۞ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6) القول في تأويل قوله تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: ( وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها) ، وما تدبّ دابّة في الأرض. * * * و " الدابّة " " الفاعلة " ، من دبّ فهو يدبّ، وهو دابٌّ، وهي دابّة. وما من دابة في الارض الا على الله رزقها اعراب - ووردز. (1) * * * (إلا على الله رزقها) ، يقول: إلا ومن الله رزقها الذي يصل إليها ، هو به متكفل، وذلك قوتها وغذاؤها وما به عَيْشُها. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 17959- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد، في قوله: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) ، قال: ما جاءها من رزقٍ فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعًا، ولكن ما كان من رزقٍ فمن الله. 17960- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) ، قال: كل دابة 17961- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) ، يعني: كلّ دابة ، والناسُ منهم.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة هود - القول في تأويل قوله تعالى " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها "- الجزء رقم15
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا
ملف نصّي
وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها
تفسير قول الله تعالى: ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ( 6))
الآية على ظاهرها، وما يقدر الله سبحانه من الكوارث والمجاعات لا تضر إلا من تم أجله وانقطع رزقه، أما من كان قد بقي له حياة أو رزق فإن الله يسوق له رزقه من طرق كثيرة قد يعلمها وقد لا يعلمها، لقوله سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ، وقوله: وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)). وقد يعاقب الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها من كسل وتعطيل للأسباب التي يقدر عليها، أو لفعله المعاصي التي نهاه الله عنها، كما قال الله سبحانه: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك الآية. وقال عز وجل: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير الآية، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)) رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه بإسناد جيد. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة هود - قوله تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها - الجزء رقم17. وقد يبتلى العبد بالفقر والمرض وغيرهما من المصائب لاختبار شكره وصبره لقول الله سبحانه: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، وقوله عز وجل: وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ، والمراد بالحسنات في هذه الآية النعم، وبالسيئات المصائب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن)) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة هود - قوله تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها - الجزء رقم17
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
تفسير آية (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)
يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة هود: (وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا) ، [١] وتفسير هذه الآية هو: أنّ أي دابة على الأرض؛ والدابة هي كل حيوان يُدبّ على وجه الأرض، يكون على الله رزقها؛ أي هو المتكفل بها إن شاء رزقها وإن شاء لم يرزقها. [٢] وقوله: "إلا على الله رزقها"؛ أي من الله رزقها، فهو المتكفل بها من ناحية غذائها ومعيشتها، [٣] و"على الله"؛ أي وعداً منه حق، لأن الله لا يجب عليه شيء سبحانه، فالله -سبحانه وتعالى- أخبر برزق جميع الناس والدواب، حتى الكافر يرزقه، قال تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ). إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة هود - القول في تأويل قوله تعالى " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها "- الجزء رقم15. [٤] [٥]
طلب الرزق من الله تعالى وحده
قال تعالى: (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ)، [٦] كثيرٌ من الناس يسعون في طلب الرزق بالاعتماد على الأسباب فقط، وينسون خالق الأسباب الذي تكفّل برزق عباده ووعدهم به، ومع ذلك فإن كثير منهم يعتقدون أن الرزق يأتي من خلال معصية الله -سبحانه وتعالى-، فيركضون وراء الأسباب ويفعلون الحرام من أجل الحصول على الرزق. [٧]
مع أن الله -سبحانه وتعالى- قال في الحديث القدسي: (يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ، إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ).
وما من دابة في الارض الا على الله رزقها اعراب - ووردز
[٨] أي هو المُطعم، والله هو الذي يُعطي وهو الذي يرزق وحده، فهو الرزّاق ذو القوة المتين، ومعنى فاستطعموني أُطعمكم؛ أي اطلبوا منّي الرزق وحدي، فمن طلب الرزق من الله تعالى، رزقه وكفاه، ومن طلب من البشر لا يجد الرزق. [٧]
ضيق الرزق أو سعته ليس دليلاً على محبة الله أو بغضه
إذا رزق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان فليشكره على هذا الرزق، وليؤدي الحقوق المطلوبة منه بها سواء بنفقة أو زكاة، وإذا ضيّق عليه في رزقه فليحسن الظن به وليصبر، لعل الله تعالى يدّخر له الأجر في يوم القيامة. [٩]
وإذا رزق الكافر ووسع عليه، لا يعني ذلك أن الله تعالى يُحبّه فلذلك أعطاه هذا المال، لأن هذا المال ممكن أن يكون فتنة له، ومن الممكن إذا ضيق عليه رزقه أن ينتحر لأنه لا يُحسن الظن بالله، [٩] وولنتذكّر أنّ متاع هذه الحياة الدنيا قليل، ولعل الأجر العظيم في الآخرة، فالآخرة هي خير وأبقى، ولا تُقارن أبداً بهذه الدنيا الزائلة. [٩]
والله بحكمته سبحانه يبسط ويقدر للناس في الرزق؛ لأنه هو خالقهم وهو أعلم بأنفسهم، والعطاء ليس دليلاً دائماً على الرضا، وفي كل الأحوال المنع والعطاء منه كله يكون اختبار وابتلاء منه سبحانه وتعالى، وهو يعلم أن هذا الإنسان لا يُصلحه إذا بسط عليه رزقه، لأنه يعلم سبحانه أنّ التضييق عليه يكون أصلح له.
