وكان كسرى قد منع
بني تميم من الرعي في ريف العراق مخافة أن يغيروا على بلاده ويفسدوا في أرضه، فلما
مثل حاجب بين يديه وشرح لـه ما آل إليه بنو تميم من الفاقة والعوز، وحاجتهم إلى
الرعي قرب حدوده، رفض كسرى ولم يستجب إلى طلبه، فما كان من حاجب إلاّ أن رهن قوسه
الأثيرة إلى نفسه عند الملك على أن يضمن لـه ألا يعيث بنو تميم في بلاده، فقبل
كسرى ذلك وأذن لهم أن يدخلوا الريف. ثم مات حاجب بن زرارة، فارتحل ابنه عُطارد بن
حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه، وقال لـه: هلك أبي، ووفى لـه قومه ووفى هو لك. فسلمه كسرى القوس، وكساه حلة إكراماً لـه واعترافاً بوفاء أبيه، فصار ذلك الوفاء
فخراً ومنقبة لحاجب وعشيرته. وإلى هذه القوس أشار أبو تمام وهو يمدح أبا
دُلَف العِجْلي الذي اشترك قومه مع بني شيبان في دحر الفرس يوم «ذي قار» بقوله:
إذا افتخرتْ يوماً تميمٌ بقوسِها
فخاراً على ما
وطَّدَتْ من مناقِبِ
فأنتم بذي قارٍ أمالت سيوفُكمْ
عروشَ الذين استرهَنُوا
قوسَ حاجِبِ
يذكر بعض المؤرخين أن حاجب بن زرارة أدرك
الإسلام وأسلم، وبعثه النبي r على صدقات بني تميم، فلم يلبث أن مات نحو سنة ثلاث من
الهجرة، ولكن هذا الأمر غير مسلَّم به ولا يثبت أمام التحقيق التاريخي.
من قصص العرب للناشئة قوس حاجب بن زرارة ج2 - مكتبة نور
حاجب بن زُرارة
(…ـ نحو3هـ/ … ـ 625م)
حاجب بن زُرارة بن عُدُس، الدارِميُّ،
التميميُّ، ويكنى بـ (أبي عِكْرِشة)، كـان سـيد بني تميم في الجاهلية غير مدافَع،
وقائدهم في عـدة مواطن، وأبعدهم صيتاً، وأخلدهم ذكـراً، وأوسعهم حلماً. وكانت لـه
معرفة تامة بأخبار العرب وأنسابهم، ويُعد من مشاهير فصحاء أهل زمانه وبلغائهم،
ويروى لـه شعر قليل. وقد اعترف عامر بن مالك، وهو من خصوم بني تميم، بمنزلة حاجب
في قومه فقال:
أَلِكْني إلى المرءِ الزُّراريِّ حاجبٍ
رئيسِ تميمٍ
في الخطوبِ الأوائلِ
وفارِسِها في كلِّ يومِ كريهةٍ
وخيرِ تميمٍ
بينَ حافٍ وناعلِ
ولما كـان يوم (شِعْب جَبَلَة) قُتل أخوه لقيط
وأُسـر حاجب، فلم يكن أحد ممن يحضر سوق عكاظ أغلى فداء من حاجب، فقد فدى نفسه
واستخلصها من الأسر بألف ومئة ناقة. ولعلوّ المكانة التي كان حاجب يحتلها في قومه،
فقد روي أنه كان واحداً من أربعة أشراف من بيوتات العرب، اجتمعوا في بلاط كسرى
للتفاخر وذكر المآثر، فوقف يمثل بني تميم أمام الحكام العدول. غير أن الوفاء كان من أبرز الخصال التي خلدت ذكر
حاجب على مر العصور والأزمان. ولهذه الخصلة قصة عرفت بقصة (قوس حاجب). وملخصها أن
بني تميم حل بهم عام جدب وقحط، فافتقروا وقلَّ في أيديهم الطعام، فخرج حاجب يبحث
لقومه ولمواشيهم عن الزاد والكلأ، حتى وصل إلى كسرى ملك الفرس.
حاجِب بن زُرارة
من رجالات تميم حاجب بن زاراره بن عدس بن زيد بن عبدالله بن دارم التميمي المشهور بقوسه. قوس حاجب بن زراره وحكايتها، أنه وفد على كسرى ملك فارس، وعندما وقف عند بابه، سأله كسرى:
من أنت؟
فقال حاجب: رجل من العرب. فأذن له فدخل فسأله كسرى ثانية، من أنت؟
فأجبه حاجب: سيد العرب. فعجب كسرى، وقال له. حين كنت بالباب سألتك من أنت، فقلت رجل من العرب، والآن تقول لي أنا سيد العرب، فكيف ذلك؟
فقال حاجب: حين كنت بالباب كنت رجلاً من العرب … ولما مثلت بين يدي كسرى كنت سيد العرب. فعجب كسرى و أكبره وملا فمه دراً ثم سأله حاجته. فقال: أريد مائة بعير محملة طعاماً لقومي، وسأسد ثمنها بعد عام من يومنا هذا. فقال له: وما الضمان. فقال حاجب بن زراره: قوسي!! وعرف كسرى قيمة القوس أو السيف عند العربي وأمر بمئة بعير محملة بالطعام تسير مع حاجب. توفى حاجب بن زراره قبل نهاية العام و قبل استرداد قوسه. فحمل أولاده مئة بعير بما يساوي ما رهن عليه أبوهم قوسه وجاءوا كسرى و استردوا قوس أبيهم حاجب بن زراره. من كتاب موسوعة عشائر العراق
عبد عون الروضان
Post Views:
300
Previous Post
الملك و السائس
Next Post
محمد صلى الله عليه وأله وسلم
We use cookies on our website to give you the most relevant experience by remembering your preferences and repeat visits.
