وسادسهم: " رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا؛ حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ " ؛ صدقة ما ذكر مقدارها إنما ذكر كيفية إخراجها وإعطاءها, الإخفاء إخلاص, صدقةٌ من قلب صادق, " اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ "(متفق عليه), قال -صلى الله عليه وسلم-: " ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمُه اللهُ يومَ القيامةِ, ليس بينه وبينه تَرجمانُ, فينظرُ أيْمنَ منه, فلا يرى إلا ما قدَّم, وينظرُ أشأَمَ منه, فلا يرى إلا ما قدَّم, وينظرُ بين يدَيه, فلا يرى إلا النَّارَ تِلقاءَ وجهِه, فاتَّقوا النَّارَ, ولو بشِقِّ تمرةٍ, ولو بكلمةٍ طيِّبةٍ "(البخاري ومسلم).
" ولو بشِقِّ تمرةٍ "؛ شيء يسير يكون عظيماً عند الله, شق تمرة قد ينقذك الله به من النار, تصدقوا ودعوا البخل والشح؛ فإن الله يبارك ويأتي بالخلف, ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سبأ: 39]. تصدقوا على أهاليكم على أقاربكم, على جيرانكم على أرحامكم, على ابن السبيل على العمال, على من عرفتم ومن لم تعرفوا مادام أهلاً للصدقة ويقبلها, ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[البقرة: 271].
- من الذين يظلهم الله في ظله غير السبعة
- السبعة الذين يظلهم الله في ظله
من الذين يظلهم الله في ظله غير السبعة
سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه
وفي يومٍ دَنا يغلي
يُظلُّ اللهُ في الظلِّ
إمامًا ما أتى إلا
طريق الحقِّ والعدلِ
ومن أفنى شبابًا في
فروضٍ ثمَّ في نفلِ
ومَن أبقى فؤادًا في
بيوتِ اللهِ لا الرحلِ
ومن في اللهِ أحبابًا
كحبِّ الثلجِ للظلِّ
ومَن جاءتْ لهُ ذاتُ
جمالٍ حُفَّ بالنُّبلِ
فلم يزنِ بها خوفًا
من النيرانِ والويلِ
ومن أعطَى دراهيمًا
بيمناهُ لذي قُلِّ
فلَم تدرِ بها اليُسرى
وأخفاها عن الكلِّ
ومن أجرَى دموعَ الخو
فِ في جُنحٍ من الليلِ
فيا رحمانُ أَظلِلنا
بيومِ الحشرِ في الظلِّ
مرحباً بالضيف
السبعة الذين يظلهم الله في ظله
اللهم ظلنا بظلك يوم لا ظل إلا ظلك, اللهم اجعلنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين يا أرحم الراحمين. أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم والوالدي ولوالديكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية:
الحمد لله المطلع على ظاهر الأمر ومكنونه, العالم بسر العبد وجهره وظنونه, أحسن كل شيء خلق, وخلق الإنسان من علق. عباد الله: والصنف الخامس: " رجل دَعَتْهُ امْرَأَة ذَات منصب وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ "؛ هي التي دعته ذات منصب وجمال, ومع تلك الإغراءات تذكر أن الله يراه, تذكر أن الله رقيبه, تذكر أن هذا فعل شين مشين, ومن فِعل من السافلين المنحطين, فقال: "إني أخاف الله رب العالمين"؛ حجزه خوفه, منعه خوفه من الله أن يقع رغم المغريات والدواعي. سبعة يظلهم الله في ظله (قصيدة). رجل دعته امرأة دعته إلى نفسها فكان رجلاً فعلاً, فأين هذا ممن يذهبون بأرجلهم إلى الحرام؟! يسافرون ويخرجون ويدفعون الأموال؛ حتى يصلوا إلى الحرام, ونسوا الرجولة, ونسوا الواحد القهار, نسوا أنه معهم بعلمه يراهم ويراقبهم, نسوا أن لهم بيوتاً وأعراضاً, سيكون القضاء فيهم ولو بعد حين -حمانا الله وإياكم-, قال -صلى الله عليه وسلم-: " مَن يَضْمَن لي ما بيْنَ لَحْيَيْهِ وما بيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمَن له الجَنَّةَ "(صحيح البخاري), والله يقول قبل ذلك: ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)[المؤمنون: 5 - 7].
عباد الله: ما أكرم الله! وما أعظمه, وما أرحمه, وما أجوده, وما أرأفه, وما أصبره, وما أعلمه!, شرع لنا ديناً قويماً, وجعله توحيداً وأحكاماً وقصصاً وعبراً ووعداً ووعيداً, حثنا على فعل الخير ورتب عليه عظيم الأجور, ما جعل الله علينا فيه من حرج, شريعة سمحة ودين وسط, كشف لنا فيه غيباً كثيراً عظيماً في حياتنا الآن, وفي البرزخ والقبور, ويوم البعث والنشور, وما ذاك إلا دليل على أنه صدق وعدل وحق؛ حتى نستعد, حتى نعمل, حتى نصدق ونؤمن, حتى لا يكون لأحد عذر يوم القيامة, ممن فرطوا وضيعوا وخالفوا وعصوا. من الذين يظلهم الله في ظله غير السبعة. وفي حديث عظيم من كلام المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[النجم: 3، 4], أخبره الله به, وأخبر به أمته -صلى الله عليه وسلم-, تأملوا كم هو عظيم هذا الحديث وأحاديثه كلها عظيمه, تأملوا كم فيه من المعاني, وكم فيه من العبر, وكم فيه من الأحداث! ؛ قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة -رضي الله عنه-: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ, وَشَابٌّ نَشَأ في عِبَادَةِ الله -عز وجل-, وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ, وَرَجُلاَنِ تَحَابّا في اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا عَلَيهِ, وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ حُسْنٍ وَجَمَالٍ, فَقَالَ: إنِّي أخَافُ الله, وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا؛ حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ, وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ "(أخرجه البخاري ومسلم).