وتصدير الجملة بفعل ( ذرني) إيماء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان مهتما ومغتما مما اختلقه الوليد بن المغيرة ، فاتصاله بقوله ولربك فاصبر يزداد وضوحا. وتقدم ما في نحو ( ذرني) وكذا ، من التهديد والوعيد للمذكور بعد واو المعية ، في تفسير قوله تعالى فذرني ومن يكذب بهذا الحديث في سورة القلم. وجيء بالموصول وصلته في قوله ومن خلقت وحيدا لإدماج تسجيل كفران الوليد النعمة في الوعيد والتهديد. وانتصب ( وحيدا) على الحال من ( من) الموصولة. والوحيد: المنفرد عن غيره في مكان أو حال مما يدل عليه سياق الكلام ، أو شهرة أو قصة ، وهو فعيل من وحد من باب كرم وعلم ، إذا انفرد. تفسير قوله تعالى ذرني ومن خلقت وحيدا - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك. [ ص: 304] وكان الوليد بن المغيرة يلقب في قريش بالوحيد لتوحده وتفرده باجتماع مزايا له لم تجتمع لغيره من طبقته وهو كثرة الولد وسعة المال ، ومجده ومجد أبيه من قبله ، وكان مرجع قريش في أمورهم ؛ لأنه كان أسن من أبي جهل وأبي سفيان ، فلما اشتهر بلقب الوحيد كان هذا الكلام إيماء إلى الوليد بن المغيرة المشتهر به. وجاء هذا الوصف بعد فعل ( خلقت) ليصرف هذا الوصف عما كان مرادا به فينصرف إلى ما يصلح لأن يقارن فعل ( خلقت) أي: أوجدته وحيدا عن المال والبنين والبسطة ، فيغير عن غرض المدح والثناء الذي كانوا يخصونه به ، إلى غرض الافتقار إلى الله الذي هو حال كل مخلوق فتكون من قبيل قوله والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا الآية.
تفسير قوله تعالى ذرني ومن خلقت وحيدا - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر ذرني ومن خلقت وحيدا قال المفسرون يعني الوليد بن المغيرة المخزومي وإن كان الناس خلقوا مثل خلقه ، وإنما خص بالذكر لاختصاصه بكفر النعمة لأذى الرسول. وفي قوله تعالى: (وحيدا) تأويلان:
أحدهما: أن الله تفرد بخلقه وحده. الثاني: خلقه وحيدا في بطن أمه لا مال له ولا ولد ، قاله مجاهد ، فعلى هذا الوجه في المراد بخلقه وحيدا وجهان:
أحدهما: أن يعلم به قدر النعمة عليه فيما أعطي من المال والولد. الثاني: أن يدله بذلك على أنه يبعث وحيدا كما خلق وحيدا. وجعلت له مالا ممدودا فيه ثمانية أقاويل: أحدها: ألف دينار ، قاله ابن عباس. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة المدثر - قوله تعالى ذرني ومن خلقت وحيدا - الجزء رقم16. الثاني: أربعة آلاف دينار ، قاله سفيان. الثالث: ستة آلاف دينار ، قاله قتادة. الرابع: مائة ألف دينار ، قاله مجاهد. الخامس: أنها أرض يقال لها ميثاق ، وهذا مروي عن مجاهد أيضا. السادس: أنها غلة شهر بشهر ، قاله عمر رضي الله عنه.
قصة آية (12) الوليد بن المغيرة.. زعيم المبشرين بالجحيم - أصوات أونلاين
Your browser does not support the HTML5 Audio element. تفسيرُ قوله تعالى "ذرني ومَن خلقتُ وحيدًا"
السؤال: وهذا سائلٌ مِن الشَّبكةِ يسألُ عن الآيةِ الَّتي سألَها أحدُ الأشخاصِ بالأمسِ عن المقصودِ بـ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا [المدثر:11] ؟
الجواب: قلْتُ بالأمسِ إنَّ المرادَ بالوحيدِ الوليدُ بنُ عقبةَ، وكانَ هذا خطأً منِّي، والصَّوابُ أنَّهُ الوليدُ بنُ المغيرةَ المخزوميُّ، هذا ما ذكرَهُ المفسِّرونَ، الوليدُ بنُ المغيرةَ المخزوميُّ، أمَّا الوليدُ بنُ عقبةَ فهو صحابيٌّ معروفٌ.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة المدثر - قوله تعالى ذرني ومن خلقت وحيدا - الجزء رقم16
قَوْلُهُ تعالى: ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ﴾ يَعْنِي: كَانَ يَطْمَعُ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ بِأَنْ يَزْدَادَ مَا لَدَيْهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ وَأَنْصَارٍ، وَسَائِرِ مَحَابِّهِ مِنَ الدُّنْيَا، لِأَنَّ اللهَ تعالى جَعَلَ مَطَالِبَهُ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا مُيَسَّرَةً وَمُسَهَّلَةً، لَا عُـسْرَ عَلَيْهِ في تَحْصِيلِهَا، لِأَنَّ اللهَ تعالى مَهَّدَ لَهُ الأُمُورَ تَمْهِيدًا زَائِدًا عَنْ أَقْرَانِهِ. وَهَذَا الطَّمَعُ مَوْجُودٌ في الإِنْسَانِ، وَقَدْ أَكَّدَ ذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَالِثٌ، وَلَا يَمْلَأُ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ» رواه الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. نَسْأَلُ اللهَ تعالى رِزْقًا حَلَالًا وَاسِعًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مِنْ غَيْرِ فِتْنَةٍ فِيهِ. ذرني ومن خلقت وحيدا تفسير. آمين. ** ** **
تاريخ الكلمة:
الخميس: 24/ رجب /1441هـ، الموافق: 19/آذار / 2020م
أولًا: سبب نزولها:
لقد ذكر المفسرون أن هذه الآيات نزلت في شأن الوليد بن المغيرة المخزومي، وبينهم ما يشبه الاتفاق فقالوا ما ملخصه: إن المشركين عندما اجتمعوا في دار الندوة، ليتشاوروا فيما يقولونه في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي شأن القرآن الكريم - قبل أن تقدم عليهم وفود العرب للحج - فقال بعضهم: هو شاعر، وقال آخرون، بل هو كاهن، أو مجنون، وأخذ الوليد يفكر ويرد عليهم، ثم قال بعد أن فكَّر وقدَّر: ما هذا الذي يقوله محمد صلى الله عليه وسلم إلا سحر يؤثَر، أما ترونه يفرق بين الرجل وامرأته، وبين الأخ وأخيه). وقال ابن كثير: (وقال قتادة: زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال الرجل، فإذا هو ليس بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يُعلى، وما أشك أنه سحر، فأنزل الله: ﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ [المدثر: 19]، ﴿ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴾ [المدثر: 22]، قبض ما بين عينيه وكلح. ثانيًا: تضمنت الآيات بحسب ما ورد في سبب النزول اتهامَ الوليد بن المغيرة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر - وحاشاه - وأن القرآن سحر وقد كذب. ثالثًا: جاء دفاع الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ورد هذه التهمة بطرق عديدة، وهي:
1- بدأت الآيات بتهديد القائل لهذا الافتراء على خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم قبل ذكر افترائه، وهذا غاية في العناية بإبعاد ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ﴾؛ قال الآلوسي: وقوله: وَحِيدًا حال من الياء في ذَرْنِي؛ أي: ذرني وحدي معه، فأنا أغنيك في الانتقام منه.