وكان من شيوخه محمد بن يحيى الذهلي إمام أهل الحديث بخراسان، والحافظ الدارمي أحد الأئمة الحفاظ وصاحب مسند الدارمي، وعبد الله بن مسلمة المعروف بالقعنبي، وأبو زرعة الرازي محدث الري المعروف. منزلته ومكانته
وقد أتت كل جهوده في طلب العلم ثمارها، وبارك الله له في وقته فحصل من العلم ما لا يجتمع للنابغين حيث رزقه الله ذاكرة لاقطة، وعقلا راجحًا، وفهمًا راسخًا، وقد لفت ذلك أنظار شيوخه، فأثنوا عليه وهو لا يزال صغيرًا غض الإهاب، فتنبأ له شيخه إسحاق بن راهويه في نيسابور حين رأى دأبه وحرصه فقال: أي رجل يكون هذا؟! كتاب المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج. وعده شيخه محمد بشار من حفاظ الدنيا فيقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة الرازي بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى. وأثنى عليه أئمة الحديث ونعتوه بأوصاف الإجلال والإكبار، ومن أجمع الأوصاف ما ذكره القاضي عياض بقوله: هو أحد أئمة المسلمين وحفاظ المحدثين، ومتقني المصنفين، أثنى عليه غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، وأجمعوا على إمامته وتقدمه وصحة حديثه، وتمييزه وثقته وقبول حديثه. مؤلفاته
كان الإمام مسلم بن الحجاج من المكثرين في التأليف في الحديث وفي مختلف فنونه رواية ودراية، وصل إلينا منها عدد ليس بالقليل، وهو شاهد على مكانة الرجل في علم الحديث، وهي مكانة لم يصل إليها إلا الأفذاذ من المحدثين أصحاب الجهود المباركة في خدمة السنة، وممن رزقوا سعة الصيت ورزقت مؤلفاتهم الذيوع والانتشار.
- كتاب المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج
كتاب المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج
أعماله [ تحرير | عدل المصدر]
ترك نيفاً وعشرين مصنفاً في الحديث وعلومه، أشهرها:
صحيح مسلم: في اثني عشر ألف حديث، كتبها في خمس عشرة سنة، ومجموعها عدا المكرر (3030 حديثاً) وهو أحد الصحيحين بعد البخاري المعوَّل عليهما عند أهل السنة في الحديث، وقد شرحه كثيرون أشهرهم الإمام النووي، في 18 جزءاً، قال الإمام مسلم عن كتابه: «ما وضعت شيئاً في كتابي هذا إلا بحجة، وما أسقطت منه شيئاً إلا بحجة». وللحافظ المنذري: مختصر صحيح مسلم في مجلد واحد.
"تاريخ دمشق" (12 / 185-188). وروى الترمذي في سننه (2220) عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: " أَحْصَوْا مَا
قَتَلَ الْحَجَّاجُ صَبْرًا فَبَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ ". وقال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجئتنا بالحجاج لغلبناهم ، وما كان يصلح
لدنيا ولا لآخرة. "تاريخ دمشق" (12/185). مؤلف:مسلم بن الحجاج - ويكي مصدر. وكان مضيعا للصلوات ، مفرطا فيها ، لا يصليها لوقتها:
كتب
عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة: بلغني أنك تستن بسنن الحجاج ، فلا تستن بسننه
، فإنه كان يصلي الصلاة لغير وقتها ، ويأخذ الزكاة من غير حقها ، وكان لما سوى ذلك
أضيع ". "تاريخ دمشق" (12 / 187). وقال الذهبي رحمه الله:
"
كان ظلوما جبارا ناصبيا خبيثا سفاكا للدماء. وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء ، وفصاحة وبلاغة ، وتعظيم للقرآن. قد
سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير ، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ، ورميه إياها
بالمنجنيق ، وإذلاله لأهل الحرمين ، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة ،
وحروب ابن الأشعث له ، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله. فنسبه ولا نحبه ، بل نبغضه في الله ؛ فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان. وله
حسنات مغمورة في بحر ذنوبه ، وأمره إلى الله.