(وكفى به) أي: وكفى بهذا الافتراء. (إثماً مبيناً) ذنباً وافتراء ظاهراً. [الفوائد] ١ - الإنكار على من يزكي نفسه. ٢ - النهي عن تزكية النفس، لأن الله تعالى أنكر ذلك (فلا تزكوا أنفسكم). ٣ - أن الأمر إلى الله في تزكية الإنسان. ٤ - أنه يجب على الإنسان أن يلجأ إلى الله في طلب التزكية. ٥ - نفي الظلم عن الله تعالى. ٦ - تعظيم الكذب على الله. (الأربعاء: ١٨/ ٣/ ١٤٣٤ هـ).
- لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى - مصلحون
لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى - مصلحون
وروينا في صحيحيهما عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال حين شكاه أهل الكوفة
إلى عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه وقالوا: لا يُحسن يصلي!. فقال سعد: والله إنّي لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله تعالى. لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى - مصلحون. وروينا في صحيح مسلم عن عليّ رضي الله عنه قال: والذي فلق الحبَّة وبرأَ النسمةَ ،
إنه لعهدُ النبيّ صلى الله عليه وسلم إليّ: أنه لا يحبني إلا مؤمنٌ ، ولا يبغضني
إلا منافق. ونظائر هذا كثيرة لا تنحصر ، وكلُّها محمولة على ما ذكرنا ". انتهى مختصرا من " الأذكار" (ص: 278-279). وقال ابن مفلح رحمه الله:
" قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ مَدَحَ نَفْسَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ ، وَمِنْ شَأْنِ
الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ التَّوَاضُعُ ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمَّا خَلَا مَدْحُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ بَغْيٍ وَتَكَبُّرٍ
، وَكَانَ مُرَادُهُ بِهِ الْوُصُولَ إلَى حَقٍّ يُقِيمُهُ ، وَعَدْلٍ يُحْيِيه ،
وَجَوْرٍ يُبْطِلُهُ: كَانَ ذَلِكَ جَمِيلًا جَائِزًا. وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاَللَّهِ مَا
آيَةٌ إلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ بِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ.
قال تعالى: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:32], قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلا}[النساء:49]، وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ((لا تزكوا أنفسكم؛ إنَّ اللّه أعلم بأهل البر منكم)). قال النووي: اعلم أنَّ ذِكْرَ محاسن النفس ضربان: مذموم ومحبوب؛ فالمذمومُ: أن يَذكرَه للافتخار، وإظهار الارتفاع، والتميّز على الأقران، وشبه ذلك، والمحبوبُ: أن يكونَ فيه مصلحة دينية، وذلك بأن يكون آمرًا بمعروف، أو ناهيًا عن منكر، أو ناصحًا، أو مشيرًا، بمصلحة أو معلمًا، أو مؤدبًا، أو واعظًا، أو مُذكِّرًا، أو مُصلحًا بين اثنين، أو يَدفعُ عن نفسه شرًّا، أو نحو ذلك، فيذكر محاسنَه، ناويًا بذلك أن يكون هذا أقربَ إلى قَبول قوله، واعتمادِ ما يذكُره، أو أن هذا الكلام الذي يقوله لا تجدونه عند غيره، فاحتفظوا به أو نحو ذلك. وقد جاء في هذا المعنى ما لا يحصى من النصوص؛ كقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((أنا النَّبِي لا كَذِبْ))، وقوله صلى الله عليه وسلم مُتحدِّثًا بنعمة ربه عليه: ((أنا سَيِّدُ وَلَد آدَم يوم القيامة، وأول من ينشَّق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع))، وقوله صلى الله عليه وسلم في موضع آخر: ((قد علمتم أنَّي أتقاكم لله، وأصدقكم، وأبركم))، وقوله صلى الله عليه وسلم في موضع ثالث: ((أنا أتقاكم لله، وأعلمكم بحدود الله))، وفي حديث صيام الوصال: ((إنَّي أبِيتُ يطعمني ربي ويسقيني))، وأشباهه كثيرة.