلُظ عليهم ، يأمره تعالى ذكره بالرفق بالمؤمنين ، والجناحان من بني آدم: جنباه، والجناحان: الناحيتان، ومنه قول الله تعالى ذكره وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ قيل: معناه: إلى ناحيتك وجنبك.
وإذا كان الانشغال النافع هو أعظم ما يعين على دفع الحزن والإعراض عنه، فإن من أعظم ما يثير هذا الحزن هو كثرة الحديث عن المنكرات، وتتبع المخالفات، والسؤال عن التجاوزات، وقضاء الأوقات في ملاحقة هذه المجريات بما يملأ القلب حزناً وحسرة بلا ثمرة ولا فائدة، وقد يغري الشيطان بعض الفضلاء بهذه التفصيلات على اعتبار أنها من فقه الواقع، أو من الإصلاح أو إنكار المنكرات، وهي في الحقيقة ليس فيها شيء من ذلك. البحث عن الواجب المقدور عليه، وترك التفكير في المعجوز عنه؛ فالمسلم محاسب على ما يستطيع {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، فلو عجز عن القيام بواجب شرعي فهو معذور، وينبغي بعدها أن لا يفرط في الواجب الشرعي المقدور عليه، ومشكلة الحزن أنه يصيب قلوب الدعاة والمصلحين بسبب التفكير في المعجوز عنه مع أنه لن يحاسب عليه وليس من الواجبات الشرعية التي يكلَّف بها فيحزن على أمر ليس واجباً عليه، فيتسبب في ترك واجب مقدور عليه. وواقع حال الناس شاهد أن من كان تركيزه على العمل، ويبحث عن المقدور عليه تفتح له الأبواب المغلقة ويتمكن مما كان يراه غير مقدور عليه، ومن كان غارقاً في المعجوز عنه فإنه سيكون عاجزاً عن الأمور المتيسرة فلا يتمكن من القيام بها.