فمهما يكن موقف غير المسلمين من القرآن أو من الرّسول أو الإسلام عموما، فإنّ موقفهم هذا لن يمسّ اعتقادي ولن يحوّره. بعبارة أخرى أبسط وأوضح: إنّ المقدّس اعتقاد، وهو شأنه في ذلك شأن جميع ضروب الاعتقاد ممّا لا يمكن أن يُلحق به أذى ولا أن يمسّه أحد بسوء. الإسلام معتقَد محفوظ في قلوب المسلمين ويجسّمه سلوكهم ولن يؤثّر فيه رأي الخارجين عنه. ومن المضحك أن نجد المسلمين مصدّقين ما يقوله أحد الرّسامين من أنّ صورة رجل ذا لحية هي صورة تمثّل الرّسول عليه الصّلاة والسّلام. إنّ تلك الصّورة لا تعبّر إلاّ عن خيال الرّسّام ولا علاقة لها بأيّ واقع تاريخيّ. حتى يخوضوا في حديث غيره
الوجه الثّاني فقهيّ: حكم السّخرية من الدّين الإعراض عنها:
السّخرية من الإسلام ومن المسلمين ليست جديدة وقد كان المسلمون الأوائل أوّل من اكتوى بها. وقد أشار القرآن في نصّ صريح لا لبس فيه إلى ما يجب أن يكون عليه سلوك المسلم إذا ما تعرّض الدّين بجميع رموزه للسّخرية. هل يكفر من جالس سابا لدين الله تعالى - إسلام ويب - مركز الفتوى. يقول الله سبحانه وتعالى: «وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديث غيره» (النّساء 4،140). إنّ هذه الآية صريحة في دعوة المسلمين إلى الإعراض عمّن يستهزئ بآيات الله ومن يكفر بها.
هل يكفر من جالس سابا لدين الله تعالى - إسلام ويب - مركز الفتوى
وَقَالَ السُّدِّيُّ: عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ قال: إن نسيتَ فذكرتَ فَلا تَقْعُدْ مَعَهُمْ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ. ... حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره - صحيفة الاتحاد. وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي قَوْلِهِ: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [النساء:140] أَيْ: إِنَّكُمْ إِذَا جَلَسْتُمْ مَعَهُمْ، وَأَقْرَرْتُمُوهُمْ على ذلك، فقد ساويتُموهم فيما هُمْ فِيهِ. وَقَوْلُهُ: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ أَيْ: إِذَا تَجَنَّبُوهُمْ فَلَمْ يَجْلِسُوا مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَقَدْ بَرِئُوا مِنْ عُهْدَتِهِمْ، وَتَخَلَّصُوا مِنْ إِثْمِهِمْ. الشيخ: والمعنى أنَّ الواجب على مَن رأى قومًا يخوضون في الباطل ويستهزئون بكتاب الله ونحو ذلك؛ وجب عليه البُعد عنهم وعدم المشاركة، إذا لم يستطع الإنكار وإزالة هذا الباطل فإنَّه يتجنَّبهم حينئذٍ، ويهجر هذه المجالس حتى يخوضوا في حديثٍ غيره، يعني: حتى يخوضوا في شيءٍ لا محذورَ فيه، فيحضر للمصلحة الشَّرعية: كالدَّعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، أو حاجة أخرى، أمَّا إذا كانوا يخوضون في الباطل فلا يجلس معهم إذا لم يستطع إزالة باطلهم، ومتى جلس معهم وسكت فهو مثلهم؛ لأنَّ ظاهره الإقرار والموافقة.
... حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره - صحيفة الاتحاد
وأما قوله: " وإما ينسينك الشيطان " ، يقول: نَهْيَنَا فتقعد معهم, (64) فإذا ذكرت فقم. 13390 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " يخوضون في آياتنا " ، قال: يكذبون بآياتنا. تفسير قول الله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم ). 13391 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض, عن ليث, عن أبي جعفر قال: لا تجالسوا أهل الخصومات, فإنهم الذين يخوضون في آيات الله. 13392 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: " وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ", وقوله: الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [سورة الأنعام: 159] ؛ وقوله: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ [سورة آل عمران: 105] ؛ وقوله: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [سورة الشورى: 13] ، ونحو هذا في القرآن، قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة, وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمِراء والخصومات في دين الله. 13393 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا " ، قال: يستهزئون بها.
تفسير قول الله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم )
وأما قوله: " وإما ينسينك الشيطان " يقول: نهينا فقعدت معهم ، فإذا ذكرت فقم. 13390 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: " يخوضون في آياتنا " قال: يكذبون بآياتنا. 13391 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال: حدثنا فضيل بن عياض ، عن ليث ، عن أبي جعفر قال: لا تجالسوا أهل الخصومات ، فإنهم الذين يخوضون في آيات الله. [ ص: 438]
13392 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا " وقوله: ( الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا) [ سورة الأنعام: 159]; وقوله: ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) [ سورة آل عمران: 105]; وقوله: ( أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) [ سورة الشورى: 13] ، ونحو هذا في القرآن ، قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة ، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة ، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله. 13393 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا " قال: يستهزئون بها.
تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} (1)
يقول الله سبحانه وتعالى: «وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديث غيره» (النّساء 4،140). إنّ هذه الآية صريحة في دعوة المسلمين إلى الإعراض عمّن يستهزئ بآيات الله ومن يكفر بها. والإعراض هو ضرب من ضروب التّجاهل الّذي من نتيجته لا إبعاد المؤمن عمّا يكره سماعه من استهزاء بمعتقده، وحسب، لكن خصوصا حمل المستهزئ إلى الكفّ عن هذا الاستهزاء والتّخلّي عنه. فمن المعروف في التّعامل بين البشر أنّ الإنسان إذ يستهزئ بآخر ويستفزّه (كما يقولون بالعبارة المعاصرة) إنّما يسعى أساسا إلى أن يردّ المستفَزّ الفعل فيغضب ويرغي ويزبد، ويكون ذلك هدف الاستهزاء. فإذا ما اكتفى المستفَزّ بالإعراض عن السّاخر فسيكفّ هذا الأخير عن سخريته لأنّها لن تجدي نفعا، ولأنّه سيكون كالشّخص الّذي يتكلّم وحده فلا يجيبه إلاّ الصّدى. والاستماع إلى الصّدى مرّة ومرّتين وثلاثة يؤدّي في النّهاية إلى سكوت المتكلّم الّذي لا يجد ردّ فعل. ومن هنا نفهم الحكمة العميقة الّتي تحملها الآية القرآنيّة والّتي حاد عنها بعض المسلمين اليوم. الكفر والإيمان من إرادة الله
الوجه الثّالث فلسفيّ: وجود السّاخرين من الأديان والكافرين بها من إرادة الله تعالى:
خلق الله سبحانه تعالى الإنسان ونفخ فيه من روحه.
وشذت الباطنية وطائفة من أرباب علم القلوب فقالوا: لا يجوز النسيان عليه ، وإنما ينسى قصدا ويتعمد صورة النسيان ليسن. ونحا إلى هذا عظيم من أئمة التحقيق وهو أبو المظفر الإسفراييني في كتابه " الأوسط " وهو منحى غير سديد ، وجمع الضد مع الضد مستحيل بعيد.