ومن الأدلة المخصِّصة لعموم الآية قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [ الطور: 21]. فإن الله سبحانه يلحق الأبناء بآبائهم بثواب الآباء من غير أن ينقص من أجور الآباء شيء [15]. فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليرفع ذريَّة المؤمن إليه في درجته، وإن كانوا دونه في العمل؛ لتقر بهم عينه، ثم قرأ: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ... ﴾ [الطور: 21] الآية، قال: ما نقصنا الآباء ممَّا أعطينا البنين))؛ قال الهيثمي: رواه البزار وفيه قيس بن الربيع، وثَّقَه شعبة، والثوري، وفيه ضعف [16]. وعنه رضي الله عنه قال شريك: "أظنه حكاه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده، فقال: إنهم لم يبلغوا درجتك أو عملك، فيقول: يا رب، قد عملت لي ولهم! فيؤمر بالإلحاق بهم، ثم تلا ابن عباس: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ... ﴾ [الطور: 21]؛ رواه الطبراني في الكبير [17]. وان ليس للانسان الا ماسعى وان سعيه سوف يرى. فإن قيل: إن الآية وردت في إلحاق الذرية، وهذه الرواية في إلحاق الآباء.
وان ليس للانسان الا ماسعى - علوم
وأما
قوله تعالى: « وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى» [(سورة النجم: آية
39)، إنما المقصود منه أجر سعيه وكده وتعبه، وأنه لن يذهب سدى، كما أنه لن يفيده
عمل أحد سوى غيره مهما كان درجة قرابته منه حتى والديه، قال تعالى: « لا تزر وازرة
وزر أخرى»، (النجم:38). وأثبت
العديد من العلماء والسلف الصالح أن الإنسان ينتفع بسعيه في الطاعات والأعمال
الصالحة، مثل الاستغفار والدعاء، قال تعالى: « الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون
بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا» (غافر:7). ومن
رحمة المولى سبحانه وتعالى بنا لا تكتب علينا السيئة إلا إذا فعلناها بينما تكتب
الحسنة حسنة بمجرد التفكير فيها، تأكيدًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قال
الله عز وجل: إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا
هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشرًا»، إذن على الإنسان
السعي، وعلى الله التوفيق.
وان ليس للإنسان الا ماسعي - شبكة أبرك للسلام
إخوان الكرام:
ليس لك إلا ما سعيت، أنا ابن فلان، نحنا والحمد لله مسلمين طيب خير أن شاء الله، أمتي **! أمتي! يقال للنبي الكريم لا تدري ماذا أحدثوا بعدك! يقول سحقاً،*** سحقا، يا فاطمة بنت محمد ****! وان ليس للانسان الا ماسعى تفسير. يا عباس عم رسول الله أنقذا نفسكما من النار، أنا لا أغني عنكما من الله شيء لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه. يروى أن أبو سفيان وقف في باب عمر طويلاً، فلم يؤذن له، وكان صهيبٌ وبلال، يدخلان ويخرجان بلا استئذان، آلمه ذلك، فلما دخل عليه قال: سيد قريش يقف ببابك الساعات الطوال، وصهيبٌ وبلال يدخلان بلا استئذان! ماذا كان جواب سيدنا عمر: أنت مثلاهما
﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)﴾
رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره.
وقال الربيع بن أنس: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى يعني الكافر وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره. قلت: وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول ، وأن المؤمن يصل إلى ثواب العمل الصالح من غيره ، وقد تقدم كثير منها لمن تأملها ، وليس في الصدقة اختلاف ، كما في صدر كتاب مسلم عن عبد الله بن المبارك. وان ليس للإنسان الا ماسعي - شبكة أبرك للسلام. وفي الصحيح: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث وفيه: أو ولد صالح يدعو له وهذا كله تفضل من الله عز وجل ، كما أن زيادة الأضعاف فضل منه ، كتب لهم بالحسنة الواحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف إلى ألف ألف حسنة; كما قيل لأبي هريرة: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة فقال سمعته يقول: إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة فهذا تفضل. وطريق العدل أن ليس للإنسان إلا ما سعى. قلت: ويحتمل أن يكون قوله: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى خاص في السيئة; بدليل ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل إذا هم عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها سيئة واحدة.
