وقوله: "واجنبني وبني أن نعبد الأصنام" ينبغي لكل داع أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته, ثم ذكر أنه افتتن بالأصنام خلائق من الناس, وأنه تبرأ ممن عبدها ورد أمرهم إلى الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم, كقول عيسى عليه السلام "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" وليس فيه أكثر من الرد إلى مشيئة الله تعالى لا تجويز وقوع ذلك. وقال عبد الله بن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه عن عبد الرحمن بن جرير, عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم عليه السلام "رب إنهن أضللن كثيراً من الناس" الاية, وقول عيسى عليه السلام "إن تعذبهم فإنهم عبادك" الاية, ثم رفع يديه ثم قال: "اللهم, أمتي, اللهم أمتي, اللهم أمتي" وبكى فقال الله: اذهب يا جبريل إلى محمد, وربك أعلم, وسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله, فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال, فقال الله: اذهب إلى محمد فقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.
دعاء في الحرم | صحيفة الخليج
صحيفة تواصل الالكترونية
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة إبراهيم - القول في تأويل قوله تعالى "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا "- الجزء رقم17
والوجه الثاني: أن تكون الدعوتان واقعتين بعدما صار المكان بلدا، وإنما طلب ابراهيم - عليه الصلاة والسلام - من ربه أن يجعله آمنا، وهذا ظاهر في قوله: اجعل هذا البلد آمنا، أما في قوله: أجعل هذا بلداً آمنا فكأنه قيل: اجعل هذا البلد بلداً آمنا، وبناء على هذا التقدير يكون المطلوب هو الأمن بعد ما صار بلدا. صحيفة تواصل الالكترونية. وخلاصة الكلام: إما أن تكون الدعوتان وقعتا في وقتين مختلفين، فالتي وردت بالتنكير وقعت قبل جعل المكان بلدا، والمسؤول فيها شيئان: البلدية والأمن، والتي وردت بالتعريف وقعت بعد جعل المكان بلدا والمسؤول فيها شيء واحد هو الأمن. وإما أن تكون الدعوتان وقعتا بعدما صار المكان بلدا، والمسؤول في كل منهما هو الأمن فقط، والبلدية موجودة في حال التعريف تصريحا، وفي حال التنكير تقريراً. ويفهم من تعليل الزمخشري لتلك المغايرة أن المطلوب في حال التنكير شيئان: البلدية والأمن، وفي حال التعريف الأمن وحده، وإليك نص ما قاله: فإن قلت: أي فرق بين قوله اجعل هذا بلدا آمنا وبين قوله اجعل هذا البلد آمنا قلت: قد سأل في الأول أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون، وفي الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن، كأنه قال: هو بلد مخوف فاجعله آمنا.
صحيفة تواصل الالكترونية
[إبراهيم: 35] وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ
الجلالين
الطبري
ابن كثير
القرطبي
البيضاوي
البغوي
فتح القدير
السيوطي
En1
En2
35 - واذكر (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد) مكة (آمنا) ذا أمن وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرما لا يسفك فيه دم إنسان ولا يظلم فيه أحد ولا يصاد صيده ولا يختلى خلاه (واجنبني) بعدني (وبني) عن (أن نعبد الأصنام)
قوله تعالى: "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام". قوله تعالى: " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا " يعني مكة وقد مضى في ( البقرة). إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة إبراهيم - القول في تأويل قوله تعالى "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا "- الجزء رقم17. " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " أي اجعلني جانباً عن عبادتها، وأراد بقوله: ( بني) بنيه من صلبه وكانوا ثمانية، فما عبد أحد منهم صنماً. وقيل: هو دعاء لمن أراد الله أن يدعو له. وقرأ الجحدري وعيسى ( وأجنبني) بقطع الألف والمعنى واحد، يقال: جنبت ذلك الأمر، وأجنبته وجنبته إياه فتجانبه واجتنبه أي تركه. وكان إبراهيم التيمي يقول في قصصه: من يأمن البلاء بعد الخليل حين يقول: " واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " كما عبدها أبي وقومي.
ويجوز أن يكون قوله: وإذ قال ابراهيم... معطوفا على قوله الله الذي خلق السموات والأرض بأن انتقل من ذكر النعم العامة للناس التي يدخل تحت منتها أهل مكة بحكم العموم إلى ذكر النعم التي خص الله بها أهل مكة، وغيّر الأسلوب في الامتنان بها إلى أسلوب الحكاية عن إبراهيم لإدماج التنويه بإبراهيم - عليه السلام - والتعريض بذريته من المشركين. وإذ ظرف زمان منصوب على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: اذكر، أي: واذكر وقت قول ابراهيم، وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت أي الزمن من دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات للمبالغة، في إيجاب ذكرها، لما أن ذكر الوقت ايجاب لذكر ما وقع فيه بالطريق البرهاني، ولأن الوقت مشتمل عليها فإذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها كأنها مشاهدة عيانا. والتعبير ب قال دون دعا، لأن القول عموما يشمل الدعاء وغيره، كما أن ما قاله ابراهيم - عليه الصلاة والسلام - منه ما هو دعاء، ومنه ما ليس بدعاء. وأصل (رب) ربي، وحذفت ياء المتكلم تخفيفا وهو منادى بحرف نداء محذوف، وفي حذف حرف النداء إيحاء بقرب ابراهيم - عليه السلام - من ربه، وفي إيثار لفظ (رب) وإضافته إلى ضميره تأكيد لقرب ابراهيم من ربه، وعنايته بإبراهيم وتربيته له، كما ينبئ به مدلول اللفظ.
