وذهب فريق من أهل العلم إلى منع زواج المسلم بالمرأة الكتابية؛ عملاً بعموم آية البقرة، واعتبارها ناسخة لآية المائدة، قال ابن عاشور: "وقال شذوذ من العلماء بمنع تزوج المسلم الكتابية، وزعموا أن آية سورة المائدة نسختها آية سورة البقرة، ونقل ذلك عن ابن عمر و ابن عباس رضي الله عنهم"، وقد رد ابن عاشور دعوى النسخ من جهة أن آية المائدة متأخرة في النزول على آية البقرة، وقواعد النسخ تأبى أن ينسخ المتقدم نزولاً المتأخر. وقد توسط فريق ثالث، فلم يقل بحرمة زواج المسلم بالمرأة الكتابية، بل قال بكراهية ذلك؛ قال الإمام أحمد: لا يعجبني، بمعنى أنه كره زواج المسلم بالمرأة الكتابية، وهو قول مالك في رواية ابن حبيب. ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن تفسير الميزان. وقد روي أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه تزوج بكتابية، فأراد عمر رضي الله عنه التفريق بينهما، فقال له حذيفة: أتزعم أنها حرام، فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن. فهذا محصل قول أهل العلم في هذه المسألة. المسألة الرابعة: أجمعت الأمة على أن المشرك لا يتزوج المسلمة إلا بعد أن يُسْلم؛ دل على ذلك قوله تعالى: { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا}، والمراد بـ (المشرك) هنا كل كافر لا يدين بدين الإسلام، فيشمل الوثني، والمجوسي، واليهودي، والنصراني، والمرتد عن الإسلام، فكل هؤلاء يحرم تزويجهم بالمسلمة، والعلة في ذلك أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٢
آحمد صبحي منصور:
يقول جل وعلا: ( وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( البقرة 221). قوله جل وعلا: (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ) أى لا تتزوجوا النساء المشركات. و كلمة (تَنكِحُواْ) هى بالتاء المفتوحة. والمعنى فيها واضح بقوله جل وعلا عن النساء المشركات (وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ). وقوله جل وعلا: (وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ) أى لا تُزوجوا الرجال المشركين نساء مؤمنات. وكلمة (تُنكِحُواْ) بضم التاء. (178) قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ..} الآية:221 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. والمعنى أيضا واضح بقوله جل وعلا عن المشركين الرجال (حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ). والمشركون والمشركات مقصود بهم الوصف الذى جاء فى خاتمة الآية ، وهو ( أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)، وهذا ينطبق فى عصرنا على المتطرفين الدعاة للارهاب باسم الدين ، وعلى الارهابيين الذين يقتلون الابرياء باسم الدين.
(178) قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ..} الآية:221 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
تفسير القرآن الكريم
ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن - جــورنــالنــا
هذا -والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. أخرجه أبو داود، كتاب النكاح، باب في الولي، برقم (2083)، والترمذي، أبواب النكاح عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، برقم (1102)، وابن ماجه، أبواب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، برقم (1879)، وأحمد في المسند، برقم (24372)، وقال محققوه: "حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة، وهو عبد الله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين"، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (1817). تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٢. انظر: تفسير السعدي (ص:99). تفسير السعدي (ص:99).
الباحث القرآني
ولكن مع كون ذلك مباحًا فإن الأولى أن لا يتزوج منهن؛ لأنها قد تؤثر على أولاده؛ وربما تؤثر عليه هو أيضًا: إذا أعجب بها لجمالها، أو ذكائها، أو علمها، أو خلقها، وسلبت عقله فربما تجره إلى أن يكفر. 2. أنَّ الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا؛ لقوله: { حتى يؤمن}؛ فدل ذلك على أنه متى زال الشرك حل النكاح ؛ ومتى وجد الشرك حرم النكاح. 3. ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن - جــورنــالنــا. أن المؤمن خير من المشرك؛ ولو كان في المشرك من الأوصاف ما يعجب؛ لقوله: { ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم}؛ ومثله قوله تعالى: { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث} [المائدة:100]؛ فلا تغتر بالكثرة؛ ولا تغتر بالمهارة؛ ولا بالجودة؛ ولا بالفصاحة؛ ولا بغير ذلك؛ وإنما عليك أن ترجع إلى الأوصاف الشرعية المقصودة شرعًا. 4. في هذه الآية: الرد على الذين قالوا: "إن دين الإسلام دين مساواة"؛ لأن التفضيل ينافي المساواة؛ والعجيب أنه لم يأت في الكتاب، ولا في السنة لفظة (المساواة) مثبتًا؛ ولا أن الله أمر بها؛ ولا رغب فيها؛ لأنك إذا قلت بالمساواة استوى الفاسق والعدل؛ والكافر والمؤمن؛ والذكر والأنثى؛ وهذا هو الذي يريده أعداء الإسلام من المسلمين؛ لكن جاء دين الإسلام بكلمة هي خير من كلمة (المساواة)؛ وليس فيها احتمال أبدًا، وهي (العدل)؛ كما قال تعالى: { إن الله يأمر بالعدل} [النحل:90]؛ وكلمة (العدل) تعني أن يسوى بين المتماثلين، ويفرق بين المفترقين؛ لأن (العدل) إعطاء كل شيء ما يستحقه.
والله أعلم. ) انتهى وأما السؤال الثالث فالجواب عنه هو أن رسول الله صلى عليه وسلم لم يتزوج بامرأة مسيحية قط ولا يهودية، فحتى صفية بنت حي بن أخطب اليهودي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها مسلمة وانظر جواب رقم 6955 والله أعلم