فأنت يا محمد { فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} أي: أكثر من ذكر الله وتسبيحه وتحميده والصلاة فإن ذلك يوسع
الصدر ويشرحه ويعينك على أمورك. { 99} { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ
الْيَقِينُ}
{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}
أي: الموت أي: استمر في جميع الأوقات على التقرب إلى الله بأنواع
العبادات، فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فلم يزل دائبا في العبادة،
حتى أتاه اليقين من ربه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. تم تفسير سورة الحجر
- سورة الحجر تفسير
سورة الحجر تفسير
{ لو ما تأتينا بالملائكة}
يشهدون لك بصحة ما جئت به { إن كنت من الصادقين} فلما لم تأت بالملائكة فلست بصادق، وهذا من أعظم الظلم والجهل. أما الظلم فظاهر فإن هذا تجرؤ على الله وتعنت بتعيين الآيات التي لم
يخترها وحصل المقصود والبرهان بدونها من الآيات الكثيرة الدالة على صحة
ما جاء به، وأما الجهل، فإنهم جهلوا مصلحتهم من مضرتهم، فليس في إنزال
الملائكة، خير لهم بل لا ينزل الله الملائكة إلا بالحق الذي لا إمهال على
من لم يتبعه وينقد له.
ويقال لهم حال دخولها: { ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ
آمِنِينَ} من الموت والنوم والنصب، واللغوب وانقطاع شيء من
النعيم الذي هم فيه أو نقصانه ومن المرض، والحزن والهم وسائر المكدرات،
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} فتبقى قلوبهم سالمة من كل دغل وحسد متصافية متحابة
{ إخوانا على سرر متقابلين}
دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم في كون كل منهم
مقابلا للآخر لا مستدبرا له متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ
وأنواع الجواهر. تفسير سورة الحجرات. { لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ}
لا ظاهر ولا باطن، وذلك لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة لا تقبل شيئا
من الآفات، { وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} على سائر الأوقات. ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة من مفعولات الله من الجنة والنار، ذكر
ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى فقال: { نَبِّئْ
عِبَادِي} أي: أخبرهم خبرا جازما مؤيدا بالأدلة،
{ أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته، ومغفرته سَعَوا في الأسباب الموصلة لهم إلى
رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها، لينالوا مغفرته. ومع هذا فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاء إلى حال الأمن والإدلال، فنبئهم
{ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} أي: لا عذاب في الحقيقة إلا عذاب الله الذي لا يقادر قدره ولا
يبلغ كنهه نعوذ به من عذابه، فإنهم إذا عرفوا أنه
{ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}
حذروا وأبعدوا عن كل سبب يوجب لهم العقاب، فالعبد ينبغي أن يكون قلبه
دائما بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، فإذا نظر إلى رحمة ربه
ومغفرته وجوده وإحسانه، أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه
وتقصيره في حقوق ربه، أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها.