س: تعلمون أن الغالب فيما يبث من أجهزة الإعلام كالتلفاز ونحوه، يغلب عليه الفسق والمجون والشر المحض.. إلا في النادر فهل تنطبق القاعدة الشرعية هنا في أن دفع الشرور مقدم على جلب المصالح أثابكم الله؟
ج: هذه القاعدة قاعدة عظيمة مستمرة دائما، وهي أن دفع الشرور مقدم على تحصيل المصالح؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.. وهذه الوسائل يجب فيها النصيحة لولاة الأمور من العلماء والأعيان، وعلى العامة أن يتناصحوا بينهم، ويحذروا ما قد يقع لهم من ذلك في هذه البلاد وفي غيرها. فيجب أن يحذروا المنكر فلا يفعلوه، ولا يستمعوه.. ويفرحوا بالحق ويستمعوه وهكذا في الصحف يأخذوا حسنها ويتركوا قبيحها، فالمؤمن ينتقي ولا يكون حاطب ليل يأخذ الحية والعود.. وهكذا وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، يأخذ ما فيها من الخير، ويدع ما فيها من الشر، وأهل العلم مع ولاة الأمور لا يزالون بحمد الله على النصيحة والتوجيه، نسأل الله أن ينفع بالأسباب، وأن يوفق ولاة الأمور لكل ما فيه صلاح البلاد والعباد؛ إنه خير مسئول [1]. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 5/ 74). فتاوى ذات صلة
أمثلة على قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح - إسلام ويب - مركز الفتوى
تاريخ النشر: الثلاثاء 23 ربيع الآخر 1429 هـ - 29-4-2008 م
التقييم:
رقم الفتوى: 107424
48386
0
396
السؤال
أود أن أعرف ما المقصود بهذه القاعدة الشرعية " درء المفاسد خير من جلب المصالح " أرجو أن تضربوا لي مثلا عليها. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه القاعدة من القواعد العظيمة التي يبنى عليها الفقه، بل أرجع الشيخ عز الدين بن عبد السلام الفقه كله إلى اعتبار جلب المصالح ودرء المفاسد، وقد سبق شرحها في الفتوى رقم: 44900. ومن الامثلة التي ذكرها العلماء لهذه القاعدة ومنهم الشيخ أحمد محمد الزرقاني في كتابه شرح القواعد الفقهية: أنه ليس للإنسان أن يفتح كوة تشرف على مقر نساء جاره، وكذلك ليس له أن يحدث في ملكه ما يضر بجاره ضررا بينا كاتخاذه بجانب دار جاره طاحونا مثلا يوهن البناء أو معصرة أو فرنا يمنع السكنى بالرائحة والدخان، وكذا لو اتخذ بجانب دار جاره كنيفا أو بالوعة أو ملقى قمامات يضر بالجدار، فلصاحب الجدار أن يكلفه إزالته. ففي هذه الأمثلة كلها روعي تقديم درء المفسدة على جلب المصلحة. والله أعلم.
الإفتاء: استعمال معجون وفرشاة الأسنان أثناء الصوم مستحب | مبتدا
فلو أن هذه القضية الفرعية – قضية درء المفاسد ومحاربتها – أخذت ربع عنايتنا وجهودنا وانشغالاتنا ، لكان هذا كثيرا ، ولو أخذت أقل من ذلك لكان أفضل…"
ولعل هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة موسعة وبيان الكتب الأصولية المختلفة التي تعرضت للموضوع بالبحث والدراسة، وبيان التطبيقات المعاصرة المتفرعة على هذه القاعدة سواء بين القائلين بها أو المعترضين. [1] الموافقات (2/46). [2] الدكتور محمد صدقي، الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية (ص267)، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان، 1416 هـ – 1996م
[3] قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/98). [4] البحر المحيط في أصول الفقه (7/ 281).
قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح مقيدة بحالة التكافؤ - الإسلام سؤال وجواب
الظاهر من كلام العز بن عبد السلام أنه يختار في حال استوت المصالح والمفاسد التخير بينهما أو التوقف، وهذا يبرهن أن ثمة اختلاف بين العلماء قديما في الموافقة على قاعدة درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة. وقد تعرض لهذا الاختلاف الإمام الزركشي تحت مسألة المناسبة هل تنخرم بالمعارضة ؟ فقال:
"أن يأتي بمعارض يدل على وجود مفسدة أو فوات مصلحة تساوي المصلحة أو ترجح عليها، كما لو قيل في معارضة كون الوطء إذلالا بأن فيه إمتاعا ومدفعا لضرر الشبق، فهل تبطل المناسبة؟ فيه مذهبان:
أحدهما: نعم، وعزي للأكثرين واختاره ابن الحاجب والصيدلاني، لأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولأن المناسبة أمر عرفي، والمصلحة إذا عارضها ما يساويها لم تعد عند أهل العرف مصلحة. والثاني: اختاره الرازي والبيضاوي – أنها لا تبطل، واختاره الشريف في جدله، وربما نقل عن ظاهر كلام الشافعي. ثم قال: «والواجب هاهنا امتناع العمل به للزوم الترجيح بلا مرجح أو التزام المفسدة الراجحة، فيستوي الفريقان في ترك العمل به، لكن اختلفا في المأخذ،»" [4]. وأما الدكتور أحمد الريسوني في مقاله جلب المصالح ودرء المفاسد.. الأصل والفرع فقد وسع البيان في هذه القاعدة وتعرض لبعض المعاني والأصول التي تستدعي مراجعتها والنظر فيها، ونبه على خطورة الأثر المترتب على إطلاق عنان العمل بها، سواء في مجال العلم أو التربية أو العمل الدعوي يقول: "القضية الأصلية ذات الأسبقية والأولوية هي بناء المصالح وتكميلها هي تحقيق الأعمال الإيجابية أو الوجودية بتعبير ابن تيمية ، أو هي الحفظ الوجودي بتعبير الشاطبى.
فالمقصد العام من تشريع الأحكام الشرعية هو تحقيق مصالح الناس في العاجل والآجل معًا، فإذا كان حضور الجُمع والجماعات من شعائر الإسلام الظاهرة، فإن تحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم، هو أساس إرسال الرسل وتشريع الأحكام التي أرسلوا بها؛ ما يعني أنها مُقدمة على تلك الشعائر، فبرغم كون الجمعة فرضًا من الفروض، وصلاة الجماعة سنة مؤكدة على القول الراجح، فإن هناك أعذارًا تمنع من حضورهما دفعًا للضرر الناشئ عن التجمع عن قرب في مكان واحد ومن هذه الأعذار: المرض. وكذلك تم تعليق الحج والعمرة، وفيهما مصالح دينية ودنيوية، ولكن أيها الإخوة المفاسد التي سيترتب عليها أكبر بكثير من تلك المصالح، لذا صدرت الفتاوى من الهيئات العلمية بوجوب تعليق الحج والعمرة لدرء مفاسد ذلك الوباء، ولقد روى إمامنا مالك عن عبدالله بن أبي بكر بن حازم عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى امرأة مجذومة تطوف بالبيت، فقال لها: (يا أمة الله، لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك، فجلست، فمر بها رجل بعد ذلك، فقال لها: إن الذي كان قد نهاك قد مات فاخرجي، فقالت: ما كنت لأطيعه حيًّا وأعصيه ميتًا) [5]. قال أبو عمر: فيه أنه يحال بين المجذوم ومخالطة الناس لما فيه من الأذى، وهو لا يجوز، وإذا منع أكل الثوم من المسجد، وكان ربما أخرج إلى البقيع في العهد النبوي، فما ظنك بالجذام، وهو عند بعض الناس يعدي، وعند جميعهم يؤذي.