قَالاَ: حَدّثَنَا وَهبُ بنُ جَرِيرٍ,. حَدّثَنَا شُعبَةُ عَنِ الأَعَمشِ، بِهَذَا الإِسنَادِ \"لاَ تَقَاطَعُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا إِخوَاناً. كَمَا أَمَرَكُمُ اللّهُ\". وحدّثني أَحمَدُ بنُ سَعِيدٍ, الدّارِمِيّ. حَدّثَنَا حَبّانُ حَدّثَنَا وُهَيبٌ. شرح حديث : (إياكم والظن ...) الحديث. حَدّثَنَا سُهَيلٌ عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ \"لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَنَافَسُوا. قوله صلى الله عليه وسلم: \"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث\" المراد النهي عن ظن السوء، قال الخطابي: هو تحقيق الظن وتصديقه دون ما يهجس في النفس فإن ذلك لا يملك، ومراد الخطابي أن المحرم من الظن ما يستمر صاحبه عليه ويستقر في قلبه دون ما يعرض في القلب ولا يستقر فإن هذا لا يكلف به كما سبق في حديث تجاوز الله تعالى عما تحدثت به الأمة ما لم تتكلم أو تعمد، وسبق تأويله على الخواطر التي لا تستقر. ونقل القاضي عن سفيان أنه قال: الظن الذي يأثم به هو ما ظنه وتكلم به فإن لم يتكلم لم يأثم. قال: وقال بعضهم يحتمل أن المراد الحكم في الشرع بظن مجرد من غير بناء على أصل ولا نظر واستدلال وهذا ضعيف أو باطل والصواب الأول.
شرح حديث : (إياكم والظن ...) الحديث
الحمد لله. روى مسلم (2563) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ
الْحَدِيثِ ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا
تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ
إِخْوَانًا). فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأن يكونوا إخوة متحابين ، ونهاهم عما يفسد
عليهم هذه المحبة: من سوء الظن ، والتجسس ، والتنافس على الدنيا ، والتحاسد ،
والتباغض والتدابر. قال ابن عبد البر رحمه الله:
" قوله: ( ولا تَنَافَسُوا) الْمُرَادُ بِهِ التَّنَافُسُ فِي الدُّنْيَا،
وَمَعْنَاهُ طَلَبُ الظُّهُورِ فِيهَا عَلَى أَصْحَابِهَا ، وَالتَّكَبُّرُ
عَلَيْهِمْ ، وَمُنَافَسَتُهُمْ فِي رِيَاسَتِهِمْ ، وَالْبَغْيُ عَلَيْهِمْ ،
وَحَسَدُهُمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْهَا. وَأَمَّا التَّنَافُسُ وَالْحَسَدُ عَلَى الْخَيْرِ ، وَطُرُقِ الْبِرِّ: فَلَيْسَ
مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ ". ذم سوء الظن والنهي عنه من السنة النبوية - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية. انتهى من التمهيد (18/ 22). فإذا أدت المنافسة إلى محرم ، أو شغلت عن واجب: فهي حرام منهي عنها. روى البخاري (3158) ، ومسلم (2961) عن عَمْرَو بْن عَوْفٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله
عنه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ( وَاللَّهِ لاَ
الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ
عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ،
فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ).
ذم سوء الظن والنهي عنه من السنة النبوية - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية
تاريخ الإضافة: 7/1/2013 ميلادي - 25/2/1434 هجري
الزيارات: 222831
حديث: إيَّاكم والظنَّ؛ فإن الظن أكذب الحديث...
شرح سبعون حديثًا (34)
34- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إيَّاكم والظنَّ؛ فإن الظن أكذب الحديث... ))؛ متفق عليه.
- وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم)) [5910] رواه أبو داود (4889)، وأحمد (6/4) (23866)، والطبراني (8/108) (7516) ، والحاكم (4/419)، والبيهقي (8/333) (17402). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الهيثمى (5/218): رواه أحمد والطبرانى، ورجاله ثقات، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/469) كما قال في المقدمة، وصححه لغيره الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)). قال المناوي: (... ((إنَّ الأمير إذا ابتغى الريبة)) أي: طلب الريبة، أي: التهمة في الناس بنية فضائحهم أفسدهم وما أمهلهم، وجاهرهم بسوء الظن فيها، فيؤديهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم ورموا به ففسدوا، ومقصود الحديث حث الإمام على التغافل، وعدم تتبع العورات؛ فإن بذلك يقوم النظام ويحصل الانتظام، والإنسان قل ما يسلم من عيبه، فلو عاملهم بكل ما قالوه أو فعلوه اشتدت عليهم الأوجاع، واتسع المجال، بل يستر عيوبهم، ويتغافل ويصفح، ولا يتبع عوراتهم، ولا يتجسس عليهم) [5911] ((فيض القدير)) (2/323). انظر أيضا:
أولًا: ذم سوء الظن والنهي عنه في القرآن الكريم.