تاريخ النشر: الثلاثاء 27 محرم 1439 هـ - 17-10-2017 م
التقييم:
رقم الفتوى: 362017
7087
0
120
السؤال
في قوله تعالى: (عينا يشرب بها المقربون) لماذا قال: بها، ولم يقل: منها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الباء تأتي لمعان عدة، منها التبعيض مثل: من، وعليه، فهي هنا بمعنى من، أي يشرب منها المقربون. وقيل: إنَّ يشرب هنا بمعنى يروى، أو يتلذذ، أو ينتفع. وفي الآية توجيهات أخرى، منها: أن الفعل يشرب عدي بالباء، كما يتعدى بنفسه، وقيل إن الباء زائدة. ففي تفسير الطبري: ويعني بقوله: {يشرب بها عباد الله}، يروى بها، وينتفع. وقيل: يشرب بها، ويشربها بمعنى واحد. وذكر الفراء أن بعضهم أنشده:
شربن بماء البحر ثم ترفعت... متى لجج خضر لهن نئيج........ اهـ. وفي تفسير النسفي: {يشرب بها عباد الله}، أي منها، أو الباء زائدة، أو هو محمول على المعنى، أي يلتذ بها، أو يروى بها. وإنما قال أولا بحرف من، وثانيا بحرف الباء؛ لأن الكأس مبتدأ شربهم، وأول غايته. اهـ. وفي شرح الأشموني لألفية ابن مالك عند الكلام على معاني الباء:
العاشر: التبعيض، نحو: {عينا يشرب بها عباد الله}. اهـ. عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا. وفي مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام عند الكلام على معاني الباء:
الْحَادِي عشر التَّبْعِيض: أثبت ذَلِك الْأَصْمَعِي والفارسي والقتبي وَابْن مَالك، قيل والكوفيون، وَجعلُوا مِنْهُ {عينا يشرب بهَا عباد الله}.
- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الانسان - الآية 6
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الانسان - الآية 6
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا مهران ، عن سفيان ( يفجرونها تفجيرا) قال: يصرفونها حيث شاءوا.
﴿إنَّ الأبْرارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُورًا﴾ ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها﴾ تَفْجِيرًا) هَذا اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ ناشِئٌ عَنِ الِاسْتِئْنافِ الَّذِي قَبْلَهُ مِن قَوْلِهِ (﴿إنّا أعَتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلًا﴾ [الإنسان: ٤]) إلَخْ. فَإنَّ مَن عَرَفَ ما أُعِدَّ لِلْكَفُورِ مِنَ الجَزاءِ يَتَطَلَّعُ إلى مَعْرِفَةِ ما أُعِدَّ لِلشّاكِرِ مِنَ الثَّوابِ. وأُخِّرَ تَفْصِيلُهُ عَنْ تَفْصِيلِ جَزاءِ الكَفُورِ مَعَ أنَّ شاكِرًا مَذْكُورٌ قَبْلَ كَفُورًا، عَلى طَرِيقَةِ اللَّفِّ والنَّشْرِ المَعْكُوسِ لِيَتَّسِعَ المَجالُ لِإطْنابِ الكَلامِ عَلى صِفَةِ جَزاءِ الشّاكِرِينَ وما فِيهِ مِنَ الخَيْرِ والكَرامَةِ، تَقْرِيبًا لِلْمَوْصُوفِ مِنَ المُشاهَدَةِ المَحْسُوسَةِ. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الانسان - الآية 6. وتَأْكِيدُ الخَبَرِ عَنْ جَزاءِ الشّاكِرِينَ لِدَفْعِ إنْكارِ المُشْرِكِينَ أنْ يَكُونَ المُؤْمِنُونَ خَيْرًا مِنهم في عالَمِ الخُلُودِ، ولِإفادَةِ الِاهْتِمامِ بِهَذِهِ البِشارَةِ بِالنِّسْبَةِ إلى المُؤْمِنِينَ. والأبْرارُ: هُمُ الشّاكِرُونَ، عَبَّرَ عَنْهم بِالأبْرارِ زِيادَةً في الثَّناءِ عَلَيْهِمْ.