معنى كلمة حجب - معجم لسان العرب - قاموس عربي عربي - الجواب
محمد كمال
مراجع للاستزادة:
ـ الأصفهاني، الأغاني (طبعة دار الثقافة. بيروت
1964م). ـ محمود شكري الألوسي، بلوغ الأرب في معرفة
أحوال العرب (مصر 1924م). ـ محمد أحمدجاد المولى وعلي محمد البجاوي وومحمد
أبو الفضل إبراهيم، أيام العرب في الجاهلية (مصر 1942م). ـ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق أحمد محمد
شاكر (مصر 1967م). ـ النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب (مصر
1955م). التصنيف: التاريخ
النوع: أعلام ومشاهير المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد: 282
مشاركة:
الموسوعة العربية | زرارة (أسرة-)
حاجب وقوسه:
ثم سأله حاجب أن يأذن له ولقومه في دخول الريف في بلاده حتى يحيوا أي: يصيبهم المطر ، قال كسرى: إنكم معاشر العرب قوم غدر فإذا أذنت لكم أفسدتم البلاد ،وأغرتم العباد وآذيتموني ، قال حاجب: إني ضامن لك أن لا يفعلوا ، قال: فمن لي بأن تفي أنت ؟ قال: أرهنك قوسي.. فلما جاء بها ضحك القوم ، وقالوا: ألهذه العصا يفي ؟ قال كسرى: خذوها ما كان ليسلمها في شيء أبدًا ، فقبضها منه وأذن لهم فدخلوا الريف. هلاك حاجب وحلة عطارد:
ولما ارتحلت تميم وقد هلك حاجب جاء ولده عطارد رضي الله عنه ، إلى كسرى يريد القوس فقال: ما أنت بالذي رهنها ، قال: أجل أيها الملك ، قال: فما فعل راهنها ؟ قال: هلك وهو أبي وقد وفى له قومه ووفّى هو للملك ، فردها عليه وكساه حلة ، فلما وفد عطارد على رسول الله صلّ الله عليه وسلم في وفد تميم وهو سيدهم ، أسلم هو وأصاحبه وأهدى إليه تلك الحلة فلم يقبلها صلى الله عليه وسلم ، فباعها عطارد بأربعة آلاف درهم من يهودي. قوس حاجب مفخرة بني تميم:
ويحكي أن كسرى قال لحاجب: إن قوسك هذه لقصيرة معوجة ، قال: أيها الملك وإن وفائي لطويل مستقيم ، قالوا: وصارت تلك القوس مفخرة كبيرة لبني تميم ، وبقيت عند بني عطارد يتوارثونها ، وقد ذكرها أبو تمام في قصيدته التي يمدح بها أبا دلف القاسم بن عيسى العجلي وهو من ربيعة ، قال:
إذا فتخرت يومًا تميم بقوسها.. وزادت على ما وطدت من مناقب..
فأنتم بذي قار أمالت سيوفكم.. عروش الذين استرهنوا قوس حاجب..
تصفّح المقالات
زُرَارَة بن الأوفى العامري الجرشِي قَاضِي الْبَصْرَة يكنى أَبَا حَاجِب
روى عَن أبي هُرَيْرَة فِي الْإِيمَان وَالنِّكَاح وَعمْرَان بن حُصَيْن فِي الصَّلَاة وَالْحُدُود والفضائل وَسعد بن هِشَام فِي الصَّلَاة وَالدُّعَاء وأسير بن جَابر فِي الْفَضَائِل
روى عَنهُ قَتَادَة. رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه. ع: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، أَبُو حَاجِبٍ الْعَامِرِيُّ، [الوفاة: 91 - 100 ه]
قَاضِي الْبَصْرَةِ. كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ وَصُلَحَائِهَا. سَمِعَ: عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: أَيُّوبُ، وَقَتَادَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَبَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ الْقُشَيْريُّ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَثَبَتَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا تَلا {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} خَرَّ مَيِّتًا، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام - لشمس الدين أبو عبد الله بن قَايْماز الذهبي. له ترجمة في كتاب مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ).