يقول: فلا تحزن على ما فاتك منها ، فإن الذي لك عند الله خير لك منها. وقوله: ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) يقول تعالى ذكره: ولسوف يعطيك يا محمد ربك في الآخرة من فواضل نعمه ، حتى ترضى. وقد اختلف أهل العلم في الذي وعده من العطاء ، فقال بعضهم: هو ما حدثني به موسى بن سهل الرملي ، قال: ثنا عمرو بن هاشم ، قال: سمعت الأوزاعي يحدث ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كفرا كفرا ، فسر بذلك ، فأنزل الله ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) فأعطاه في الجنة ألف قصر ، في كل قصر ما ينبغي من الأزواج والخدم. حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، قال: ثني رواد بن الجراح ، عن الأوزاعي ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن علي بن عبد الله بن عباس ، في قوله: ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) قال: ألف قصر من لؤلؤ ، ترابهن المسك ، وفيهن ما يصلحهن. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) ، وذلك يوم القيامة. والضحي والليل اذا سجي ماهر المعيقلي. وقال آخرون في ذلك ما حدثني به عباد بن يعقوب ، قال: ثنا الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن ابن عباس ، في قوله: ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) قال: من رضا محمد صلى الله عليه وسلم ألا يدخل أحد من أهل بيته النار.
- والضحى والليل اذا سجى تفسير
- دعاء في الحرم | صحيفة الخليج
- وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ-آيات قرآنية
- الباحث القرآني
- صحيفة تواصل الالكترونية
والضحى والليل اذا سجى تفسير
وقيل إن سبب تأخير جبريل في النزول اليه أن اليهود
سألت الرسول عن " الروح " " وذو القرنين " " وأصحاب
الكهف " وقال رسول الله (ص) سأخبركم غداً ولم يقل إن
شاء الله فاحتبس عنه الوحي.
" ما ودعك
ربك وما قلى " (3)
إن الله سبحانه وتعالى لم
يتركك ولم يبغضك يا محمد ونزلت عند ما قال الكفار عند تأخر الوحي وأبطأ عن الرسول
الله (ص) أنه ودعه وقلاه.
" وللآخرة
خير لك من الأولى " (4)
يقول الله سبحانه وتعالى
لنبيه محمد (ص) أن الدار الآخرة خيرٌ لك
من الدار الدنيا برغم الكرامات التي تلاقي فيها ؛ وكان الرسول حبهُ للآخرة أكثر من حبهِ للدنيا, لقول ابن
مسعودرضي الله عنه: اضطجع رسول الله (ص) على حصير فأثر في جنبه ؛ فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه
وقلت: يا رسول الله ألا آذنتـنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا ؟ فقال رسول الله
(ص) " مالي وللدنيا أنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح وتركها
" رواه الترمذي. سبب نزول الآية:
قال رسول الله (ص): " عرض عليّ ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني فأنزل الله " وللآخرة
خيرٌ لك من الأولى " رواه ابن جرير.
" ولسوف
يعطيك ربك فترضى " (5)
قال الله تعالى لنبيه محمد
(ص): إنه أعطاه من الكرامات والثواب في الآخرة فيعطيه حتى يرضيه
ومن الثواب الذي أعطاه الله للنبي (ص) يوم
القيامة
*1 - نهرالكوثر, كقوله تعالى: " انا أعطيناك الكوثر " ومن صفات نهر الكوثر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف
وطينه مسك أذفر.