وننتقل لتأمل صياغة الدعاء الثاني للخليل ابراهيم عليه السلام وهو في رحاب البيت: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام ووصل بين هذا الدعاء وسابقه لاتحاد الجملتين في الانشائية مع التناسب، وهو ما يطلق عليه مصطلح التوسط بين الكمالين واجنبني فعل أمر من جنب، يقال: جنبته الشيء، بفتح النون أي نحيته عنه وأبعدته، والجنب والجانب: الناحية، وأصل التجنب أن يكون الرجل في جانب غير ما عليه غيره، ثم استعمل بمعنى البُعد، ومعنى الدعاء: وبَعدْني وبنيّ أن نعبد الأصنام، كأنما سأل ربه أن يقوده عن جانب الشرك بألطاف منه وأسباب خفية كما قدره الراغب. وآثر التعبير ب اجنبني على التعبير ب أبعدني؟ لما في اجنبني من معنى البعد وزيادة معنى آخر هو جعله في جانب آخر غير ماهي (أي الأصنام) فيه. وخرج الأمر اجنبني عن معناه الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو الدعاء، والمراد طلب الدوام والثبات على التوحيد، والبعد عن عبادة الأصنام. والمراد ببنيه اسماعيل وإسحاق عليهما السلام أبناء صلبه، فهو من باب التغليب، تغليب الجمع على التثنية، أو استعمال الجمع في التثنية، وقيل: المراد ببنيه جميع نسله تعميما للخير فاستجيب له في البعض. وأوثر المصدر المؤول (أن نعبد) على المصدر الصريح (عبادة) لأن في استعمال الفعل المضارع إشارة إلى عدم وقوعهم في عبادتها، ويطلب لهم الثبات على ذلك مستقبلا.
هناك بعض المقولات التي نددها دون أن نعرف قصتها مثل مقولة ( لا يفتى ومالك في المدينة)، وتقال عندم الحكم النهائي وعند التفوة التي ليس بعدها فنوى، وذلك لحكمة الامام مالك، حيث كلما اختلف أهل المدينة في أي أمر ديني أو فتوى يذهبوا إلى الإمام مالك لكي يسألوه، ويقولون كيف نختلف وبيننا الامام مالك. الإمام مالك بن أنس: هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري المدني، ولد الامام مالك رضى الله عنه في عام 93 هجريا في المدينة المنورة، وهو فقيه وإمام وهو أحد الائمة الاربعة، وهو صاحب المذهب المالكي، ولقد تتلمذ على يديه الكثير من طلاب العلم، ومن أشهر تلاميذه الامام الشافعي. مالك بن أنس - المكتبة الشاملة. وقد عرف الإمام مالك بعلمه العزيز وذكائه وحفظه للأحاديث النبوية الشريف ولقد حفظ القرآن في صغره، ولقد اعتمد الامام مالك في فتواه على القرآن والسنة، ويعتبر كتابه الموطأ من اشهر كتب الأحاديث النبوية الشريفة، ولم يخرج الامام مالك رضى الله عنه من المدينة المنورة إلا حاجًا أو معتمرًا، وتوفى ودفن في البقيع عام 179 هجريا. قصة مقولة " لا يفتى ومالك في المدينة ":
– تعود قصة هذه المقولة إلى أن هناك امرأة توفت في المدينة المنورة ، وجاءوا اهلها بإحدى مغسلات الموتى لكي تغسلها، وعندما بدأن المغسلة بغسل الجسد وصبت الماء عليه، فأخذت تذكر الميتة بالسوء، وتصفها بأنها امرأة زانية، وقالت ( كم عصى هذا الفرج ربه)، فالتصقت يدها فجأة على جسد المتوفية وأصبحت لا تستطيع أن تحركها مهما حاولت.
