قوله تعالى {يوم يفر المرء من أخيه} أي يهرب، أي تجيء الصاخة في هذا اليوم الذي يهرب فيه من أخيه؛ أي من موالاة أخيه ومكالمته؛ لأنه لا يتفرغ لذلك، لاشتغاله بنفسه؛ كما قال بعده {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} أي يشغله عن غيره. وقيل: إنما يفر حذرا من مطالبتهم إياه، لما بينهم من التبعات. وقيل: لئلا يروا ما هو فيه من الشدة. وقيل: لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا؛ كما قال {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا}[الدخان: 41]. وقال عبدالله بن طاهر الأبهري: يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى. وذكر الضحاك عن ابن عباس قال: يفر قابيل من أخيه هابيل، ويفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه، وإبراهيم عليه السلام من أبيه، ونوح عليه السلام من ابنه، ولوط من امرأته، وآدم من سوأة بنيه. وقال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من، أبيه: إبراهيم، وأول من يفر من ابنه نوح؛ وأول من يفر من امرأته لوط. قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم وهذا فرار التبرؤ. {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}. يوم يفر المرء من أخيه. في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: [يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا] قلت، يا رسول الله!
- يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ | تفسير القرطبي | عبس 34
- ما حكمة ترتيب الاقارب هنا:"يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ"
- يوم يفر المرء من أخيه
يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ | تفسير القرطبي | عبس 34
فقد تمرّ شهور بل ربما أعوام ونحن لا نرى إخواننا في حين نأوي كل يوم إلى أزواجنا وأبنائنا. والإنسان قد يترك أمه وأباه ليعيش مع زوجه وأبنائه وهو ألصق بأبنائه من زوجه ، فقد يفارق زوجه ويسرحها ولكن لا يترك ابنه. فالأبناء آخر من يفرّ منهم المرء ويهرب. وهكذا رتّب المذكورين في الفرار بحسب العلائق ، فأقواهم به علاقة هو آخر من يفرّ منه ، فبدأ بالأخ ثم الأم ثم الأب. وقدّم الأم على الأب ، ذلك أن الأب أقدر على النصر والمعاونة من الأم ، وهو أقدر منها على الإعانة في الرأي والمشورة ، وأقدر منها على النفع والدفع. فالأم في الغالب ضعيفة تحتاج غلى الإعانة بخلاف الأب. والإنسان هنا في موقف خوف وفرار وهرب. يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ | تفسير القرطبي | عبس 34. فهو أكثر التصاقاً في مثل هذه الظروف بالأب لحاجته إليه ، ولذا قدم الفرار من الأم على الفرار من الأب ، وقدم الفرار من الأب على الفرار من الزوجة ، لمكانة الزوجة من قلب الرجل وشدّة علاقته بها ، فهي حافظة سرّه وشريكته في حياته ، ثم ذكر الفرار من الأبناء في آخر المطاف ، ذلك لأنه ألصق بهم وهم مرجوون لنصرته ودفع السوء عنه أكثر من كل المذكورين. هذا هو السياق في (عبس) سياق الفرار من المعارف وأصحاب العلائق أجمعين للخلو إلى النفس ، فإن لكل امريء شأناً يشغله وهمّاً يغنيه.
ما حكمة ترتيب الاقارب هنا:&Quot;يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ&Quot;
ثم أخّر الأبناء لأنهم ألصق شيء بالإنسان.
يوم يفر المرء من أخيه
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا يحيى بن يمان، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل، عن أبي بكر بن حفص، قال:
لما نـزلت ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) رفعوا رءوسهم، فنـزلت ( فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ). 20-03-2020, 10:20 PM
المشاركه # 7
أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)
مكية [ مائة وثمان وعشرون آية] إلا قوله تعالى: ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) إلى آخر السورة. ما حكمة ترتيب الاقارب هنا:"يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ". ( أتى) أي جاء ودنا وقرب ، ( أمر الله) قال ابن عرفة: تقول العرب: أتاك الأمر وهو متوقع بعد ، أي: أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا. ( أمر الله) قال الكلبي وغيره: المراد منه القيامة. قال ابن عباس لما نزل قوله تعالى " اقتربت الساعة " ( القمر - 1) قال الكفار بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن ، فلما لم ينزل شيء [ قالوا: ما نرى شيئا فنزل قوله " اقترب للناس حسابهم " ( الأنبياء - 1) فأشفقوا ، فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به] فأنزل الله تعالى: ( أتى أمر الله) فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رءوسهم وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزلت ( فلا تستعجلوه) فاطمأنوا.