* وقال رسول الله (ص) وهو على المنبر " من
لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والتحدث بنعمة
الله شكر وتركها كفر ، والجماعة رحمة ، والفرقة عذاب " ذكره عبد الله
إبن الإمام أحمد. وقيل عن هذا الحديث أن في اسناده ضعف. موقع هدى القرآن الإلكتروني. عن جابر بن عبد
الله قال: قال رسول الله (ص) " من أبلى بلاءً فذكره فقد شكره ، ومن كتمه فقد
كفره " رواه أبو داوود,
قال بكر بن عبد
الله المزني "قال النبي (ص) " من أعطي خيرً فلم يره عليه ، سمي بغيض الله ،
معادياً لنعم الله "
* عن مالك الجشمي قا ل: قال رسول الله
(ص)
" إذا أتاك مالاً فليرَ أثره عليك
" رواه النسائي. الحمد لله رب العالمين
وننتقل لتأمل صياغة الدعاء الثاني للخليل ابراهيم عليه السلام وهو في رحاب البيت: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام ووصل بين هذا الدعاء وسابقه لاتحاد الجملتين في الانشائية مع التناسب، وهو ما يطلق عليه مصطلح التوسط بين الكمالين واجنبني فعل أمر من جنب، يقال: جنبته الشيء، بفتح النون أي نحيته عنه وأبعدته، والجنب والجانب: الناحية، وأصل التجنب أن يكون الرجل في جانب غير ما عليه غيره، ثم استعمل بمعنى البُعد، ومعنى الدعاء: وبَعدْني وبنيّ أن نعبد الأصنام، كأنما سأل ربه أن يقوده عن جانب الشرك بألطاف منه وأسباب خفية كما قدره الراغب. وآثر التعبير ب اجنبني على التعبير ب أبعدني؟ لما في اجنبني من معنى البعد وزيادة معنى آخر هو جعله في جانب آخر غير ماهي (أي الأصنام) فيه. وخرج الأمر اجنبني عن معناه الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو الدعاء، والمراد طلب الدوام والثبات على التوحيد، والبعد عن عبادة الأصنام. الباحث القرآني. والمراد ببنيه اسماعيل وإسحاق عليهما السلام أبناء صلبه، فهو من باب التغليب، تغليب الجمع على التثنية، أو استعمال الجمع في التثنية، وقيل: المراد ببنيه جميع نسله تعميما للخير فاستجيب له في البعض. وأوثر المصدر المؤول (أن نعبد) على المصدر الصريح (عبادة) لأن في استعمال الفعل المضارع إشارة إلى عدم وقوعهم في عبادتها، ويطلب لهم الثبات على ذلك مستقبلا.
دعاء في الحرم | صحيفة الخليج
وقوله: "واجنبني وبني أن نعبد الأصنام" ينبغي لكل داع أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته, ثم ذكر أنه افتتن بالأصنام خلائق من الناس, وأنه تبرأ ممن عبدها ورد أمرهم إلى الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم, كقول عيسى عليه السلام "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" وليس فيه أكثر من الرد إلى مشيئة الله تعالى لا تجويز وقوع ذلك. وقال عبد الله بن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه عن عبد الرحمن بن جرير, عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم عليه السلام "رب إنهن أضللن كثيراً من الناس" الاية, وقول عيسى عليه السلام "إن تعذبهم فإنهم عبادك" الاية, ثم رفع يديه ثم قال: "اللهم, أمتي, اللهم أمتي, اللهم أمتي" وبكى فقال الله: اذهب يا جبريل إلى محمد, وربك أعلم, وسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله, فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال, فقال الله: اذهب إلى محمد فقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ-آيات قرآنية
وقوله: فإنك غفور رحيم فيه إيجاز بالحذف تقديره: ومن عصاني فليس مني وأفوض أمره إليك فإنك غفور رحيم، وفي هذا التفويض تأدب من الخليل إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء، حيث لم يقترح على ربه، وترك أمر العاصي إلى الله تعالى، ولم يجزم في شأنه بشيء. وأكد ابراهيم - عليه الصلاة والسلام - مغفرة ربه ورحمته بإن وبصيغتي المبالغة (فإنك غفور رحيم أي بليغ الستر، بليغ الإكرام بعد ستر الذنوب. ولعل هذا التأكيد فيه إلماح إلى زيادة رغبة ابراهيم - عليه السلام - في العفو، لأنه لا ينقص به شيء من عزته - سبحانه - ولا من حكمته، كما أشار إليه دعاء عيسى - عليه السلام - إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم. صحيفة تواصل الالكترونية. (المائدة 118) وفي المقالة المقبلة بإذن الله نستكمل التدبر في دعاء إبراهيم - عليه السلام -، والله أعلم بمراده، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [email protected]
الباحث القرآني
والفاء في قوله فمن تبعني فإنه مني... تفريعية، حيث تفرع عن التعليل في قوله: رب إنهن أضللن كثيرا... تقسيم الناس قسمين: قسم تبع ابراهيم فيما دعا إليه من التوحيد فهو من منسوب إليه أي أنه من أهل دينه، وقسم أصر على الشرك وعبادة الأصنام فأمره موكول إلى الله تعالى. و(من) في قوله (مِني) يجوز أن تكون تبعيضية على التشبيه أي فإنه كبعضي في عدم الانفكاك، لفرط اختصاصه بي وملابسته لي، ومن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (من غشنا فليس منا) أي ليس بعض المؤمنين على أن الغش ليس من أفعالهم ولا من أوصافهم. ويجوز أن تكون (من) في الآية اتصالية، أي فإنه متصل بي لا ينفك عني في أمر الدين، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (أنت مني بمنزلة هارون من موسى). وتسميتها اتصالية، لأنه يفهم منها اتصال شيء بمجرورها، وقوله (ومن عصاني) أي ومن لم يتبعني، والتعبير عن عدم اتباعه بالعصيان، للإشعار بأنه - عليه السلام - مستمر على الدعوة، وأن عدم اتباع من لم يتبعه إنما هو لعصيانه وليس لتقصير إبراهيم - عليه السلام - في تبليغ الدعوة إليه. وبين الاتباع والعصيان طباق معنوي لما بينهما من تضاد في المعنى، فالاتباع طاعة، وعدم الاتباع عصيان.
