17/02/2014, 11:48 PM
#1
أستاذ بارز
معدل تقييم المستوى
12
قصيدة الشاي والمريمية
الشاعر الفلسطيني فادي جودة
ترجمة نزار سرطاوي مكتب مصنوع من الزجاج
في غرفة جدرانها من زجاج
وفيها سجادةٌ حمراء من سجاد المطارات،
طلب ضابطٌ
من والدي بصماتِ أصابعه
لكنّ والدي رفض،
قدّم إليه ضابطٌ آخر شاياً
فشربه. كوبُ الشاي
قالبٌ لبصمات الأصابع. يقول والدي إنّه كان سوى
ماءٍ حارّ فيه كيس. يقول والدي، لأن الأرض
في بلده تعرف
عبق التاريخ،
منَحَت الناس المريمية. أحِبّ أن أشربَ الشايَ بالمريمية
من حديقة والدتي،
إلى جانب أزهار أنف العجل
التي تسميها فم السمكة
لأنّها تخرج لاستنشاق الهواء. علاج
لأوجاع البطن تحتفظ به
في المطبخ حيث
تغني دائماً. في المقابر يكرَّم المبدعون!. أولاً هي هاجر
تغلي الماء
حيث يتحللّ الشاي. ثم تُسقِط
فيه حفنةً من المريمية
وتتركه يركد قليلاً
وتحكي حكاية:
العريس يصل
إلى حفلِ زفافِه متأخراً
مرتدياً فردة حذاء واحدة
تسأله العروس
عن فردة الحذاء. يخبرها أنه
فقدها وهو يقفز
من فوق جدار أحد البيوت
أثناء فراره من الجنود. تسأل:
شاي بالمريمية
أم شاي بالنعناع؟
يقول: بالمريمية،
رائحةٌ حلوةٌ ومذاقٌ مرّ. تُعِدّه له، ويشرب. The Tea and Sage Poem
Fady Joudah
At a desk made of glass,
In a glass walled-room
With red airport carpet,
An officer asked
My father for fingerprints,
And my father refused,
So another offered him tea
And he sipped it.
- في المقابر يكرَّم المبدعون!
في المقابر يكرَّم المبدعون!
يقترحون أفكاراً قد يعتبرها الآخرون غير معقولة ومستحيلة.. لذا تجدهم يميلون للتحليل والاستدلال بإسهابٍ مقنع. تلقى أفكارهم تجاهلاً أو معارضةً، وربما سُخرية من بعض زملائهم ومحيطهم.. لذا تجدهم لا يتكيفون مع الآخر بسهولة. قد تبدو عليهم الرغبة فـي التفوق العلمي والأكاديمي وربما العكس.. لذا تجدهم يفضلون التنافس والتحدي بالإنجازات. يتلقون أوامر من يفوقهم منصباً بالتساؤل والاستفسار.. لذا تجدهم لا يحبون التقليد الأعمى والمقنع. يحبون المجازفة والمخاطرة والمغامرة.. لذا تجدهم يحبون التغيير والتجديد فـي كل شيء. يربطون بين خبراتهم السابقة، وما يكتسبونه من خبرات جديدة.. لذا تجدهم يقاومون التدخل الغير مبرر أو مشروع. يتأثرون ويؤثرون على من حولهم فهم يدركون الأشياء لا كما يدركها من هو حولهم بابتسامة شفيفة، ونوايا عفيفة وصادقة... وبعد تعب العمل استلقيت على سريري علني أحظى بحلم سعيدٍ يخفف عني ثقل الوزر الذي حملته في يومي هذا، ورحت في سباتٍ عميقٍ، وحلمت بالشاعر الأديب، والمخضرم الأريب ( فايز التوش) وقال لي: ماذا تقول يا فتى عن الإبداع ، وهو يضحك بقهقهة عالية كادت أن تُحيل وسادتي إلى لونٍ أخرٍ.. مما أثار عجبي منه، وقلت له: يا عم فايز ما بك تضحك عليَّ؟!
نعم، كالمعتاد حزن الأدباء، والمثقفون، وأعواد المنابر وغيرهم لرحيلي، وبعد أيام معدودة أعلنوا بأنهم سيقيمون حفلاً تأبينياً لتكريمي! وفـي يوم الحفل تنكرت بملابس غريبة ودخلت قاعة الاحتفال، وهم يبجلوني ويمتدحوني، وقد انفقوا على هذا الحفل ما لو أنفقوه عليَّ لحللت جميع مشاكلي وسددت أفواه من يطالبني! أجل، وما أن كشفت اللثام عن وجهي حتى صعق الحاضرون إذ رأوني حياً بينهم
حينها ترجل عريف الحفل عن منصته مهرولاً، وعيناه لا تعرف جادة الطريق، وامتطيت تلك المنصة بقولٍ مختزلٍ شفيف:. " وردة تهدوني إياها فـي حياتي، أفضل من باقة ورد تضعونها على قبري "
( ليتك يا فايز اتحضر
على اللي صاير بربره
هذا بكلامه يشتهر
وهذا بزهامه دندره)
كل هذا، والسؤال ما يزال يطرح نفسه بنفسه أمامي، لماذا لا يُكرّم المبدع فـي حياته، ويكرم بعد وفاته؟
ولماذا يمتدحه من يعرفه ومن لا يعرفه بعد المنون؟! يقول لي من يجلس بجواري: يخاف أن يمتدح ويعطي الممدوح والممتدح من هالة شموخه ومكانته الوجودية بتفضيله على نفسه! فأجبته: هذا واقع من لا يملك ثقة بنفسه ونتاجه وما يحمل من فكرٍ وثقافةٍ مع الأسف! همسة الختام والسلام..
ــ يقول أهل الإبداع: يمكنكم تعلم الإبداع، فالإبداع يتأثر بالوظيفة وعوامل البيئة، وإن معظم مهارات الإبداع غير متوارثة بل مكتسبة بالعلم، والمعرفة، والتدريب، والاجتهاد، والخبرة، وديمومة التجريب.