ولكن: يصعب الخروج بقاعدة كلية تختص في ترتيب العلائق بين الناس، فالناس ليسوا سواسية في هذا الجانب، فقد نجد من يكون مرتبطاً بأخيه أكثر من أيّ إنسان الآخر، ونجد ممن لا يقرّب على علاقته باُمّه شيء، وثمّة من تكون زوجته رمز حياته، أو مَنْ يفضل ابنه حتى على نفسه... الخ. وثمّة عوامل اُخرى تدخل في التأثير على علاقة الإنسان بأخيه وأبيه وزوجته وبنيه، وعلى ضوئها لا يمكننا ترجيح أفضلية أيّ منهم على الآخر من جميع الجهات، وعليه فلا يمكن القطع بأنّ التسلسل الوارد في الآية قد جاء على أثر أهمية وشدّة العلاقة. ولكن... يوم يفر المرء من اخيه و امه و ابيه. لِمَ الفرار؟... (لكلّ امرء منهم يومئذ شأن يغنيه). "يغنيه": كناية لطيفة عن شدّة انشغال الإنسان بنفسه في ذلك اليوم، ولما سيرى من حوادث مذهلة، تأخذه كاملاً، فكراً وقلباً. وقد سئل رسول اللّه (ص) عن الحميم، وهل يذكره الرجل يوم القيامة؟ فقال: "ثلاثة مواطن لا يذكر (فيها) أحدٌ أحداً: عند الميزان، حتى ينظر أيثقل ميزانه أم يخف؟... وعند الصراط، حتى ينظر أيجوزه أم لا؟... وعند الصحف، حتى ينظر بيمينه يأخذ الصحف أم بشمال؟... فهذه ثالثة مواطن لا يذكر فيها أحد حميمه ولا حبيبه ولا قريبه ولا صديقه، ولا بنيه ولا والديه، ذلك قوله تعالى: (لكلّ امرء منهم يومئذ شأن يغنيه) ( 2).
لم أجد ولدي
وبعد أن سكنت العاصفة بدأتُ أبحثُ عن ولدي في كل مكان فلم أجده فركبت سيارتي وقلت في نفسي:سأذهب للبيت أولاً كي أُطمئنْ زوجتي وبقية أولادي لأن خبر الإنفجار كان قد إنتشر ولا بد له من أن يصل لهم بطريقة أو بأخرى لأن الخبر السيئ ينتشر بسرعة ثم أعود ثانية لأبحث عنه مرة أخرى إذا لم أجده وما أن وصلتُ البيت وإذا بالولد وأمه وأخوته بانتظاري على البلكون فسررت كثيراً لرؤيته على الرغم أن حالته كانت لا تسرّ أباً بعد أن تغيرت ملامح وجهه وبعد أن إمتصت من الخوف والرعب حتى الإحمرار أما شعره فكان منفوشاً وملابسه عليها آثار دماء بعد أن جرّحته الأرض التي كان قد زحف فوقها بعد الإنفجار. انبطح الناس أرضاً فانبطحت مثلهم
وبعد أن تمالكت نفسي إحتضنته ثم قبلته وحاولت أن أزيل عن شعره ما علق عليه من غبار بيدي لكنني لم أفلح فالأمر أصعب من ذلك بكثير ولن يُزيله إلا الحمّام بعدها سألته:كيف وصلت قبلي يا بني؟أيعقل أن يصل الولد قبل أبيه؟فقال:بعد أن توالت الإنفجارات واختلط الحابل بالنابل وبعد أن إنبطح الناس أرضاً إنبطحت مثلهم ولم أعد أميّزك من بين الناس المنبطحين وبعد إنتهاء هذه الإنفجارات تعرفت على جار لنا فأحضرني معه إلى البيت بعد أن بحثنا عنك ولم نجدك.