وقول النبي ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وبالله التوفيق [1]. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (6/253).
سبب تسمية طائر الهدهد بهذا الإسم يعود لكثرة تردده لنفس الصوت لعدة مرات متتالية، كما وقد ذكره الله تعالى في كتابه في قصة سيدنا سليمان والهدهد إذ قال:(وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) فِذكر هنا أن حجة طائر الهدهد كانت عند ذهابه ليسترق النظر في ملكة سبأ الذين كان قومها يعبدون ويسجدون للشمس من دون الله.
قصص القرآن قصة الهدهد والنبى سليمان علية السلام
٧ < ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَآئِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لاّذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّى بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ > ٧! < < النمل:( ٢٠ - ٢١) وتفقد الطير فقال..... > > ﴿ أَمْ ﴾ هي المنقطعة:نظر إلى مكان الهدهد فلم يبصره، فقال: ﴿ مَالِيَ لاَ أَرَى ﴾ على معنى أنه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره أو غير ذلك، ثم لاح له أنه غائب فأضرب عن ذلك وأخذ يقول:أهو غائب ؟ كأنه يسأل عن صحة ما لاح له. ونحوه قولهم:إنها لإبل أم شاء، وذكر من قصة الهدهد أنّ سليمان حين تم له بناء بيت المقدس تجهز للحج بحشرة، فوافى الحرم وأقام به ما شاء، وكان يقرّب كل يوم طول مقامه بخمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف بقرة وعشرين ألف شاة، ثم عزم على السير إلى اليمن فخرج من مكة صباحاً يؤم سهيلاً ؛ فوافى صنعاء وقت الزوال ؛ وذلك مسيرة شهر، فرأى أرضاً حسناء
__________
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة النمل - قوله تعالى وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين- الجزء رقم10
( وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون). قوله تعالى: ( وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون). اعلم أن سليمان عليه السلام لما تفقد الطير أوهم ذلك أنه إنما تفقده لأمر يختص به ذلك الطير ، واختلفوا فيما لأجله تفقده على وجوه:
أحدها: قول وهب أنه أخل بالنوبة التي كان ينوبها فلذلك تفقده. [ ص: 163] وثانيها: أنه تفقده لأن مقاييس الماء كانت إليه ، وكان يعرف الفصل بين قريبه وبعيده ، فلحاجة سليمان إلى ذلك طلبه وتفقده. وثالثها: أنه كان يظله من الشمس ، فلما فقد ذلك تفقده.
أما قوله: ( فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) فأم هي المنقطعة نظر إلى مكان الهدهد فلم يبصره فقال: ما لي لا أراه ، على معنى أنه لا يراه وهو حاضر لساتر ستره أو غير ذلك ثم لاح له أنه غائب فأضرب عن ذلك وأخذ يقول: أهو غائب ؟ كأنه يسأل عن صحة ما لاح له ، ومثله قولهم: إنها لإبل أم شاء. أما قوله: ( لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) فهذا لا يجوز أن يقوله إلا فيمن هو مكلف أو فيمن قارب العقل فيصلح لأن يؤدب ، ثم اختلفوا في قوله: ( لأعذبنه) فقال ابن عباس: إنه نتف الريش والإلقاء في الشمس ، وقيل: أن يطلى بالقطران ويشمس ، وقيل: أن يلقى للنمل فتأكله ، وقيل: إيداعه القفص ، وقيل: التفريق بينه وبين إلفه ، وقيل: لألزمنه صحبة الأضداد ، وعن بعضهم: أضيق السجون معاشرة الأضداد ، وقيل: لألزمنه خدمة أقرانه. أما قوله: ( فمكث) فقد قرئ بفتح الكاف وضمها ( غير بعيد) كقولك عن قريب ، ووصف مكثه بقصر المدة للدلالة على إسراعه خوفا من سليمان وليعلم كيف كان الطير مسخرا له. أما قوله: ( أحطت بما لم تحط به) ففيه تنبيه لسليمان على أن في أدنى خلق الله تعالى من أحاط علما بما لم يحط به ، فيكون ذلك لطفا في ترك الإعجاب ، والإحاطة بالشيء علما أن يعلم من جميع جهاته.