وقوله: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أنابَ إليَّ) يقول: واسلك طريق من تاب من شركه، ورجع إلى الإسلام، واتبع محمدا صلى الله عليه وسلم. وان جاهداك على ان تشرك بي بي سي. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إليَّ) أي: من أقبل إليّ. وقوله: (إليَّ مَرْجِعُكُمْ فأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) فإن إليّ مصيركم ومعادكم بعد مماتكم، فأخبركم بجميع ما كنتم في الدنيا تعملون من خير وشرّ، ثم أجازيكم على أعمالكم، المحسن منكم بإحسانه والمسيء بإساءته. فإن قال لنا قائل: ما وجه اعتراض هذا الكلام بين الخبر عن وصيتي لقمان ابنه؟ قيل: ذلك أيضا وإن كان خبرا من الله تعالى ذكره عن وصيته عباده به، وأنه إنما أوصى به لقمان ابنه، فكان معنى الكلام: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ولا تطع في الشرك به والديك (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْرُوفا) فإن الله وصّى بهما، فاستؤنف الكلام على وجه الخبر من الله، وفيه هذا المعنى، فذلك وجه اعتراض ذلك بين الخبرين عن وصيته.
- وان جاهداك على ان تشرك بي بي سي
- وان جاهداك على ان تشرك بي بي
- وان جاهداك على ان تشرك بي
وان جاهداك على ان تشرك بي بي سي
والمقصود من الآية هو قوله { وإن جاهداك لتشرك بي} إلى آخره ، وإنما افتتحت ب { وصينا الإنسان بوالديه حسناً} لأنه كالمقدمة للمقصود ليعلم أن الوصاية بالإحسان إلى الوالدين لا تقتضي طاعتهما في السوء ونحوه لقول النبي صلى الله عليه وسلم « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » ولقصد تقرير حكم الإحسان للوالدين في كل حال إلا في حال الإشراك حتى لا يلتبس على المسلمين وجه الجمع بين الأمر بالإحسان للوالدين وبين الأمر بعصيانهما إذا أمرا بالشرك لإبطال قول أبي جهل: أليس من دين محمد البر بالوالدين ونحوه. وهذا من أساليب الجدل وهو الذي يسمى القول بالموجب وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع ، ومنه في القرآن قوله تعالى: { قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد ءاباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمنّ على من يشاء من عباده} [ إبراهيم: 10 ، 11] فعلم أنه لا تعارض بين الإحسان إلى الوالدين وبين إلغاء أمرهما بما لا يرجع إلى شأنهما. والتوصية: كالإيصاء ، يقال: أوصى ووصّى ، وهي أمر بفعل شيء في مغيب الآمر به ففي الإيصاء معنى التحريض على المأمور به ، وتقدم في قوله تعالى { الوصية للوالدين} [ البقرة: 180] وقوله { وأوصى بها إبراهيم} في [ البقرة: 132].
وان جاهداك على ان تشرك بي بي
تاريخ النشر: السبت 18 شعبان 1425 هـ - 2-10-2004 م
التقييم:
رقم الفتوى: 54167
64473
0
478
السؤال
سؤالي هو ما سبب نزول الآية 8 من سورة العنكبوت جزاكم الله خيرأ. وان جاهداك على ان تشرك بي - الداعية كريم فؤاد. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بين السيوطي في الدر المنثور سبب نزول هذه الآية فقال: أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قالت أمي: لا آكل طعاما ولا أشرب شرابا حتى تكفر بمحمد، فامتنعت من الطعام والشراب حتى جعلوا يسجرون فاها بالعصا، فنزلت هذه الآية: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت: 8}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت: 8}. قال: أنزلت في سعد بن مالك رضي الله عنه لما هاجر، قالت أمه: والله لا يظلني ظل حتى يرجع، فأنزل الله في ذلك أن يحسن إليهما، ولا يطيعهما في الشرك.
وان جاهداك على ان تشرك بي
قال: ((لا بل هو رأي لما رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة فأردت أن أدفعه عنكم إلى يوم)) فقال السعدان: سعد بن عبادة والسعد بن معاذ: والله يا رسول الله إنهم لم يطمعوا فيها منا إلا بشراء أو قرى ونحن كفار فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالإسلام ولا نعطيهم
نص الشبهة:
سؤال: قال تعالى:﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ … ﴾. فقد جاء النهي صريحاً عن موادّة مَن حادّ اللّه ورسوله ولو كان أحد الوالدَينِ أو الأقربينَ، الأمر الذي يتنافى وترخيص مُصاحبة الوالدَينِ المشرِكَينِ مُصاحبةً بالمعروف في قوله تعالى:﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا … ﴾. الجواب:
هناك فَرق بائن بين الموادّة التي هي عَقْدُ القلب على المحبّة والوِداد الذاتي وبين المصاحبة بالمعروف التي هي المُداراة والمجاملة الظاهريّة في حُسن المعاشرة مع الوالدَينِ، وربّما كانت عن كراهةٍ في القلب، فمِن أدب الإسلام أن يأخذ الإنسان بحُرمة والدَيه وكذا سائر الأقربينَ وإنْ كان يُخالفهم في العقيدة. وان جاهداك على ان تشرك بي. فحُسن السلوك شيءٌ والرباط النفسي شيء آخر، فربّما لا رباط بين الإنسان وغيره نفسياً وإن كان يُداريه في حُسن المعاشرة أدباً إسلامياً إنسانياً شريفاً، وليس مع الأقرباء فحسب بل مع الناس أجمع، الأمر الذي يُؤكِّد عليه جانب تأليف القلوب مشروعاً عامّاً 1.