صحيفة تواصل الالكترونية
والصنم: التمثال المصور ، ما لم يكن صنما فهو وثن ، قال: واستجاب الله له ، وجعل هذا البلد آمنا ، ورزق أهله من الثمرات ، وجعله إماما ، وجعل من ذريته من يقيم الصلاة ، وتقبل دعاءه ، فأراه مناسكه ، وتاب عليه. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا جرير ، عن مغيرة ، قال: كان إبراهيم التيمي يقص ويقول في قصصه: من يأمن من البلاء بعد خليل الله إبراهيم ، حين يقول: رب ( اجنبني وبني أن نعبد الأصنام). وقوله: ( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) يقول: يا رب إن الأصنام [ ص: 18] أضللن: يقول: أزلن كثيرا من الناس عن طريق الهدى وسبيل الحق حتى عبدوهن ، وكفروا بك. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( إنهن أضللن كثيرا من الناس) يعني الأوثان. حدثني المثنى ، قال: ثنا إسحاق ، قال: ثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة ( إنهن أضللن كثيرا من الناس) قال: الأصنام. وقوله: ( فمن تبعني فإنه مني) يقول: فمن تبعني على ما أنا عليه من الإيمان بك وإخلاص العبادة لك وفراق عبادة الأوثان ، فإنه مني: يقول: فإنه مستن بسنتي ، وعامل بمثل عملي ( ومن عصاني فإنك غفور رحيم) يقول: ومن خالف أمري فلم يقبل مني ما دعوته إليه ، وأشرك بك ، فإنك غفور لذنوب المذنبين الخطائين بفضلك ، ورحيم بعبادك تعفو عمن تشاء منهم.
والأصنام: جمع صنم وهو تمثال يصنع من حجارة أو خشب أو غير ذلك، وتأنيث الأصنام، لأنها جمع ما لا يعقل فيخبر عنه إخبار المؤنث. ودعاء الخليل - عليه الصلاة والسلام - يثير في النفس سؤالا: أنه إذا كان من المعلوم أن الله تعالى يثبت الأنبياء - عليهم السلام - على الاجتناب فما الفائدة في سؤال ابراهيم - عليه السلام - ربه التثبيت؟ والجواب أنه ذكر ذلك هضما لنفسه وإظهاراً للحاجة والفاقة إلى فضل الله سبحانه وتعالى في كل المطالب. أو أن عصمة الأنبياء - عليهم السلام - ليست لأمر طبيعي فيهم بل بمحض توفيق الله إياهم وتفضله عليهم، ولذلك صح طلبها. أو إنما سأل هذا السؤال في حالة خوف أذهله عن ذلك العلم، لأن الأنبياء - عليهم السلام - أعلم الناس بالله فيكونون أخوفهم منه ويكون معذورا بسبب ذلك. ويبدو في دعوة إبراهيم - عليه السلام - الثانية تسليم ابراهيم المطلق إلى ربه، والتجاؤه إليه في أخص مشاعر قلبه، فهو يدعوا أن يجنبه عبادة الأصنام هو وبنيه، يستعينه بهذا الدعاء ويستهديه، ثم ليبرز أن هذه نعمة أخرى من نعم الله، وإنها لنعمة أن يخرج القلب من ظلمات الشرك وجهالاته إلى نور الإيمان بالله وتوحيده فيخرج من التيه والحيرة والضلال والشرود إلى المعرفة والطمأنينة والاستقرار والهدوء، ويخرج من الدينونة المذلة لشتى الأرباب إلى الدينونة الكريمة العزيزة لرب العباد.