فالشيعة عند ابن تيمية -والرد على السبكي من أواخر ما كتبه يرحمه الله- هم مؤمنون، وهم من أمة محمد، ولهم دين يوجب قصدهم الحق وإن أخطأوا وضلّوا، وهم معتدّ بهم في الخلاف الفقهي ولا بأس بالقول بآرائهم التي لها حظ من النظر. فهلا أنصفنا الإمام ابن تيمية رحمه الله وفهمناه ولم نأخذ ببعض أقواله دون بعض؟
المؤشر الاعلامى فؤاد المشيخص
إنصاف شيخ الإسلام ابن تيمية للفرق المخالفة للسنة - محمد براء ياسين - طريق الإسلام
موقف ابن تيمية
بالنسبة لابن تيمية، أحد أبرز علماء التيار السلفي في التاريخ
الإسلامي، فإن موقفه قد يشكل مفاجأة بالنسبة للكثير من خصومه ومن
أتباعه على حد سواء، فهو ينفي الكثير من ما يعرف بـ"المستحبات" في
عاشوراء عند السنة، مثل قيام ليلة عاشوراء أو الاجتماع للصلاة أو أداء
صلاة خاصة أو إظهار الفرح والاكتحال. ويضيف ابن تيمية: "صار الشيطان بسبب قتل الحسين – رضي الله عنه-
يُحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ،
والبكاء، والعطش، وإنشاد المراثي، وما يُفضي إليه ذلك من سب السلف
ولعنهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب... وكان قصد من سن ذلك فتح
باب الفتنة والفرقة بين الأمة، فإن هذا ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق
المسلمين ، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه
الله ورسوله. " ويوضح ابن تيمية موقفه أكثر في إحدى فتاويه إذ يقول: "قد قابل قوم
فعل الرافضة بفعل مضاد له، وهو جعل هذا اليوم يوم فرح وسرور وطبخ
للأطعمة والتوسيع على العيال ، فقابلوا الفاسد بالفاسد ، والكذب
بالكذب ، والشر بالشر ، والبدعة بالبدعة ، فوضعوا الآثار مقابل ما
وضعها الرافضة" وفق تعبيره.
ما الفرق بين أهل السنة والشيعة؟
كل من كان مؤمنًا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو خير من كل من كفر به
يُنصِف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى الفرق الإسلامية غير السُّنِّيَّة بتقرير أنهم من أهل الإيمان - باستثناء منافقيهم وزنادقتهم -: (عامة أهل الصلاة مؤمنون بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإن اختلفت اعتقاداتهم في معبودهم وصفاته إلا من كان مُنافقاً يُظهرالإيمان بلسانه ويبطن الكفر بالرسول فهذا ليس بمؤمن، وكلُّ من أظهر الإسلام ولم يكن مُنافقاً؛ فهو مؤمن له من الإيمان بحسب ما أوتيه من ذلك، وهو ممن يخرج من النار ولو كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، ويدخل في هذا جميع المتنازعين في الصفات والقدر على اختلاف عقائدهم. ولو كان لا يدخل الجنة إلا من يعرف الله كما يعرفه نبيه صلى الله عليه وسلم لم تدخل أمته الجنة، فإنهم -أو أكثرهم- لا يستطيعون هذه المعرفة، بل يدخلونها وتكون منازلهم متفاضلة بحسب إيمانهم ومعرفتهم). (مجموع الفتاوى) (5/254-255). ونقل عنه أبو عبد الله الذهبي في (السير) (15/88) قوله: (أنا لا أكفر أحدًا من الأمة)، وقوله: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)، فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم).
وهذه حقيقة واضحة لمن قرأ وتأمل التاريخ، فعلي لم يسره القتال في المعركتين، بينما هو كان يستبشر ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم من قتل الخوارج! هكذا يمضي في تبيان أمثال هذه القضايا المهمة، وقد يكون لنا لقاء ثان مع هذه الرسالة المهمة لنستوفيها حقها من العرض.