مالك بن أنس - المكتبة الشاملة
وقد حُمِل عليه ما رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يوشِك أن يضرب الناسُ أكبادَ الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدًا أعلمَ من عالم المدينة»، وعقب الإمام الترمذي بقوله: "هذا حديث حسن وهو حديث ابن عيينة، وقد روي عن ابن عيينة أنه قال في هذا: سئل من عالم المدينة؟ فقال: إنه مالك بن أنس. وقال إسحاق بن موسى: سمعت ابن عيينة يقول: هو العمري الزاهد. قد يفتى وبالمدينة مالك!. وسمعت يحيى بن موسى يقول: قال عبد الرزاق: هو مالك بن أنس"، والعمري هو عبد العزيز بن عبد الله من ولد عمر بن الخطاب رضي الله عنهم. وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن المراد بـ"عالم المدينة" في هذا الحديث هو الإمام مالك بن أنس؛ قال الإمام ابن رشد المالكي في "المقدمات الممهدات" (3/ 483-484، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأنه كان إمامًا في ذلك كله غير مدافع فيه بشهادة علماء وقته له بذلك وإقرارهم بالتقديم له فيه، ولأنا اعتقدنا أيضًا أنه هو الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة» لوجهين:
أحدهما: أنه هو المسمى بعالم المدينة لتعرفه به، فإذا قال القائل: هذا قول عالم المدينة، أو فقيه المدينة، أو إمام دار الهجرة، علم أنه هو الذي أراد، كما يعلم إذا قال هذا قول الشافعي أنه أراد بذلك محمد بن إدريس الشافعي دون من سواه من أهل نسبه، وكذلك الثوري والأوزاعي.
قد يفتى وبالمدينة مالك!
ويعتبر مالك صاحب مذهب فردي مستقل جاء نتيجة اجتهاده هو بنفسه وليس لأصحابه إلا القليل من الأحكام التي استنبطوها بناء على أصول إمامهم، وكان لمالك تلاميذ كثيرون منهم عليّ بن القاسم وسحنون وأسد بن الفرات. وقد ذاع صيت مذهب مالك في جميع الأقطار، فرحل الناس إليه من كل مكان وظل يعلم ويفتي قرابة سبعين عامًا؛ فكثر تلاميذه في الحجاز واليمن وخراسان والشام ومصر والمغرب والأندلس. وبسبب هذا فقد انتشر هذا المذهب في مصر والمغرب الأقصى والجزائر وتونس وطرابلس، وهو الغالب في السودان وبعض دول إفريقيا والأندلس والبصرة والكويت وقطر والبحرين، وقل شيوعه في بغداد بالعراق والأحساء من المملكة العربية السعودية. ما قيل في سبب ورود عبارة لا يفتى ومالك في المدينة - إسلام ويب - مركز الفتوى. نقلا عن الموسوعة العربية العالمية
ما قيل في سبب ورود عبارة لا يفتى ومالك في المدينة - إسلام ويب - مركز الفتوى
والثاني: تأويل الأئمة ذلك فيه منهم ابن جريج، وابن عيينة، وعبد الرحمن بن مهدي من غير خلاف عليهم في ذلك؛ لأن من قال: يحتمل أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم عنى بذلك العمري العابد ليس بصحيح؛ لأن الصفة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن أكباد الإبل تضرب إليه في طلب العلم إنما هي موجودة في مالك لا في العمري؛ لأن أكباد الإبل لم تضرب إليه في طلب العلم؛ لأنه إنما كان من شأنه أن يخرج إلى البادية التي لا يحضر أهلها الأمصار لطلب العلم ولا يخرج أهل العلم إليهم، فيعلمهم أمر دينهم ويفقههم فيه ويرغبهم فيما يقربهم من ربهم ويحذرهم مما يبعدهم عنه. وهذا وإن كان فيه من الفضل ما فيه فقد أربى ما وهب الله مالكًا رحمه الله من الفضل فيما انتشر عنه من العلم وإحيائه من الدين بما لا يعلمه إلا الله الذي يؤتي فضله من يشاء وهو ذو الفضل العظيم] اهـ. وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "مجموع الفتاوى" (20/ 323، ط. مجمع الملك فهد للطباعة): [وهذا يصدق الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة» فقد روي عن غير واحد كابن جريج وابن عيينة وغيرهما أنهم قالوا: هو مالك.
مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأعلام ومؤسس المذهب المالكي. عربي الأصل، من التابعين. ولد مالك بن أنس بالمدينة المنورة وعاش كل حياته بها في مهبط الوحي ومقر التشريع وموطن جمهرة الصحابة ومحط رحال العلماء والفقهاء. ولم يرحل من المدينة إلا إلى مكة حاجًا. مات في المدينة ودفن بالبقيع. تلقى مالك علومه على علماء المدينة وأخذ القراءة عن نافع وأخذ الحديث عن ابن شهاب الزهري، وشيخه في الفقه ربيعة بن عبد الرحمن ـ المعروف بربيعة الرأي ـ وظل يأخذ وينهل من العلم حتى سن السابعة عشرة، وقام بالتدريس بعد أن شهد له شيوخه بالحديث والفقه. وقد قال مالك: ما جلست للفتوى حتى شهد لي سبعون شيخًا أني أهل لذلك. ويعتبر مالك إمام أهل الحجاز في عصره وإليه ينتهي فقه المدينة، وقد أجمع العلماء على أمانته ودينه وورعه، قال الشافعي: مالك حجة الله على خلقه. وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت أحدًا أتم عقلاً ولا أشد تقوى من مالك. شهد له جميع الأئمة بالفضل حتى قالوا: لا يفتَى ومالك في المدينة. وقد قصده العلماء وطلاب العلم من كل قطر ليأخذوا عنه؛ لذا انتشر مذهبه في كثير من الأقطار على أيدي تلاميذه الذين أخذوا عنه.